معركة عدوا هي رمز للحرية !!

 تعتبر معركة عدوا من بين أهم مراحل النضال و الكفاح التحرري الذي قاده الشعب الإثيوبي في نهاية القرن التاسع عشر ضد الاستعمار الايطالي الذي أراد السيطرة على المنطقة و استنزاف ثرواتها و استعباد شعبها.

مع احتفالنا بيوم النصر ال 127 في عدوا ، لا يجب إحياء ذكرى النصر في ساحة المعركة فقط ، ولكن أيضًا الحفاظ على تراث عدوا ، وأن نفهم تمامًا أن سر انتصارنا هو وحدتنا الوطنية في مدينة عدوا، التي أثبتت أن الأفارقة لم يكونوا أبدا لقمة سائغة لأي استعمار غربي في القرن التاسع عشر، ويعتبر كثير من الأفارقة هذه المعركة رمزا للصمود الأفريقي ككل في وجه المستعمر ورمز التحرر .

اعتبر الإيطاليون إلغاء منليك الثاني لمعاهدة اوتشيلي بمثابة إعلان للحرب عليهم لذلك أعلنوا الحرب من جانبهم ضد الحبشة و اخذوا يزحفون على إقليمي الامهرا و تجراي و أعلن (باراتيري) القائد الايطالي ضم إقليم تجراي لاريتريا ، وقصد الايطاليون عدوا وتقدموا نحو أكسوم فقوبلوا بمقاومة عنيفة عند تقدمهم تجاه هذه المدينة المقدسة لدى الاثيوبيين  .

لكن الطليان صمموا على الانتقام من الاثيوبيين و اتجهوا إلى مدينة(عدوا ) العاصمة القديمة لاقليم تجراي ، حيث كانت المعركة الفاصلة بين الطرفين في أول مارس 1896م ، والتي انتصر فيها الاثيوبيين  انتصارا كبيرا و ساحقا على الطليان. في هذه المواجهة، يقول التاريخ إن منليك الثاني، إمبراطور إثيوبيا حينئذ، استدرج الجيش الأيطالي، إلى منطقة عدوة في إقليم تجراي بشمال إثيوبيا، والتي تحيطها جبال ومرتفعات وعرة.

سياسيا : يتمثل في تبليغ الحكومة الايطالية للدكتور (نيرازيتي) المفاوض لايطالي في مباحثات السلام مع إثيوبيا أن الحكومة الإيطالية ستوافق على الإلغاء غير المشروط لمعاهدة اوتشيالي و الاعتراف بسيادة و استقلال إثيوبيا . و قد دخل الطرفان في مفاوضات سلام انتهت بتوقيع معاهدة أديس أبابا في 28 أكتوبر1896. أكدت هذه المعاهدة الاستقلال الكامل للحبشة  في تلك الفترة ،حيث أعلنت المادة الأولى منها على انتهاء الحرب بين الطرفين .

يقول احدى المؤرخين  “ومما يُذكر لملوك الحبشة بالثناء العطر، ويُكتب بمداد الفخر، أنهم مهما دبَّ بينهم دبيب الشقاق في شئونهم الداخلية، وتنافسوا على العرش، فلا يتفقون مع الأجنبي على محاربة بعضهم بعضًا، “

الصراع الداخلي في إثيوبيا حينئذ أعطى مفاهيم وانطباعات خطأ عن الحبشة وقوتها، ما جعل إيطاليا تقنع بقية دول الغرب بهدفها وتخطيطها استعمار إثيوبيا والتغلغل إلى أراضيها من الشرق عبر إريتريا.

لكن القادة الإثيوبيين اتحدوا على صد عدو واحد، لتكون عدوا معركتهم الفاصلة لدحر القوات الإيطالية، فتجمعت قيادات الجيوش من الأقاليم المختلفة وشكّلت جيشا متماسكا موحد الهدف والولاء، فكان اللقاء والانتصار التاريخي في عدوة. الكاتب انور ابراهيم

مما لا شك فيه إن سر نجاح إثيوبيا هو وحدتنا وحريتنا وقيمنا الوطنية.  وانتصار معركة عدوا هو قصتنا المشتركة حيث وقف الإثيوبيون معا من أجل سيادة بلدهم وكرامة الشعب .  علاوة على ذلك  فإن معركة عدوا هي مصدر فخرنا الوطني. إنه فخر لجميع السود خارج إثيوبيا.

مما لا ريب فيه إن انتصار عدوا نضال تحرير الأفارقة وجعل إثيوبيا رمزًا للوحدة الإفريقية. لم يكن الانتصار في معركة عدوا ضعف العدو ، بل قوة وحدتناوليس هذا فحسب بل  إن انتصار معركة عدوا لم يثبت فقط قوة إثيوبيا وقيادتها في ذلك الوقت ، بل مهد الطريق أيضًا للنضال من أجل الاستقلال في دول أفريقية أخرى.  

امتد تأثير أحداث 1896 خارج إثيوبيا، فقد أصبحت ألوان العلم الإثيوبي الأحمر والأخضر والأصفر راية جماعية للأفارقة ورمزًا للمقاومة الإفريقية الرائدة، وبعد نصف قرن اعتمدت الدول الإفريقية المستقلة حديثًا تلك الألوان كجزء من أعلامها الوطنية.
ولدت ثمار الإيدولوجية من البذور التي زرعتها معركة عدوا، هذه البذور نبتت وعبرت المحيط الأطلسي أيضًا حيث كان الأمريكيون الأفارقة يخضعون لقوانين جيم كرو وسيادة المؤسسة البيضاء.
استلهمت القوميات السوداء مما رأته صراعًا مشابهًا للمستضعفين من إثيوبيا ضد القوى الأوروبية، كان النشيد الرسمي للرابطة العالمية لتنمية الزنوج “إثيوبيا؛ أرض آبائنا” وقد حصل مؤلفه الموسيقي الشهير المقيم في هارلم جوسيا فورد على دعوة للهجرة إلى إثيوبيا.

قال البروفسور آدم كامل: بعد انتصار معركة عدوا علي الايطاليين قام الأفارقة وتمردوا على الغزاة والمستعمرين، والتحرك لنيل الحرية والإستقلال عن الإستعمار.
وكان ذلك فخرا للأفارقة عموما، وإنتصارا للإثيوبيين. وكانت معركة عدوا ونتائجها مكانة كبيرة للإثيوبيين وعلى مستوى السود حتى في أمريكا. وكانت بداية إنتصار السود على البيض، وبداية التحرر والتحرك نحو الإستقلال، ومن ثم بدأ الإستعداد والتجهيز للإستقلال عن الإستعمار الغربي.

وفي الأخير يمكن القول أن معركة عدوا من المعارك التأريخية التي تركت أثارا عميقة سواء في تاريخ اثيوبيا او الافارقة او السود في امريكا  أو تاريخ ايطاليا لسنوات طويلة. وقد أدت هزيمة الايطاليين في عدوا إلى تحقيق الحرية  في المنطقة والهمت الافارقة والامريكان السود الي التحرر من القيود الاستعمارية .

Recommended For You

About the Author: Samaray Galagai

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *