سد اباي يتيح فرصة تاريخية لإعادة تشكيل إدارة الموارد المائية في المنطقة

 

سمراي كحساي

 

يتيح سد أباي الإثيوبي فرصةً هامةً لتشكيل مستقبل إدارة موارد المياه في المنطقة، وفقًا لخبراء في هذا القطاع.

ومن المتوقع افتتاح سد أباي الإثيوبي، أكبر سد للطاقة الكهرومائية في أفريقيا، في سبتمبر المقبل، بعد أن تغلب على تحدياتٍ متعددة بدءًا من التصميم وحتى البناء، بما في ذلك النزاعات الجيوسياسية.

وفي مقالٍ تحليلي نُشر بتاريخ 10 يوليو 2025، على موقع الجمعية الأمريكية للمهندسين المدنيين، سلّط الدكتور أسيفا م. ميليسي، أستاذ هندسة موارد المياه في جامعة فلوريدا الدولية، والدكتور أليمايهو جبريل، رئيس قسم موارد المياه في شركة Entech للمهندسين المدنيين، الضوء على الفوائد الوطنية والإقليمية للسد.

ووفقًا للباحثين، يُمكن أن يُشكّل سد أباي حافزًا لتعزيز التعاون في حوض النيل، لا سيما في مجالاتٍ مثل تداول الطاقة وإدارة موارد المياه. كما قد يُعزز تكاملًا اقتصاديًا أعمق في شرق أفريقيا، مما قد يُحدث تحولًا في الديناميكيات الإقليمية.

صرح الخبراء بأن السد الضخم يمثل إنجازًا هندسيًا هائلاً ومشروعًا تحويليًا لكل من إثيوبيا ومنطقة شرق إفريقيا. وهو يجسد التفاعل المعقد بين طموحات التنمية الوطنية وإدارة الموارد الإقليمية في القرن الحادي والعشرين.

وُضعت الاتفاقية الإطارية، التي دخلت حيز التنفيذ رسميًا في أكتوبر 2024 بعد سنوات من المفاوضات، من قِبل مبادرة حوض النيل، وهي شراكة حكومية دولية بين دول حوض النيل.

وأشار الخبراء إلى أن هذا التطور التاريخي يُنشئ لجنة دائمة لحوض نهر النيل لتنسيق إدارة المياه العابرة للحدود، على الرغم من تردد مصر والسودان في توقيع الاتفاقية.

وكتب الخبراء أنه في حين أن السد يوفر فوائد محتملة كبيرة من حيث توليد الطاقة والسيطرة على الفيضانات والتنمية الاقتصادية، فإنه يُبرز أيضًا تحديات إدارة موارد المياه العابرة للحدود في عصر تغير المناخ وتزايد ندرة المياه.

في نهاية المطاف، أكدوا أن قصة سد أباي لا تقتصر على مجرد سد، بل إنها تتعلق بمستقبل التعاون الإقليمي والتنمية المستدامة والتوازن الدقيق بين الاحتياجات البشرية والحفاظ على البيئة في أحد أقدم أحواض الأنهار في العالم.

بالإضافة إلى وظيفته الأساسية في توليد الطاقة، أوضح الخبراء أن سد أباي يخدم أغراضًا حيوية متعددة، مثل التحكم في الفيضانات، وتنظيم تدفق النيل الأزرق، والتخفيف من حدة الفيضانات المدمرة في دول المصب، وخاصة السودان.

ومن المتوقع أن تعزز قدرات السد المُحسّنة في إدارة المياه الإنتاجية الزراعية من خلال تحسين الري، مما يعود بالنفع على المنطقة ككل. ومن الناحية الاقتصادية، يُمثل سد أباي فرصة كبيرة لإثيوبيا لزيادة عائداتها من العملات الأجنبية من خلال تصدير فائض الكهرباء، وبالتالي دفع عجلة النمو الاقتصادي العام، وفقًا لما أشار إليه المقال.

وربما الأهم من ذلك، من منظور وطني، أن هذا السد الضخم يُعد رمزًا للفخر الإثيوبي والاعتماد على الذات، مما يُظهر قدرة البلاد على تنفيذ وتمويل مشاريع البنية التحتية واسعة النطاق بشكل مستقل. وأشار الباحثون إلى أن هذا يُمثل تحولاً كبيراً من الاعتماد على المساعدات الخارجية إلى نموذج التنمية الذاتية.

ومع ذلك، فقد حذّروا من أن وضع خطة تشغيل شاملة للخزان أمر بالغ الأهمية مع بدء تشغيل السد بكامل طاقته. يجب أن توازن هذه الخطة بين احتياجات إثيوبيا من توليد الطاقة والتنمية، والتدفقات البيئية في اتجاه مجرى النهر والطلب على المياه، إلى جانب التطورات المستقبلية في موارد المياه في اتجاه مجرى النهر. وأضاف الباحثون أن التقييمات المستمرة للنظم البيئية النهرية، محلياً وداخلياً، ضرورية للإدارة المستدامة لموارد المياه والبيئة.

ويقع السد، الذي يُولّد أكثر من 5000 ميغاواط من الكهرباء، في  اقليم بني شنقول-قموز على بُعد حوالي 20 كيلومتراً شرق الحدود السودانية. والهدف الرئيسي من المشروع هو تلبية الحاجة الملحة إلى كهرباء موثوقة لسكان إثيوبيا المتزايدين والمنطقة ككل.

Recommended For You

About the Author: Samaray Galagai