عمق ومتانة العلاقات الثنائية بين إثيوبيا والمملكة

**المملكة العربية السعودية قررت العفو العام عن المعتقلين الإثيوبيين والسماح للعودة إلى وطنهم

عمر حاجي

إن العلاقة الإثيوبية والمملكة العربية عميقة في التاريخ حيث ترتبط الحبشة في الذهن العربي عامة بحقبة الإسلام الأولى وهجرة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى دار الهجرتين، بالإضافة إلى أهمية إثيوبيا الاستراتيجية كقائدة في منطقة القرن والشرق الأفريقي.

وكان قد قام رئيس المجلس الأعلى الفيدرالي مع وفد يرافقه لزيارة رسمية للمملكة العربية السعودية. والتقى خلالها عددا من المسؤولين لبحث العلاقات بين البلدين، وتعزيز التعاون في مشاريع يخطط المجلس للقيام بها. بالإضافة إلى تسهيل إجراءات الحجاج والمعتمرين من إثيوبيا. كما تناول اللقاء بينهما بحث المسائل ذات الاهتمام المشترك إلى جانب عرض عدد من المشاريع الإسلامية التي يحتاج إليها المجتمع الإسلامي الإثيوبي.

وكان قد نوه معالي الوزير الدكتور عبد اللطيف آل الشيخ خلال اللقاء مع الوفد الإثيوبي إلى عمق ومتانة العلاقات الثنائية بين البلدين، والتعاون في مختلف المجالات. مؤكداً على أن المملكة العربية السعودية بقيادتها الرشيدة تمد يد الخير للعالم، وتسعى لإعانة المسلمين على أمور دينهم، مشيرا إلى أن المملكة هي العمود الفقري للمسلمين بالعالم.

كما نوه معاليه إلى الخدمات الإنسانية التي تقدمها المملكة لإثيوبيا .مؤكدا على أن الوزارة تعمل على بناء شراكات مع مختلف المجالس والجمعيات الإسلامية للتعاون على تحقيق الرؤى والتطلعات فيما يعزز العمل المشترك الذي يخدم المسلمين في العالم. مثمناً جهود وأعمال المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية الإثيوبي الذي يعد أكبر جهة رسمية لخدمة مسلمي إثيوبيا الذين يزيد عددهم على 60 مليون مسلم، حسب ماجاء ذكره ذلك.

وفي هذ السياق، أجرت صحيفة “العلم” مقابلة مع سماحة الشيخ حجي إبراهيم توفا رئيس المجلس الأعلى الفيدرالي للشئون الإسلامية الإثيوبي، حول هدف زيارة وفد المجلس الأعلى الفيدرالي برئاسته؟: وقال: إن هناك أهدافا نبيلة عديدة وكثيرة ومعروفة، منها، الدينية والإجتماعية والتنموية، فكان قد سبق للمجلس الأعلى الفيدرالي للشئون الإسلامية الإثيوبي طلب بناء المركز النجاشي في مدينة أديس أبابا قرب مقر الإتحاد الإفريقي الذي تم منحه للمجلس من قبل فخامة رئيس الوزراء الدكتور أبي أحمد.

كما ذكر، سعادة الشيخ حجي إبراهيم: أنه بناء على ذلك، قدمنا طلبا إلى سفارة اللمملكة العربية السعودية لدى إثيوبيا. وأرسلت السفارة طلبنا إلى بلادها مباشرة وبصورة خاصة إلى وزير الشئون الإسلامية والدعوة والإرشاد لمعالي الوزير الشيخ الدكتورعبد اللطيف بن عبد العزيز آل الشيخ. وعندما وصل خطابنا إليه، قدم لنا الدعوة بنفسه لزيارة المملكة وزيارة الاماكن المقدسة وأداء العمرة. وبناء عليه، كونا وفدا يتضمن تسعة أشخاص برئاسة رئيس المجلس الأعلى للشئون الإسلامية الإثيوبي.

وحين وصلنا إلى المملكة عين لنا الدكتور عبد اللطيف علماء وخبراء ومثقفين لإستقبالنا في مطار جدا الدولي بترحيب حار وبضيافة كريمة. وكانت زيارة هذا الوفد باسم وفد المجلس الأعلى الفيدرالي للشئون الإسلامية الإثيوبي بهذه الصفة تاريخية للمرة الأولى، وإن كانت هناك زيارة المجلس للمملكة سابقا. وجاء الوزير بنفسه وجلسنا معه جلسة مطولة، وعرضنا عليه هذين المشروعين الكبيرين على معاليه حفظه الله. كما أجرينا معه حورا حول القضايا المختلفة التي تهم البلدين وتعود بالنفع والفوائد لكلا البلدين.

وتوصلنا إلى التفاهم المشترك والإتفاق حول المشروعين المذكورين آنفا ورحب بها. وحول هذين المشروعين إلى الخبراء للدراسة، وبشرنا بالخير بقوله: سوف تسمعون النتائج عن قريب إن شاء الله. وكانت هذه الإتفاقية شفوية وليست إتفاقية كتابية معتادة. ولنا أمل كبير في أن يحقق لنا هذا المشروع بإذن الله.

ومن هذا المنطلق قمنا بزيارة المملكة، وأمامنا هدفين رئيسيين: الأول: هو بناء مشروع المركز النجاشي في مدينة أديس العاصمة، و ثانيا: مشروع تمويل مركز الأولية الذي كان سابقا ممولا من قبل رابطة العالم الإسلامي في المملكة لحوالي خمسة عشر سنة تقريبا، ثم توقف هذا التمويل. وسقطت هذه المسئولية على المجلس الفيدرالي  للشئون الإسلامية الإثيوبي على الرغم من أن هذا المجلس ليس لديه طاقة تمويل هذا المركز الضخم الذي يضم الخدمات الإجتماعية المختلفة، ومواصلة تقديم الخدمات الإجتماعية وممارسة الأنشطة التعليمية والتنموية حيث إنه أكبر مركز في إثيوبيا.

وأضاف رئيس المجلس قائلا: إن مركز الأولية، هو أول مركز إسلامي أسس في إثيوبيا وله ميزانية ضخمة، مشيرا أنه على الرغم من أن المجلس يعاني ظروفا صعبة لم يغللق هذه المركز عن تقديم وإعطاء الخدمات اللازمة للمجتمع، لم يظل ولا يزال حتى الآن يحاضن ويعالج ويتابع مواصلة تقديم الخدمات بقدر طاقته، إن لم تكن كافية بما هو المطلوب.

وبعد الإنتهاء من إجراء الحوار والإتفاق عليه قمنا بزيارة جميع الأماكن المقدسة في المملكة وأداء العمرة، بالإضافة إلى المشاركة في كسوة الكعبة المشرفة التي شرفنا الله بها في المشاركة بهذا المشروع الكبير والذي يتم سنويا. وهو مشروع كبير ومعروف عالميا، ومن ثم قمنا بزيارة المدينة المنورة، وزرنا ضريح المصطفى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وتمت هذه الزيارة في داخل الضريحة بفتح الباب لنا مثل زيارة الملوك الأخرى التي تأتي إلى هذه الأماكن المقدسة من بلدان شتى. وهذا، من فضل الله سبحانه وتعالى أولا، ومن ثم بفضل قيادة المملكة العربية السعودية التي أظهرت مدى إهتمام المملكة للمجتمع الإسلامي الإثيوبي خاصة ولبلاد الهجرتين بصورة عامة.

كما قمنا بزيارة قبور خلفاء الرشيدين رضي الله عنهم وأرضاهم الذين هم قرب ضريح النبي صلى الله عليه وسلم، وصلينا ما قدر الله لنا في مكان كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي فيه، الذي كان يقول النبي صلى الله عليه وسلم عنها: “إن ما بين قبري ومنبري روضة من رياض الجنة” أو كما قال عليه الصلاة والسلام. ودعونا الله سبحانه وتعالى هناك. كما قمنا بزيارة قبور الشهداء أيضا، وزيارة أول مسجد أسس عندما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة المنورة وغيرها من الاماكن المقدسة.

وكذلك، زرنا مجمتع فهد بن عبد العزيز للمصحف الكريم، وشاهدنا هناك كتبا مطبوعة باللغة الأمهرية المترجمة، وتفاسير مترجمة باللغة الأورومية. وهناعهدوا لنا بأن يزودونا بما يكفي ويغطي حاجة مسلمي إثيوبيا من المصاحف. كما أعطولنا من الجوائز المختلفة التي تعزز الروابط بين إثيوبيا والمملكة.  

وفيما يتعلق بتسهيلات الحجاج المسلمين الإثيوبيين ورفع عددهم، قال سعادة الشيخ إبراهيم: إن هذا المشروع له برنامج خاص تم تشكيل لجنة خاصة لهذا الغرض تقوم بالدراسة والتنسيق مع الجهة المعنية من وزارة الحج والعمرة في المملكة العربية السعودية، وما زالت تتواصل مع الوزارة من هنا وهناك. وقريبا خلال الأيام القادمة إن شاء الله ستذهب لجنة بخصوص مشروع ” الحج والعمرة” وتبحث مع الجهة المعنية في المملكة.    

وحول ما يخص المعتقلين أو المسجونين الإثيوبيين وأوضاعهم، قال سعادة الشيخ حجي: نحن طلبنا بزيارة المركز من السفير الإثيوبي نفسه ووعد لنا السفير، لكن كان ذهابنا من هنا على حساب وزير الشئون الإسلامية والدعوة والإرشارد السعودي والأمر في يده، ونحن في ضيافته، فلابد من التحرك وفق توجيهاته. فلذلك، لم يسامح لنا الوقت. ومع ذلك، هناك معلومات سمعناها مما يبشر بالخير ونأمل أن تتحقق إن شاء الله، فإن المملكة العربية السعودية قررت العفو العام عن المعتقلين الإثيوبيين والسماح للعودة إلى وطنهم، وبدأت الإجراءات اللازمة، ولكنها لم تنتهي هذه الإجراءات بعد. وستتم الإتفاقية مع سفيرنا في المملكة إن شاء الله.

وحول هل لديكم خطط مستقبلية لمواصلة الزرايات لبلدان عربية أخرى مثل الإمارات، التي هي الداعمة الكبيرة للبلاد من الجوانب المختلفة؟ قال سعادة الشيخ حجي إبراهيم: طبعا، هناك خطط، لكن نحن نعتمد أولا على الله، ومن ثم على أنفسنا وعلى شعبنا وعلى خيرات موارد بلادنا. ونحن أغنياء ونثق بالله من طلب الآخرين فلله الحمد. ونحن إذا نظمنا ورتبنا أنفسنا وشعبنا، فإن شعبنا سخي وغني جدا وملتزم بالدين فلله الحمد، مضيفا إلى أنه قد جاءت الوحدة التي تجمع شمل المجتمع الإسلامي الإثيوبي الذي كان مفككا ومتفرقا ومتشتتا، وقد زالت تلك الأمور، وجاءت التأليفات من الله سبحانه وتعالى. والتي ذكر الله فيها، ” لوأنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله….” .

وأما طلب الزيادة، فهناك بلدان تطلب منا الزيارة من البلدان المجاورة لنا والتي تتعاون معنا في مجال الإستثمار والتجارة والتنمية الإقتصادية في بلادنا. ونحن سوف نبني بلادنا دينيا ودونيويا وإجتماعيا وإقتصاديا. وسننسق بلادنا مع البلدان المجاورة لنا إن شاء الله  في كافة الأصعدة أكثر مما كانت عليه سابقا.

وحول الاسئلة: فيما يتعلق بالدعم والمساندة للنازحين والمشريدين المواطنين الإثيوبيين بسبب الحرب والجفاف وتأهيلهم، قال سعادة الشيخ حجي: إن هذا الموضوع مهم جدا، وأنه من لب موضوع مجلسنا في الوقت الراهن، ونحن عندما ذهبنا إلى السعودية طلبنا أن نزور مدينة الرياض حيث يوجد فيها مركز سلمان الخيري للإغاثة والدعم، وليس لنا هدف غير طلب العون والمساندة للنازحين والمتضررين بسبب الحرب والجفاف والقحط. ومع هذا، لم نتمكن من زيارة ذلك المركز بسبب ضيق الوقت. ولكن لا يزال أمامنا التحرك في هذا الصدد، ولا بد أن نقوم إلى جانب المواطنين المتضررين والنازحين بكل مالدينا من الإمكانيات المتاحة لدينا ومن الخارج أيضا.

وحول فيما إذا قدم المجلس الدعم للنازحين والمتضررين في وقت سابق:-

قال سعادة الشيخ حجي إبراهيم: نحن قد استلمنا هذا المجلس في وقت قريب كما هو معروف لدى الجميع، ولا أقول: إننا استلمنا هذا المجلس من الصفر، بل أسوأ من ذلك، إستلمنا مع عبئ ثقيل من الديون التي تصل إلى أكثر من مليار وسبعة مأة مليون بر. ولم نستطع أن ندفع هذا الدين، ولا نزال ندفه هذا الدين، وفي هذا اليوم بالذات دفعنا 10 مليون بر. وهي من دين الحجاج الذين دفعوا لأداء فريضة الحج لكنهم لم يحجوا ولم ترجع لهم أموالهم.  

 

Recommended For You

About the Author: Samaray Galagai

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *