السيرة الذاتية للعالم الجليل الشيخ محمد أمان

عمر حاجي

 

أديس أبابا (العلم) إن هناك عدد كبير من العلماء الأجلاء المعروفين في إثيوبيا، على سبيل المثال لا لحصر، مثل الشيخ الداني الأول والثاني حاج بشرى، والشيخ محمد والشيخ حسين جبريل، والشيخ محمد ثاني حبيب، والشيخ محمد ولي، والشيخ رافع وغيرهم. وهناك من ألف أكثر من 48 كتابا، و60 كتابا.

ومن بين العلماء الإثيوبيين البارزين في  السير والآثار الذين تركوا بصمة في التاريخ، نذكر كمثال، الشيخ آدم تولا: وهو أحد أكبر علماء الحبشة، واسمه آدم أحمد هبرو، طيب الله ثراه. وكان مفتياً لأكبر أقاليم إثيوبيا “أوروميا” ذات الأغلبية المسلمة، وكان أستاذاً متمرساً في علوم الحديث والفقه والتفسير والفرائض والنحو وفي الفنون الأخرى.

وهناك علماء كثيرون في جميع أقاليم البلاد الذين نشروا العلم والشريعة الإسلامية ولا يزالون ينشرونه الموجودين على قيد الحياة، والذين وافته المنية منذ قدم التاريخ وإلى وقت قريب. ومن بين هؤلاء العلماء الأجلاء الموجودين أيضا، على قيد الحياة ونشروا العلوم الشريعة واللغة العربية ولايزالون ينشرونه إلى الآن، طول الله عمرهم، الشيخ محمد أمان حاج آدم العالم الجليل التقي، الذي أجرت معهم صحيفة “العلم” حوارا حصريا خلال اللقاء معه، عن سيرة حياته، وعن مؤلفاته، وعن عدد المشايخ، و المتخرجين على يده وغيرها من الأسئلة. نقدم لقراء صحيفة “العلم” الكرام نص الحوار كالتالي:

أولا، عن سيرة حياتكم، ودراستكم، وعن المشايخ التي درستم عليه والفنون التي درستم ؟

وقال الشيخ محمد أمان، بعد الثناء على الله، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، “أنا ولدت بمنطق تسمى أودا بإقليم بالي، وبعد أن وصلت سن التعلم بدأت بطلب العلم الشرعي منذ صغر سني. وأنا قرأت القران الكريم في الصغر عند الشيخ  خضر تلموا، ثم قرأت المختصرات في مذهب الامام الشافعي رحمه الله عند الشيخ آدم “كلوبا” وقرأت كذلك عند الشيخ خضر الهرري قرب “غندير” وعند الشيخ أحمد الواجي وقت جلوسه عندنا، وكذلك عند الشيخ موسى السعودي وقت جلوسه عندنا أيضا، ثم سافرت إلى أرسي “ديدأ” وقرأت على حاج أحمد “الداوي، كتب الفقه للتعليق والتحقيق من المتون والشروح والمطولات. ثم انتقلت إلى “كلوبا” وقرأت على الشيخ محمد سراج، الإعراب، وبعد مختصرات النحوي، ثم قرأت مطولات الفقه مثل فتح الجواد، وبعض فتح الجواد، وفتح الوهاب، وغير ذلك، على الشيخ خليل في قريه “بورنا” قرب مدينه كلوبا التي تسمى اليوم بـ “بلبله”.

كما بدأت أدرس العلوم الشرعية من جميع الفنون المهمة، وأعمل داعيا ومدرسا للعلوم الشرعيه في فهم أسرار الكتاب والسنه راجيا من الله التوفيق والاخلاص والعفو والغفران والتوبه من الذنوب والتقصير، انه جواد كريم. ومن هناك سافرت إلى المملكة العربية السعوديه لأدء فريضة الحج، واشتريت الكتب بمساعدة إخواننا الساكنين هناك، ثم بدأت التدريس بعد الرجوع إلى بلاد الحبشة، ودرست الطلاب لمدة سنتين ونصف، وبعد ذلك، رجعت إلى السعوديه أيضا للحج في أيام انقلاب نظام الدرج على الإمبراطور هيل سلاسي، وقرأت الأمهات السته، وبعد الفنون المختلفه من النحو، والصرف، والبلاغه، والفرائض، والتوحيد، والتفسير، والفقه، وأصوله، والمصطلح، وقواعد الفقه، والتجويد، وبعد قراءات القرآن، وقرأت أيضا على المشايخ والدكاتره، والاساتذة التاليه: فمنهم، الشيخ محمد الثمري، قرأت عليه بعض الامهات والمصطلح، وغير ذلك.

ومنهم، الشيخ محمد أمين “كرو” الهرري، وقرأت عليه بعد الامهات والنحو،  والصرف، والمصطلحة، وأصول الفقه، حسب المواد في الدراسات العليا. ومنهم الدكتور صلاح عرفات المصري، وقرأت عليه بعد كتب التاريخ  والسيرة، وفن الخط والاملاء ونبذة من علوم الطب، والصحة، والهندسة، والعلوم السياسية، وتخريج بعد الاحاديث وغير ذلك، حسب المواد المختلفه في الدراسات العليا في الدرس.

ومنهم الشيخ محمد أمين محمد آدم الولوي، وقرأت عليه المواد المختلفه من الحديث والنحو والصرف وغير ذلك. ومنهم، الشيخ محمد جميل زين، وقرأت عليه التوحيد والتفسير، حسب المواد المختلفه. ومنهم الشيخ محمد غدا وقرأت عليه التجويد والقراءه. ومنهم الدكتور عثمان آدم العروسي، وقرأت عليه بعد الاحاديث من السنن، والتوحيد ومصطلح الحديث والفقه وأصوله  حسب الدروس والمواد المختلفه في الدراسات العليا. وممن قرأت عليه، الشيخ سعيد شفا الولوي، بعض علوم الحديث النحوي والصرفي وغير ذلك، من المواد المختلفه.

وكذلك حضرت حلقة الشيخ العثيمين في موسم الحج، وقرأت عنده سنوات عديده للاستماع، وحضرت كذلك، حلقة الشيخ  ابن باز في موسم الحج في الرياض، في أيام العطلة. حيث حضرت حلقته لعده سنوات. وكذلك، قرأت على الشيخ إدريس الولوي، أصول الفقه ومصطلح الحديث. وكذلك قرأت عن الشيخ محمد أمين البالي. وأخيرا كتبت رسالة صغيرة على أحكام الجمعه تسمى “أحكام الجمعه على ضوء الكتاب والسنة” بعد التخرج من الدراسه العليا من من دار الحديث وغير ذلك من الرسائل قرأت كذلك، على بعض العلماء الكبار من علماء مصر وباكستان الذين سكنوا في الرباط الموقوفه وقرأت عليهم بعد كتب الحديث مثل سنن الدارمي، والبيهقي، ومستدرك الحكيم، والحاتم، ولكن ما كملت بعد الكتب لضيق الوقت وسفر  بعضهم إلى بلادهم، هذا وبالله التوفيق.

والدروس والتي درستها عند المشايخ والدعاة الذين سبق ذكر أسمائهم ليست بعضها رساله رسمية مستمره حيث كان بعضها بالحضور والإستماع في بعض الاوقات المتفرقه في البيوت وبعد صلاه العصر وبين المغرب والعشاء، وفي الحرم الشريف، وفي بعض مساجد مكة المكرمة، وفي قاعة دار الحديث في الليل، لسنوات عديدة مدة إقامتي في السعودية. وأكثر قرائتي ودراستي منهم كانت قراءة رسمية. وإنما ذكرت هذا النوع من الحضور والاستماع في قرائتي الرسميه مستمره لوجود فائدة واستفادة كثيرة، ولأداء حقوق مشايخي. وطلب العلماء الإيجازة بأنوعها من الدعاة، فكل هؤلاء العلماء المذكورون لهم أسانيد مختلفه، عن علماء كثيرين، لما كانت عندي هذه الاسانيد.

بالإضافة إلى هذا، حاولت جمع بعض الكتب لمدة طويله وسنوات عديدة ليكون أثرا باقيا في عمل حسناتي،  رجاءا الثواب من الله عز وجل لنفع العالم الإسلامي، وإن كنت لست أهلا  لذلك. ومن ذلك كتبت مجمع النحو والصرف كتابا مختصرا، لكنه لم يطبع بعد، وكذلك مختصرات في التوحيد وفي العقيدة، وفي سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم، وبعض سيرة العلماء، وكذلك، في مصطلح الحديث وفي مواضيع أخرى مختلفه. ولم تطبع أيضا، وأسال الله التوفيق والاعانة. والآن أطلب من بعض المؤسسات ومن العلماء أن تطبع هذه المخطوطات لكي يستفيد طلاب العلم إن شاء الله تعالى، والله ولي التوفيق والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

وهذه كلها من مؤلفاتكم ذكرتهم فيها الكتب؟ بعد الرجوع من مكة بعد ما جلست في مناطق عديده وخاصة في بلاد ديدأ، وسافرت من كلوبا إلى السعوديه، واشتروا لي بعض العلماء الذين كانوا هنا كتبا. ومن ثم رجعت إلى البلاد وبدأت تدريس طلبة العلم لمدة سنتين ونصف، وفي إنقلاب هيل سلاسي رجعت إلى السعوديه، وجلست هناك نحو خمس عشر سنه تقريبا. وبعد ما استولت على السلطة حكومة الجبهة الشعبية للشعوب الإثيوبية رجعت إلى بلادي مباشرة. وكان الطلاب الذين تعلموا مني وتخرجوا وأصبحوا علماء أجلاء يصلون إلى أكثر من 300 عالما.

وخلال تدريسكم الطلاب، سواء كان حديثا أو فقها أو فنون أخرى مثلا، كم يصل عدد الطلاب تقريبا؟.

قال الشيخ محمد أمين: لقد كان الطلاب كثيرين جدا، ويصل عددهم في بعض الأحيان إلى 200، وأكثر، 300، و400، وفي بعض الأحيان يصلون إلى 1000 و2000، في الحقيقة لا أتذكر عددهم حصريا، خوفا من الوقوع  في الكذب. وكان يجلس بعضهم 3 سنوات و4 سنوات، خمس سنوات إلى حد 7 سنوات. ويدرسون الأصول، والفقه، وعلوم الحديث، والنحو والصرف، والبلاغة. وكان يبلغ عددهم قبل ثلاث أو أربع أو خمس سنوات حوالي 400 إلى 500 ، ويجلس بعضهم  من تسعة إلى عشر سنوات. وبعد ما درسوا وتعلموا كثيرا من العلوم وأصبحوا علماء أجلاء يجلسون سنة وسنتين، ويطلب بعضهم تعلم فن الصرف، والنحو، كذا… وكذا….

خلال التعليم والتدريس ونشر الدين والعلوم من جميع الفنون، وتخريج العلماء، من أين تجدون الدعم والمساندة على هذا العمل النبيل ؟

في الحقيقه، أن المساعدة والرزق من عند الله، سبحانه وتعالى، بقوله عز وجل في محكم تنزيله: { وما من دابة في الأرض إلا على الله… الآية}، ولكن أن هناك، في بلادي التي تسمى بـ “أودا ” بمديرية “أغارفا”  أول ما سكنت، مكثت هناك مدة قليلة، وبعد ذلك، إنتقلت إلى بلدة تسمى، “لاجو” في مكان يسمى “مقالا” من هناك يمتد الطلاب إلى مدينة “بربرسا” وجلست هناك مدة طويلة، وكان عدد الطلبة كثيرون جدا، وأراضيها واسعة جدا، والمواشي كثيرة أيضا. وعلى الرغم من سعة الأرض، أنا لم أجمع المال، لا من هذه الأرض ولا من ثروة الأبقار من المواشي، ولا من بلاد السعودية، ولا أزكي نفسي في هذا. إلا ما رزقنا الله سبحانه وتعالى من هذه الأشياء المذكورة، لبعض ما أعيل نفسي وأسرتي. وأنا ما طلبت من أي أحد من المساعد. وبعد ما كانت هناك في “مقالا” جئت إلى هذه الأرض المباركة بعد عدة مراجعات متكررة إلي، وأراد الله الإنتقال إلى هنا، وجلست فيها، وأن مجتمع مدينة روبي غرجيدا وضواحيها، وخصوصا منطقة “غرجيدا” أعطوني أراض كثيرة  تصل إلى 7 هكتار من الأرض وجزاهم الله خير الجزاء. ويشجعون على أن أجعل هذه الأراضي في ملكيتي، ولتكون من بعدي ورثة لأولدي، ولكني بطيئ جدا في تنفيذهذا، وسنفذ ذلك، إن شاء الله.

دور العلماء في الحفاظ على السلام..؟

قال الشيخ محمد أمان: أنا أقول بالإختصار إن شاء الله، وراجيا من الله التوفيق، عند ما دخل دين الإسلام إلى بلاد إثيوبيا بواسطة الدعاة في زمان عمرو بن الخطاب رضي الله عنه، وبعد نشر الدين في كل البلدان، تعرفون ما مر عليهم العلماء من بذل جهد حثيثة في كل مناطق إثيوبيا. لأن العلماء يحرصون في كل زمان ومكان على السلام، ويدعون إلى عقيدة الإسلام السليمة، وإحياء دينه، والحمد لله نحسن الظن فيهم. ومن طبيعة العلماء، أنهم يقتبسون من الكتاب والسنة وسيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، واجتماع الأمة. ويؤمن العلماء بسلامة البلاد، وإحيائها واتفاق الأمة من بني آدم، غير تمييز بين نسب وأخرى، وبدون تفريق بين شعب وأخرى،، وأن يكونوا على وحدة ومحبة واستسلام وطاعة لله عز وجل بدون تفريق بين عقيدة أوملة لأخرى. وكذلك، القيام بعمل صالح وناجع للبلاد والأمة. فهذا هو إعتقاد علماء الإسلام في كل البلدان.

وإحياء سنة الله، وسلامة البلاد شرقا وغربا، شمالا وجنوبا، قديما وحديثا حسب ما نتكلم معهم، ونعرف من سيرتهم في كل البلدان الإسلامية، وإحياء البلاد، والإستفادة من موارد وثروة البلاد بالعدالة والإنصاف، والحفاظ على سلامة البلاد بالتمسك على حسب ما شرعه الله عز وجل بين العباد بدون تفريق وتمييز بين الطائفية والعرقية، هذا هو إعتقاد العلماء في مشارق الأرض ومغاربها، وعلماء بلادنا خاصة.

ما هي دور المسلمين والعلماء في تنمية البلاد..؟، وما توصياتكم في توحيد الأمة الإسلامية الإثيوبية؟

أولا، أقول، إن دور مساهمة المسلمين الإثيوبيين ومشاركتهم  في التنمية الإقتصادية والإجتماعية، بما لديهم من الإمكانات الموجودة والإنخراط في الإستثمار في جميع المجالات أمر ضروري ومهم للغاية. وأما درو العلماء والمثقفين، هو أن يعززوا توعية الناس في جميع المنابر والمشاورات والندوات على تنمية البلاد، والأمة الإثيوبية عامة، والإستفادة من الثروة الطبيعية التي وهبه الله عز وجل ومنه على هذه البلاد الطيبة، بالعدالة والإنصاف وبالتساوي.

وأما وصيتي للمجتمع الإسلامي الإثيوبي، هي أن يكونوا على وحدة الكلمة والصفوف والأفكار، وترك الخلافات الجانبية والفرعية إلى جانب، والتمسك بحبل الله المتين، والرجوع إلى كتاب الله غز وجل، وسنة رسوله صلى الله وسلم. { واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا..} الآية. هذا من جهة. ومن جهة أخرى، في مجال إستتباب الأمن والسلام، أن يلعب العلماء دورهم المنوط به في الحفاظ على الأمن والسلام بتوعية المجتمع، ودعوة الحكومة والجهات المعارضة لها إلى الحوار والمشاورة على مائدة مستديرة  لحل الخلافات، والفجوات الموجودة بينهم، والمصالحة، من صالح البلاد والعباد بما يعود بالنفع عليهما. هذا، هو توصياتي وتمنياتي، والله ولي التوفيق.

Recommended For You

About the Author: Samaray Galagai