دور مساهمة البنوك الإسلامية في التنمية الإقتصادية والإجتماعية؟

عمر حاجي

 

تقوم المصارف الإسلامية الخالية من الفوائد الربوية بدور فعال ومهم في عملية التنمية الاقتصادية والإجتماعية، ويتضح ذلك من نظام العمل فيها القائم على أساس عدم التعامل بالفائدة أخذا وعطاءا. والنظام العام الذي يلزمها بتحري الحلال والحرام، والابتعاد عن الشبهات في تمويلاتها واستثماراتها المباشرة وأشكال التجارة أو الصناعة كافة التي تقوم بها مباشرة أو مشاركة.

وإن توافر هذا العنصر في أعمال وأنشطة المصارف الإسلامية يمثل نقطة ذات أهمية بالغة في دائرة اتفاق إنبثقت من وضع المال في خدمة المجتمع وإسعاد الفرد وتوسيع قاعدة المستفيدين من الأموال، وتحقيق صالح  لكل الأطراف من المودعين والمستثمرين. وكل ذلك يتفق مع الأرضية الفكرية للخيار التنموي الملائم للمجتمع الإسلامي.

وبناء على هذا، نظم بنك الهجرة برنامج إطلاق حملة وحلقة نقاش مع أصحاب المصلحة في فندق اسكاي لايت، بهدف زيادة مشاركة المجتمع في التنمية الإقتصادية، وزيادة الوعي حول التمويل الحلال. وتقام إطلاق هذا الحدث لأول مرة في إثيوبيا على مستوى الوطن. ويتوقع أن يكون بمثابة مباردة لزيادة الوعي بتمويل الحلال في المجتمع من خلال التنسيق مع مختلف أصحاب المصلحة.

وقد شارك في هذا الحدث العديد من مؤسسات التعليم العالي، بما في ذلك جامعة أديس أبابا وجامعة وللو، وسمرا، وجيجيجا وجامعة جما، وجامعة مد ولابو، وجامعة أرسي، وهرومايا، ومؤسسة ماكسبريدج للتنمية والتعليم، كما شاركت قيادات البنك المركزي الوطني. إلى جانب تقديم الخدمات المصرفية المنتظمة التي يقوم بنك الهجرة بإجراء برامج توعية بالتعاون مع مختلف المؤسسات الإعلامية ومنتديات التدريب والمناقشة حول النقاط التي يمكن العمل بها مع الأطراف ذات الصلة، لتمكين تجربة التنشيط المجتمعي التي يقوم بها بنك الهجرة بشكل منفصل.

وفي هذا الصدد، قال رئيس البنك السيد داويت قانو: إن منتدى النقاش هذا الذي حضره مختلف مؤسسات التعليم العالي الحكومي والمنظمات غير الحكومية والمجالس الفيدرالية والإقليمية وممثلي البنك المركزي الوطني أن يعرضوا الأفكار العميقة. كما دعا الجميع إلى أن يقوموا بدورهم من أجل تفعيل هذا المجال.

ومن جانبه، أوضح رئيس مجلس إدارة البنك السيد عبد السلام كمال، أن بنك الهجرة يقوم بإعداد هذه المنصة لإجراء نقاش واسع النطاق مع مختلف الجهات المعنية، بطرح الأفكار حول التنفيذ بهدف تشجيع الجميع على الفهم والإدراك. مؤكدا على أن هذه القضية ملحة في هذا الوقت، وتحفيزهم للقيام بدورهم. كما أنه ملتزم بزيادة المشاركة الإقتصادية لمجتمعنا من خلال العمل الجاد على أنشطة التمكين المجتمعي، فضلا عن مساعدة القطاع على المساهمة في تنمية المجتمع من خلال زيادة تمويل إقتصاد الحلال في بلدنا.

وقال السيد عبد السلام: إنه في إطار سعينا المستمر لتعزيز الوعي حول الخدمات المصرفية الخالية من الفوائد في بلدنا يسعد بنك الهجرة أن يعلن من برنامج تدريب العلماء عن الجولة الثانية الذي يركز على الإقتصاد الإسلامي. وقد بدأ بنك الهجرة الجولة الثانية من برنامج التدريب والتوعية لكبار العلماء من أساتذة الفقه وقضايا الساعة الذين جاؤوا من مختلف المناطق حول مفهوم وقواعد الإقتصاد الإسلامي والفقه المعاصر،  حيث شارك في هذا البرنامج التدريبي والتوعوي أكثر من 80 عالما.

وأشار السيد عبد السلام إلى أنه سيتم تقديم التدريب من قبل الدكتور فضل مراد بروفيسور شئون الفقه المعاصر في جامعة قطر والمستشار العام، وعضو هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية (أيوفي)، واللجنة العامة للإجتهاد والفتوى للإتحاد الدولي، ومستشار الشريعة الدولية لبنك الهجرة الذي يستمر لمدة يومين. ومن المعتقد أن العلماء المتدربين سيكون لديهم فهم كاف للإقتصاد الإسلامي من خلال خلق الوعي بين أفراد المجتمع في المناطق التي يأتون منها، والعمل كجسر بين المجتمع الإسلامي ومجتمعهم. وسيلعب البنك والناس دورا مهما في التطور السريع في قطاع البنوك الإسلامية.

وفي هذا السياق، ذكر البروفيسور فضل مراد قائلا: إن الحبشة ليست غريبا عليها من هذه الفعاليات، فإنها بلد الجهرتين، وإنها بلد النظام السياسي العادل الذي أخبر عنها النبي محمد صلى الله عليهم وسلم، قبل 1400 سنة، بقوله، (إذهبوا إلى ملك لا يظلم عنده أحد)، فآووا الصحابة، وأسلم ذلك الملك العادل، وصلى عليه النبي محمد صلى الله عليه وسلم مع الصحابة في المدينة عند وفاته. وقال، لقد توفي اليوم العبد الصالح أو الملك الصالح. وهو حديث في الصحاح، وجاء بحديث شعبة عن أبي الزبير عن جابر بن عبدالله،-( وبالمناسبة من الفوائد العلمية شعبة لم يروى عن أبي الزبير عن جابريات، إذا وجدتم شعبة عن أبي الزبير عن جابر في غير حديث النجاشي فهو باطل. وصحح في ذلك الحاكم وغيره من العلماء)-. وهذا الحديث هو الحديث الوحيد في الكتب التسعة من حديث شعبة، وقد روي بطريق أخرى في كتب متعددة.

وقال الدكتور مراد: إن علماء إثيوبيا لهم مهد طويل في العلم، وأنتم تعلمون ذلك، بمؤلفاتهم وبطلابهم، ولا زالت المدارس الحقيقة في إثيوبيا تدرس إلى هذا اللحظة من العلوم المتبهرة في السنة اللغوي، والسنة الحديثي، والسنة الفقهي، والسنة الأصولي. ولكن مجيئنا إلى هنا، هو من باب الإشتراكة العلمية والمدارسة العلمية. والمسألة هي مسألة الربا، وهي جوهرية وهي من قواعد الشريعة. وقال: نحن لا نتحدث في التحسينات، ولا في المندوبات، ولا في المرجحات، وإنما نتحدث في الموجبات والموبقات. الموبقات منها، الربا.

وقال الدكتور مراد: إن الفقهاء يقومون ما يتم الواجب بذات الفوائد. فكان إنشاء البنوك غير الربوية في إثيوبيا فهي واجب. ولذلك، فإن البنوك الإسلامية بما فيه الفريضة التي تقوم بمعالجة الوضع الذي يوقع في موبقات هذه الربا. والأمر الآخر، هو الدورات العلمية. وهي دورات مفتاحية، والتي بدأها بنك الهجرة. وهي سلسلة من الدورات العلمية في المعايير الشرعية التي أصدرتها “أيوفي”. وهذه المعايير نحن نعدها من الثمرة اليانعة التي وصل إليها الفقه الجماعي في باب المعاملات المالية. وهي مستمدة من قرارات المجامع الفقهية، ومستمدة من قرارات الهيئة التي يترأسها الشيخ عبدالله   رئيس البنوك الإسلامية، الذي هو موجود بين أظهرنا، ومستمدة من قرارات الهيئة الإسلامية، ومستمدة من المؤتمرات الإسلامية. فهذه المعايير الشرعية، هي جهد جماعي قام به عقول من مختلف المبادئ.

وقال الدكتور مراد: إن بنك الهجرة عازم على نشر الوعي الفقهي على مستوى المعايير الشرعية وقرارات المجامع الفقهية. وسنتعاون بإذن الله سبحانه وتعالى. ولهذا، فإن من واجب العلماء هو وعي الناس وتقديم النصح للناس، وأن يوضحوا لهم، حول ماهي البنوك الإسلامية، وقال الله سبحانه وتعالى:{..ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا.. }، مشيرا إلى أن البنوك الإسلامية، مثل الماء العذب الزلل، وبنوك صافية قائمة على الحلال الطيب. فإذا أدرت الحلال استخدام بنوك المعاملات المالية الشرعية. ولهذا، على العلماء، أن يبلغوا الناس هذه الدورات العلمية، وما عرفوه من العلم للناس والعوام نصيحة لله. لأننا لا نتحدث عن المندوبات، بل نتكلم عن المسألة الكبيرة الموقعة في الموبقات، وهي الربا. وعلى العلماء أن يدرسوا هذا العلم عبر إقامة الدورات، ويتناصحوا فيما بينهم، ويوضحوا للعلماء أيضا الذين لديهم بعض الإلتباس في بعض المعاملة المالية في البنوك الإسلامية. ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفق بنك الهجرة، والبنوك الإسلامية لما يحبه ويرضاه، ويجازي العلماء الحاضرين جميعا خير الجزاء، والحمد لله رب العالمين.

وفي الصدد، أجرت صحيفة “العلم” حوارا مع الشيخ طاهر عبد القادر عبد العزيز، عضو اللجنة الشرعية في بنك الهجرة، وعضو تأسيسه، حول هدف الندوة؟، والفوائد المرجوة من تدريب العلماء؟ وحول الخدمات المميزة التي يقدمها المصرف الإسلامي؟ ومدى مساهمته في التنمية الإقتصادية والإجتماعية؟

قال الشيخ طاهر عبد القادر: إن الهدف منها، له جانبان: الجانب الأول، هو إعطاء التوعية للعلماء الذين يشاركون في لجنة الشريعة، لأنه ينقصهم الوعي في استخدام المعاملة المالية في مؤسسات البنوك الإسلامية، لكونها جديدة في بلادنا، وقد يكون بين العلماء إختلاف في فائدة البنوك الإسلامية غير الربوية، والفرق بينه وبين البنوك التقليدية الربوية. ومن هذا المنطلق، رأى بنك الهجرة توعية العلماء والجمهور. وكان هناك رجل متخصص بفقه المعاصر الذي يدعى، الدكتور فضل، وهو مقيم في دولة قطر، حيث إنه متخصص في الفقه المعاصر والمعاملات المالية، والربا، وهو عضو في هيئة العلماء على مستوى العالم، وعضو في بنك الهجرة. وله أيضا مؤلفات ونشرات كبيرة، ويأتي هنا ويعطي المحاضرات والتدريبات.

وبناء على هذا، أعد بنك الهجرة لإعطاء الدورة التدريبية قصيرة المدى، واستدعاه للمرة الثانية، لتحقيق هدف توعية الناس، وخصوصا علماء البلاد في أهمية البنك الإسلامي والإستفادة منه، والتخلص من الربا. لأن المسلمين كانوا سابقا بين أمرين، أحدهما، الحرمان من التعامل مع البنوك التقليدية، وبالتالي، عدم التنافس في نهضة إقتصاد البلاد والإستفادة من الأموال العامة خوفا من الدخول في الربا، لأنه محظور شرعا. ووعيده شديد جدا. والجانب الأخر التورط في الربا، ولذلك، فإن وسيلة التخلص منها، هو إيجاد البنك الإسلامي غير الربوي.

وقد بذل المسلمون الإثيوبيون في هذا الصدد منذ حكومة ملس زيناوي، ولم يجدوا منه الإجابة الشافية في هذا المجال،إعتقادا منهم بأن المسلمين سينسحبون من البنك التقليدي إلى هذا البنك إذا تم الترخيص لهم. وبعد نضال شديد وبذل جهود حثيثة مرارا وتكرارا، وافقت على إنشاء بنك زمزم. لكن بعض ما وافقت، وجمع المسلمون مبلغا كبيرا، وشكلوا المجلس الإداري تراجعت الحكومة عن القرار ومنعت عن الإستمرار. ولكن بعد أن جاء هذا التغيير الذي فيه إيجابيات، سمح للمسلمين بإنشاء البنوك الإسلامية غير الربوية، ووصل الآن إلى أكثر من 4 ، فهذه فرصة للمسلمين. على الرغم من ذلك، فإن المسلمين لم يستقبلوا ذلك باستقبال كاف. كما أن للبنوك الإسلامية لديها مميزات ومبادئ، وهي تقديم الخدمة النزيهة بالمبدأ الإسلامي، وهو مبدأ العدالة والمساوات، ومبدأ التيسير، ومبدأ القول للناس حسنى.

فإذا طبقت هذا البنوك هذه المبادئ، بالإضافة إلى أن التمويل الإ سلامي له عدة طرق. ليس كما هو في البنك التقليدي، من حيث طريقة القرض، ولكن أن البنوك الإسلامية ليست كذلك. فيه مرابحة، ومضاربة، فيه شراكة، وفيه قرض حسن، وفيه طرق متعددة. ومهمتها وهدفها أن يصرف في الإستثمار. وليس المبادرة للقروض من أجل الحصول على الربا، مثل البنوك التقليدية. ولذلك يحتاج الأمر إلى بذل الجهود، لأن هناك عقبات أمام البنوك الإسلامية الناشئة، ونسأل الله التوفيق للعلماء، وأن يوجهوا المسلمين في أن يلتفوا حوله، لانه لايستوي الخبيث والطيب.  وأن ما نلاحظه من مساندة أو إلتفاف الجماهير حول المصارف الإسلامية لهو ظاهرة ينبغي أن نتفهم دلالاتها العديدة والتي من بينها أن هذه المصارف تمثل حاجة الجماهير وتتفاعل معه وغيرها، وهذه كلها شروط ضرورية لنجاح المنهج التنموي.

ويكون للمصارف الإسلامية الدور الأساس، وليس مجرد دور ثانوي أو هامشي في إحداث التنمية وتحقيقها والإسراع بها في مجتمعاتنا. حيث إنها تتعامل بالمشاركة، وأكثر قدرة على تجميع الأرصدة النقدية القابلة للاستثمار. وأكثر قدرة على توزيع من الموارد النقدية المتاحة على أفضل الاستخدامات لأغراض التنمية الاقتصادية والإجتماعية. ولذا، يحتاج إلى توعية الناس وحول فوائد هذا البنك. وهناك فائدتين للمسلمين: الأولى الوصول إلى التمويل الحلال، وممارسة أعمال التجارة والإستثمارعن طريق الحلال، بالإضافة إلى أن البنك التقليدي فتح شباكا غير الربوية أيضا، وهذا أدى بدوره إلى تشوش الناس، ونقص الوعي لدى بعض العلماء في هذا المجال. كما أن الحاجة إلى البنك الإسلامي ضروري في الوقت الراهن. لأن مستوى الوعي والإستفادة منه لدى المجتمع متدنية. والثانية، التخلص من الربا. وإذا شارك جميع المجتمع في التنمية تنمو وتتطور البلاد وتزدهر. وأما إذا كان نصف المجتمع أشلاء في البلاد لا تتطور، لذلك نوصي للحكومة أن ترعى هذه البنوك التي يؤمن بها المسلمون، لأنهم جزء كبير من مواطني هذا البلد وإن استفادوا من هذه الفرصة بطرق صحيحة، وعد الله سبحانه وتعالى الزيادة. ولهذا، يجب أن يستفيدوا من هذه الفرصة.

 

Recommended For You

About the Author: Samaray Galagai