الآثار الإسلامية القديمة في مدينة هرر

 

سفيان محي الدين

إن أثيوبيا تمتلك عدة  آثارإسلامية  ومسيحية  وأيضا تمتلك إمكانيات سياحية ضخمة وذلك باعتبارها  مركزا  للحضارة القديمة الإسلامية  والمسيحية ،ومن بينها  حضارة أكسوم وهي واحدة من أقوى إمبراطوريات العالم القديم، فإن لتراثها الثقافي والتاريخي أهمية سياحية هائلة ليس في اثيوبيا فحسب بل هي أصل البشرية حيث تم العثور على سلف الإنسان لوسي ، المعروف علميًا باسم أسترالوبيثكس أفارينسيس. وكما تعد قلعة مدينة هرر التاريخية ، وقصر جوندر المحصن ، وكنائس لاليبيلا المحفورة في الصخر ، وكهف صوفي عمر ، ومواقع أخرى أثرية ، ومنخفض الدناكل تعتبر من المناطق الجذابة السياحية والثقافية والطبيعية الأخرى ،هي من بين النعم التي لا حصر لها من الآثار والمواقع السياحية  الجذابة  في  إثيوبيا.

أجرى مراسل صحيفة العلم مقابلة مع الأستاذ زاهد زيدان سفير السياحة في مدينة  هرر حول الآثارالإسلامية القديمة وجاء الحوار كالتالي:  .

العلم : نبذة قصيرة عن مدينة هرر الإسلامية ؟

الأستاذ زاهد : مدينة هرر الأثيوبية  تتمتع  بهوية  عمرانية  فريدة من نوعها  وميزاتها الخاصة  عن مدن الشرقية في إفريقيا ، حيث عرفت المدينة  بطابعها  الإسلامي والعربي ،وبتاريخها  يمتد إلى أكثر من 1000عام . وتتميز هرر بتخطيط  معماري مميز ، وهي مدينة  محصنة  ويحيط بها سور كبير مبنى  من الحجارة  واللبن  ويصل ارتفاعه إلى 4 م ويعرف  “جوغول ” وقد بناه الأمير نورالدين مجاهد في القرن السادس عشر  ميلادي  ، ويشكل  هذا السور عنصرا  دفاعيا مهما  للمدينة ، يدعمه  عدد الأبراج  الدفاعية  في المدينة ،ويطلق  الكثيرون  عليها “مدينة السلام  والتعايش السلمي  “حيث تشتهر  بالتعايش الديني  والقومي  المختلفة  في محبة  وسلام  ، ونتيجة لذلك تسلمت  المدينة  جائزة  من قبل  اليونسكو التراث العالمي  غير الملموس  لما قدمته  من خدمة  إنسانية  كمدينة  السلام والتعايش السلمي .

العلم : حدثنا عن ادراج  الآثار الإسلامية في مدينة هرر  ضمن  الآثار العالمية ؟

الأستاذ زاهد زيدان سفير السياحة في إقليم هرر: إن آثار قلعة مدينة هرر معترف بها  لدى منظمة اليونسكو منذ عام 2004 م وهي ضمن  الآثار العالمية الإسلامية  وتعتبر تلك الآثار هي إسلامية إيكولوجية يعود تأسيسها قبل  الإسلام بعام 800 ،وأما بالنسبة للآثار الإسلامية في مدينة هرري لديها كنز من أقدم المخطوطات في العالم وتوجد  في متحف الدكتورعبد الله الشريف -وهو مالك متحف يضم مجموعة كبيرة من الموروث الثقافي لشعب هرر- ،و كما توجد أيضا  في آيادي المواطنين وتعود عمرها  أكثرمن 1375 م ،وأيضا 1720  للبعثة ،وتعود تلك الآثار المخطوطة عام  42 من التاريخ الهجري وكتبت  تلك المخطوطات  من القرآن بخط الرقة  غير المنقط كتب بها  القرآن آنذاك  قبل إمتزاج العرب بغيره لأن ميزات العرب القح  بقراءة  اللغة العربية  بدون خطأ  قبل الإختلاط مع العجم  ،وأن مدينة هرري وآثارها  العريقة تعتبر أقدس آثار  إسلامية  بعد مدينة مكة المكرمة والمدينة المنورة ، وبيت المقدس، وتبلغ  مساحة (جوغول) 60 هكتارا و 60 ألف متر مربع، وتوجد في مدينة هرر99 مسجد او زاوية من القرآن الكريم  لأنها  تنسب إلى  أسما ء الله الحسني  (99)   ومن هنا يتكون  (جوجل  لمدينة هرر)  خمسة أبواب  ولذا  يسمى قلعة مدينة هرر كدلالة بأركان الإسلام  الخمسة  والصلوات الخمسة وهذه الأرقام  لم يأتي  بصدفة وهي أسس  قائمة ودائمة على  أن يعرفها  الشعب المسلم عن الإسلام وكان معرفته  أهمية يفرض على  المسلم  والمجتمع الإسلامي ، وإنما هي دلالة على  الأركان الإسلام ، وأن مدينة هرر تحتفظ بأسوارها القديمة على مستوى  العالم الإسلامي ، وتسميتها  أيضا تسمي خمس(مدبات ) والعامية (بالتكوات) والهرر في وقتها  تعتبر منارة وقبلة الإسلام و المسلمين الراغبين للعلوم  الشرعية وخاصة على مذهب الإمام الشافعي ،هم  يأتون  من حضرموت اليمنية وعلى سبيل المثال  قبيلة  البعلوية من الإئمة  في العصور المتأخرة  ويتعلمون العلوم الشرعية في مدينة هرر ،وكان الهرريون أيضا ينتقلون إلى  المغرب لأجل حفظ القرآن الكريم  ،وهناك مدرسة شاطبية قديمة جدا أصولها مغربية وكانت أيضا التجارة الهررية  هي واحد ة مما دعت الهرريين  بحجم  المدينة وقلة سكان هذه  المنطقة  ،ولكن هم في فترة من الفترات فازوا  وكانت مدينتهم هي عاصمة  “سلطنة عدل”وهذه هي التي نعشت بعد مملكة” إيفات” التي هي  أول امبراطورية إسلامية ليس كاثيوبيا الحديثة  فقط ،ولكن  في شرق القارة  السمراء وبالتحديد  وكان العلماء يخرجون  من سلطنة  العدل لأجل جني ثمار العلوم الشرعي والإقتطاف من  مصر ،و فاس ،والقرطاج التونسية  لأن هذه المدارس الثلاثة هي مذهب الإمام الشافعي والمالكي ، ومن هنا ينتسبون الأثيوبيون  بأغلب المذاهب في أثيوبيا،ومن هنا انطلقت المنظمة بإضافة المدينة مع سورها  وبنائها القديمة  كمتحف تراث عالمي كعصر قديم وهوعصر قبل 500عام في بداية الدولة العثمانية في أثيوبيا .

العلم: هل دخل الاسلام في وقت مبكر الي مدينة هرر وما هي علاقة ارتباطه بهجرة  الصحابة الكرام  إلى ارض الحبشة ؟

الأستاذ زاهد : هرب الصحابة  الكرام من إيذاء قريش  بأمر من الرسول  صلى الله عليه وسلم  حين قال إذهبو إلى الحبشة  وأن الحبشة  أرض صدق فإن فيها ملك عادل لايظلم عنده أحد، ومن هنا قد إلتجؤا  الصحابة  الكرام  فرارا بدينهم من مكة المكرمة عبر موقع  شعيب  ومن شعيب  إلى ميناء مصوع  الإرتيري وآنذاك كان  الموقع الإرتري تابعة لأثيوبيا   وجاء الصحابة الكرام كما ذكر ابن كثير بأن صحابة  الكرم جاؤا عبر منطقة عفر ،والمنطقة الشرقية الصومالية  والتي تسمى في الوقت الحالي “صومالي لاند ” منطقة زيلع  ومن بينهم الذين جاؤا  عبر  هناك  السيد  الزبير بن العوام  وتلقو مع عثمان بن عفان رضي الله عنه وزوجته رقية وتيمنا بها سموها” مدينة هرر” رقية هرر”،حكمة هرر،إيمان هرر،والذي يطلق عليها بعض الناس ،لغة أدرية ،ومن ثم انتقلوا الصحابة الكرام إلى مدينة  هرر ومكثوا  فيها حوالي سبعة أشهر فقط  ومن هنا أخذوالإسلام من سيرتهم  وأعمالهم  وليس بالدعوة أثناء إتجاههم إلى موقع النجاشي في اقليم تجراي ،ودخل  الإسلام  إلى الحبشة ،وإذا حين  نقارن مع البلدان  الأخرى  وعلى سبيل المثال  دخل الإسلام قبل بلوغ  الإسلام  إلى فلسطين ، والعراق  ومصر وإيران ،ولذا أخذت بلاد  الحبشة الإسلام  رغبة وليس بعنوة  وهذه المنطقة الحبشية  ككلها وهكذا إنتشر الإسلام في البلاد آنذاك.

 

العلم :أهميتها لجذب السياح إلى البلاد ؟

الأستاذ زاهد : مدينة هرر كانت كموقع سياسي  قبل أن تكون مدينة سياحية وكانت هي كيان مستقل تحكمها حين إنشائها  “مملكة سلطنة  عدل “،وكانت جاذبة للسياح  واستقبال طلبة العلم ،ثم بعد ذلك  تجذب السياح بتاريخها العريق وبسورها وارتباطها بالإسلام، وأيضا بطريق التفكير أهاليها بصكة عملتة الهررية المعروفة  وهي أول عملة صكت في إفريقيا بصفة عامة هم الهرريون  قبل أن يصك الإغريقيون  العملة أوينقلوا من إيطاليا إلى مصر حتى صكت  في هررعملة غير إسلامية وهنالك أقدم عملة متواجدة  التي صكت في هرر تعود الي عام   121 للبعثة وهو ما يعادل  بتاريخ الهجري  102وهناك  عملة غير اسلامية  لدى الهرريين  تعود أعمارها  1700أو، ألف وستمأئة عام  وهذا ما يعطي  للإقليم وللمدينة  بصفة عامة  أهمية كبيرة للسياحة  الإقليمية وهرر أيضا  تعرف مدينة التعايش السلمي مع القوميات والأديان  السماوية  وليس التعايش السلمي في البشر فحسب بل مع الحيوانات المفترسة  وعلى سبيل المثال مع الضباع  وتعيش بسلام وأمان  وهذا مايجعل  المنطقة جذابة  للسياح  وتفيد نفسها وتفيد البلاد عامة .

العلم : ماهي الخدمات للسياح في مدينة هرر  ؟

الأستاذ زاهد : خدمات  السياح  موجودة  منذ زمن قديم  وكانت هرر تستقبل  الأجانب من طلبة العلم الذين يأتون من حضر موت ، والمغرب في القرون الوسطى قبل(  1700عام )  ولكن هنالك  تقصير من جانب  الفنادق ينقصها الخدمات العامة من الدقة والعدد ولهذا السبب يجب وينبغي ولابد من قبل  الحكومة الفيدرالية  في أثيوبيا ،وخاصة حين رأينا  دعوة  رئيس الوزراء الدكتور أبي أحمد  عند إصدار كتابه الأخيرعندما وسلم رئيس  إقليم هرري السيد أوردين  بدرالدين  حين قال له لابد أن تجمع التبرعات وتقدم الدعم اللازم من الحكومة الفيدرالية  بهدف تنشيط السياحة الأثيوبية ،ولذا تعتبر مدينة هرر ،ومركز النجاشي  الأثري كلاهما  قبلة  ومنارة  لأكثرمن مليار و 300 مليون شخص يهتمون بهما وخاصة  الذين ينتمون المذهب  الإمام  الشافعي والطريقة الصوفية والقادرية  وهم يهتمون في هذا المجال و نتمنى أن يتم تطوير أنشطة السياحة  مع إدارة الثقافة والسياحة  بقيادة  الدكتو أبي أحمد  ورئيس  إقليم  هرري السيد أوردين بدري حتى  تزدهر المنطقة و البلاد عامة.

العلم : كيف كان المواطنون في مدينة هررفي مجال  ترحيب  استقبال السياح بحفاوة ؟

الأستاذ زاهد : إن تسمية هرر مدينة السلام  والتعايش السلمي أطلقه  الكثيرون ممن أتو إليها  حيث تشتهر بالتعايش  الديني ،كما تعيش فيها عدة قوميات مختلفة بمحبة وسلام.

العلم: ما دور موقع  السياحة في مجال خلق فرص العمل  للمواطنين  المحيطين  في تلك المنطقة ؟

وأكد الأستاذ زاهد في مجال خلق فرص العمل مثلا إذا أنت بنيت فندقا يتكون بأربعين غرف أوخمسين غرفة فلابد أن يوظف الفندق أقل من عشرة موظف الذين يعملون في خدمات  الفندق سواء كان  في مجال الحسابات أوالنظافة أو في خدمات المطعم  فهذا المثال يخلق فرص العمل لهذه المنطقة ومن هنا تحققت  خلق فرص العمل  لسكان المحيطين بموقع الآثار وخففت  هذه الفرص  العبئ الثقيل على إدارة  خلق فرص العمل  للشباب وفتحت عدة مجالات في خلق فرص العمل في شتى المجالات  بكل أنواعها ،كما مثال حي يقتدى به في مجال خلق فرص العمل  للأقاليم الأخرى .

العلم :ما دور الموقع الأثري والإسلامي في مجال جذب العملات الصعبة  للبلاد ؟

الأستاذ زاهد : أنا كسفير للسياحة في الإقليم وكمبعوث مع عدة دول أخرى وعلى سبيل المثال الجمهورية التركية الشقيقة ،علما بأن  لديها أول قنصلية في مدينة هرر قبل أن تكون دولة  تركية منذ زمن قديم وذلك في عهد الدولة  العثمانية وهناك إرتباط وثيق معها و لدى منطقة هررهناك الملحق البريطاني والفرنسي وعليه  ،هي من إحدى العوامل الرئيسية في  مجال جلب العملات الصعبة سواء كان الدولار، أو يورو، أوالريال أوالدنانير إلى البلاد وهم يحملون العملات الصعبة وهذا الكم من العلاقات الإسلامية لها دور بارز في جلب العملات الصعب منذ عهد قديم وحتى إلى وقتنا الحاضر.

 

 

 

 

Recommended For You

About the Author: Samaray Galagai