جوهر أحمد
من الطبيعي، بل من المربح والمفيد بناء علاقات بين دول العالم بهدف بناء مسارات ودية مزدهرة نحو نمو مشترك وتغيير حقيقي في جميع الظروف. وما تقوم به إثيوبيا والجزائر هذه المرة خير دليل على ذلك. وصحيح أن البلدين تربطهما روابط تاريخية نحو التحول والتغيير المذهل.
ويتمتع البلدان بالروابط الوثيقة التي أسساها منذ سنوات. ولتعزيز ما تم الاعتراف به بالفعل، اجتمع وزيرا خارجية إثيوبيا والجزائر مع كبار المسؤولين الحكوميين والدبلوماسيين في البلدين مؤخرًا في الدورة الخامسة للجنة الوزارية المشتركة.
وبذلك، خطت الدولتان الشقيقتان خطوة مهمة في تعزيز التعاون الثنائي وتعميق الروابط بينهما. ومن اللافت للنظر أن الاجتماع ركز على مجالات التعاون الرئيسية، بما في ذلك الزراعة والصحة والتجارة والاستثمار والثقافة والرياضة والابتكار والتكنولوجيا، في محاولة لتعزيز العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.
ويجب رعاية مجالات التعاون جيدًا وتوجيهها عبر إجراءات سليمة بهدف مساعدة البلدين على الاستفادة من جميع أنواع التفاعلات. وهنا، يُعد التزام كلا البلدين هو الأهم، لما له من أهمية بالغة في تعميق التعاون واستكشاف فرص جديدة للشراكة عبر مختلف القطاعات.
ومن المثير للاهتمام أن البلدين وقّعا أيضًا اتفاقيات مهمة لتعزيز التعاون الاقتصادي والدبلوماسي. فقد وقّع البلدان سلسلة من مذكرات التفاهم واسعة النطاق تهدف إلى تعزيز علاقاتهما الدبلوماسية الراسخة وفتح آفاق جديدة للتعاون الاقتصادي.
وشكلت هذه الاتفاقية علامة فارقة في العلاقات الثنائية، حيث أكدت الدولتان التزامهما بتحويل شراكتهما السياسية القوية إلى تحالف اقتصادي ديناميكي ذي منفعة متبادلة.
وقد تم التركيز على مجموعة واسعة من القطاعات، بما في ذلك التجارة والاستثمار، والعلوم والتكنولوجيا، والزراعة، والطاقة والتعدين، والصحة والأدوية، والأوساط الأكاديمية، وعلوم الفضاء، والثقافة والرياضة، لإحداث فرق إيجابي وتحقيق استفادة أكبر للبلدين.
كما اتضح من اللجنة الوزارية المشتركة، ظلت العلاقات الاقتصادية بين البلدين متخلفة، رغم أنها استمرت حتى الآن رغم التعاون السياسي المثالي. والأمر الإيجابي هو أن الوقت قد حان لتكثيف الجهود في مجالات مثل التجارة والاستثمار والتعليم والسياحة.
ويتعين على الدولتين أن تترجم إرادتهما السياسية القوية إلى تقدم اقتصادي ملموس.
وقد عبّر المسؤولون، بطبيعة الحال، عن هذا الشعور القابل للتنفيذ، مؤكدين التزام كل دولة بتعزيز العلاقات الثنائية والمتعددة الأطراف.
كما تطرقت الجلسة المشتركة إلى الأهمية الاستراتيجية للأطر القانونية، والمشاركة التجارية، والتبادلات رفيعة المستوى المستمرة في تحقيق الأهداف المشتركة، حيث أن مثل هذه الروابط الودية الرائعة ستؤتي ثمارها المجزية، ويجب التركيز عليها جيدًا لتعزيزها بشكل أكبر.
يجب أن تكون الجلسة المشتركة قادرة على الخروج بنتيجة إيجابية، تمهد الطريق لشراكة أقوى وأكثر تنوعًا بين البلدين، وتفتح صفحة جديدة في العلاقات الإثيوبية الجزائرية.
ولقد تطورت العلاقات بين البلدين على مر السنين، بما يتماشى مع المبادئ الأفريقية وتعزيز الوحدة الأفريقية، ومن شأن تعاونهما أن يُسهم بشكل كبير في الوحدة السياسية القارية والتكامل الاقتصادي، بما يتجاوز خدمة المصالح المشتركة لكلا البلدين.
وترى إثيوبيا إمكانات للتعاون مع الجزائر في قطاعات متنوعة، وقد اتفق البلدان على ضرورة إجراء مشاورات سياسية منتظمة وزيارات رسمية لتعزيز شراكتهما الاستراتيجية. وهذه خطوة جريئة تستحق المزيد من الاهتمام.
ولاشك أن الاجتماع الوزاري، تُوِّج بتوقيع مذكرة تفاهم للتعاون في المجالات العديدة المذكورة، بما في ذلك علوم الفضاء، والصناعات الدوائية، والبحث الأكاديمي، وغيرها.