عمر حاجي
أديس أبابا (العلم) وقّعت إثيوبيا وكينيا مؤخرًا مشروع تطوير بوابة القرن الأفريقي بهدف تعزيز ربط البنية التحتية، والتنمية الاجتماعية والاقتصادية، وتسهيل التجارة، والتنمية عبر الحدود.
وتشير الدراسات إلى أن حجم التجارة عبر الحدود بين إثيوبيا وكينيا لا يتجاوز 284 مليون دولار أمريكي سنويًا، على الرغم من حدودهما المشتركة الممتدة على طول 861 كيلومترًا. وهذا يعني أن البلدين لا يحققان سوى 10% من إمكاناتهما مقارنةً بحجم التجارة البالغ 2.3 مليار دولار أمريكي القائم بالفعل بين بعض دول شرق أفريقيا.
وأكد الأستاذ مساي مولوجيتا، المحاضر في التنمية الاجتماعية والاقتصادية بجامعة أديس أبابا، على أن التعاون عبر الحدود أمر بالغ الأهمية لتعزيز التجارة، وتسهيل الحركة، ومكافحة الأمراض العابرة للحدود، وتخفيف حدة النزاعات، مضيفا، أنه ينبغي أن يشمل ذلك المؤسسات العرفية ومؤسسات الدولة التي يُمثل فيها الرعاة.
وأشار الأستاذ مساي، إلى ضرورة تعزيز تطوير البنية التحتية التي تُركز على الإنسان والبيئة كوسيلة للمضي قدمًا. وتعاونت إثيوبيا وكينيا في مشاريع حدودية، مثل إنشاء طريق جديد، مما سيعزز النقل والتجارة. كما ركز البلدان على تحسين الوصول إلى المياه النظيفة والرعاية الصحية والتعليم في المناطق الحدودية، وتحسين نوعية الحياة، وتعزيز التنمية المستدامة.
وفي تطور حديث، اتفق مسؤولون رفيعو المستوى على مشروع تطوير البنية التحتية في منطقة القرن الأفريقي بهدف تعزيز ربط البنية التحتية، والتنمية الاجتماعية والاقتصادية، وتسهيل التجارة، والتنمية عبر الحدود. ويحظى المشروع بدعم 750 مليون دولار أمريكي من البنك الدولي، ومن المقرر اكتماله بحلول يونيو 2028، وفقًا للبيان المشترك.
وصرح وزير المالية السيد أحمد شدي، بأن إثيوبيا لا تزال ملتزمة التزامًا كاملًا بهذه الشراكة، إذ إنها تُسهم في رسم مستقبل أكثر ترابطًا وازدهارًا ومرونة لكلا البلدين ومنطقة القرن الأفريقي ككل.
وقال السيد أحمد: إننا ندرك إمكانية توسيع البنية التحتية للألياف الضوئية عالية السعة إلى إثيوبيا، مع إمكانية ربطها بجيبوتي. وسيعزز هذا العمود الفقري الرقمي التجارة، ويُحسّن الخدمات الحكومية، ويُعزز كفاءة التواصل بين شعبنا، مضيفا إلى أن المستفيدون الحقيقيين هم المجتمعات الموجودة على طول الحدود، الرعاة والتجار والشباب والأسر التي ستحظى بفرص وصول أفضل.
ومن جانبه، أوضح السيد جون مبادي، وزير الخزانة الوطنية الكيني، بأن المشروع يُعدّ مبادرة محورية في إطار مبادرة “القرن الأفريقي” الأوسع نطاقًا، المصممة لإحداث نقلة نوعية في الاتصال وتعزيز التنمية في جميع أنحاء كينيا وإثيوبيا والصومال ومنطقة القرن الأفريقي الواسعة.
وقال السيد جون: إن أهداف هذا المشروع يشمل تعزيز حركة الأشخاص والبضائع، وتوسيع نطاق الاتصال الرقمي، وتسهيل التجارة والتنمية الإقليمية، وتحسين الوصول إلى الخدمات الأساسية في مناطق محددة، وتعزيز القدرات المؤسسية لوكالات النقل الرئيسية والهيئات ذات الصلة داخل كينيا وإثيوبيا. إلى جانب الفوائد الاقتصادية المباشرة، صُمم المشروع بشكل واضح لمعالجة قضايا التهميش وانعدام الأمن المزمنة في المنطقة الشمالية من كينيا، وبالتالي تعزيز الاستقرار في المنطقة الحدودية.
ومن جهة أخرى، أكد السكرتير التنفيذي للهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية، الدكتور ورقنه جبيهو، على أن مشروع “القرن الأفريقي” للتنمية يمثل الالتزام الجماعي للحكومات بتحويل القرب الجغرافي إلى ازدهار اقتصادي وتنمية مشتركة.
وقال ورقنه: إن مثلث مانديرا، الذي لطالما وُصف في الثقافة الشعبية بأنه منطقة مهمشة، يُمثل فرصةً واعدةً. وتُدرك الحكومتان الإثيوبية والكينية الإمكانات التجارية بينهما، مشيرا إلى أن الدولتين ستستفيدان بشكل مشترك من الاستثمار الجاري في البنية التحتية الذي سيربط إيسولو بمانديرا، مما سيُطلق العنان للإمكانات الهائلة للعلاقات التجارية بين إثيوبيا وكينيا، ويُرسخ شراكتنا الأمنية التاريخية التي تعود إلى اتفاقية الدفاع المشترك، والتي كانت من أقدم الاتفاقيات في أفريقيا.
وقال ورقنه: إن التحول الرقمي أمرٌ بالغ الأهمية، مُشيرًا إلى أن “23% فقط من مثلث مانديرا يتمتع حاليًا بإمكانية الوصول إلى الإنترنت بشكل موثوق، مُشددًا على أن المشروع يدعم استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لتحصيل الإيرادات، وتبسيط الإجراءات الجمركية، وتعزيز الشفافية. مؤكدا على أن هذه المشاريع يُمكن أن تُقلل مسافات الوصول إلى الرعاية الصحية بنسبة 50%، مما قد يُنقذ العديد من الأرواح سنويًا.
ومن المتوقع أن يحقق نظامنا الأساسي للألياف البصرية، من إيسولو مرورًا بمانديرا ووصولًا إلى جيبوتي، تغطية بنسبة 89% بحلول عام 2028، مما سيوفر 15 ألف وظيفة في الاقتصاد الرقمي، ويضيف 340 مليون دولار أمريكي إلى الناتج المحلي الإجمالي الإقليمي. كما يتطلب تسهيل التجارة اهتمامًا فوريًا. ويبلغ متوسط وقت عبور الحدود الحالي لشاحنات البضائع 6.5 ساعات.
وأضاف السيد جون قائلا: إن مركز رامو الحدودي الشامل سيقلل هذا الوقت إلى أقل من 45 دقيقة فقط، مما يخفض تكاليف النقل بنسبة 32%، ويعزز القدرة التنافسية الإقليمية بنسبة 18% في الأسواق الدولية.
وقد اتفق الزعيمان على إجراء زيارات ميدانية لتحديد المواقع المثلى، وتنفيذ عمليات تفتيش مشتركة أثناء البناء، والتحضير للإطلاق الرسمي لهذه المشاريع. والتزمت كينيا بتمويل أعمال الجسر، مع وضع آليات مشتركة لضمان مراقبة الجودة. وسيتم تشغيل مركزي الحدود الشامل في رامو ومركز تيسير التجارة في سفتو، كدليل على التزام الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية “إيغاد” بتنفيذ اتفاقية منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية.
وسوف يعزز هذا التبادل التجاري السلس بين إثيوبيا وكينيا من خلال تقليل أوقات عبور الحدود، وخفض تكاليف النقل، وجعل السلع الإقليمية أكثر تنافسية في الأسواق الدولية. والتزمت الدولتان باستكمال ربط الألياف الضوئية عبر الحدود، وتحسين الخدمات الرقمية، وتعزيز الوصول إلى الوظائف الرقمية والتقنيات الناشئة.