عمر حاجي
إن من بين النتائج الإيجابية والفوائد الملموسة من الأنشطة الحكومة الحالية، هو مشروع تطوير الممرات، الذي أحدث نقلة نوعية في المناطق الحضرية، بدءًا من أديس أبابا وامتدادا إلى مدن أخرى. وفقًا لرئيس الوزراء الدكتور أبي أحمد، الذي أجرى مؤخرًا مقابلة مع إذاعة أي بي سي، فإن مزايا المشروع المتعددة واضحة للعيان ولا يمكن إنكارها، سواءً كان مؤيدًا لسياسات الحكومة أم معارضًا لها.
وقد خصص وقتًا لوصف أهداف المشروع ومبرراته، مشيرا إلى أن البعض سمعوا يزعمون أن الحكومة فقدت بوصلة أولوياتها في تنفيذ مثل هذه المشاريع، لأن الوقت غير مناسب لتجميل الطرق والأحياء في وقت يحتاج فيه الناس إلى أمور أكثر إلحاحًا.
وقال: إن البلاد تعاني بالفعل من مشاكل متعددة، لكن إذا نظرنا إلى مزايا طويلة المدى لمشروع تطوير الممرات، فسوف نقدره كثيرًا. وقال: إن مشروع تطوير الممرات يُعنى بصحة المواطنين الذين يعيشون في ظروف سيئة في أحياء لا ينبغي أن يعيش فيها البشر. فالمنازل التي تفتقر إلى أساسيات الحياة الكريمة لا تُسمى منازل. فالمنزل الذي يفتقر إلى المياه الجارية ونظام تصريف النفايات لا يصلح لحياة صحية، ويهدف مشروع الممرات إلى تصحيح الوضع فورًا دون إضاعة المزيد من الوقت. وإن السنوات التي عانى فيها سكان الأحياء الفقيرة تكفي السنوات التي عاشوا فيها في ظروف غير لائقة.
ووصف رئيس الوزراء المدن الإثيوبية بأنها أماكن لا يستطيع المواطنون فيها التمتع بمستوى معيشي لائق لأسباب متعددة. وتحدث عن نقص الظروف الصحية في أحياء متعددة في أديس أبابا.
إن رؤية الناس الذين يُمارسون احتياجاتهم الفسيولوجية في مناطق يمارسون فيها أنشطتهم اليومية جنبًا إلى جنب في مكان مفتوح أمرٌ مُحزن، على أقل تقدير. بحيث إن رؤية أحياء بأكملها تعيش في مناطق لا تتوفر فيها خدمات المياه والصرف الصحي أصبحت مصدرًا لمختلف أنواع الأمراض المنقولة بالمياه والالتهابات المعوية، وغيرها. وهذا يُشكّل عبئًا كبيرًا على الصحة الوطنية، إذ يُثقل كاهل الناس الذين يعانون أصلًا من ازدحامٍ بالمرضى العاديين.
وذكر رئيس الوزراء، أن تطوير الممرات يهدف بالأساس إلى توفير ظروف معيشية لائقة وبيئات صحية، مشيرا إلى أن هذا ما دأبنا على فعله خلال السنوات الأخيرة منذ بداية هذا المشروع الضخم. فقد حُوّلت المنازل القديمة والمتداعية في الأحياء القديمة والمتداعية، مثل حي بياسا القديم وحي كازانتشيس، بالكامل إلى أحياء جديدة خلابة المظهر وصحية للعيش فيها. وقد تم بناء الطرق من الصفر، وأصبحت الآن شوارع واسعة تُزيّنها الأشجار. كما أُقيمت أعمدة إنارة جديدة في جميع أنحاء الأحياء الجديدة.
كما شُيّدت طرق واسعة للمشاة، إلى جانب مساحات واسعة مغطاة بالعشب والحدائق. وجُهّزت الحدائق بنوافير، ليتمكن الناس من المشي فيها، وعندما يشعرون بالتعب، يأخذون قسطًا من الراحة أو يتبادلون أطراف الحديث مع أصدقائهم وأقاربهم في جوٍّ من الاسترخاء. حيث إن تخصيص لحظة أو اثنتين للجلوس على المقاعد المُقامة حديثًا يُضفي بعض العزاء على كل من مارس رياضة الركض أو المشي لفترات طويلة. وتتوفر خدمات الصرف الصحي كل بضعة أمتار، ويمكن للناس استخدامها بكرامة دون الحاجة إلى قضاء حاجتهم الفسيولوجية في الشوارع أو زواياها.
وأكد رئيس الوزراء على ضرورة وضع حد لهذه الممارسات المزعجة، لأنها تُلحق الضرر بصحتنا، ولا يشعر المشاة بالراحة عندما يرون مشاة آخرين يستخدمون الشوارع لأغراض غير لائقة. ولذلك، كانت هناك حاجة مُلحة لإنشاء جميع هذه المرافق، وإلا ستصبح الحياة الحضرية تحديًا صحيًا هائلًا. وقد أصبح الناس الآن يشعرون بالراحة في المشي في هذه الشوارع، مستمتعين بمناظر الحدائق الجميلة أو النافورات، وما إلى ذلك. والأرصفة الكبيرة مريحة للغاية لدرجة أن الناس أصبحوا يعتادون الآن على المشي لمسافات طويلة، وهو ما يوصي به الأطباء بشدة لحياة صحية أفضل. وقد راعى تطوير الممرات جميع هذه الظروف. ويجب أن نغير مدنًا أخرى، حتى في أفريقيا، مثل كيغالي في رواندا، التي حوّلت عاصمتها إلى مدينة نظيفة وصحية وجذابة وجميلة.
ولذلك، قال رئيس الوزراء: إن مشروع تطوير الممر هو برنامج تحويلي يُغيّر حياة سكان المدن. وبفضل مشروع تطوير الممر، نشأ نمط جديد من العمل الجاد والمتواصل، وينبغي أن يستمر هذا، لأنه سيقودنا إلى مزيد من الإنجازات والنمو والازدهار. وقد وجد الآلاف وظائف بفضل هذه المشاريع، وكان الأثر الاقتصادي ملحوظًا.
وعندما طُرح مشروع تطوير الممرات لأول مرة، لم يكن أحد يتوقع أن يُحدث نقلة نوعية في الحياة الحضرية. وكان الجميع يتوقعون إدخال بعض التغييرات التجميلية لا أكثر. وربما حدثت مثل هذه التغييرات في الماضي خلال احتفالات ذكرى سنوية أوعند زيارة رئيس دولة لإثيوبيا. وكان هناك الكثير من الحديث بين السكان عندما رأوا هدم بعض المنازل. وبدأ الناس يخشون على منازلهم عندما رأوا هدم المزيد والمزيد من المنازل.
وثم بدأوا يرون أن عمليات الهدم بدأت تتوسع وتنتشر بوتيرة سريعة، وتساءل الجميع عن الخطوة التالية لمجلس المدينة. كان هناك حماس كبير بين سكان أديس أبابا وهم يحلمون بمدينة جديدة. وكان عدد الأشخاص العاملين في هذا المشروع كبيرًا جدًا. وعديد من المقاولين، ومن الشاحنات، والعمال، وكثير من مواد البناء مثل الأحجار والطوب والحصى والأنابيب والأسلاك والأعمدة وغيرها من المواد الضرورية ملأت الطرق الجانبية والأحياء قيد التجديد.
وكان من الواضح أن إدارة المدينة جادّة في عملها. ومع ذلك، لم يتوقع الناس أن تشمل هذه الأنشطة جميع الأحياء القديمة الرئيسية، بما في ذلك المتاجر والشركات، القريبة جدًا من الشوارع الرئيسية، مثل حيّ “سي إم سي سانت مايكل”. هُدم حيّ بياسا بأكمله، الحيّ القديم “إري بكينتو” و”دورو مانيكيا”. بالمثل، هُدم الحيّ القريب من جسر راس مكونن، وأُعطي للحيّ مظهر جديدا. كازانشيس وبولي هما الحيّان البارزان الآخران اللذان تغيّرا تمامًا مع مشروع تطوير الممرّ. ومن لم يتابع التطورات الجديدة يوميًا لن يتعرّف على هذين الحيّين بعد أعمال التجديد. كان هذا التغيير شاملًا.
وفيما يتعلق بالسكان الذين اضطروا لتغيير أماكن إقامتهم، جرت مشاورات ومناقشات مكثفة مع مجلس المدينة، بما في ذلك رئيسة البلدية أدانيش أبيبي ومسؤولين رفيعي المستوى آخرين، سعيًا منهم لتوعية السكان وتشجيعهم على الانتقال إلى مساكنهم الجديدة، التي كانت الإدارة على استعداد لمنحهم إياها بدلًا من المنازل القديمة. وسيُعوّض من يملكون سندات ملكية منازلهم تعويضًا كاملًا بناءً على قيمتها الحالية. كما تم توفير منازل جديدة لمن كانوا يسكنون في منازل قبلي في مختلف المجمعات السكنية في جميع أنحاء المدينة. ووفقًا لمجلس المدينة، فقد حرص المجلس على توفير منازل قريبة من بعضها البعض لسكان المنطقة، حتى الشركات الصغيرة منها، وسُمح لها بالاستمرار في الأحياء الجديدة.
وفي المناطق التي لم تكن تتوفر فيها وسائل نقل كافية، أُضيفت إليها وسائل نقل جديدة ليتمكن السكان من الذهاب إلى أعمالهم المعتادة دون عناء. علاوة على ذلك، قام مجلس المدينة أيضًا ببناء مدارس جديدة في الأحياء الجديدة للأطفال الملتحقين بالمدارس. وأعرب معظم السكان عن رضاهم عن منازلهم وأحيائهم الجديدة لنظافتها وتزويدها بمرافق صرف صحي لم تكن متوفرة لديهم من قبل أو لم يضطروا لمشاركتها مع الكثيرين. ووُضع السكان الذين نُقلوا إلى مواقع جديدة بطريقة تسمح لهم بالعيش معًا كما كانوا في السابق. واستمر العمل على قدم وساق في تقليد إسكان السكان في أماكن مماثلة أو قريبة جدًا لتجنب عيش حياة جديدة تمامًا مع أناس جدد.
ووفقًا لرئيس الوزراء، يتمثل الهدف الرئيسي من خطة تطوير الممر في توفير حياة جديدة وصحية للسكان الذين لم تكن لديهم حياة صحية كهذه. ونظرًا لأن الأحياء كانت قديمة ومزدحمة، وتفتقر إلى المرافق، فإنها لم تكن مناسبة لحياة صحية. ولذا، يهدف مشروع الممر إلى تحسين مستوى معيشة السكان، وتوفير المياه الجارية وخدمات الصرف الصحي، وسهولة الوصول إلى الطرق الرئيسية، مما يُتيح في حال وقوع حوادث أو حالات طوارئ، مثل اندلاع حريق أو أزمة صحية خطيرة ومفاجئة، توفير رجال إطفاء أو سيارات إسعاف لهذه الأحياء التي لم تكن متوفرة في الأحياء القديمة.
ومن العوامل الأخرى التي ساهمت في إنشاء مشروع الممر نقص الطرق المخصصة للمشاة، إذ كانوا يضطرون للاختلاط بحركة المركبات، مما يعرض حياتهم للخطر أثناء المشي أو عبور الطرق. وقد ساهم إنشاء أرصفة جديدة وكبيرة في حل هذه المشكلة، حيث تم تجنب الاختناقات المرورية أو تخفيفها بشكل ملحوظ، ولم يعد الناس مضطرين للبقاء في زحام المرور للذهاب إلى أعمالهم وإضاعة وقتهم الثمين، وفي الوقت نفسه، خفض تكلفة الوقود. كما أنشأ مجلس المدينة العديد من قطع الأراضي المخصصة لركن المركبات في مركز المدينة، مما أدى إلى اتساع الطرق دون توقف السيارات على جانبيها، مما خفف من الازدحام.
وقد تم تشييد هذه الطرق في مواقع متعددة بالمدينة بعد تنفيذ مشروع الممر. ومن نتائج مشروع الممر تركيب أعمدة إنارة جديدة للشوارع، مع دفن جميع أسلاكها تحت الأرض لتجنب انقطاعات التيار الكهربائي المتكررة بسبب سوء الأحوال الجوية، وخاصة خلال موسم الأمطار. وقد منح تجميل المدينة بمساحات شاسعة من الأراضي المغطاة بالخضرة والزهور والنوافير صورة جديدة وصحية. كما ساهم إنارة المدينة ليلاً في ضمان سلامة السكان أثناء تنقلهم ليلاً، وخفض معدلات الجريمة إلى أدنى حد. ولم يحظَ كل من شهد هذه التطورات إلا بالتقدير والعرفان لجهود مجلس المدينة في إحداث هذا التحول الشامل للمدينة، الذي يليق باسمها وسمعتها كعاصمة دبلوماسية لأفريقيا.