عمر حاجي
ركزت خطة الإصلاح الزراعي الحكومي على تقليل الاعتماد الكبير على الزراعة البعلية من خلال تطوير شبكات الري الصغيرة والكبيرة في جميع أنحاء البلاد، والمكنة الزراعية، وتمكين إنتاجية أعلى في مزارع أصحاب الحيازات الصغيرة، وتربية الحيوانات وتطوير الأعلاف، وتوسيع مزارع البستنة.
وفيما يتعلق بالتحول الهيكلي في قطاع الزراعة، تم تحديد وتنفيذ أربعة مجالات رئيسية، بما في ذلك الزراعة العنقودية، والمكنة الزراعية، والزراعة المستدامة، خلال الأشهر التسعة الماضية. وكانت الإنجازات المسجلة خلال تسعة أشهر غير معروفة في تاريخ البلاد حتى الآن. وخلال الأشهر التسعة الأخيرة من السنة المالية، تم اتخاذ ثمانية تدابير اقتصادية رئيسية، شملت، تحسين استثمارات القطاع الخاص في الزراعة. والتي تشمل على تطوير مزارع البستنة والزراعة التجارية واسعة النطاق.
علاوة على ذلك، تم تعزيز توسيع الزراعة الصغيرة والكبيرة في أجزاء مختلفة من مناطق إقليم أوروميا، والصومال، والأمهرا، وعفر. على سبيل المثال، سلمت حكومة إقليم أوروميا مؤخرًا أكثر من 1400 جرارات حديثة لتوزيعها على الأفراد والاتحادات التعاونية الزراعية في المنطقة، متوقعةً تعزيز الإنتاج الزراعي فيها بشكل ملحوظ. واتبع برنامج الإصلاح الزراعي استراتيجية ركزت على ثمانية مجالات من أنشطة التنمية الوطنية، بما في ذلك تحسين دور القطاع الخاص من خلال الاستثمار في برامج زراعية رئيسية، وتوسيع نطاق الري على نطاق صغير وكبير، مما يُمكّن المزارعين من إنتاج أنواع مختلفة من المحاصيل والخضراوات بنجاح على مدار العام. وكذلك، تحسين توفير المدخلات والتمويل، وتعزيز إنتاجية الثروة الحيوانية من خلال تحسين الأعلاف، والتلقيح الاصطناعي، والابتكارات التقنية ذات الصلة، وحماية وتحسين أساليب الإنتاج الزراعي، وتقليل خسائر ما بعد الحصاد من خلال توزيع الصوامع الحديثة والمبيدات الحشرية، وتعزيز مبادرات الأمن الغذائي القائمة على البحث العلمي، وتعزيز استدامة المدخلات.
وفي تقريره عن أداء قطاع الزراعة على مدار تسعة أشهر ومئة يوم، استنادًا إلى مؤشر الأداء الزراعي العام، أوضح الدكتور جرما أمنتي، وزير الزراعة، أنه من المتوقع أن يُظهر القطاع الزراعي نموًا بنسبة 6.1%، مشيرًا إلى أن هذا الهدف سيتحقق بنجاح خلال السنة المالية. وذكر على وجه التحديد نمو وتوسع الأراضي المزروعة خلال موسم المهر، وموسم البلج، وتوسع تنمية الثروة الحيوانية والري.
وصرح الوزير، بأنه خلال موسم المِهر، تم تغطية 20.5 مليون هكتار من الأراضي بالبذور، ومن المتوقع حصاد متوسط قدره 610 ملايين قنطار. مضيفا، أنه من المخطط استصلاح خمسة ملايين هكتار من الأراضي من خلال الري، لكن أن زراعة القمح وحدها غطت بالفعل 3.5 مليون هكتار من الأراضي. كما تم إنتاج 90 مليون كتكوت، خلال يوم واحد، وتوزيعها على المزارعين والعاملين في القطاع كمدخل لتنمية قطاع الدواجن.
وأعلنت وزارة الزراعة أن إثيوبيا أنتجت 215 ألف طن من العسل في الأشهر التسعة الأولى من السنة المالية الحالية، متجاوزةً هدفها الأولي البالغ 210 آلاف طن. وأن نتائج واعدة سُجلت في إنتاج الحليب والأسماك والعسل، مشيرا إلى أن صادرات البن إلى الأسواق العالمية حققت 1.5 مليون دولار أمريكي. وفيما يتعلق بالعمالة، من إجمالي فرص العمل الجديدة التي أُتيحت خلال تسعة أشهر، كان 1.2 مليون منها يعمل في قطاع الزراعة. وأرجع الدكتور، فقرو رغاسا وزير الدولة للزراعة هذا الإنجاز إلى التنفيذ الناجح للبرنامج الوطني لتربية النحل، مشيرًا إلى أن القطاع شهد نموًا ملحوظًا من حيث الكمية والجودة. كما شهدت صناعة الألبان في إثيوبيا نموًا ملحوظًا، حيث تضاعف إنتاج الحليب تقريبًا ليصل إلى 12 مليار لتر في غضون ثلاث سنوات فقط، بفضل مبادرة (ثمار التنمية) .
ووفقًا لوزارة الزراعة، يعكس هذا النمو التزام البلاد بتعزيز الأمن الغذائي، والنهوض بصغار المزارعين، وزيادة الإنتاج الزراعي. كما أدت المبادرة إلى زيادة ثمانية أضعاف في أعداد الماشية المهجنة، وهو عامل رئيسي وراء تحول القطاع. ويُقدر إنتاج إثيوبيا السنوي من الأسماك من المسطحات المائية التي تعتمد على 14 نهرًا رئيسيًا و25 بحيرة رئيسية و14 خزانًا رئيسيًا بحوالي 94,500 طن، مع المزيد من التطوير.
وفي مجالات الابتكار الجديدة الأخرى التي طرحتها وزارة الزراعة وثيقة استراتيجية بعنوان “خارطة طريق للزراعة الرقمية”. حيث تشير الزراعة الرقمية إلى استخدام التقنيات الرقمية والبيانات والأدوات المبتكرة لتعزيز الإنتاجية الزراعية والاستدامة والكفاءة. وهي تتضمن دمج التقنيات المتقدمة في الممارسات الزراعية لتحسين عملية صنع القرار وإدارة الموارد والإنتاج الغذائي بشكل عام. وتشمل التقنيات الرئيسية المطبقة في الزراعة الرقمية، ما يلي: استخدام نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) وأجهزة الاستشعار وتحليلات البيانات لتحسين الزراعة والري والتسميد. والبيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي، تحليل كميات هائلة من البيانات الزراعية للتنبؤ بأنماط الطقس وأمراض المحاصيل واتجاهات الأسواق، والطائرات بدون طيار والتصوير عبر الأقمار الصناعية، ومراقبة المحاصيل، وتقييم صحة التربة، والكشف عن الآفات والأمراض عبر استخدام إنترنت. وفي الزراعة: تجمع الأجهزة الذكية بيانات آنية حول رطوبة التربة ودرجة حرارتها وصحة النبات. وسلسلة الكتل لشفافية سلسلة التوريد، تضمن إمكانية تتبع المنتجات الغذائية ومعاملات عادلة. وتطبيقات الهاتف المحمول والمنصات الرقمية التي تُمكّن المزارعين من الوصول إلى أسعار الأسواق، وتحديثات الطقس، وأفضل الممارسات الزراعية. وتشمل الفوائد الرئيسية للزراعة الرقمية زيادة غلة المحاصيل، وتُحسّن استخدام الموارد وتقلل الهدر. وتُقلل الزراعة الرقمية من الأثر البيئي، وتُشجع الممارسات المستدامة مثل الحفاظ على المياه وتقليل استخدام المبيدات. وتُحسّن الوصول إلى الأسواق، وتربط المزارعين مباشرةً بالمشترين، مما يُقلل الاعتماد على الوسطاء. وتُعزز الأمن الغذائي، وتُساعد على ضمان استقرار إنتاج الغذاء في ظل تحديات تغير المناخ. وتُعزز الزراعة الرقمية دخل المزارعين، وتُقلل الخسائر، وتُحسّن الكفاءة، وتُتيح لهم فرصًا مالية. تتبنى إثيوبيا بشكل متزايد الزراعة الرقمية من خلال مبادرات مثل:
استراتيجية الزراعة الرقمية (2020-2030) – تهدف إلى دمج التكنولوجيا في الزراعة. وتشجيع الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا الزراعية، وتوفر تطبيقات الهاتف المحمول، مثل للزراعة والمزارعين تنبؤات جوية وخدمات استشارية، وتُساعد أنظمة الري الذكية على تحسين استخدام المياه في المناطق المعرضة للجفاف. كما تشمل المساهمات الرئيسية للزراعة الرقمية في الزراعة القائمة على الأسواق تحسين الوصول إلى الأسواق وشفافية الأسعار، بما في ذلك خدمات الأسواق الرقمية، والتي تربط منصات، مثل تطبيقات التجارة الإلكترونية، وأنظمة التداول القائمة على الرسائل النصية القصيرة، وسلاسل التوريد القائمة على تقنية بلوكتشين المزارعين مباشرةً بالمشترين، متجاوزةً بذلك الوسطاء. وتحديثات الأسعار في الوقت الفعلي، وتُزود الخدمات القائمة على الهاتف المحمول المزارعين بأسعار الأسواق الحالية، مما يُساعدهم على اتخاذ قرارات بيع مدروسة. وتُحلل الأدوات المُدعمة بالذكاء الاصطناعي اتجاهات المستهلكين، مما يُتيح للمزارعين زراعة المحاصيل التي تشهد طلبًا كبيرًا. كما يُعزز كفاءة سلسلة التوريد ويُقلل من خسائر ما بعد الحصاد. ويعتزم المكتب إجراء تحليل للحقائق والأرقام المتعلقة بالإنجازات التي حققها الاقتصاد الوطني الإثيوبي خلال الأشهر التسعة الماضية.
وقد تحققت هذه الإنجازات على خلفية مؤامرات اجتماعية واقتصادية وسياسية متعددة استمرت البلاد في مواجهتها على مدى السنوات السبع الماضية. فقد عرقل المتطرفون المسلحون الذين كانوا ينشطون في منطقتي أمهرا وأوروميا توريد المدخلات الزراعية للمزارعين في المنطقتين بسلاسة، وفي بعض الأحيان كان يتم التسليم باستخدام قوافل من قوات الدفاع الوطني الإثيوبية. إلى جانب ذلك، مُنع المزارعون من نقل وبيع منتجاتهم في السوق المحلية وشراء ما يحتاجونه لأسرهم. بالإضافة إلى ذلك، شكّلت عمليات التخريب المتنوعة التي شُنّت خلال هجوم إلكتروني عالمي على البلاد، بهدف تعطيل الشبكات الرقمية، تهديدًا للبلاد، إلا أن المعهد الوطني للإحصاء نجح في صدها.
ومما تجدر الإشارة إلى أن الإنجازات الناجحة تحققت بفضل تضافر جهود جميع القطاعات الاقتصادية المعنية في شبكات تشغيلية. وقد تعاون قطاع النقل والخدمات اللوجستية بشكل وثيق مع وزارة الزراعة لضمان سلسلة توريد فعّالة تُمكّن المزارعين من ممارسة الأنشطة الزراعية الموسمية. ولا تزال إثيوبيا تستورد كميات كبيرة من القطن لمصانع النسيج والملابس داخل المناطق الصناعية وخارجها. ونظرًا لتوفر ظروف مناخية مواتية لتوسيع وإنتاج قطن عالي الجودة، ويؤمن المكتب أن القطن المُنتَج في البلاد يُمكن أن يحل محل القطن المستورد، تمامًا كما استُبدلت صادرات القمح الآن من خلال التوسع المحلي الكبير في الإنتاج. وساهم تحسن الأحوال الجوية نسبيًا في المناطق ذات الإنتاج الإضافي وغيرها من مناطق البلاد خلال الأشهر التسعة الماضية في زيادة الإنتاج الزراعي. ومن المتوقع أن يستمر هذا النمو في الأشهر المتبقية من السنة المالية.
ويُعزى نمو الإنتاج الزراعي والإنتاجية أيضًا إلى الربط الفعال بين سلسلة التوريد وقطاع التصنيع وشبكة اللوجستيات الفعالة التي دعمت القطاع بفعالية. يشير الأداء العام خلال الأشهر التسعة الماضية بوضوح إلى أن السياسة الاقتصادية الكلية التي تنتهجها الدولة، والسياسات المالية، تتماشى مع خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية العالية والسياسات الفرعية الأخرى ذات الصلة التي وُضعت لضمان التنمية الاجتماعية والاقتصادية للبلاد.
وفي المستقبل، يُوصى بتنويع الإنتاج الزراعي بشكل أكبر من خلال تحسين الجودة ومعايير التصدير، حتى يتمكن القطاع من لعب دور رئيسي في تنويع الصادرات، مما يُدرّ دخلاً أكبر بكثير من النقد الأجنبي للبلاد. وعلى الرغم من تحسن الإنتاج والإنتاجية في جميع أنحاء البلاد، إلا أن التضخم المتمثل في ارتفاع أسعار المواد الغذائية أصبح يُمثل تحديًا كبيرًا للمستهلكين، لا سيما في المراكز الحضرية. وعلى الرغم من أن الحكومة قد أدخلت أسواقًا منتظمة وأسواق يوم الأحد من خلال تنظيم التعاونيات في تجارة التجزئة، إلا أن المشكلة لا تزال قائمة.
وفيما يتعلق بإحلال الواردات، تُبذل جهودٌ لاستبدال استيراد الأرز بالإنتاج المحلي، وهو ما يمكن تسريعه كطريقةٍ لاسترداد التكاليف وتحقيق الاعتماد على الذات في المنتجات الزراعية. ويمكن تطوير مشاريع ري صغيرة وكبيرة الحجم لضمان تحقيق زراعة مستدامة مع مرور الوقت. و علاوةً على ذلك، تحتاج مراكز البحوث الزراعية في البلاد إلى تطوير أنواعٍ مختلفة من المحاصيل التي يمكن زراعتها في مختلف النظم البيئية في البلاد. إلى جانب ذلك، فإن إدخال وتطوير التقنيات المناسبة التي من شأنها تعزيز الزراعة سيساعد في تعزيز الأمن الغذائي المستدام للسكان المتزايدين في البلاد.