عمر حاجي
إن إثيوبيا، هي موطن لمختلف القوميات والأمم والشعوب التي تتمتع بقيم ثقافية متعددة ومختلفة. وهذه القيم الثقافية البكر تم حمايتها من قبل شعوب البلاد بدفع أقصى تضحيات، ووصلت إلى هذا الجيل باعتبارها بركات ثقافية مميزة. ولديها أنماط الزفاف، والقوانين العرفية، والمنتجات الفنية الرائعة، والحرف اليدوية، وآليات لحل النزاعات، مثل قانون “سينقي” التي تمارس لدى نساء شعب أورومو.
وفي هذا الإطار، أطلق كتاب بحث عن ثقافة “سينقي” تحت عنوان “جوهر نظام سينقي أوسنيقو الثقافي ودوره في مجتمع أورومو”، وتم نشره بالاشتراك مع وزارة الثقافة والرياضة بالتنسيق والتعاون مع مكتب أوروميا للثقافة والسياحة.
وفي هذا السياق، قال وزير الثقافة والرياضة قجيلا مرداسا في إفتتاح كتاب بحث حول “سينقي”: إن شعب أورومو، هو أكبر مجموعة عرقية من بين 85 مجموعة عرقية في إثيوبيا، مع العديد من القيم الثقافية التي استمرت لآلاف السنين، مشيرا إلى أن قانون “سينقي” يمكن لمرأة شعب أورومو من أن تحمي حريتها وحقوقها، والمسؤولية الاجتماعية من خلاله، وهو قانون ثقافي تم نقله من جيل إلى جيل.
ومن الواضح تماما، بأن الحكومة الإثيوبية تعمل على حماية وإثراء الثقافات مثل “سينقي” كما يجب إعلام الجيل القادم بإدراجه في التعليم الحديث. وأن معاهد البحوث الإثيوبية يجب أن تزيد من مصلحتها الوطنية من خلال دراسة القيم الثقافية.
ومن جانبها، قالت الدكتورة إرجوجي تسفاي وزيرة المرأة والشؤون الاجتماعية، إن “سينقي” ثقافة مهمة لحماية حقوق المرأة ومصالحها. وينبغي تشجيع المؤسسات التي تحمي الحقوق والمصالح الاجتماعية والسياسية والاقتصادية للمرأة من خلال ضمان المساواة بين الجنسين في إثيوبيا. مؤكدة على أن الوزارة تراجع سياستها. كما أن العمل جار لدمج المعرفة الأصلية المهمة من ” سينقي” والثقافات الأخرى في المراجعة.
وفي هذا الصدد أجرت صحيفة ” العلم” حوارا مع عدد من الحضروا الحدث، وعلى هذا قالت السيدة غريبي تافسا أم “سينقي” والتي جاءت من منطقة كوفلي غرب أرسي: إن دور ” سينقي” لدى المرأة الأورومية لها أهمية ورسالة كبيرة في حل المشاكل التي تحدث بين الناس سواء كان ذلك النزاع أو الحرب، وهي تقوم بأخذ ” سينقي” وتقف بين طرفي المتحاربين، وعندئذ تقف الحرب مباشرة، لأن لها إحترام كبير، وكذلك، إذا دخل أبا غدا أيضا بين طرفي المتحاربين.
وذكرت غريبي أيضا، أنه من بين القيم الثقافية الثمينة المختلفة لدى شعب أورومو هو قانون “سينقي”، وهو واحد من مجموع نظام أبا غدا. ويمكن بموجبه للمرأة الأورومية بناء وحدتهن، وممارسة شكاواهن ضد الإجراءات غير العادلة التي تستخدم عليهن من قبل الرجال.
وقالت السيدة غريبي: إن نساء شعب أورومو تستخدم “سينقي” للدعاء أو اللعنة عندما تنتهك حقوقهن. وتمارسها المرأة في مجتمع أورومو. وتحصل المرأة التي تتزوج بشكل قانوني على” سينقي” في يوم زفافها، مما يرمز إلى الاحترام والقوة التي تتمتع بها المرأة المتزوجة. ومن المهم جدًا الملاحظة بأن “سينقي” تطبق على المرأة المتزوجة وفقًا لنظام غدا.
وأشارت السيدة غريبي، إلى أنه إذا تم الزواج خارج قواعد وأنظمة “سينقي”، كما هو الحال في حالات زواج المرأة بالقوة (buttaa) ، يعني الخطف، لا تتمتع المرأة بحمل أو الحصول على “ سينقي”.
ومن جانبها: قالت وينشيت هبت ماريام، التي شاركت في إعداد الكتاب الذي بحث حول دور “سينقي” وقيمها، إن الكتاب أُعد بإجراء بحث في أربع مناطق من أوروميا، حيث تُمارس فيه ثقافة “سينقي” على نطاق واسع. كما أن نشر هذا الكتاب باللغة الإنجليزية لن يروج للثقافة الإثيوبية للعالم فحسب، بل سيوسع أيضًا تنمية العديد من ثقافات الشعوب الإثيوبية الأخرى في أجزاء من البلاد.
وقالت السيدة وينشيت: إن قانون “سينقي” هو واحد من الثقافات المادية التي يمكن أن تلعبها نساء شعب أورومو بأدوار ثقافية واقتصادية وسياسية ودينية في مجتمعهن، وهو النوع الخاص من النظام المستخدم كدليل على السلام وتمكين المرأة. على سبيل المثال، يتم استخدام” سينقي” وهي عصا للطقوس، كرمز لنساء شعب أورومو المتزوجات، والدعوة لله سبحانه وتعالى، وقانون لحل النزاعات التي تحدث بين الناس.
كما أوضحت السيدة وينشيت حول مصطلح “ سينقي” فإنها لا تستخدم كوصف للعصا فقط، لكن للتعبئة المختلفة التي تقوم بها نساء شعب أورومو. على سبيل المثال، وإذا كان هناك انتهاك لحقوقهن، أو إذا كان هناك نزاع أوحرب بين مجموعة من الناس، تترك النساء منازلهن، وأطفالهن، ومواردهن، للتجمع تحت شجر يسمى “أودا” -الذي هو شعار لدى مجتمع شعب أورومو- حتى يتم حل المشاكل سلمياً.
ومما تجدر الإشارة إليه هنا، فإن شجر” أودا” ما هو إلا رمز لكثرة جزور، وفروع شعب أورومو، وخصوبة أراضيه الخضراء، ذات المناظر الجميلة الخلابة والجذابة، والجبال الشاهقة المغطات بالغابات الكثيفة، والانهر الكبيرة العابرة للحدود حسب ما ذكرتها وينشيت. كما ترمز “سينقي”أيضا، إلى احترام حق المرأة المتزوجة التي يوفرها قانون غدا.
وعندما تتدخل مجموعة من النساء اللواتي يحملن “سينقي” أثناء النزاع، أوالحرب تقوم الأطراف المتصارعة تلقائيًا بإيقاف نزاعها، والبدء في حل المشكلة بالوسائل السلمية. وذلك، بدون إختلاط الرجال مع النساء، لان هذا قانون خاص لهن فقط. ويعتبرون “سينقي” بأن مثل هذه النزاعات لا تتوقف إلا بها. وهذا في الواقع مؤشر واضح إلى أي مدى يتم إحترام المرأة في مجتمع شعب أورومو.
ولهذا، يجب حماية القيم الثقافية الأصيلة مثل هذه، وتعزيزها في كل مكان. كما يجب أن يمتد حماية القيم الثقافية الأخرى ليشمل المجتمعات الأخرى ودعمها وتطويرها في أنظمة تعليمية حديثة. كما ينبغي أن توليه الدوائر الحكومية وغير الحكومية ذات الصلة الاهتمام اللازم لهذه القيم. وأن نعتبرها مكونًا أساسيًا لتأمين السلام والاستقرار بين المجتمع.
ومن المتوقع، أن تقوم المؤسسات البحثية بدراسة هذه القيم وتوثيقها حتى تتمكن الأجيال الحالية والقادمة من استخدامها كوسيلة لحل النزاعات والصراعات بالوسائل السلمية، وحماية حقوق المرأة.
وأخيرًا، أود أن أغتنم هذه الفرصة لأتقدم بخالص شكري لأولئك الذين كرسوا وقتهم لكتابة هذا البحث الكامل لـ ” قانون سينقي” في البلاد وفي الخارج بلغات مختلفة. وآمل أن الكتاب الحالي الذي تم تقديمه لهذا الاجتماع باللغتين الأمهرية والإنجليزية سيتوسع ليشمل لغات أخرى أيضًا. كما أود أن أقدر منظمي هذا الحدث، وتلك المؤسسات التي تقدم الدعم المالي والخبراء الذين بذلوا جهودهم دون ملل وكلل وتحفظ لتحقيق هذا العمل فائق الأهمية.