عربو موحي
كشف سيد محمد العروسي، عضو البرلمان الإثيوبي ومستشار وزير المياه والطاقة،في مقابلة مع صحيفة العلم النقاب عن الرؤية الإستراتيجية لاثيوبيا في علاقاتها مع العالم العربي، وتطورات بناء سد النهضة، إضافة إلى مطالبة إثيوبيا بالحصول على منفذ إلى البحر الأحمر نظراً لأهميته الاقتصادية والأمنية في المنطقة.إليكم تفاصيل المقابلة كالتالي:
العلم: لماذا تعارض كل من مصر وإريتريا حصول إثيوبيا على منفذ على البحر الأحمر؟
محمد العروسي:أشكر لكم هذه الاستضافة بعد انقطاع طويل عن الإعلام. موضوع المنفذ البحري ليس مطلبًا جديدًا بل حق تاريخي لإثيوبيا التي كانت دولة ساحلية في السابق. لقد تبادلت مع دول المنطقة التجارة عبر البحر، والهجرة التاريخية للإسلام انطلقت من شبه الجزيرة العربية الي إثيوبيا فكيف أصبحت دولة حبيسة؟.
“التاريخ لا يكذب، والخرائط القديمة تشهد لنا، لا علينا. إثيوبيا كانت دولة بحرية تمتلك شواطئ ممتدة على البحر الأحمر، وكانت تمارس التجارة بشكل طبيعي مع الجزيرة العربية، واليمن، والحجاز. نحن نتحدث عن حضارة أكسوم التي كانت إحدى أعرق الحضارات البحرية في إفريقيا. لا يمكن أن نُحاصَر بالجغرافيا المصطنعة ثم يُطلب منا أن نرضى بهذا الوضع إلى الأبد”.
مصر وإريتريا تعارضان هذا التوجه لأسباب جيوسياسية. لكل منهما طموح في المنطقة، ومعارضة إثيوبيا تعني الدفاع عن نفوذ قديم. لكن من غير المنطقي أن تبقى إثيوبيا محرومة من منفذ طبيعي على البحر، لأن الأمن البحري لا يكتمل بدون وجودها كفاعل أساسي.
العلم : لماذا يعارض السياسيون المصريون اتفاقية إطار التعاون الاطاري الخاصة بنهر النيل؟
محمد العروسي: السبب واضح: الرغبة في الهيمنة. مصر تحاول التمسك باتفاقيات استعمارية قديمة حرمت دول حوض النيل من الاستخدام العادل للموارد المائية. رغم توقيعها على إعلان المبادئ، تراجعت عنه لاحقًا، وهو ما يكشف عن ازدواجية الموقف المصري. هدفها البقاء في موقع السيطرة على المياه، وليس بناء تعاون مشترك. “الاتفاقيات التي يتحدثون عنها – كاتفاقية 1929 أو 1959 – لم نكن طرفًا فيها. كيف يُفرض علينا احترام اتفاقات لم نوقّعها؟ هل يعقل أن تحكمنا معاهدات وُضعت في زمن الاحتلال الأوروبي؟ هذا منطق تجاوزه الزمن“.
العلم: هل تمثل مصر العالم العربي في مواقفها تجاه إثيوبيا وسد النهضة؟
محمد العروسي:نحترم مصر وعروبتها وتاريخها، لكن لا يمكن أن تنفرد بتمثيل العرب. العلاقات الإثيوبية مع الدول العربية متينة، وفي بعض الأحيان أقوى من علاقات مصر بها. نرفض أن تتحدث دولة باسم باقي الدول، وكل دولة لها لسانها ودبلوماسيتها. عندما أدرجت القاهرة ملف سد النهضة في جامعة الدول العربية، لم تقرأ بعض الدول حتى البيان الذي صدر باسمهم، وهو ما يعكس محاولات فرض الرأي بالقوة.
العلم: ما الفوائد المتبادلة من انضمام إثيوبيا كمراقب في جامعة الدول العربية؟
محمد العروسي: الانضمام خطوة استراتيجية. الدول العربية لا تستغني عن إثيوبيا، والعكس صحيح. الانضمام سيعزز التعاون السياسي والاقتصادي والدبلوماسي. لدينا علاقات تاريخية متجذرة مع العرب، ومن الطبيعي أن نكون جزءًا من هذه المنظومة، حتى ولو بصفة مراقب.
العلم: هل تعد إثيوبيا بيئة مناسبة للاستثمار العربي؟ وإن كانت كذلك، فما هي المجالات التي تستحق التركيز؟
محمد العروسي: نعم، إثيوبيا تعد من أفضل البيئات الاستثمارية في إفريقيا، رغم بعض التحديات الاقتصادية. الفرص كثيرة وغير مكتشفة، خاصة في مجالات الزراعة (مثل القهوة والعسل)، والمعادن، والصناعة. نحتاج إلى شراكة مع المستثمرين العرب لتأسيس قاعدة اقتصادية صلبة تدعم التنمية.
العلم: مصر تقول إن سد النهضة يهدد أمنها المائي. ما تعليقك بعد اكتمال بنائه؟
محمد العروسي: كل ما قيل عن تهديد الأمن المائي المصري ادعاءات لا أساس لها. المياه تنبع من الهضبة الإثيوبية، ومن حق إثيوبيا استخدامها بشكل عادل. نحن نرفض تشويه صورتنا وتضليل الرأي العام. إثيوبيا تعاملت مع هذا الملف بحكمة، وبددت الرواية التي كانت تروجها القاهرة.
العلم: ما تقييمك لدور قوات حفظ السلام الإثيوبية في القرن الإفريقي؟
محمد العروسي: قواتنا لعبت دوراً محورياً في حماية الاستقرار الإقليمي. شاركنا في السودان، دارفور، والصومال. ثقة إفريقيا في إثيوبيا كبيرة، وليس هناك من شك في مساهمتنا الإيجابية. رغم محاولات التشويه، يظل دورنا أصيلاً وغير مصطنع، ونجاحنا في حفظ السلام جزء من مسؤوليتنا الأخلاقية والإنسانية.
أود أن أختم بقصيدة أهديها إلى إثيوبيا وإلى جمهورنا الكريم:
بلادُنا الأبيّة، إثيوبيا البهيّة
تظلّ كل حينٍ بربها قويّة
بلادُنا حضارة، وأمة سميّة
طبيعةٌ خلابةٌ، وجنّة طرية
وأهل مصر إخوة، أواصر نيلية
لا تقلقوا من سدنا والنهضة الوطنية
الماء يكفينا معاً بمنابع حبشية
العلم: شكراً جزيلاً لك سيد محمد العروسي، عضو البرلمان الإثيوبي ومستشار وزير المياه والطاقة، على هذا الحوار الشيق والمعلومات القيمة.