ياسين احمد رئيس المعهد الاثيوبي للدبلوماسية الشعبية
جاءت زيارة رئيس الوزراء الاثيوبي الدكتور ابي احمد الى السودان في 26يناير الماضي،كامتداد للعلاقة الرفيعة بين إثيوبيا والسودان وما يجمع بين البلدين من روابط جغرافية وأسرية.
سبقت الزيارة احوال وظروف شتي من التشكيك في عمق العلاقة نتيجة خلافات الحدود، الي جانب قضية سد النهضة ، ولكن كديدنها لم يمض وقت طويل حتي عادت هذه العلاقات الى طبيعتها في ثبات وتطور .
وضمن جدية العلاقة في أخوتها كان اللقاء الذي جمع بين رئيس الوزراء ابي احمد ورئيس مجلس السيادة السوداني الفريق عبد الفتاح البرهان بنيروبي أثناء قمة الايقاد في الخامس من يوليو الماضي وناقش الطرفان ملفات حساسة في صلب العلاقات وتوصلا الي نتائج زادت من أواصر العلاقة،وكانت التصريحات التي قال فيها رئيس الوزراء الاثيوبي الدكتور ابي احمد ( ان روابطنا المشتركة مع السودان تتجاوز اي انقسامات)، كما اعلن الطرفان طي الخلافات وفتح صفحة جديدة في العلاقات بين البلدين.
اعقب لقاء نيروبي لقاء متجدد على هامش (منتدى تانا) بمدينة بحر دار في اكتوبر الماضي ، ورغم ماجمعه المنتدى من قيادات افريقية، الا ان حضور المسئول السوداني كان هو الحدث الطاغي في اهتمامات الاعلام- وكان لقاء الزعيمين الاثيوبي والسودني بمثابة النقلة العملية حينما إتفق الجانبان على خطوات عملية بطرح كافة القضايا الخلافية على طاولة الحوار والوصول فيها الى اتفاق أخوي يزيد من اواصر العلاقة ويبني على جانبيه تعاون لصالح الشعبين.
زيارة الدكتور أبي احمد للخرطوم والتي تعتبر من اهم اللقاءت التي جمعت بين القيادة السودانية والاثيوبية الآونة الاخيرة جاءت في ظروف متباينة من التحديات.
اولا: ضمن ظرف تجمد المفاوضات المتعلقة بقضية سد النهضة بين الدولة الثلاثة إثيوبيا ومصر والسودان، والتي تدخل الآن عامها الثالث من التوقف.
ثانيا: ضمن نجاح إثيوبيا في اسكات البنادق ،والتوصل إلى سلام حقيقي مع جبهة تحرير تيغراي، والشروع في عملية السلام المحلي الشامل الذي يحقق لاثيوبيا وحدتها واستقرارها ونقلتها الحضارية التي تمهد لها الطريق.
ثالثا: ظرف ما يمر به السودان من ازمة التوافق السياسي بين الاحزاب والفعاليات السياسية في تشكيل الحكومة الانتقاليه، ونجاح القيادة السياسية موخرا في الإنتقال بالاتفاق الاطاري الموقع عليه في الخامس من ديسمبر (كانون الاول) الماضي الى واقع عملي بعد التوافق عليه من قبل مجموعتين من قوى الحرية والتغيير – المجلس المركزي، الى جانب الكتلة الديمقراطية في ظل التأييد والدعم الغربي للإتفاق.
رابعا: وعلي المستوي العالمي والاقليمي التطورات المتصاعدة في الحرب الروسية الاوكرانيه والتي تنذر في إحتمالية أخذها طابع إقليمي لا تغيب عنه منطقة القرن الافريقي فيما تشكله من هدف جواستراتيجي لكل الاطراف العالمية والاقليمية.
رغبة البلدين
يتصدر زيارة رئيس الوزراء الاثيوبي للخرطوم في أهم ابعادها ورغم قصرها وعدم تجاوزها ل(يوم واحد) رغبة البلدين في القفز بالعلاقة الي آفاق تعاون تتخطيان به كل الظروف فيما استعرضناه من مشاكل .كما أوضح برنامج الزيارة التي اتسمت بالعفويه ضمن اللقاءات التي أجراها رئيس الوزراء ابي احمد بعدد من الفعاليات السياسية السودانيه، مما اعطي بعد هام في ما يلعبه ايا من البلدين تجاه الاخر في حل الازمات الداخليه،ونسبة لذلك تكررت أسئلة الاعلام السوداني والاجنبي عن الدور الذي سيلعبه رئيس الوزراء الاثيوبي ابي احمد تجاه الواقع السياسي السوداني، وما اذا ارتبطت زيارته بتأدية دور اثيوبي في الازمة السودانية. وكان الرد الإثيوبي لفخامة ابي احمد إن السودانيين قادرين علي حل مشاكلهم بانفسهم … وان الموقف الاثيوبي الرسمي يدعم الحل السوداني السوداني دون التدخل الخارجي لبعض القوى الإقليمية او الدولية.
الزيارة في دلالتها تعطي اهتماما مشتركا لكلا الجانبين السوداني والاثيوبي علي التفاهم المشترك وتجاوز الخلافات،ومعالجة كافة القضايا عبر الحوار والتفاهم، بما في ذلك قضايا سد النهضة والحدود، اعتمادا وتفعيلا للآليات القائمة بين البلدين. كما الانتقال بالعلاقة الي رحاب التعاون المشترك الذي يعطي فيضه خيرا للشعبي البلدين لتعزيز المصالح المشتركة .
انه بقدر ما للعلاقات بين الشعبين الاثيوبي والسوداني من خصوصية نابعه من التشابه والتداخل،هناك علي المستوي السياسي كذلك تواصل مشترك نابع من القرب والمصالح المشتركة في سياسة البلدين ،والدليل علي ذلك الدور الذي لعبه رئيس الوزراء الاثيوبي الدكتور ابي احمد في تحقيق التقارب بين الفعاليات السودانية ابان ثورة ديسمبر 2018
هذا وبقدر ما للسودان هو الاخر من دور تجاه السلام الإثيوبي، من المؤل ان تتجدد جهود إثيوبيا في تحقيق توافق بين الأشقاء السودانيين وهو دو منوط باثيوبيا في خصوصية العلاقة والاحترام الذي يتمتع به رئيس الوزراء الاثيوبي ابي احمد من كل السودانيين.
محلية وإقليمية المصالح
ومن ثم فإن الوصول الي أسس التفاهم والتعايش والتعاون هو الضمان الحقيقي للنهضة المحلية لكلا الدولتين، تؤازرها نظرة سياسية واعية للابعاد والمصالح الإقليمية التي لا يمكن الحفاظ عليها الا في إطار توافق اثيوبي- سوداني باعتبارات الثقل الاقليمي للدولتين ،مما يتطلبهما تنسيقا مشتركا يتجاوز المحلية لكسب الإقليمية لأجل مصالح جواستراتيجية في ظل الاهتمام والتسابق الدولي علي المنطقة.
زيارة رئيس الوزراء الدكتور ابي احمد للسودان..والتي رافقه فيها وفد رفيع المستوى احاطت بجملة الأهداف في محلية مصالح البلدين الشقيقين، كما لم تسقط اهتمامات البعد والمصالح الإقليمية.. فكانت مخرجاتها..
١- التوافق علي أزلية وعمق العلاقات بين إثيوبيا والسودان أرضا وشعبا، وضرورة المحافظة عليها وتنميتها.
– 2ضرورة التضامن والتازر بين الدولتين في مختلف الظروف التي تمر بهما.
سواء،في سلام محلي شامل تنشده إثيوبيا ، او توصل إلى توافق سوداني – سوداني يؤدي إلى إستقرار سياسي ويمهد الي قيام حكومة ديمقراطية…
وضمن الهم السوداني كان ان عقد رئيس الوزراء الإثيوبي محادثات مع الأطراف السودانية الموقعة وغير الموقعة على الإتفاق الإطاري الأخير ، وحثهم على حل خلافاتـهم والعمل معاً على تحقيق الوفاق والسلام والإستقرار …كما بادل
الجانب السوداني اثيوبيا بترحيب حار علي إتفاق السلام الإثيوبي المبرم في جنوب أفريقيا بين الحكومة الإثيوبية و جبهة تحرير تيغراي بإعتباره خطوة مهمة تعزز الإستقرار والسلام وتنهي الحرب في إثيوبيا ، مما ينعكس إيجاباً علي المنطقة الإقليمية قاطبة.
خاتمة
ما أكده الجانبان على معالجة القضايا الثنائية بالحوار والتفاهم ، وفي مقدمة تلك القضايا قضية الحدود، واشكالية سد النهضة يمهد الطريق إلى تحقيق تكامل شامل بين البلدين الشقيقين..كما يضمن إلتزامهما بالتشاور، والتنسيق تحقيق غاياتهما المحلية في الاستقرار والتنمية وكسب وضمان المصالح الأقليمية.