أرض الصومال” تنصح مصر بـ”إعادة توجيه جهودها الدبلوماسية إلى معالجة الصراعات المستمرة مع جيرانها المباشرين مثل السودان وليبيا

نصحت “جمهورية أرض الصومال” مصر بـ”إعادة توجيه جهودها الدبلوماسية إلى معالجة الصراعات المستمرة مع جيرانها المباشرين مثل السودان وليبيا وغزة”، في رد هادئ على موقف القاهرة الغاضب من اتفاق بين أرض الصومال وإثيوبيا يتيح لأديس أبابا منفذا إلى البحر الأحمر.

وتشير النصيحة التي جاءت في بيان صادر عن حكومة أرض الصومال إلى أنه كان أولى بمصر أن تجد حلولا لمحيطها المباشر ولملفات تهم أمنها القومي بدلا من مناقشة موضوع خلاف بعيد عنها.

وقال البيان، في إشارة إلى كل من السودان وليبيا وغزة، إن هذه البلدان تواجه حاليا “تحديات كبيرة ونعتقد أن مشاركة مصر البنّاءة يمكن أن تسهم بشكل كبير في تحقيق السلام والأمن الدائمين”.

وشددت حكومة أرض الصومال على أنها تكرر معارضتها الثابتة لأي تدخل خارجي في شؤونها الداخلية، وإن كانت “تعترف بالمخاوف والهواجس المصرية بشأن الاستقرار في منطقة القرن الأفريقي”.

جاء البيان بعد مرور يومين على خطاب شديد اللهجة أدلى به الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، حيث قال إن الاتفاق بين إثيوبيا وأرض الصومال ليس مقبولاً لأي أحد. و في مؤتمر صحفي مع نظيره الصومالي حسن شيخ محمود الأحد في القاهرة “بكل وضوح مصر لن تسمح لأحد بتهديد الصومال، أو (بأن) يمس أمنه، محدّش (لا ينبغي لأي أحد أن) يجرب مصر، ويحاول يهدد أشقاءها خاصة لو أشقاءها طلبوا منّا التدخل (ولا ينبغي له أن يحاول تهديد أشقائها خاصة إذا طلب منا أشقاؤها التدخل)”.

ويرى مراقبون أن بيان حكومة أرض الصومال، وإن جاء هادئا وغير مباشر، يتضمن رسالة مبطنة إلى القاهرة تفيد بأن الاتفاق شأن يخص أرض الصومال وإثيوبيا، ولا يحق لأي جهة أن تتدخل فيه.

بيان حكومة أرض الصومال، وإن جاء هادئا، يتضمّن رسالة مبطنة إلى القاهرة تفيد بأن الاتفاق شأن لا يخصّها

وقال البيان “تحترم أرض الصومال جميع الالتزامات الدبلوماسية ضمن الإطار الدولي المعمول به وتشجع جميع الأطراف ذات العلاقة على التركيز على تعزيز الاستقرار الإقليمي والشراكة البنّاءة” .

وأكد البيان أن حكومة جمهورية أرض الصومال ستواصل المشاركة في المناقشات الدبلوماسية والتعاون مع جميع البلدان لتعزيز السلام والتنمية في القرن الأفريقي.

ويقول متابعون إن هناك قلقا مصريا شديدا من حصول إثيوبيا على قاعدة عسكرية في أرض الصومال قد تكون لها تأثيرات بعيدة المدى على الأمن في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن، وبالتالي قناة السويس، وتمنح أديس أبابا ذراعا تعزز من خلالها مكانتها الإقليمية.

وكان موسى بيهي عبدي، رئيس أرض الصومال، قال في بيان إنه مقابل حصولها على منفذ إلى البحر ستعترف إثيوبيا رسميّا بأرض الصومال. لكن الحكومة الإثيوبية لم تؤكد ذلك.

وقالت في بيان إن الاتفاق “يتضمن بنودا لقيام الحكومة الإثيوبية بإجراء تقييم معمّق تجاه اتخاذ موقف بشأن جهود أرض الصومال لنيل الاعتراف بها”.

لكنها قالت أيضا إنه على الرغم من عدم الاعتراف الكامل بأرض الصومال فقد وقعت اتفاقيات مع دول مختلفة، لأسباب؛ بما في ذلك تطوير ميناء فيها، وأضافت “مع ذلك لم يكن هناك أي تذمر أو شكوى عندما حدث ذلك”. غير أن بيان الحكومة الإثيوبية أكد أن “أي طرف أو دولة لن يتأثرا بمذكرة التفاهم هذه. لم تُفقد الثقة ولم تُنتهك أية قوانين”.

وعلق علي ذلك من جيبوتي الفتي الذهبي قائلا ” على رئيس جمهورية صوماليلاند المباركة أن يُطمئِن الأشقاء في مصر وذلك من خلال اثبات أن مخاوفهم بشأن مذكرة التفاهم بين صوماليلاند وأثيوبيا لا تشكل تهديدا لأحد وإنما هي اتفاقية هدفها تبادل المنافع والمصالح بين البلدين (أثيوبيا وصوماليلاند)

وعلى رئيسنا أيضًا أن يؤجر مصر قاعدة عسكرية من خلالها يحمون مصالحهم في المنطقة في حال رغبوا في ذلك ولكي تتبدد مخاوفهم.

تحيا جمهورية صوماليلاند

الباحث في العلاقات الدولية والعلوم السياسية، عمار فايد، قال لـ”العربي الجديد” إن “ذلك كلام (السيسي) يدعو للعجب، لأن إثيوبيا تحديداً اختبرت النظام المصري في ملفات أكثر حساسية مثل سدّ النهضة، وتمرد تيغراي، والسودان، وكلها ملفات كانت مصر عاجزة فيها عن الدفاع عن حقوقها المباشرة والحيوية، فلماذا ستقلق من موقفهم الداعم للصومال؟”.

وأضاف فايد أن رئيس الحكومة الإثيوبية “أبي أحمد يتحرك دائماً بنهج فرض الأمر الواقع، وهو يدرك التوازنات بصورة جيدة”. وتابع: “الموقف العربي غالباً سيظل سياسياً، ولن يجبره على التراجع، خصوصاً وهو مدعوم بصورة مباشرة من الإمارات وفرنسا، وكلاهما قادر على الضغط على عدة أطراف عربية لعرقلة أي خطوات جادة”.

وحول تلويح السيسي باستخدام اتفاق الدفاع العربي المشترك ضد إثيوبيا، قال فايد إنه “عملياً لم يفعل وليس موجوداً تاريخياً، ولم يفعل في لبنان 1982 (في إشارة إلى الاجتياح الإسرائيلي للبنان) ولا في العراق ولا سورية”.

قال الباحث في الشؤون الأفريقية  والمسؤال الاثيوبية موسى شيخو، إن مذكرة التفاهم المبرمة بين إثيوبيا وأرض الصومال، لا تشكل تهديداً لأمن أي دولة، واصفا محاولات ربطها بالأمن القومي العربي بـ “المضللة” و”غير المسؤولة”.

وأضاف شيخو – في حوار مع “فانا”- أن إثيوبيا ترفض تدخلات بعض الدول في شؤون إثيوبيا الداخلية، مستنكرا بعض التصاريحات الصادرة من قبل قادة بعض الدول، داعيا إياهم إلى تحمل دور الريادة ودعم حوار فعال لحل القضية بطريقة سلمية.

وأكد موسى شيخو أن ربط بعض الدول إتفاقية هرجيسا وأديس أبابا بالأمن القومي العربي يعبر عن نهج غير مبرر، مشيرًا إلى أن مساعي إثيوبيا تقتصر على الايجار العادي لمنفذ بحري، وهي ممارسة ليست جديدة “إثيوبيا فعلت ما فعلته الدول غير الساحلية”.

وشدد شيخو على أن هذه الاتهامات تفتقد إلى الأساس، مشيرًا إلى أن محاولة إثيوبيا الوصول إلى البحر تمت عبر اتفاقية معروفة بين أرض الصومال وإثيوبيا.

وأكد أن وجود قاعدة عسكرية في المكان الذي تستاجر فيه الميناء أمر طبيعي، حيث  أن الوصول إلى المنفذ البحري ووجود قاعدة عسكرية يعتبران أمران طبيعيان لتأمين الميناء، متسائلًا عن مصدر التهديد الأمني الذي تثيره بعض الجهات.

ونوه إلى أن هذه الدول تسعى لتضليل الرأي العام أو صرف النظر عن الأحداث في المنطقة، والأزمات السياسية والاقتصادية الداخلية. وأضاف أن قادة هذه الدول يسعون إلى تحويل إنتباه الرأي العام العربي عن هذه القضايا عبر إثارة موضوع الصومال.

Recommended For You

About the Author: Samaray Galagai

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *