إعداد: عربو محي “العلم” – أديس أبابا
في إطار جهود المملكة العربية السعودية لتعزيز التعاون الثقافي والتعليمي مع الدول الإفريقية، استقبلت إثيوبيا الأسبوع الماضي وفدًا رفيع المستوى من مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية، برئاسة الدكتور خالد القوسي، مدير إدارة السياسات اللغوية بمجمع الملك سلمان العالمى للغة الذي يقوم بأول زيارة له إلى البلاد.
وقد جاءت هذه الزيارة ضمن برنامج شامل يسعى إلى دعم تعليم اللغة العربية وتطوير الكفاءات التربوية في إفريقيا، لا سيما في إثيوبيا التي تربطها بالعالم العربي وشائج تاريخية وروابط حضارية عريقة.
وفي حوار خاص مع صحيفة “العلم”، عبّر الدكتور خالد القوسي عن انبهاره العميق بالتطور اللافت الذي تشهده العاصمة أديس أبابا وعدد من المدن الإثيوبية، مؤكدًا أن ما شاهده على الأرض من مشاريع بنية تحتية ونمو عمراني متسارع يعكس روحًا جديدة لدى الشعب والحكومة الإثيوبية.
وقال في هذا الصدد:”لقد فوجئت بحجم التقدم في البنية التحتية، حيث يمكن ملاحظة التغير الإيجابي يوميًا. هذا يعكس ديناميكية نمو واضحة تؤكد توجه إثيوبيا نحو مستقبل واعد، وتكشف عن إرادة وطنية قوية للتحديث والانفتاح”.
وأوضح الدكتور خالد أن الهدف الرئيس من الزيارة يتمثل في الإشراف على انطلاق دورة تدريبية مكثفة لمعلمي اللغة العربية العاملين في المدارس الإثيوبية، وهي دورة تُعدّ باكورة مبادرات المجمع في إثيوبيا، وتهدف إلى تطوير مهارات المعلمين وتأهيلهم بأساليب تربوية حديثة تراعي احتياجات الطالب الإفريقي، وتواكب تطورات تعليم اللغات عالميًا.
وفي سياق حديثه عن أبعاد التعاون الثقافي، لفت القوسي إلى أهمية تعزيز أواصر التفاهم بين الشعوب من خلال اللغة، مشيرًا إلى أن اللغة العربية تمتلك حضورًا عميقًا في إثيوبيا عبر التاريخ، سواء من خلال التعليم التقليدي في الكتاتيب والمدارس الدينية، أو عبر العلاقات التجارية والدينية التي كانت قائمة منذ قرون.
وقال: “نحن لا نبدأ من فراغ، فالعلاقات الثقافية بين إثيوبيا والعالم العربي هي علاقات ممتدة ومتجذرة، ونحن هنا اليوم لنُعيد تنظيمها وفق رؤية معاصرة، تعتمد على الشراكة الحقيقية وتبادل الخبرات وبناء الإنسان”.
كما كشف الدكتور خالد القوسي عن نية المجمع توسيع آفاق التعاون ليشمل مجالات إضافية مثل تدريب الإعلاميين، وتنفيذ برامج تبادل ثقافي واجتماعي بين الشباب، وفتح مسارات جديدة للتكامل العلمي والمعرفي بين المؤسسات التعليمية في البلدين.
وأضاف أن رؤية المجمع تقوم على الشمول والاستدامة، موضحًا أن الاستثمار في الكوادر التعليمية والمجتمعية هو الأساس الذي يمكن من خلاله بناء جسور راسخة بين الشعوب. وقال:
“نحن نؤمن بأن اللغة ليست فقط وسيلة تواصل، بل هي حاملة للقيم، وجسر للتفاهم، وأداة للتنمية. ومن هنا فإننا نضع تعليم اللغة العربية ضمن أولوياتنا في الشراكة مع القارة الإفريقية، وفي مقدمتها إثيوبيا التي نراها بلدًا واعدًا بكل المقاييس.”
وقد اختتم الدكتور خالد القوسي حديثه لصحيفة “العلم” بالتعبير عن تقديره لحفاوة الاستقبال التي لقيها من قبل المسؤولين والمؤسسات التعليمية في إثيوبيا، متمنيًا أن تكون هذه الزيارة بداية لمسار طويل من التعاون المثمر، الذي يخدم المصالح المشتركة، ويُعزز التقارب الثقافي بين الشعوب.
يُذكر أن مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية، التابع لوزارة الثقافة السعودية، يُعد من أبرز المؤسسات الدولية التي تُعنى بنشر اللغة العربية وتعزيز حضورها عالميًا، عبر برامج تعليمية وتدريبية وثقافية متكاملة، تستهدف الناطقين بها وغير الناطقين على حد سواء، في مختلف قارات العالم.