عمر حاجي
إن الإصلاحات التي جاءت بها الحكومة الأثيوبية بقيادة رئيس الوزراء أبي أحمد بعد مجيئه إلى زمام السلطة في 2018م شملت العديد من القطاعات العامة والخاصة. ومن ضمنها قطاع البنوك والزراعة والصناعة وتقديم الخدمات والنمو الإقتصادي بشكل عام على الرغم من مواجهة التحديات الداخلية والخارجية مثل، وباء كوفيد19 والحرب في الشمال وغيرها. حيث يعتبر القطاع الإقتصادي أو المالي من أكثر القطاعات التي شهدت تطوراً وتحسناً نوعياً في أثيوبيا.
وقد شهدت السنوات الثلاث الماضية العديد من الأنشطة فى توسيع المجال الإقتصادي والمالي من خلال زيادة عدد البنوك والمؤسسات المالية العامة والخاصة. وكان من أهمها الموافقة على فتح قطاع البنوك غير الربوي الذي يتم تنظيمه وكسب المال فيه وإنفاقه في أوجه التنمية والذي ظل غير مسموح به خلال الأنظمة السابقة. كما أن النظام الإقتصادي في البنوك الإسلامية غير ربوية. وتعرف بأنها مجموعة من القواعد التي تعتمد على أصول العقيدة الإسلامية، وهي القرآن والسنة النبوية الشريفة والإجتهاد الفقهي. وتهتم جميعها في متابعة الأعمال الإقتصادية ضمن البيئة الإجتماعية.
ويوضح علماء المال، بأنه أسلوب إقتصادي يعتمد على القواعد الإسلامية في إستخدام الموارد من أجل توفير حاجات الناس. وتتضمن الشركات والإستثمارات أصولا إقتصادية تعمل وفقاً للمبادىء والقيم الإسلامية والتي يمكن تطبيقها بما يتلاءم مع ظروف الزمان والمكان. وكان الإقتصاد والتمويل البنكي في إثيوبيا يعتمد فى تعاملاته على النظام الربوي فقط. إلا إنه بعد الإصلاحات قد إرتفع عدد البنوك خلال السنوات الأربع الماضية من 18 بنكا الى 30 بنكا، كما زاد عدد الفروع من 5564 الى 8944 فرعا فى أثيوبيا وفقا لما ذكره محافظ البنك الوطني الأثيوبي الدكتور يناجر دسي.
وأوضح الدكتور سلمون دستا نائب محافظ البنك المركزي في مؤتمر الإقتصاد والتمويل غير الربوي والذى عقد مؤخرا، بأن القطاع المالي غير الربوي يشهد تطوراً ملحوظاً فى إثيوبيا، حيث بلغ إجمالي الإيداعات 117 مليار بر، و11 مليون حساب مفتوح عبر3 مصارف كاملة و11 بنكا تقليديا ويقدم خدمات مالية غير ربوية بقيمة 35.5 مليار بر لـ 4842 من المستفيدين حتى نهاية العام الأثيوبي يوليو 2022.
فإن الإصلاح فى مجال التمويل غير الربوي يتمثل فى ثلاثة محاور: وهي قرارات إنشاء بنوك إسلامية كاملة، أو فروع غير ربوية، والموافقة على العمل فى مجال التكافل الإسلامي، والموافقة على العمل في فتح مؤسسات تمويلية إسلامية. ونتج عن هذه القرارات ثلاثة بنوك إسلامية تعمل حالياً فى اثيوبيا، وهي بنك زمزم وبنك الهجرة وبنك زاد إلى جانب 11 من البنوك المحلية التي تقدم خدمات غير ربوية بجانب مؤسستين تمويليتين فى إطار التشغيل، كما تعملان فى إطار القروض حسب ما ذكر وزير المالية السيد أحمد شدي. وهناك أربع مؤسسات أخرى فى إطار التشكيل للعمل في المجال التكافلي.
ولهذا، تسعى إثيوبيا للإستفادة من مجال التمويل الحلال والذي أصبح من القطاعات المتنامية عالمياً حيث يمكن للبنك الإسلامي للتنمية أن تساعد في تنمية صناعة اقتصاد الحلال في العالم إلى 3,2 تريليون دولار بحلول عام 2024. وترغب أثيوبيا لاستغلال هذه الفرصة التي يتيحها هذا الاقتصاد لتجاوز الأزمات الاقتصادية الراهنة. وذلك من خلال إجراء مزيد من الدراسات والبحوث المتعلقة في هذا المجال وتوسيعه، خاصة مع تزايد المستخدمين له فى الداخل والخارج.
وناقش عديد من الخبراء فى هذا المجال وكذلك عددا من القضايا ذات الصلة بالتحديات والفرص المتعلقة بالتمويل والبنوك والسندات غير الربوية وتطبيقات البنوك غير الربوية وتكنلوجيا التمويل الرقمي. وإتفق المشاركون على ضرورة تعزيز المجال من خلال تعديل القوانين ومراقبة العمل وفقاً للشريعة الإسلامية إلى جانب توسيع التمويل لعمل الشباب، مؤكدين على دورهم فى إدخال العديد من شرائح المجتمع والتي تجد قبولاً لديهم.
وبناء على ذلك، يقدم بنك داشن نظام الائتمان الرقمي، حيث دخل هذا البنك في شراكة مع نظام إيغيل للتكنولوجيا لدعم المعاملات الائتمانية القديمة للمجتمع باستخدام التكنولوجيا الحديثة، وقد وضع أول مخطط له تحت عنوان “اشترِ الآن وادفع لاحقًا” المعروف محليا باسم” Dube Ale” يعني القرض موجود.
وفي هذا السياق ذكر السيد أسفاو ألموا الرئيس التنفيذي لبنك داشين: بأن المخطط يمكّن المجتمع من شراء السلع والخدمات والدفع لاحقًا في غضون ثلاثة أشهر أو ستة أشهر أو سنة، بفائدة أو بدون فوائد. ومن المتوقع أن يعزز المنتج قاعدة العملاء من الشركاء التجاريين لأنه يمكّنهم من شراء الإحتيات بأسعار معقولة الآن، ودفع الترتيبات لاحقًا وتغذية الأنشطة الاقتصادية. ويمكّن هذا النظام المستهلكين من شراء المنتجات والخدمات التي قد تكون مقيدة بسبب إمكانياتهم المحدودة على الدفع مقدمًا في اللحظة التي يحتاجون إليها مع خيار الدفع المؤجل الذي أحدثه بنك داشين تحت عنوان نظام “القرض موجود” يتم تشجيع الاستهلاك والاستخدام، مما يؤدي بدوره إلى زيادة معدل دوران التجار والتجارة على حد سواء. كما أن نظام “القرض موجود” في بنك داشين، هو رائد في تقديم المنتجات والخدمات المدعومة بالتكنولوجيا والصناعة المصرفية الإثيوبية. وقد كان البنك رائدًا في منتجات الادخار والائتمان الصغيرة بالتعاون مع شركة تيلكوم الإثيوبية في أغسطس 2022 كما ذكر السيد أسفاو ألمو.
وذكر السيد بإيسوفقاد غيتاتشو المدير العام لتكنولوجيا نظام” إيغيل ليون” إنه يمكن لأي شخص تنزيل وتطبيق نظام “القرض الموجود” من المتجر أو التطبيق، ومن ثم التسجيل في الخدمة لبدء الاستخدام. وما على المرء إلا الذهاب إلى الفرع القريب من بنك داشين للحصول على الخدمة للإنفاق والبدء في استخدام المخطط. كما ذكر، أنه يمكن للموظفين التقدم بطلب للحصول على هذا القرض عن طريق كتابة خطاب من مكتبهم الذي يوضح وظيفتهم وراتبهم. وإذا كانوا يعملون لحسابهم الخاص، فيمكنهم الذهاب إلى البنك برخصة عملهم التي تثبت ذلك، بالإضافة إلى دخلهم القانوني.
وأن قائمة مراكز الأعمال التي تقدم خدمات ائتمانية متاحة للتطبيق، ويمكن للعملاء شراء المنتجات والخدمات التي يختارونها على التطبيق دون الحاجة إلى حمل نقود بناءً على مبلغ الائتمان المعتمد عليه. ومما تجدر الإشارة إليه هنا، فإن سقف القرض المسموح به في الوقت الحالي هو 700000 بر، حسب ما ذكر السيد بإيسوفقاد.