سفيان محي الدين
تعتبر الإصلاحات الإقتصادية مهمة لتغيير النمو الإقتصادي ولكن تحتاج أيضا إلى بذل جهود جبارة في مجال تدريب القوى العاملة المخلصة للوطن وخاصة القوى العاملة المتعلمة والماهرة والتي لها خبرات عالية وفريدة من نوعها ولذلك يجب ان تركز الحكومة في مجال الإستثمار وفتح آفاق التعليم وتنمية القوى العاملة القوية وذلك عبر دعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة التي تكافح البطالة وتخلق فرص العمل للمواطنين وفي هذا الاطار أجرى مراسل صحيفة “العلم ” مع الخبير الإقتصادي الدكتور على حسين والحوار كالتالي :-
العلم : كيف تقيمون الإصلاحات الإقتصادية الأخيرة التي قامت بها الحكومة الأثيوبية ؟
الخبير الإقتصادي الدكتور على حسين: إن الإصلاحات الإقتصادية دائما تعتبر جزءا أساسيا من إستراتيجية أي دولة حيث أن حكومة أثيوبيا تسعى إلى دفع عجلة التنمية الإقتصادية وتوفير فرص جديدة للمواطنين ،ومن الضروري النظر إلى تأثيرها على مختلف القطاعات و الإصلاحات الأخيرة في أثيوبيا كانت شاملة لأنها تهدف إلى مكافحة التحديات الإقتصادية وتحديث النمو الإقتصادي وجعله أكثر تنافسية على المستوى الإقليمي وهذه الإصلاحات تشتمل تحرير بعض القطاعات وتحسين هيئة الإستثمارات وتعزيز القطاعات الخاصة .
أولا نبدأ من الناحية الإيجابية حيث ساعدت هذه الإصلاحات في جلب بعض المستثمرين الأجانب إلى البلاد وتحسين البنية التحتية و بدأت الدولة الأثيوبية في تمكين المستثميرن الأجانب ،ولكنها واجهت التحديات في إرتفاع التضخم والبطالة وفي بعض الأحيان بسبب إنتقال الإقتصاد السريع و أقول انه يجب على الحكومة العمل باستمرار في مراقبة هذه التأثيرات وهذه الإصلاحات وإجراء التعديلات اللازمة وذلك لأجل ضمان تحقيق الأهداف الإقتصادية اللازمة وذلك بدون المساس بذوي الدخل المنخفض للمواطنين فلابد من أخذها بعين الإعتبار لهذه الإشكالية .
أن من الإيجابيات لهذه الإصلاحات هو جذب الإستثمارات الأجنبية وتحرير القطاعات والإتصالات والبنوك الأجنبية وتخفيف القيود على المستثمرين الأجانب و تشجيع العديد من الشركات العالمية إلى الدخول الي الأسواق الأثيوبية وعلى سبيل المثال نجد الآن دخول الصينيون والأروبيون والأمريكيون الذين يتجهون إلى أثيوبيا للإستثمار ، وهذا مما يعزز تدفق العملات الأجنبية إلى البلاد.
كما تعزز الاصلاحات ايضا الإحتياط النقدي في البلاد و رصيد العملات الأجنبية في البنك المركزي وذلك من خلال الإصلاحات الهيكلية وتسعي أثيوبيا إلى تحقيق نموا إقتصاديا أكبر وتحويل الإعتماد على الإقتصاد الزراعي الي الاعتماد علي الاقتصاد الصناعي والخدمات أكبر من أي وقت مضي وذلك مما يعزز تنويع إقتصاد البلاد ويساهم في تحسين النمو المستدام وهذه من الإيجابيات.
كما تسعى الحكومة الأثيوبية الي تحسين البنية التحتية من المشاريع وتشتمل تلك الإصلاحات بناء الطرق والموانئ والطاقة مما يجعل أثيوبيا مركزا إقليميا في شرق القرن الإفريقي في مجال التجارة والنقل .
وأيضا من الإيجابيات الأخرى هو خلق فرص العمل واستقطاب الإستثمارات الجديدة لفرص العمل مما يساعد في تعزيز قطاع التصنيع والخدمات وخلق فرص العمل للمواطنين في هذ المجال مما يقلل من مستويات البطالة وخصوصا بين الشباب من خلال اتخاذ القرارات المناسبة خلال عملية تنفيذ الإصلاحات مثل تحرير الإقتصاد أمام القطا ع الخاص من القيود وذلك ممايؤدي بدوره إلى نمو الإقتصاد وتعزيز جودة تقديم الخدمات للمواطنين أثناء تنفيذ الإصلاحات .
ومن السلبيات هو ان التضخم دائما يأتي عندما تكون الإصلاحات الإقتصادية سريعة حيث يؤدي إلى إرتفاع التضخم أثناء تنفيذ عملية الإصلاحات في زيادة أسعار السلع الأساسية والخدمات وهذا يؤثر بدوره سلبا على القدر الشرائية للسلع على المواطنين ذوي الدخل المحدود فلذلك لابد من الحكومة أن تعمل بحذر وبدقة .
ومن السلبيات هو التفاوت الإقتصادي حيث يمكن أن يؤدي الي توسع الفجوة بين الأغنياء و الفقراء والمساكين ورجال الأعمال حيث يستفيد الأغنياء ورجال الأعمال من الفرص الجديدة بينما يعاني الفقراء والمساكين من التكاليف الإقتصادية المعيشة في المدى القصير وليس بالمدى الطويل.
ومن السلبيات الأخرى هناك الإعتماد علي الإستثمارات الأجنبية الكبيرة، وربما تؤدي إلى السيطرة الخارجية على بعض القطاعات الحيوية في الإقتصاد إذا لم يتم التتبع من جانب الإدارة الحكومية .
ومن السلبيات الإقتصادية هي الديون الخارجية بسبب الإنفاق الكبير من قبل الحكومة على مشاريع البنية التحتية وربما يؤدي إلى إرتفاع التأثيرات الإقتصادية من الديون الخارجية وهذا يتطلب على الحكومة مراقبة التوازنات بهدف تحقيق استفادة اكبر من هذه الإصلاحات الإقتصادية، ويجب على الحكومة الأثيوبية إتخاذ خطوات لأجل تقليل هذه التأثيرات السلبية ذلك يجب ان تشتمل تلك الخطوات ضمان حماية الفئات الأكثر ضعفا من الفقراء من هذه التضخمات وتحسين سياسات التعليم والتدريب والتكيف مع هذه التحولات في سوق العمل ومواصلة استمرارية مراقبة الديون الخارجية وذلك بهدف تجنب أية أزمات مستقبلية في مجال الإقتصاد.
العلم : كيف يمكن أن تلعب تلك الإصلاحات الإقتصادية في جذب المستثمرين وتوفير العملات الأجنبية ؟
طبعا في الإقتصاد العالمي يعتبر جذب الإستثمارات الأجنبية نجاحا حيث تؤدي الإصلاحات الإقتصادية الي تحفيز ثقة المستثمرين وتوفير بيئة ملائمة للإستثمار ” والسؤال الذي يطرح نفسه “كيف تساهم هذه الإصلاحات في تحقيق هذا الهدف الحيوي وذلك عبر تعزيز إحتياطات البلاد من العملات الأجنبية وفتح قطاعات كانت مغلقة أمام الإستثمار الأجنبي في هذه الدولة ويساعد بشكل كبيرفي جذب المستثمرين وذلك من خلال تحسين المناخ والآمال وتقليل الروتين الحكومي ، ومن هنا تصبح أثيوبيا وجهة أكثرجاذبية للمستثمرين الأجانب وعلى سبيل المثال تحسين الإتصالات والنقل والطاقة أيضا تزيد من فرص الإستثمارات التي تجلب العملات الأجنبية إضافة إلى ذلك تسهيل عملية تصدير المنتجات أوتخفيف الرسوم الجمركية يمكن أن يزيد تدفق العملات الأجنيبة وذلك من خلال تعزيز التجارة الخارجية . و الدولة غنية بالثروات الطبيعية فلابد أن نستفيد من هذه الإستثمارات وجلب المستثمرين الأجانب حتى يستثمروا في بلادنا لأننا لانملك التكنلوجيا وهناك المستثمرون الذين لديهم القدرة المالية والتكنلوجية وكذلك عندهم الخبرات سابقا في بلدهم وطوروا بلدانهم فنحن إذا جلبنا هؤلاء المستثمرين وقد هيئنا لهم فرص العمل والجو الملائم لهؤلاء المستثمرين إذا أصلحنا البيئة و السياسية والبيئة الإقتصادية سنستفيد من هذه الإصلاحات التي ستلعب دوراحيويا في جذب المستثمرين وتوفير العملات الأجنبية .
العلم : ماهي التحديات والفرص التي تواجه تلك الإصلاحات ؟
ذكر الدكتورعلى بأن هنا ك في العالم اليوم لاتوجد الإصلاحات الإقتصادية دون مواجهة التحديات لكن في الوقت نفسه تأتي معها فرص كبيرة في مجال النمو الإقتصاد ي بينما يوجد التضخم والبطالة و فرص جذب المستثمرين وتعزيز التنمية المستدامة ومن الضروري تقييم الوضع من هذه التحديات بشكل شامل .
ومن أبرز هذه التحديات التي تواجه الإصلاحات الإقتصادية كما هو معلوم هو التضخم الإقتصادي المتزايد الذي يؤثرسلبا على القدرة الشرائية للمواطنين دائما تحصل التضخمات عندما نسعى إلى الإصلاحات الإقتصادية كما أن الإنتقال السريع إلى إقتصاد السوق الحر فجأة يأتي منه إلى التفاوت الإقتصادي وزيادة الفجوة بين الطبقات إضافة إلى ذلك هناك تحديات تتعلق في البنية التحتية والبيئة القانونية التي قد تحتاج إلى المزيد من التحسين وذلك لضمان إستمرارية النمو الإقتصادي .
وعلى جانب آخر هنالك الفرص المتاحة الكبيرة التي ذكرنا إياها سابقا وأن أثيوبيا تمتلك الموارد الطبيعية الهائلة وسوقا شابا ونموا ملحوظا مما يجعلها جذابة للإستثمار في القطاعات الزراعية والطاقة المتجددة والتكنلوجيا و مع إستمرار الحكومة في تطوير البنية التحتية وتحسين التشريعات يمكن أن تلعب هذه الإصلاحات دورا رئيسيا في دفع الإقتصاد نحو تحقيق النمو بمعدلات أعلى.
ومن التحديات عدم فهم المجتمع من فائدة هذه الإصلاحات الإقتصادية فلابد من نشر الوعي الكافي وكيف تساهم هذه الإصلاحات في تطوير الدولة وكيف تكون هذه الإصلاحات ضمانا وبداية لهذه الأجيال والأجيال القادمة وهذه الإصلاحات تحتاج إلى الخبراء لتبادل الأراء بهدف تحديد الحل الأمثل وبحث الحلول لتلك التحديات والبناء لتطوير النمو الإقتصادي .
العلم :ماهي الحلول لتلك التحديات؟
عندما تظهر هذه التحديات في مجال الإصلاحات الإقتصادية لابد من الدراسة بعملية مبتكرة وبرؤية واضحة لأجل تجنب الآثار السلبية من هذه التحديات ولضمان نجاح الإصلاحات و تفادى الصعوبة التي تواجه النمو الإقتصادي الأثيوبي ويمكن للحكومة إتباع سياسة نقدية أكثر للسيطرة على مراقبة العروض النقدية لأن التعامل العالمي بالدولار قد سيطر على البر الأثيوبي ،وكذلك ينبغي على الحكومة تعزيز الدعم الإجتماعي لحماية الطبقات الفقيرة من الأثار السلبية خلال تنفيذ الإصلاحات الإقتصادية حتى وكذلك أيضا تحسين البنية التحتية لجذب المزيد من المستثمرين وهو مايمكن تحقيقه من خلال الشراكة بين القطاعين العام والخاص وتعزيز الشفافية في القوانين والإجراءات وتقليل البروقراطية المتشدة وأيضا حل مشكلة البطالة وذلك عبر خلق فرص عمل متعددة في شتى المجالات وتقديم التدريبات وذلك بهدف تحسين المعيشة للمواطنين ولابد من الإستفاد من القوى البشرية وفتح المجال للمستثمرين في شتى المجالات وهذه من ضمن حلول التحديات الإقتصادية .
العلم :ماذا يجب على الحكومة أن تفعل من أجل جذب المزيد من المستثمرين الأجانب ؟
وأكد الدكتورعلى انه في ظل التنافس العالمي الشديد على استقطاب الإستثمارات الأجنبية يتعين على الحكومة إتخاذ الخطوات الجريئة لتحسين جاذبيتها وضمان الفرص للمستثمرين ويجب أن تعمل الحكومة على توفيرالحوافز للمستثمرين مثل الإعفاء الضريبي أو التخفيضات الضريبية، وإلغاء القيود التنظيمية ، والإستثمار في البنية التحتية وهذه هي الأساسيات لفتح مجالات الإستثمار للبلاد مما يشجع المستثمرين على الدخول في القطاعات المختلفة على سبيل المثال في مجال الزراعة والطاقة والتكنلوجية والتركيز على البنية التحتية لأنها المحور الأساسي لتطور البلاد وعلى سبيل المثال بناء الطرق و تمديد الطاقة الكهربائية ، وإذا تم التطبيق والإلتزام من قبل الحكومة عبر تأمين حماية قانون الإستثمار والمستثمرين سوف نجذب كبار المستثمرين الذين لهم الخبرات العالية إلى البلاد.