سمراي كحساي
منذ فترة طويلة ، ظلت منطقة شرق إفريقيا تواجه التهديدات المستمرة الناجمة عن تغير المناخ.
ولاتزال المنطقة تكافح موجات الجفاف المتكررة التي دفعت عددًا كبيرًا من السكان إلى حافة أزمة إنسانية هائلة غير مسبوقة.
و على الرغم من أن المنطقة تتمتع بموارد طبيعية ومساحة شاسعة من الأراضي الصالحة للزراعة ، إلا أنها لا تزال عرضة لظروف الطقس القاسية.
و نظرًا لاعتماد قطاعات الزراعة بشكل كبير على الأمطار ، فقد أدى اضطراب المواسم الزراعية إلى انعدام الأمن الغذائي الحاد.و في الواقع ، فإن انعدام الأمن الغذائي هو نتاج عوامل مختلفة من صنع الإنسان والطبيعية في المنطقة.
كما تم تصنيف المنطقة على أنها أرض الفقر المدقع حيث تساهم سوء الأحوال الجوية والافتقار إلى نظام فعال للإنذار المبكر والاستجابة في تفاقم الجفاف.
و يعمل تغير الطقس كمضاعف للتهديد ، وهو عامل أساسي يؤدي إلى تفاقم المشاكل الاجتماعية والاقتصادية والسياسية المعقدة في المنطقة المضطربة بالفعل.
وفي أوقات مختلفة ، مرت المنطقة بأوقات عصيبة من أزمة الطقس و يكفي أن نذكر حالات النينو ولا نينا.
كما أدت الممارسات الزراعية غير المتطورة ونظام الري السيئ إلى ترك المواطنين عرضة لانعدام الأمن الغذائي. و في بعض الحالات ، أدت الكارثة الطبيعية إلى تفاقم محنة المجتمعات الزراعية والرعوية في المنطقة.
و حاليًا تحتاج المجتمعات في المنطقة إلى المساعدات و تضع هذه الأزمة المنطقة في حالة تأهب قصوى مما يجبر المجتمعات على الاعتماد على المساعدات.
و في الواقع ، لقد أودى الوضع الإنساني في إثيوبيا وبقية الدول بالفعل بحياة الملايين من الماشية التي تعد المصدر الرئيسي للدعم الأساسي لكل من المجتمعات الزراعية والرعوية.
ووفقًا لمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية ، فإن الجفاف الكارثي في شرق إفريقيا هو أسوأ كارثة في المنطقة من نوعها منذ أربعة عقود بعد قلة هطول الأمطار عام 2023.
وقال الكاتب والباحث السياسي الإثيوبي موسى شيخو في مقابلة مع الجزيرة :إن الحكومة لم تتوقع أن يمتد الجفاف من المناطق الصومالية إلى منطقة بورونا بهذا المستوى، موضحا أن الجفاف لم يكن يصل تلك المنطقة في العادة، خاصة أنها من أغنى المناطق بالثروة الحيوانية، ويعيش أغلب سكانها على الرعي أكثر منه في الزراعة.
وفي حديثه للجزيرة نت، أرجع شيخو ما شهدته بورونا إلى الموقع الجغرافي وبُعدها عن المناطق الوسطى ووعورتها وعدم صلاحيتها للزراعة، بجانب تأخر المشاريع الحكومية لضخ المياه وتطوير الزراعة، مع تفاقم الجوع وآثار الجفاف على المواشي والحيوانات.
بدوره، أكد الكاتب والمحلل السياسي عبد الشكور عبد الصمد أن الجفاف مشكلة حقيقية وتهديد بشبح المجاعة ضمن موجات الجفاف التي تضرب منطقة القرن الأفريقي، وقال إنها قضية إنسانية على الرغم من أنها وظفت سياسيا.
وفي حديثه للجزيرة نت، أضاف عبد الصمد أن جهود الحكومة للتصدي للأزمة في المنطقة غير كافية وتحتاج إلى تضافر، فالأزمة خارج السيطرة، خاصة أن إمكانات الدولة التي تمر بأزمات سياسية متلاحقة وتحتاج إلى تضافر.
و أفادت اللجنة الوطنية لإدارة مخاطر الكوارث في إثيوبيا بارتفاع عدد الأشخاص الذين يحتاجون إلى مساعدات غذائية إنسانية في إقليم الصومال إلى ما يُقدّر بنحو 3.2 مليون شخص كنتيجة مباشرة للجفاف المستمر.
ووفقًا لمدير العلاقات العامة في اللجنة الوطنية لإدارة مخاطر الكوارث ، دببي زودي، فإن الجفاف الذي ضرب تسعة من 11 منطقة في إقليم الصومال تسبب في أضرار بالغة للمواطنين وماشيتهم.
وأشار إلى أن أكثر من 3.2 مليون مواطن يحتاجون إلى مساعدة عاجلة في الإقليم بسبب الجفاف.
وأشار مدير العلاقات العامة في تصريحات لمؤسسة “فانا الإعلامية”، إلى أن عدد المستفيدين قد يزداد عند استكمال المسح الجديد الجاري في الإقليم.
وأوضح زودي، أن برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة إنه يقدم مساعدات غذائية منقذة للحياة لأعداد قياسية من المواطنين المتضررين من الجفاف في إقليم الصومال، مؤكداً أن عدد المستفيدين مرتفع ومتزايد يوما بعد يوم وأن هناك حاجة إلى دعم عاجل.
وحث المسؤول المنظمات الحكومية والمنظماتغير الحكومية والشركاء المحليين والدوليين والمغتربيين على دعم المواطنين المتضررين من الجفاف في الإقليم.
اعرب أهالي بورونا عن تقديرهم للشراكة والدعم الذي أبدته إدارة مدينة أديس أبابا لمساعدة المتضريين من الجفاف في المنطقة.
وقال شيوخ أباجدا إن مساعدات إدارة المدينة للمواطنين خلال الأزمة قد وصلت اليهم ووجهوا الشكر لقيادة المدينة وكامل سكان أديس أبابا.
و قدم شيوخ أباجدا، الذين جاءوا نيابة عن أهالي المنطقة ، الملابس التقليدية لأهالي بورانا إلى أعضاء مجلس المدينة.
و قدمت إدارة مدينة أديس أبابا أكثر من 252 مليون بر لضحايا الجفاف في بورنا.
كما قدمت وزارة الدفاع مساعدات مالية للمواطنين المتضررين من الجفاف في مختلف أنحاء البلاد.
وقالت وزيرة الدولة بوزارة الدفاع ، السيدة مارتا لويجي ، أن قوات الدفاع قدمت 220 مليون بر لدعم الجفاف في مختلف مناطق البلاد.
واضافت الوزيرة أن قوات الدفاع جمعت 220 مليون بر لمساعدة المتضررين من الجفاف في كل من اقليم أوروميا و الصومال وجنوب اثيوبيا و أمهرة.
وذكرت إن الجيش يثبت تضامنه مع المواطنين من خلال الاستجابة السريعة للكوارث الطبيعية والتي من صنع الإنسان.
و تشير المعلومات التي تلقتها مؤسسة الصحافة الاثيوبية من وزارة الدفاع إلى أن الوزارة ستستمر في تعزيز دعمها للأشخاص الذين يحتاجون إلى المساعدة.
وعلية يجب أن يكون الاستثمار في مشاريع الري والزراعة واسعة النطاق ووضع سياسات سليمة مجالات رئيسية للتدخل للتغلب على التحدي الملح.
وتمكنت بعض الدول المعروفة بمشاكل المياه الرهيبة من إطعام سكانها بالكامل وحتى تصدير المنتجات الزراعية.
ويقدم هذا أفضل درس لبلدان شرق إفريقيا التي تتمتع بالمياه والمناخ الملائم على مدار العام والأراضي الشاسعة الصالحة للزراعة.
ولكن الأهم من ذلك ، أن تعزيز التعاون في مشروعات تنمية المياه أمر حيوي لاستغلال الموارد المشتركة. إن استغلال الموارد الطبيعية الثمينة غير المستغلة وتوسيع نطاق التعاون بين الدول أمر لا بد منه أيضًا.
يجب أن يكون ضمان نظام الإنذار المبكر والاستجابة من ضمن التدابير العلاجية لدول شرق افريقيا.
لا ينبغي أن يأتي الخطر مرارا وتكرارا ليترك أثره المطول في المنطقة.
ان الموارد الوفيرة يجب أن توقف موجة الجفاف. و بالطبع ، يمكن أن تكون الأرض الشاسعة في بلد ما والمياه في بلد آخر لكن الاهم من ذلك ان ما يربط الموارد ويوجهها إلى الاستخدام الفعال هو التعاون.