عمر حاجي
لا يزال دور إثيوبيا المتنامي كلاعب محوري في تعزيز السلام والاستقرار في جميع أنحاء القارة الأفريقية، ويحظى بتقدير دولي كبير. ويؤكد هذا التقدير العالمي المتزايد على مساهماتها المؤثرة في حل النزاعات الإقليمية. ومن من تسهيل الحوارات بنشاط إلى الانخراط العميق في عمليات السلام المعقدة.
وقد أبدت إثيوبيا باستمرار التزامًا قويًا بتحقيق حلول سلمية للتحديات المعقدة في أفريقيا. ولاقى هذا الالتزام استحسانًا واسع النطاق، حيث أعربت العديد من الهيئات الدولية والدول عن تقديرها لنهج إثيوبيا الاستباقية والأثر الإيجابي لمساعيها.
وتوجت مبادرة أسبوع جنيف للسلام التي جرت أديس أبابا الأخيرة بعقد جلسة عامة رفيعة المستوى في 7 أبريل 2025، تحت عنوان “التحديات الجيوسياسية للسلام والأمن في أفريقيا”، مما يُجسّد التزام البلاد القوي بالسلام الإقليمي.
خلال هذه الفعالية، ألقى جعفر بدرو، المدير التنفيذي لمعهد الشؤون الخارجية، كلمةً نيابةً عن وزير الخارجية، مؤكدا على الدور الحيوي لمبادرة جنيف للسلام في تعزيز التعاون متعدد الأطراف الأساسي. على قيمة هذه الشراكة التي تأتي في الوقت المناسب، مشيرًا إلى أنه في عصرٍ يسوده عدم اليقين العالمي، تُقدم منصاتٌ مثل أسبوع جنيف للسلام أكثر من مجرد الوضوح. فهي تُعزز التواصل بنشاط، وتُلهم الأمل، وتُسهل تطوير حلول دائمة للسلام.
وجمعت الجلسة رفيعة المستوى كبار صانعي السياسات، ودبلوماسيين مرموقين، وخبراء بارزين للمشاركة في مداولاتٍ حاسمة تُركز على تعزيز ريادة أفريقيا في بناء السلام وحل النزاعات في ظل الديناميكيات العالمية المُتغيرة. وقد ركزت المناقشات على الموقع الاستراتيجي لأفريقيا ضمن التحالفات العالمية الرئيسية، ودورها الحاسم في مساعي السلام والأمن متعددة الأطراف، والاستراتيجيات الفعّالة لتعزيز الاستقرار والاعتماد على الذات في مواجهة التهديدات الناشئة. وقد شملت المواضيع الرئيسية التي برزت ضرورة تعزيز التعاون متعدد الأطراف، والتأثير الكبير للتحالفات الدولية على الاستقرار الإقليمي، والأهمية الجوهرية لمبادرات السلام المحلية. وأكدت الجلسة العامة بفعالية على ضرورة اتباع نهج تعاوني لضمان تمثيل أولويات أفريقيا تمثيلاً قوياً في محافل صنع القرار الدولية.
علاوة على ذلك، أعرب المجتمع الدولي عن دعمه القوي والمستمر لالتزام إثيوبيا المستمر بتحقيق السلام والاستقرار الدائمين، بشكل خاص إلى التقدم الكبير المحرز في تنفيذ اتفاقية وقف الأعمال العدائية الحاسمة. ويؤكد هذا الموقف الموحد من المجتمع الدولي الاعتراف واسع النطاق بجهود إثيوبيا الحثيثة لتعزيز السلام الدائم والازدهار المشترك لجميع مواطنيها.
وفي بيان مشترك هام صدر في نوفمبر 2024، أكد الشركاء الدوليون الرئيسيون بشكل حاسم التزامهم الراسخ بدعم الجهود التعاونية الرامية إلى تحقيق الاستقرار والازدهار الدائمين في جميع أنحاء إثيوبيا. ويعزز هذا الالتزام الراسخ الأهمية الحاسمة لاتباع نهج موحد في دعم مساعي بناء السلام الحيوية في البلاد.
وأعرب صمويل دو، ممثل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، عن فخر المنظمة بتكليفها من قِبل الحكومة الإثيوبية وشركائها الكرام لإدارة برنامج متعدد الشركاء، ومصمم خصيصًا لدعم عملية نزع السلاح والتسريح وإعادة الإدماج في إثيوبيا، بكفاءة عالية.
وقال صمويل: نتشرف بالثقة التي أولتنا إياها الحكومة والشركاء لإدارة هذا البرنامج متعدد الشركاء دعمًا لعملية نزع السلاح والتسريح وإعادة الإدماج في إثيوبيا، مضيفا أن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي يتمتع بسجل حافل في دعم الدول حول العالم في برامج مماثلة، ونحن نوظف هذه الخبرة القيّمة في هذه العملية الحاسمة. ويُشكل تسريح المقاتلين السابقين وإعادة دمجهم بنجاح في مجتمعاتهم أحد الأسس الرئيسية لبناء سلام مستدام، ونحن ملتزمون تمامًا بمواصلة دعمنا لنشر برنامج نزع السلاح والتسريح وإعادة الإدماج في جميع المناطق.
ويُقدم هذا الدعم الموحد والقوي من المجتمع الدولي دفعة قوية لمبادرات السلام الجارية في إثيوبيا، والتطلع المشترك إلى مستقبل سلمي ومزدهر لجميع الإثيوبيين. وفي دليلٍ آخر على التزام إثيوبيا بالحلول السلمية، بوساطة تركية، توصلت إثيوبيا والصومال إلى اتفاقٍ هام يهدف إلى تلبية حاجة إثيوبيا إلى منفذ بحري موثوق. ويؤكد هذا الاتفاق التزام إثيوبيا الراسخ بالحلول السلمية وتعزيز التعاون الإقليمي الوثيق. وصُمم الاتفاق خصيصًا لتوفير منفذ بحري آمن لإثيوبيا مع الاحترام الكامل لسيادة الصومال.
وفي تطورٍ هام للدبلوماسية الإقليمية والاستقرار الشامل، انتُخبت إثيوبيا بنجاح عضوًا في مجلس السلام والأمن التابع للاتحاد الأفريقي. وجاء هذا الانتخاب الجدير بالملاحظة خلال الجلسة الافتتاحية للدورة العادية السادسة والأربعين للمجلس التنفيذي للاتحاد الأفريقي، التي عُقدت قبل شهرين في أديس أبابا التي تستضيف إثيوبيا فيها قمة الاتحاد الأفريقي. وتؤكد هذه الخطوة المهمة، بشكل لا لبس فيه، على التزام إثيوبيا الراسخ بالحفاظ على السلام والأمن في جميع أنحاء القارة الأفريقية. ويعكس انتخاب إثيوبيا لعضوية مجلس السلام والأمن دورها الاستراتيجي والحيوي المتزايد في دفع مبادرات السلام الحاسمة ومعالجة النزاعات في المنطقة بفعالية.
وأكدت وزارة الخارجية على أن هذا الانتخاب المهم لا يُعدّ مجرد اعتراف بجهود إثيوبيا الدؤوبة في عمليات حفظ السلام الحاسمة فحسب، بل يُعدّ اعترافًا قويًا بمساهماتها الكبيرة في بناء أفريقيا أكثر أمانًا وسلامة لجميع مواطنيها. وتفتخر إثيوبيا بتاريخها الغني والحافل بالمشاركة الفعّالة في العديد من بعثات حفظ السلام، وانخراطها المستمر في جهود حل النزاعات الحيوية، مما يعزز مكانتها القوية كلاعب رئيسي ومؤثر في ساحات الأمن القارية. كما يُعدّ مجلس السلام والأمن التابع للاتحاد الأفريقي هيئةً حيويةً تُعنى أساسًا بمعالجة القضايا الحرجة المتعلقة بالسلام والأمن والاستقرار الشامل في جميع أنحاء أفريقيا. ويلعب دورًا محوريًا لا غنى عنه في حل النزاعات بفعالية، والتوسط بمهارة في النزاعات بين الدول الأعضاء، وتعزيز الحوار البنّاء بجدّ بين جميع الأطراف المعنية.
وستُمكّن عضوية إثيوبيا الجديدة البلاد بشكل كبير من التأثير بفعالية في المناقشات المهمة والقرارات الرئيسية المتعلقة بالنزاعات الجارية، ولا سيما تلك التي تقع في منطقة القرن الأفريقي المضطربة في كثير من الأحيان، وهي منطقة عانت للأسف من عدم استقرار مستمر على مر السنين. ويتجلى التزام إثيوبيا الراسخ بأجندة الاتحاد الأفريقي الشاملة للسلام والأمن بوضوح من خلال مشاركتها الاستباقية والمستمرة في العديد من المبادرات التي تهدف تحديدًا إلى منع النزاعات وحلها بفعالية.
لطالما كانت إثيوبيا داعمًا نشطًا وموثوقًا به لإطار السلام والأمن الشامل للاتحاد الأفريقي، حيث ساهمت على الفور بقوات في مختلف بعثات حفظ السلام المهمة، استضافت بنشاط حوارات إقليمية حيوية تهدف إلى تخفيف التوترات وتعزيز التفاهم المتبادل بين الأطراف المتنازعة. وقد أكدت وزارة الخارجية، أن الموقع الجغرافي الاستراتيجي لإثيوبيا، وأهميتها الجغرافية الكبيرة في المنطقة، وتاريخها الطويل من المشاركة النشطة في الجهود الدبلوماسية الحاسمة، يضعها في وضع متميز للغاية للاستفادة بشكل فعال من دورها الجديد والمهم في المجلس.
ويأتي هذا الانتخاب المهم في وقتٍ بالغ الأهمية، حيث تواجه القارة الأفريقية تحدياتٍ معقدةً عديدة، بما في ذلك الصراعات المسلحة المستمرة، والأزمات الإنسانية المدمرة، والآثار المتزايدة لشدة تغير المناخ، والتي تتطلب جميعها استجابةً قويةً وموحدةً ومنسقةً من جميع الدول الأعضاء في الاتحاد الأفريقي. وأعربت الوزارة عن تفاؤلها العميق بأن تعزيز تمثيل إثيوبيا في المجلس سيؤدي بلا شك إلى تعزيز التعاون مع الدول الأعضاء الأخرى والشركاء الدوليين الرئيسيين، مما يعزز نهجًا أكثر تماسكًا وفعاليةً في مواجهة التحديات الأمنية متعددة الأوجه السائدة في جميع أنحاء القارة.
وفي حين تستعد إثيوبيا بجدٍّ لتولي مسؤولياتها المهمة بالكامل في مجلس السلام والأمن، فإنها تتمتع بموقعٍ استراتيجيٍّ يؤهلها للدعوة بفعاليةٍ إلى بذل جهودٍ جماعيةٍ ومنسقةٍ تُعطي الأولوية لتحقيق السلام المستدام والاستقرار الدائم في جميع أنحاء القارة. حيث إن الدور النشط والمستمر الذي تضطلع به إثيوبيا داخل الاتحاد الأفريقي يؤكد التزامها الراسخ ليس بمصالحها الوطنية فحسب، بل بالرفاهية الجماعية والازدهار المشترك للقارة الأفريقية بأكملها، مما يُظهر بوضوح الأهمية الحاسمة للتضامن في معالجة قضايا الأمن المُلحة في عصرنا بفعالية.
وهذه الإشادة الدولية الواسعة لا تُبرز براعة إثيوبيا الدبلوماسية البارزة ومشاركتها الفعّالة على الساحة العالمية فقط، بل تُمثّل أيضًا دليلًا قاطعًا على الإمكانات الكامنة للدول الأفريقية لتولي دور قيادي في معالجة قضايا السلام والأمن المعقدة في القارة. وبينما تسعى إثيوبيا جاهدةً إلى حلول سلمية وتحقيق الاستقرار الإقليمي، يتطلع المجتمع الدولي بتفاؤل إلى مستقبل أكثر أمنًا واستقرارًا وازدهارًا في جميع أنحاء المنطقة.