سمراي كحساي
تعتبر إثيوبيا ثاني أغني دولة مائياً في القارة الإفريقية بعد دولة الكونغو الديمقراطية وتعد منبعا ومصدرا للمياه لجميع دول الجوار الملاصقة والبعيدة لأثيوبيا فالمياه السطحية المتجددة فى أثيوبيا تصل سنوياً الى حوالى 122 مليار متر مكعب يمثل مصدرها كميّةٌ كبيرةٌ من الأمطار تصل فى المتوسط إلى حوالى 970 مليار متر مكعب سنويا.
وتمتلك اثيوبيا على اثني عشر نهراً سطحيا و22 بحيرة ومخزونا كبيرا من المياه الجوفية المتجدّدة ، وتتقاسم أنهارها الإثني عشر مع إثنا عشرة دولة تعبر إليهاهذه الأنهار لتصبح أنهاراً دولية ومع ذلك ظلت ولاتزال بعض من هذه الدول معادية لإثيوبيا بكل ماتعنيه الكلمة وتعيق تنمية مواردها المائية بكل ماؤوتيت من قوة وتحاصر إثيوبيا من خلال وكلاء لها من الدول المجاورة .
وفي هذا السياق عقد المركز الأفريقي للتميز في إدارة المياه وكلية العلوم الطبيعية والحاسوبية بجامعة أديس أبابا ورشة عمل حل اليوم العالمي للمياه 2024 تحت شعار “الاستفادة من المياه من أجل السلام”.
وفي حديثه في افتتاح ورشة العمل، أشار خبير في السياسة المائية إلى ضرورة وضع سياسة لإدارة المياه العابرة للحدود للاستفادة الكاملة من الموارد المشتركة وحمايتها والحفاظ عليها بين البلدان في جميع أنحاء العالم.
تحتاج إثيوبيا ومصر ودول المجرى العلوي إلى العمل معًا وتطوير سياسة عبر الحدود لتحقيق المنفعة المشتركة.
وفي حديثه مع صحيفة الإثيوبيان-هيرالد قال الدكتور يعقوب أرسانو خبير السياسة المائية إن أكثر من 57٪ من أفريقيا مغطاة بالمياه العابرة للحدود بينما يعبر 240 حوضًا للمياه العذبة الحدود السياسية في العالم.
ومع ذلك، لا يوجد نظام حوكمة عابر للحدود بقدر ما تكون المياه عابرة للحدود بين الدول.
و قال الدكتور يعقوب أرسانو إننا متأخرون ولهذا السبب، تتم إدارة المياه بشكل سيء في أحد البلدان بينما تتم حمايتها في بلد آخر.
وأكد على أن المياه تحتاج إلى إدارة وحمايتها والحفاظ عليها في نظام مرتب في جميع أنحاء الحوض، ولهذا السبب نعاني في حوض النيل.
وأشار الدكتور يعقوب أرسانو إلى أنه في حالة حوض النيل، فإن إثيوبيا، كدولة ذات سيادة، تقوم ببناء سد مثل مصر والسودان الذي بنته في بلديهما.
وشدد على أنه إذا أرادت مصر والسودان التعاون مع إثيوبيا، فيجب عليهما قبول أن إثيوبيا تتمتع بهذا الحق المصون.
وقال الدكتور يعقوب أرسانو إن من الضروري أن نفهم بشكل صحيح خصائص المياه العابرة للحدود. وشدد على أنه “لا يمكن لأي دولة أن تبني المزيد من السدود وتحتفظ بالمياه مجانًا بينما تطلب من الدول الأخرى عدم لمس المياه.
وأضاف الدكتور يعقوب أرسانو قائلا إن من المهم أيضًا ملاحظة أن تحديات إدارة المياه العابرة للحدود تشمل المصلحة الوطنية ومستويات التنمية وغياب الأطر القانونية والقوانين الدولية المتعلقة بالمياه.
وبالتالي، يمكن أن تختلف أولويات البلدان للأسباب المذكورة أعلاه والتي تجعل من الصعب جمع تلك الدول في مستوى واحد وإنشاء نظام حكم واحد لصالح الجميع.
وقال الدكتور يعقوب أرسانو إن من الممكن للباحثين والأكاديميين ومستشاري السياسات اغتنام الفرصة والمساهمة في استغلال الموارد المشتركة وإدارتها بشكل صحيح.
وشدد الدكتور يعقوب أرسانو على أن “أفضل شيء هو أن تجتمع مصر وإثيوبيا ودول المجرى العلوي الأخرى معًا لوضع سياسة وتطوير المياه العابرة للحدود لتحقيق المنفعة المشتركة.
ومن جانبه قال مدير مكتب الأبحاث بجامعة أديس أبابا، البروفيسور تاديس فتاحي، إن أكثر من 3 مليارات شخص في جميع أنحاء العالم يعتمدون على المياه التي تعبر الحدود الوطنية.
وأضاف أنه من بين 153 دولة تتقاسم الأنهار والبحيرات واحتياطيات المياه الجوفية العابرة للحدود مع الدول المجاورة لها، فإن 24 دولة فقط لديها ترتيبات تعاون تشغيلية.
وأوضح المدير أن “التعاون عبر الحدود في مجال المياه أمر ضروري، لا سيما في أفريقيا حيث يسقط 90 في المائة من المياه في مناطق مستجمعات المياه التي تعبر الحدود الوطنية ويمكن أن تصبح مصادر للصراع إذا لم تتم تسويتها”.
وقال البروفيسور إن هناك قيمة هائلة لإدارة المياه بشكل فعال عبر الحدود، مضيفًا أن هذا يتطلب القياس وتبادل المعلومات والثقة في استخدام الموارد المشتركة.
ووفقا له، يمكن للتعاون السلمي حول المياه أن يتدفق إلى جميع القطاعات من خلال العمل معا لتحقيق التوازن بين احتياجات حقوق الإنسان للجميع ويمكن أن تكون المياه قوة استقرار وحافزا للتنمية المستدامة.
وذكر البروفيسور تاديسي كذلك أن معالجة تحديات المياه المحددة التي تواجهها البلدان الأفريقية لا تتطلب زيادة الاستثمار في مرافق البنية التحتية فحسب، بل تتطلب أيضًا قدرة قوية في تنمية المياه وإدارتها بشكل سليم.
ومن جانبه، قال عميد كلية العلوم الطبيعية والحاسوبية البروفيسور تيلي فييسا، إنه من الضروري حل المشاكل المتعلقة بالجوانب المائية بطريقة تعود بالنفع على جميع الأطراف وتمكن من الوصول إليها.
وعلى الصعيد العالمي، لا يحصل أكثر من ملياري شخص على المياه الصالحة للشرب، وهو الأسوأ في أفريقيا، لذلك، “علينا أن نعمل بشكل تعاوني للتغلب على هذه التحديات لضمان الوصول إلى المياه والصرف الصحي لصالح المجتمعات.
وبالإضافة إلى ذلك، علينا أن نعمل معًا لوضع نظام لاستخدام الموارد المشتركة في نهج مربح للجانبين، مشيراً إلى أن الموارد محدودة، لكن عدد السكان، وخاصة في أفريقيا، ينمو بمعدل سريع، مضيفا أنه من المهم إدارة الموارد التي تلبي متطلبات السكان في القارة.