عمر حاجي
أديس أبابا(العلم) أعلن المسؤولون الحكوميون الكبار، أن إثيوبيا تُسرّع جهودها في فتح بيئة أعمالها لجذب المزيد من الاستثمار الأجنبي المباشر. في هذا الصدد، أكد السيد أحمد شدي وزير المالية، في منتدى الأعمال، رفيع المستوى “استثمر في إثيوبيا 2025″، على مناخ الاستثمار الملائم في البلاد، مسلطا الضوء على مزايا رئيسية مثل الأراضي الصالحة للزراعة الشاسعة، وموارد المياه الوفيرة، والقوى العاملة الشابة والمتعلمة، والبنية التحتية الناشئة.
وقال السيد أحمد: إن إثيوبيا لا تزال واحدة من أبرز وجهات الاستثمار في أفريقيا، مدفوعةً بأجندة الإصلاح الاقتصادي الحكومية، والتي تُركز على استقرار الاقتصاد الكلي والتنمية المستدامة. موضحا، أن تحرير القطاعات، كالاتصالات والخدمات اللوجستية والطاقة، وقطاع البنوك وتجارة التجزئة والجملة، قد عزز ثقة المستثمرين وعزز التزام البلاد باقتصاد منفتح وديناميكي، بالإضافة أن إطلاق أسواق رأس المال الإثيوبي باعتباره إنجازًا هامًا يعزز القدرة التنافسية للبلاد ويدعم اقتصادًا يقوده القطاع الخاص.
وقال الوزير: إن الإصلاحات القانونية والسياسية والهيكلة الجارية تُحقق نتائج ملموسة، بما في ذلك نمو اقتصادي أقوى ونظام مالي أكثر استقرارًا. كما أكد على أن إعطاء الأولوية لمشاركة القطاع الخاص كان عنصرًا أساسيًا في استراتيجية الإصلاح الإثيوبية. وقال: إن الاستثمار الأجنبي والمحلي يتزايد في مختلف القطاعات الحيوية. وقد أدى تحريرنا لقطاعات رئيسية، مثل الاتصالات والخدمات اللوجستية والطاقة، والخدمات المصرفية وتجارة التجزئة والجملة، إلى تعميق ثقة المستثمرين، مؤكدا على التزام الحكومة باقتصاد منفتح وديناميكي.
ومن جانبه، قال الدكتور جيديون تيموثيوس وزير الخارجية إن إثيوبيا تُعتبر الآن وجهة استثمارية رئيسية، مشيرا إلى أن تطوير البنية التحتية القوية، وتوسيع المناطق الصناعية، وتحسين الخدمات اللوجستية، والسياسات المُشجعة للمستثمرين، والقوى العاملة عالية الإنتاجية، عوامل جذب رئيسية للمستثمرين الأجانب. كما سلّط الضوء على توفير إثيوبيا للطاقة المتجددة بأسعار معقولة، وأقرّ بالتحديات السابقة في دعم المشاريع الخاصة. كما دعا الوزير المستثمرين الدوليين إلى اغتنام الفرص في قطاعات الزراعة والتصنيع والطاقة والتعدين والسياحة وغيرها من القطاعات الرئيسية. وقال: إن القيود المفروضة على الاستثمار الأجنبي المباشر في العديد من القطاعات، إلى جانب الإطار التنظيمي والسياسي العام، جعلت الاستثمار الأجنبي المباشر مهمةً صعبةً في السابق. إلا أن إثيوبيا شهدت اليوم نقلة نوعية، إذ رحّبت بالاستثمار الأجنبي المباشر وشجعته باعتباره ركيزةً أساسيةً لتحقيق طموحنا في الرخاء المشترك لجميع الإثيوبيين.
ومن جهة أخرى، أبرزت الدكتورة فيسوم أسفا، وزيرة التخطيط والتنمية، الإمكانات الاستثمارية الهائلة لإثيوبيا، مؤكدة على موقعها الجغرافي الاستراتيجي، وسوقها المحلية المتنامية، وإمكانية وصولها إلى الأسواق الإقليمية والعالمية. وقالت: إن إثيوبيا تحتل موقعاً استراتيجياً في المنطقة، مع إمكانية الوصول إلى الأسواق الإقليمية والعالمية، وتتمتع البلاد بسوق محلية كبيرة ومتنامية، ونسبة سكانية شابة، ومستويات دخل متزايدة، وقطاع لوجستي مهيأ لخلق بيئة مواتية للمستثمرين.
وقدّمت الوزير عرضًا استثماريًا شاملًا، يُحدد فرصًا استثمارية بمليارات الدولارات في قطاعات الطاقة والرعاية الصحية والأدوية وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات والتصنيع والعقارات والسياحة، مُستعرضًا جهود الإصلاح الحكومية الأخيرة لخلق مناخ أعمال مُلائم، مشيرة إلى أن التحولات في سياسات إثيوبيا، بما في ذلك، إصدار إعلان المنطقة الاقتصادية الخاصة، واستراتيجية استبدال الواردات، ومبادرة “صنع في إثيوبيا”، قد ساهمت في إنعاش المصانع ذات الأداء الضعيف، وعززت استغلال القدرات في مختلف الصناعات. وقد استفادت هذه المبادرة، التي حظيت بدعم القيادة العليا، بشكل خاص من المُصدّرين، وأوقفت إغلاق الإنتاج.
وأشارت السيدة فيسوم إلى أن إثيوبيا بصفتها عضوًا مؤسسًا في كوميسا، تتمتع بإمكانية الوصول إلى أسواق يبلغ عدد سكانها حوالي 560 مليون نسمة. كما أن منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية تتيح لها الاستفادة من سكان يبلغ عددهم 1.4 مليار نسمة. موضحة، بأن سوق الأدوية في إثيوبيا الذي بلغ مليار دولار أمريكي عام 2020، من المتوقع أن ينمو إلى 3.6 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2030، مع تلبية أكثر من 70% من الطلب الحالي عن طريق الواردات.
كما أكدت على الفرص المتاحة في إنتاج الأدوية الأساسية، وأدوية الأورام، والمعدات الطبية، بدعم من منطقة اقتصادية خاصة للأدوية في كيلينتو، مع حوافز ضريبية تصل إلى 14 عامًا وبنية تحتية مصممة خصيصًا. وفي قطاع الطاقة، فإن إثيوبيا لديها القدرة على توليد أكثر من 60 ألف ميغاواط من الطاقة المتجددة، مشيرةً إلى ارتفاع الطلب على الكهرباء بنسبة 30-35% سنويًا، وخطط الحكومة لزيادة الطاقة الإنتاجية إلى 17 ألف ميغاواط بحلول عام 2030. وقد حققت صادرات الطاقة إلى الدول المجاورة أكثر من 263 مليون دولار أمريكي في غضون عشرة أشهر فقط، مع استمرار توسيع نطاق النقل عبر الحدود.
قالت إن القطاع الرقمي يشهد نموًا سريعًا، إذ يبلغ حجم سوقه 11 مليار دولار، مدفوعًا بإصلاحات داعمة مثل استراتيجية إثيوبيا الرقمية، وأسعار الكهرباء التنافسية، ومجمعات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات المتخصصة. وتشمل فرص الاستثمار مراكز البيانات، والخدمات السحابية، والتكنولوجيا المالية، وتقنيات المدن الذكية.
وفي قطاع التصنيع، تشمل إمكانات إثيوبيا قطاعات تجهيز المنتجات الزراعية، وتجميع السيارات الكهربائية، ومواد البناء، والمواد الكيميائية. وأشارت إلى أن إثيوبيا تحتل المرتبة السابعة عالميًا من حيث الثروة الحيوانية، مما يتيح قطاعًا حيويًا للجلود والمنسوجات، مع أكثر من 3700 شركة وأراضٍ شاسعة لإنتاج القطن. كما أبرزت الفرص المتاحة في قطاعي البناء والعقارات، مشيرةً إلى أن القطاعين يُمثلان 21% من الناتج المحلي الإجمالي. ومن المتوقع أن يصل الطلب على المساكن إلى 471 ألف وحدة سنويًا حتى عام 2035، مقابل معروض حالي يبلغ 165 ألف وحدة. وقد بدأت الشراكات بين القطاعين العام والخاص تُثمر بالفعل في مبادرات الإسكان الميسور التكلفة.
وفي مجال الرعاية الصحية، فقد وصل الإنفاق السنوي بمبلغ قدره 5 مليارات دولار، بما في ذلك أكثر من 100 مليون دولار تُنفق في الخارج للعلاج المتخصص. حثّت المستثمرين على النظر في المستشفيات الجامعية، وخدمات التشخيص، والتصنيع الطبي، مشددةً على ضمانات المشتريات الحكومية طويلة الأجل.
كما برز قطاعا السياحة والتعدين في عرضها التقدم مستشهدةً بتراث إثيوبيا الثقافي والطبيعي الغني، ودعت إلى الاستثمار في الفنادق الفاخرة، والمنتجعات البيئية، والبنية التحتية للمغامرات. وفي مجال التعدين، سُلّط الضوء على الإصلاحات الأخيرة والأداء القوي للصادرات 2.5 مليار دولار من الذهب خلال عشرة أشهر إلى جانب الإمكانات المتاحة في الليتيوم والبوتاس والبلاتين والمدخلات الصناعية. في الختام، فإن لدى إثيوبيا “أفق جديد” يشهد تحولاً هيكلياً. ودعت المستثمرين الدوليين إلى الشراكة في مستقبل البلاد و”تشكيله معًا”.