جوهر أحمد
تساهم إثيوبيا بشكل كبير في التكامل الاقتصادي والاجتماعي للمنطقة من خلال توفير الكهرباء لدول الجوار والحفاظ على السلام وتوفير المياه لجيبوتي.
فإذا هي تفعل كل هذا من أجل المنطقة، فلماذا يعتبر الأمر مستحيلاً عندما تطلب من آخر؟ لماذا بدا الاتفاق بين إثيوبيا وأرض الصومال وكأنه تهديد؟ لقد ساهمت إثيوبيا في المنطقة وكيف ينبغي أن يكون شكل النظام الدبلوماسي بهذا الشأن؟ القضايا التي يقولون مشكوك فيها.
ويقول في هذا السياق الدكتورعبده محمد علي أستاذ وباحث في التاريخ والشؤون الدولية بجامعة دلا، إن القرن الأفريقي له دور مهم ليس فقط لإفريقيا ولكن أيضًا في الجغرافيا السياسية العالمية.
وتقوم إثيوبيا، التي لها دور مهم في المنطقة، بتوفير المنتجات الزراعية والموارد المختلفة للمنطقة. وهكذا يقول الباحث إن إثيوبيا لا تشكل تهديدا للمنطقة بل نعمة. ويقولون إن دور الخطوط الجوية الإثيوبية في التواصل مع المجتمع الدولي باعتبارها بوابة القرن الأفريقي والركيزة الاقتصادية للمنطقة لا يمكن الاستهانة به.
يوضح الدكتور عبده أن الفوائد الاقتصادية والسياسية المترتبة على اتفاق أثيوبيا مع أرض الصومال عظيمة، ولكن الشكاوى من مختلف الأطراف خاطئة. وأن كل من له مصالحه الخاصة في المنطقة يشعر بالقلق إزاء هذه القضية، وأنهم لا يعتبرون مساهمة إثيوبيا في المنطقة.
وسبب التهديد بالاتفاق هو أنه إذا تمكنت إثيوبيا، التي ظلت غير ساحلية منذ أكثر من 30 عاما، من الوصول إلى خليج عدن والبحر الأحمر، فإنها ستصبح المركز الاقتصادي للمنطقة، والقوات الجوية الإثيوبية سيتم تجهيزها بمعدات حديثة وستصبح البحرية ملك البحر غدًا. ويوضحون أن القوى القريبة والبعيدة التي تهددهم نشأت من كل مكان.
وكانت إثيوبيا تعتمد على ميناء جيبوتي لمدة 33 عاما؛ وسيكون من السذاجة الاعتقاد بأن جيبوتي ستكون سعيدة إذا تغير هذا الآن. ويشير الباحث إلى أن إريتريا والصومال لديهما بوابات بحرية خاصة بهما، لذا فهما يريدان تقاسم البحر، أما إثيوبيا فلها بوابة بحرية وهي قوية في القطاعين الاقتصادي والعسكري.
ويشير الدكتور عبده الى أن استخدام إثيوبيا للبوابة البحرية وإنشاء قاعدة عسكرية هناك سيغير التوازن العسكري والاقتصادي في المنطقة.
ووفقاً للدكتورانتنه جيتاتشو المدير التنفيذي والباحث في شؤون دول الآسيوية والمحيط الهادئ في معهد الشؤون الخارجية فإن إثيوبيا تريدأن تكون مركز القوة في المنطقة من خلال الحفاظ على السيادة الاقتصادية والوحدة.
هناك عناصر في المنطقة والقارة وعلى المستوى الدولي لا تنام من أجل إثيوبيا. ولهذا السبب، يقولون، من الضروري فهم ترتيب القوى في المنطقة وعلى المستوى الدولي، والقيام بعمل دبلوماسي قوي مع مراقبة التغيير الجيوسياسي بطريقة تحترم المصلحة الوطنية للبلاد.
فالدبلوماسية لا تعمل فقط مع حكومة دولة ما، بل أيضا مع العديد من المنظمات الدولية والأفراد المشهورين والعديد من الجهات الفاعلة، لذلك يشيرون إلى أنه يجب تغيير الجوانب السيئة من خلال التفاوض مع هذه الهيئات والقيام بأعمال العلاقات العامة الدولية المنظمة.
ويقول الدكتورانتنه جيتاتشو إن ذلك يفعله الدبلوماسيون والقادة والجميع كمواطنين، فلا شك أن هناك حاجة إلى دبلوماسية مدروسة لضمان النمو الاقتصادي. ويقولون إنه من الضروري بناء المصداقية من خلال تعزيز دبلوماسية إثيوبيا مع الدول المجاورة.
وأشارالدكتور أنتنه إلى أن الجامعة العربية وقفت دائما ضد إثيوبيا وأصدرت بيانات خلال اتفاق سد النهضة. ويشير إلى أنه من المهم أن ندرك أن هذا لا يمكن أن يصرفنا عن هدفنا.
وذكرالدكتور أنتنه أن موضوع البوابة البحرية يحتاج إلى معالجة بنفس الطريقة. وتتمتع دول مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة بعلاقات جيدة مع إثيوبيا، ولكن بما أن الصومال عضو في جامعة الدول العربية، فقد تكون لوائحها الداخلية ملزمة، لذلك حتى لو أصدرت البيان معًا، فإنها توضح أن القضية لا ينبغي أن تكون محل بحث ويجب مناقشته بشكل منفصل.
ويقول الدكتور أنتينه إن قضية البوابة البحرية هي مسألة حياة أو موت بالنسبة لإثيوبيا. وبما أن الموضوع قد بدأ بالفعل، فلا ينبغي لنا أن نتراجع خوفاً من الضجيج، بل يجب أن نقوم بعملنا الدبلوماسي على النحو الصحيح، وأن نقيم علاقات دبلوماسية استراتيجية مع دول الجوار والقوى السياسية في المنطقة على مبدأ الأخذ والعطاء.