معركة عدوة هي رمز لحرية اثيوبيا و أفريقيا والامريكان السود ككل !

تمكنت إثيوبيا -المعروفة بالحبشة آنذاك- من الحصول على اعتراف دولي بسيادتها الإقليمية بعد هزيمتها لإيطاليا في معركة عدوة عام 1896، كان انقلاب ساحة المعركة قد بلغ ذروته في نهاية الحملة التي وصفتها صحيفة نيويورك تايمز حينها بواحدة من أكثر الكوارث التي شاركت فيها الأسلحة الإيطالية، فالقوات الإثيوبية هزمت الغزاة على جبال عدوة. زيكرياس زيلالم -صحفي إثيوبي

كان لتلك الهزيمة المذهلة موجات صادمة حول العالم خاصة لهؤلاء الذين اعتبروا الأفارقة دائمًا مجرد عبيد للعمل من أجل الماكينة الاقتصادية للقوى الاستعمارية، أو “متوحشين غير منضبطين” مثلما أطلق عليهم الجنرال الإيطالي المهزوم أوريستو باراتيري.

امتد تأثير أحداث 1896 خارج إثيوبيا، فقد أصبحت ألوان العلم الإثيوبي الأحمر والأخضر والأصفر راية جماعية للأفارقة ورمزًا للمقاومة الإفريقية الرائدة، وبعد نصف قرن اعتمدت الدول الإفريقية المستقلة حديثًا تلك الألوان كجزء من أعلامها الوطنية.

ولدت ثمار الإيدولوجية من البذور التي زرعتها معركة عدوة، هذه البذور نبتت وعبرت المحيط الأطلسي أيضًا حيث كان الأمريكيون الأفارقة يخضعون لقوانين جيم كرو وسيادة المؤسسة البيضاء.

استلهمت القوميات السوداء مما رأته صراعًا مشابهًا للمستضعفين من إثيوبيا ضد القوى الأوروبية، كان النشيد الرسمي للرابطة العالمية لتنمية الزنوج “إثيوبيا؛ أرض آبائنا” وقد حصل مؤلفه الموسيقي الشهير المقيم في هارلم جوسيا فورد على دعوة للهجرة إلى إثيوبيا.

ذكر الباحث في الشؤون التاريخية بالمعهد الإثيوبي للدبلوماسية الشعبية، الأستاذ/ عباس الكوركي، بأن معركة عدوة هي رمز لحرية أفريقيا عامة كما أنها رمز لحرية إثيوبيا على وجه الخصوص.

تمكنت حملة لتجنيد المتطوعين للانضمام للمقاومة الإثيوبية من حشد الآلاف من بينهم 1500 على الأقل من هارلم وحدها و600 آخرون من تكساس وفقًا للقصاصات الصحفية من ذلك الوقت، في النهاية منعت الخارجية الأمريكية أي شخص من السفر وحظرت مشاركة مواطنيها في حروب أجنبية، لكن القليلون تمكنوا من ذلك ومن بينهم الطيار الشهير جون روبنسون الذي تولى قيادة القوات الجوية الإثيوبية الوليدة.

يقول المؤرخ والمولف الإثيوبي باهرو زويدي أنه خلال تلك الزيارة تبرع الإمبراطور بصليب أرثوذكسي مقدس من كنيسته إلى الكنسية الحبشية في هارلم والتي كان لها تاريخًا فريدًا يربط بين سكان البلدين.

يضيف زويدي: “أسس الكنيسة الحبشية في هارلم بحارة إثيوبيين وأمريكيون أفارقة رفضوا حضور الكنائس المنعزلة في ذلك الوقت، وأسسسو كنيستهم الخاصة المستقلة”.

جاء ذلك في مقابلة حصرية له مع مؤسسة والتا للإعلام، حيث ذكر الباحث، بأن معركة عدوة هي معركة للحرية وأنها معركة لعموم الأفارقة السود؛ كونها المعركة الأولى التي تقف أمام المستعمر وأمام الظلم الممنهج لهذه القارة السمراء من استعمار وسرق ونهب للثروات.

كما أشار عباس إلى أن المعركة كان لها الأثر الكبير في توحيد صفوف الإثيوبيين حيث انتفض الجميع في إثيوبيا وشارك الكل في هذه المعركة بلا استثناء، رجالا ونساءً من شتى القوميات، لتصبح المعركة بعد ذلك رمزا لحرية أفريقيا عامة ولحرية إثيوبيا خاصة.

وأضاف الباحث بأن للمعركة دلالات وعلامات بأنه يمكن للشعب المضطهد أن يتصدى لأي ظلم أو عدوان خارجي؛ كون أن المعركة رسمت للأفارقة وللدول التي تم استعمارها طريقا للحرية ومنفذا للنجاة والصمود والخروج من غياهب الاستعمار، حيث أنها ألهمت الدول المستعمرة لأن تناضل لأجل حريتها.

قال البروفسور آدم كامل: بعد انتصار معركة عدوا علي الايطاليين قام الأفارقة وتمردوا على الغزاة والمستعمرين، والتحرك لنيل الحرية والإستقلال عن الإستعمار.

وكان ذلك فخرا للأفارقة عموما، وإنتصارا للإثيوبيين. وكانت معركة عدوا ونتائجها مكانة كبيرة للإثيوبيين وعلى مستوى السود حتى في أمريكا. وكانت بداية إنتصار السود على البيض، وبداية التحرر والتحرك نحو الإستقلال، ومن ثم بدأ الإستعداد والتجهيز للإستقلال عن الإستعمار الغربي.

وقال البروفيسور آدم : إن معركة عدوا كانت مفتاح إنتصار السود على مستوى العالم في العهد الماضي والحاضر، وكانت نتائج معركة عدوا مصدر إعتزاز وفخر للحبشة على مستوى السود وفي العالم .

وفيما يتعلق ماذا يتعلم الإثيوبيون عن هذه المعركة وخصوصا فئات الشباب في الوقت الراهن قال البروفيسو آدم كامل: إن على الشباب أن يعيد البلاد إلى وضعها ومكانتها، وحقوقها، مشيرا إلى أن إثيوبيا لم تركع للإستعمار الغربي ، وهي الدولة الوحيدة التي لم يستعمرها الغرب، ويحتفل بهذا اليوم على مستوى الأمم المتحدة، والعالم كله، وإثيوبيا حرة وكفؤة بقواتها وطبيعاتها وتقاليدها دون أن تتعرض بالإستعمار الغربي. ولهذا، على هذا الجيل أن يعيد إلى مكانتها وسيادتها وعزتها وقوتها. وعليهم أن يكسبوا من معركة عدوا المعرفة من مكانة إثيوبيا وقوتها.

وأكدا البروفيسو آدام على أنه يجب أن يعد ويجهز في المناهج التعليمية معركة عدوا وانتصارها ومكانة إثيوبيا حتى يكون الجيل الجديد على معرفة ودراية كبيرة الاحداث التاريخية في الماضي ونقله إلى الجيل المستقبل ويبنى هذا الجيل على هذا الأسس، مشيرا إلى إنشاء سد النهضة وبداية توليد الطاقة الكهرومائية يؤشر إلى مكانة وقوة إثيوبيا. كما علينا أن نركز في التحدث على بحث الجامعات والمهاهد على مكانتها وقوتها.

وفي رسالته: قال البروفيسور آدام: إن على الجيل الجديد أن يركز على معرفة العادات والتقاليد  والثقافات الإثيوبية دينيا إسلاميا ومسيحيا، بدلا من التركيز والتتبع على العادات والقاليد الغربية، ووسائلها الإعلامية الإجتماعية، حيث إن هذه العادات والتقاليد تكون سلبية علينا. ولهذا، عليه أن يعرف هذا الجيل تاريخ أجداده الوطنيين.

يعتقد باهرو زويدي أن التاريخ يشير إلى امتلاك الإثيوبيين التزامات أخلاقية يجب أن يعترفوا بها، ويضيف: “نظرًا لكل هذه الروابط التاريخية الحميمية بين إثيوبيا والعالم الأسود بشكل عام والمجتمع الأمريكي الإفريقي بشكل خاص، يجب على الإثيوبيين أن يقفوا بجانب أخوانهم الأمريكيين الأفارقة في نضالهم لتحقيق المساواة والكرامة التي يستحقونها”.

 

 

Recommended For You

About the Author: Samaray Galagai

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *