الملك أبا جفار وجهوده في خدمة الدين والوطن

عمر حاجي

إن منطقة جما أبا جفار، هي منطقة إستراتيجية في إثيوبيا، لها تاريخ عريق وفيها آثار ومعالم إسلامية مرت عليها عصور، وفيها تاريخ ممالك غبي الإسلامية الخمسة وهي: مملكة غبي ومملكة جما ومملكة غوماي ومملكة غيرا ومملكة غوما. وهذه الممالك الخمسة كلها كانت في ذلك الوقت ممالك إسلامية ولها تاريخها وتاريخ ملوكها على حدة.

وتتميز مملكة جما بإحتضانها العلم والعلماء الأجلاء الذين وافدو إليها من أنحاء إثيوبيا، وازدهر العلم فيها ازدهارا كبيرا عندما تبنى الملك (أبا جفار رحمه الله) نشر الدين وخدمته بنفسه، وقرب العلماء وأنزلهم منزلة عالية وأغدق عليهم الخيرات وفرغهم للعلم تأليفا وتدريسا ومناظرة، وقد أجزأ مملكته ستة وستين مشيخة وتحت كل مشيخة عشرات الخلاوي لتعليم القرآن الكريم وعلومه.

وتعتبر مدينة جما هي آخر الممالك الإسلامية في إثيوبيا، وكانت منارة خرجت منها تعاليم الدين الإسلامي. وضمت مدينة جما صرحاً تعليمياً أسسه أهل المنطقة لتعليم الفقه قبل أن يضع المستعمر الإيطالي يده على المدينة ويستفيد من مكانتها في ثلاثينيات القرن الماضي.

 كما تحظى مدينة جما المعروفة بجما أباجفار بوضع مميز وتاريخ يشكل حضوراً يأبى الاندثار، إذ يحمل في طياته حضارة الإسلام والعروبة إلى جانب حضارات أخرى، وأوجدت لنفسها موضع قدم بالمنطقة، ولا تزال معالم آخر الممالك الإسلامية في أرض الحبشة، حيث تقف شامخة لتروي للعالم، كيف أن الحضارة الإسلامية كانت حاضرة هنا بكل تفاصيلها الدقيقة.

 وإلى جانب هذا، فإن هذه المدينة معروفة بمهد البن الإثيوبي، كما تحتضن منطقة تشوشي مهد البن الإثيوبي. وقد أضافت المعالم الإسلامية إلى المدينة كمنطقة جذب سياحي، وفي مقدمتها قصر أباجفار، ومتحفها القومي، وقصر أباجفار، ومتحف المدينة الزاخر بالكنوز والمقتنيات الإسلامية والعربية.

 ويعود قصر أباجفار الذي عُرِفت به مدينة جما، للملك أباجفار أباجولا (1861- 1932). و”أباجفار” تعني ملك في سلالة تلك الأسرة التي تعاقبت على حكم المنطقة خلال الفترة من 1878 حتى 1932. وشهد القصر مؤخراً ترميماً وتحديثاً بغية المحافظة على تاريخه الضارب في أعماق الماضي والمعبر عن أصالة الإنسان الإثيوبي والمكاني.

ويعتبر الملك أبا جفار من أهم أسباب نشر الإسلام في أوساط المسلمين، على وجه الخصوص في حدود مملكته إذ أنه قام باستدعاء العديد من العلماء لينشرو تعاليم الإسلام في جما، كما أنه أقام وقفًا إسلاميًا للحجاج الحبشيين الذي مازال قائما في مكة إلى وقتنا الحالي، كما أوقف أيضًا رواقًا خاصًا بطلبة العلم الحبشيين الذين يقصدون الأزهر للتعلم الذي يدعى رواق الجبرتي.

وأما بالنسبة لتقديم الخدمات الإقتصادية للوطن، فقد كانت منطقة جما موقع بداية وجود البن الذي يعتبر الذهب الأخضر، وهي غنية أيضا بالثروات الكثيرة كالمواشي والزروع والعسل، والغابات الكثيفة، والفواكه والخضروات وغيرها. وبدأ سلطان أبا جفار الكبير بنشر الإسلام في جما، وتم توطيد تأسيس دولة جما في زمنه في سنة 1830 م، كما وثق ربط العلاقات بين القوميات والشعوب الموجودة.

وكان قد عمل أيضا على تقوية الإقتصاد القومي، حيث عزز على تقوية العلاقات التجارية مع مماليك المجارة لمنطقته خاصة وعلى مستوى البلاد عامة، بالإضافة إلى تعزيز العلاقات مع بلدان ماوراء البحار سواء العربية منها الأوروبية حسب ما ورد في تاريخه.  

 

 

Recommended For You

About the Author: Samaray Galagai

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *