” البحر مقابل النهر”

حان الآوان لمكافأتها لامعاداتها … هضبة إثيوبيا مصدر مياه لإثني عشرة دولة مجاورة

جوهر أحمد

تعتبر إثيوبيا ثاني أغني دولة مائياً في  القارة الإفريقية بعد دولة الكونغو الديمقراطية  وتعد منبعا ومصدرا للمياه لجميع دول الجوار الملاصقة والبعيدة  لأثيوبيا فالمياه السطحية المتجددة فى أثيوبيا تصل سنوياً الى حوالى 122 مليار متر مكعب يمثل مصدرها كميّةٌ كبيرةٌ من الأمطار تصل فى المتوسط إلى حوالى 970 مليار متر مكعب سنويا، وتحتوى اثيوبيا على اثني عشر نهراً  سطحيا و22 بحيرة ومخزونا  كبيرا من المياه الجوفية المتجدّدة ، وتتقاسم أنهارها الإثني عشر مع إثنا عشرة دولة تعبر إليهاهذه الأنهار لتصبح أنهاراً دولية ومع ذلك ظلت ولاتزال  بعض من هذه الدول معادية لإثيوبيا بكل ماتعنيه الكلمة وتعيق تنمية مواردها المائية  بكل ماؤوتيت من قوة وتحاصر إثيوبيا من خلال وكلاء لها من الدول المجاورة .

وتغذي هذه الأنهار الامطار الهاطلة على الهضبة الأثيوبية التي تبلغ حجمها 970 مليار م3 في العام، تمثل حجم المياه الخضراء والزرقاء «الامطار والمياه الجوفية والسطحية»، على الأراضى الأثيوبية، منها 450 مليار م3 سنويًا داخل حوض النيل فى أثيوبيا ، وعلى الرغم من أن حجم المياه الزرقاء المتمثل فى التصرف الطبيعى للأنهار التى تنبع من أثيوبيا، تعبرإلى خارج حدودها «قبل الشروع فى بناء السدود الأثيوبية»، يصل إلى أكثرمن 100 مليار م3 سنويا.

 الانهار الرئيسية فى اثيوبيا 12 نهراً تنقسم إلى أربعة أحواض رئيسية  : أنهار حوض كل من أواش ووابي- شبيلى وجنالي ويطلق عليه الصوماليون بعد عبوره الحدود الإثيوبية اسم “جوبا” وسميت ولاية جوبالاند الواقعة إلى الجنوب الغربي ويصب جنالي أو”جوبا” في المحيط الهندي عبر مدينة كسمايو الساحلية وجبي “أومو” وحوض النيل.

المصدر الرئيسى لحوض نهر أواش هو الهضبة الشرقية لاثيوبيا ويجرى هذا النهر لمسافةٍ طويلة قبل ان ينتهى به المطاف فى مجموعةٍ من البحيرات الصغيرة والمستنقعات في الحدود الأثيوبية مع دولة جيبوتى، وتغذي المياه الجوفية في جيبوتي وقد قامت أثيوبيا ببناء عددٍ من السدود عليه.

ويبدأ  حوض نهر جبي “أومو” رحلته من الهضبة الوسطى ويتجه الى الجنوب الغربى ويصبّ فى بحيرة تُرْكانا الحدودية بين اثيوبيا وكينيا. ويغذّى نهرجبي  “أومو” وقد قامت اثيوبيا ببناء سدٍ جلجل  جبي الأول على النهر ويُولّد طاقة كهربائية تصل إلى 185 ميجاواط، ثم سدٍ جلجل جبي الثاني على النهر لتوليد طاقة كهربائية تبلغ حوالى 420 ميجاواط. ومشروع  سد جلجل جيبي الثالث الذي يبعد عن العاصمة أديس ابابا بـ 440 كلم أحد المشروعات الرئيسية التي شيدتها إثيوبيا  على نهرجبي “اومو” في مجال مشروعات إنتاج الطاقة، وينتج المشروع طاقة كهربائية تصل إلى 1870 ميجاوات.

و هناك خمسة أنهار تنبع من إثيوبيا وتتجه نحو الصومال الشقيق  من بينها  نهر وابى شبيلى الذي ينبع  من الهضبة الوسطى من البلاد بإقليم أوروميا من مرتفعات”كوكوسا –بالي متجها نحو الشرق في البداية وهويشق منطقة بالي جنوبا ومنطقة أرسي شمالا ثم يتجه نحو الجنوب الشرقي ويبلغ طوله 2526 كم  .

ونهر جنالى “جوبا”  بطول بطول 877 كم مع رافده نهرداوا  الذي ينبع من جنوب مرتفعات إقليم سيداما   أحد المصادر التي تزود  الصومال  بالمياه وخاصة نهر وابى شبيلى الذي يخترق وسط الصومال يستخدمه الصوماليون في مجال زراعة الفواكه والخضروات وخاصة الموز الذي -اشتهرت به الصومال ومزرعة الموز في مدينة أفجوي الذي أنشأته  إيطاليا مصدرها نهر وابي شبيلى المتدفق من هضبة كوكوسا بمنطقة بالي وكذلك نهر ويبي من جبال  بالي الذي يعتبر من أهم الروافد  للأنهر المتجهة نحو الصومال الشقيق .

ولذا فإن الصومال الشقيق  يرتبط مصيره السياسي والإقتصادي والأمني والتنموي حاليا وفي المستقبل مثل “الإرتباط المائي “بإثيوبيا و الدول المجاورة له أكثر من ارتباطه بجامعة الدول العربية والدول الأعضاء فيها  بتوصية من الرئيس المصري جمال عبد الناصر حنيذاك وإقناعه بعض الدول العربية التي رفضت انضمام  الصومال  إلى الجامعة لالتقاء مصلحتيهما في إبقاء إثيوبيا منشغلة ومحاطة بمشاكل تعيقها عن مواردها المائية  .

وفي هذا الصدد يقول وزيرالدولة السابق  للشؤون الأفريقية في وزارة الخارجية الأمريكية تيبور ناجي  في مقابلة مع هيئة التلفزيون الإثيوبي  إن اتفاقية الوصول إلى الميناء البحري الموقعة بين إثيوبيا وأرض الصومال تحقق الاستقرار في منطقة البحر الأحمر و تؤدي إلى تأمين النقل على طول الممر و قدرة الصومال على السيطرة على سواحله وبسبب الحوثيين الذين يطلقون الصواريخ على السفن التي تمر عبرالممر مؤخرا.

وأعرب السيد ناجي عن أن إثيوبيا، باعتبارها دولة كبيرة ومهة  يمكن أن تساهم بشكل مطلق في استقرار البحر الأحمر إذا حصلت على ميناء وبحرية وأضاف أن  إثيوبيا  يمكنها أيضًا توفير التدريب للبحرية في أرض الصومال.

ووفقا للسيد ناجي فإن مذكرة التفاهم بين إثيوبيا وأرض الصومال  تعتبر بمثابة اقتراح مربح للجانبين إثيوبيا وأرض الصومال.

ومع ذلك، ذكر السيد ناجي أن تفاصيل الاتفاق النهائي بين الاثنين لم يتم الكشف عنها علنًا بعد، لكن الجوانب الطموحة نفسها إيجابية للغاية.و أن هناك دولاً تعارض هذا الاتفاق، منها الصومال ومصر والولايات المتحدة،لانها تنظر إلى الاتفاق من وجهة نظرها.

وأشار الدبلوماسي الأمريكي السابق إلى أن هذه الدول تقفز صعودا وهبوطا وتحتج على الصفقة لسبب أناني خاطئ لا علاقة له بالصفقة التي ستفيد المنطقة.

وذكر السيد ناجي أن مصر تعارض الصفقة بسبب خلافها مع إثيوبيا بشأن سد  النهضة “أباي” رغم أن الصفقة تخدم مصلحتها لأنها تساعد على ضمان الاستقرار على طول ممر البحر الأحمر الذي يسمح بحرية حركة السفن عبر قناة السويس.

وشدد السيد ناجي على أن الصفقة تصب في مصلحة الصومال لأنها تحقق استقرارًا أكبر عبر منطقة البحر الأحمر والمياه الساحلية مما من شأنه أن يقلل من القرصنة التي تجري على حساب الصومال.

ورأى أن الحكومة الصومالية لا تزال بحاجة إلى القوات الإثيوبية للسيطرة على أراضي البلاد واتخاذ بعض إجراءات مكافحة الإرهاب داخل الصومال.

 وتجدر الإشارة هنا إلى أن إثيوبيا ترغب في تنويع الوصول إلى موانئها حيث لا أحد يريد الاعتماد على ميناء واحد. وقال السيد ناجي: “إن دولة بها هذا العدد الكبير من السكان تقتصر على ميناء واحد وخط سكة حديد واحد ليس واعداً وعدلا وإنصافا للغاية”.

وليس من  الإنسانية ولا من حسن  الجوار توريث العداوة والبغض والكراهية  جيلا بعد جيل و ليس من العدل والإنصاف ألاتتشارك وتتقاسم بلدا وشعبا تتقاسم معه معه الدم والعرق والثقافة والعقيدة والحدود البرية التي تصل  طولها إلى 1600 كم وخمسة أنهار بحرك وموانئك التي  لا يستخدمها أحد غيرك وفقا لمبادئ الأخذ والعطاء والمنفعة والمصالح المتبادلة.

ألم يأن للصومال التخلي من وصف إثيوبيا واستخدام كلمة “العدو التاريخي “من قاموسها  السياسي ألم  يحن الوقت لتجاوز خلافاتها السلبية السابقة مع إثيوبيا التي تراكمت عبر السنين ولا تفيد البلدين في القرن الحادي والعشرين سوى عرقلة التعاون  بين البلدين بصدق وثقة وإخلاص  في  المجالات  السياسية  والأمنية  والتنموية  والتجارية التي من شأنها انتشال شعبي إثيوبيا والصومال من الفقر والتخلف والهجرة الشبابية ومخاطرها .

ومن الذي سيستفيد من بحر وموانئ الصومال إذا لم تستفد منها إثيوبيا منفعة متبادلة ؟ ومن أحوج وأحق إليها أكثرمن إثيوبيا التي تزود هضبتها الخيرية شعب الصومال بخمسة أنهارهي أساس الحياة له ولمواشيه.

و حان الآوان لمكافأة إثيوبيا لامعاداتها وهضبتها  خزان مياه ومصدر لإثني عشرة دولة مجاورة بمن فيها الصومال الشقيق التي نتقاسم معها خمسة أنهار.

Recommended For You

About the Author: Samaray Galagai