لا يعرف أواش أرضاً يرويها سوى إثيوبيا، حتى أصبح يُعرف بـ”النهر الذي يعشق بلاده” متمدداً على ثلاثة أقاليم إثيوبية هي: أوروميا وشعوب جنوب إثيوبيا وإقليم عفار، شرقي البلاد.
وتشكل الأنهار الإثيوبية الـ11 وروافدها حضوراً دائماً في ثقافة وإرث الشعب الإثيوبي، فما عاد الأمر مصدر ماء لهم ولأنعامهم فقط وإنما جزءاً من ثقافتهم وحاضراً على متون الكتب التاريخية وبين أشعارهم وحكاياتهم وعلى رأسها نهر أواش.
وهو ما عبّر عنه الشاعر والكاتب الإثيوبي الراحل سجاي جبرمدهن، صاحب ديوان “إسات وي أببا” وتعني “النار أو الزهرة”، الذي صدر في عام 1974.
تناول الشاعر في ديوانه العديد من الموضوعات في هذه الحقبة، وتطرق إلى نهر أواش الإثيوبي الذي وصفه بـ”النهر الإثيوبي الأصيل” في إشارة منه إلى أنه النهر الوحيد من الأنهار العديدة في إثيوبيا، الذي لا يخرج عن نطاق البلاد.
وأضاف أن حب نهر أواش لإثيوبيا يظهر في التفافه حول مناطق داخل إثيوبيا فقط.
يبدأ النهر رحلة تدفقه من منطقة غرب شوا بـ”ميشا” في إقليم أوروميا غرباً، مروراً بمنطقة “جوراجي” في إقليم شعوب جنوب إثيوبيا، لينعطف مرة أخرى في زيارة حب لمنبعه الأول بإقليم أوروميا ولكن هذه المرة يروي بمائه مناطق جديدة في الإقليم هي “أرسي، وكريو ومتهارا”، مختتماً رحلته في أقصى الشرق عند منطقة أفامبو بإقليم عفار.
ولعل اختيار نهر أواش ختام رحلته بإقليم عفار لم يكن من فراغ حيث تعرف تلك المناطق بكثبانها الرملية وأراضيها المسطحة، فهي كفيلة بأن تستقبله وتستوعب عنفوانه دون أن يحتاج إلى تدفق خارج البلاد التي يعشقها كما أشار الشاعر الإثيوبي الراحل في ديوانه خلال حديثه عن نهر أواش.
وإثيوبيا التي تعرف بنافورة شرق أفريقيا تتمتع بالعديد من الأنهار والمسطحات المائية والوديان، حيث تهطل الأمطار فيها بأماكن مرتفعة على امتداد 3 أشهر وربما أكثر في يونيو ويوليو وأغسطس.
وتصل تدفقات نهر أواش في سبتمبر وأكتوبر ونوفمبر إلى مستويات عالية متمدداً في مناطق شاسعة، وعادة ما يهدد حياة الكثيرين بالمناطق التي يمر بها.
ويغذي النهر بشكل كبير محطة أواش 3 لتوليد الطاقة التي توفّر للبلاد 32 ميجاوات، والتي يعود إنشائها إلى ما قبل 50 عاماً.
ومشاريع الطاقة الثلاثة التي جرى إنشاؤها على نهر أواش، تصل قدرتها الكلية من تولد الطاقة الكهربومائية نحو 107 ميجاوات.
كما أن سكان منطقة “أسائتا” بإقليم عفار يستغلون هذا النهر للأغراض الزراعية حيث يزرعون القمح ومحاصيل أخرى عبر الري، وكذا الحال في منطقة غمي بإقليم عفار على الحدود مع دولة جيبوتي، حيث يستخدم أهل هذه المناطق نهر أواش في صيد الأسماك.
أعلن مساعد المدير العام لهيئة حماية التراث الإثيوبية ، البروفسور أبّيو أيالو ، أنه تم تقديم طلب لتسجيل حوض أواش العلوي كموقع تراث عالمي .
وقال مساعد المدير لوكالة الأنباء الإثيوبية ، إنه تم تسجيل العديد من التراث الإثيوبي كمواقع للتراث العالمي ، مؤكدا على أنه تم تقديم طلب لتسجيل منطقة حوض أواش العلوي ، ضمن قائمة التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو).
وأوضح أيالو أن حوض أواش العلوي عبارة عن منطقة تحتوي على أدوات حجرية قديمة استخدمها الجنس البشري القديم وتعرف باسم “هومو هابيليس”.
وأضاف أنه تم تقديم طلب تسجيل حوض أواش العلوي لدى اليونسكو وإدراجه في قائمة المرشحين ، موضحا على أن العمل جار على تنظيم المعلومات المتعلقة بالمنطقة بالتعاون مع منظمة رسم الخرائط الإثيوبية.
ويذكر أن إثيوبيا سجلت العديد من التراث غير المادي والملموس في قائمة التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو).
ومن بين المواقع التراثية التي سجلتها إثيوبيا كنائس لاليبيلا ، منتزه جبال سيمين الوطنية ، قلعة فاسيل ، أكسوم ، مدينة هرر جغول القديمة ، أحجار طيا.
ويشمل حوض أواش السفلي أيضًا ، على موقع وادي أومو الأثري السفلي ، ومناظر كونسو الطبيعية ، بالإضافة إلى العديد من المواقع التراثية الأخرى.
من جانبه قال رئيس متحف ملكا كونتور للتراث لما قبل التاريخ تسفاي تسمَا ، أن ملكا كونتور متحف ومركز أبحاث يضم مجموعة من مواقع لما قبل التاريخ الواقعة في حوض الأواش العلوي.
وأضاف أن منطقة حوض أواش العلوي تقع على بعد 50 كيلومترًا جنوب أديس أبابا وهي موطن للقطع الأثرية القديمة التي يبلغ عمرها 1.8 مليون سنة.