عمر حاجي
تعتبر إثيوبيا وجهة سياحية فريدة تتميز بتنوعها الطبيعي والجغرافي المدهشين، حيث يمكن للزوار استكشاف مناظر طبيعية ساحرة، مثل جبال بالي وجبال الشمال وبحيرة توركانا وبحيرات عديدة أخرى، وحمامات المياه الساخنة الموجودة في أماكن البلاد المختلفة. بالإضافة إلى ذلك، تتمتع البلاد بتاريخ ثقافي غني يمكن للزوار استكشافه في المعابده القديمة من المساجد والكنائس المنحوتة على الصخور.
وهناك أيضا أماكن منتجعات وحدائق عديدة منها، حديقة الوحدة والصداقة، التي تستقطب العديد من السياح المحليين والدوليين بمعالمها السياحية المتنوعة، ومنتجع إنطوطو، بما في ذلك حديقة الحيوانات والكائنات المائية الحية والمباني التاريخية. ومما يجذب السياح المحليين والأجانب على حد سواء أيضا، هناك متحف عدوا التذكاري للنصر الذي يجعل تاريخ النضال ضد الاستعمار للإثيوبيين وغيرهم من السود لا ينسى، ويمكن نقله إلى جيل المستقبل. حيث يحتوي هذا المتحف الجديد الذي تم فتحه مؤخرا العديد من الأثار التاريخية والثقافية.
كما أن هناك، دور كبير لصناعة السياحة للأطعمة التقليدية للشعوب الإثيوبية متعددة اللغات والثقافات والأعراق، حيث تحتل مكانا مرموقا واهتماما محليا وعالميا من جانب الحكومات والخبراء. وبناء على هذا، فقد أصرت الدولة على تطوير وتنمية القطاع السياحي في البلد، وأخذت طريقها نحو التنمية الاقتصادية وتحسين الهيكل الاقتصادي. كما يظهر الأثر الاقتصادي من السياحة زيادة الإيرادات السياحية من النقد الأجنبي، مما يعطي الدفعة اللازمة للتنمية بتوفير أكبر قدر من العملات الأجنبية التي ينفقها السائحون خلال مدة إقامتهم على مختلف الخدمات والسلع السياحية وغير السياحية.
وفي هذا السياق، أجرت صحيفة “العلم” مع السيد عبدو خضر مواطن من مدينة شاشمني، وهو موظف حكومي في إدارة حكومة إقليم أوروميا، وقال: إنه يشتغل في مجال خلق فرص العمل للمواطنين، ولديه ثلاث أماكن للأطعمة التقليدية المعروفة لدى شعب أورومو. وكان الأول الذي بدأت فيه صار أكثر من ثلاث سنة، وقال: أنا فكرت ببدء هذه الفكرة وأنا أدرس الماجستير، وفور إنتهائي وضعت الخطط، وفكرت فيه، وطرحت الأسئلة على نفسي، بماذا أبدأ العمل الذي يرتبط بعادات وثقافة شعب أوروموا؟ الذي أستطيع عن أظهر في هذه المدينة؟ أولا، مايناسب مع صحة الإنسان لأن الناس في الوقت الحالي يعاني من كثير من الأمراض، كضغط الدم ومرض السكر، ونقص المواد المغذية لجسم الإنسان هذالأسئلة وغيرها. وثانيا، الذي كان في عاداتنا وتقاليدنا لا يظهر الآن سواء كان في هذه المدينة أو في البادية ؟
وقال: من هنا جاءت لي فكرة، بأن الشعير هو مناسب لصحة وجسم الإنسان، حيث كان الناس في الماضي يغذى به وفي الوقت الحالي يتعرض الناس لأمراض مختلفة، ومن هذا المنطلق، يجب أن أعمل في هذه المدينة الأطعمة المصنوعة من الشعير. على سبيل المثال لالحصر، يوجد،(qixxqaa, caccabsaa, marmaree, micciirraa kan biroo kan kana fokkatan ) (قطا، ششبسا، مرمري، متشيرا)، والذي كان معروفا لدى عادتنا، وكل هذه المأكولات تصنع وتجهز بالدهن الصافي النقي.
وقال السيد عبدو: أنا أول من بدأ في هذا على مستوى هذه المدينة، وأعتقدت أنه صار منذ أن بدأت أربع سنة. وقد بدأ الناس يتدفقون إلى هذه الأماكن الثلاثة للإستفادة من ” قطا” يعني رغيف الشعير مع اللبن الصافي بأنواعه المختلف الذي يأتي من البادية من ضواحي هذه المدينة من منطقة تسمى “أشوكا”، بين مدينة كوفلي وشاشمني حاضرة إدارة غرب أرسي بالمواصلات.
وحول ماهو السبب في اختيارك لهذا الموضوع بالذات؟ قال السيد عبدو: إن هناك عدة أسباب دفعتني لإختيار هذا الموضوع، وهو الميول الشخصي لمثل هذه المواضيع الخاصة بمجال السياحة وصناعة الأطعمة التقليدية وروح الفضول في اكتشاف خباياها وله مكانة يحتلها قطاع الأطعمة التقليدية، إذ يمكن أن يساهم في تنمية عدة قطاعات، منها السياحة، والحفاظ على التراث الوطني. كل ما هو تقليدي وأصيل فهو يميز شخصيتنا الوطنية، باعتبارها أن الأطعمة التقليدية عنصر هام من عناصر التراث الحضاري، وكذلك أهمية الحفاظ على هذا النشاط كموروث ثقافي للأجيال القادمة.
وحول خلق فرص العمل للمواطنين قال السيد عبدو: إنه فضلا عن استفادتي، فقد خلقت فرص العمل لأكثر من 23 شخصا حتى الآن، بالإضافة إلى زوجتي نقوم بأنفسنا في هذا العمل ونتابع سير العمل عن كثب لمتابعة ومراقبة وجودة الخدمة المقدمة للمستفيدين في هذه الأماكن.
وفيما يتعلق بمواصلة هذا العمل واستمراره وتطويره مثلا، تعزيز مصدر اللبن بدلا من الشراء من الناس، وكذلك، توفير الشعير، ما هي الخطة لديك؟ قال السيد عبدو: إن خطتي كبيرة إن شاء الله، إلى حد مشروع بناء الفندق السياحي، هذا أولا، وثانيا، كما قلت أن منتجات الأبقار ممكن لا توجد بعد فترة من الزمن بسبب ضيق الأراض بالحراثة وغيرها، ولذا، لدي فكرة طلب الأراضي من حكومة الإقليم للإستثمار في مجال تربية الأبقار، وتثمينها، ولكن بصراحة وللأسف الشديد، فإن الدعم والمساندة في هذا قليل جدا. حيث إن العمل بنظر الإنسان شيئ قليل، ولكن فحواه كبير جدا خصوصا بالنسبة لتعزيز صناعة السياحة، كما أن الذين يأتون إلى هنا للأكل يبدوا لهم شيئا بسيطا، لكنه صعب، حتى إن صناعة “قطا” يحتاج إلى القوى، ويقوم بتجهيزه 5 أشخاص. ونحن بدأنا المشاورة مع تعاونيات تقوم بصناعة وآلآت مكنة تجهز وتخمر.
وحول توسع هذا المجال، هل هناك من بدأ هذا العمل غيرك؟ قال السيد عبدو: إن هذا العمل قد توسع بصورة كبيرة، وقد وصل إلى 20 مكانا يعملون بفتح مثل هذا بالذات، وكانوا كلهم يستفيدن عندي وتدربوا عندي أيضا ولديهم أيضا زبائن كثيرة جدا.
وفيما يخص بأهمية الحفاظ على نظام ثقافة التغذية التقليدية ؟ قال السيدعبدو: له أهمية كبرى، إذ ترتبط بمعرفة الأفراد والأشخاص لمعرفة تراث البلد وحضارته وأساليب حياته، والمواقع الأثرية والتاريخية التي تعد جزء من ذاكرة وثقافة شعوب البلد. وبذلك يزداد الوعي الثقافي والفكري الذي يؤدي إلى زيادة القدرة على العمل والإنتاج، تبعا لما يتاح للفرد من الراحة والاستمتاع بإجازته. بالإضافة إلى فوائد تساهم في سياحة داخلية بشكل كبير.
ولهذا، فإنه يجب إحياء عادات وثقافة نظام التغذية. كما يتعين تحقيق الإستفادة في مجال تعزيز صناعة السياحة المحلية من جهة، وخلق فرص العمل للمواطنين من جهة ثانية، وكذلك تعزيز السياحة الخارجية بترويج هذه العادات. وهذا مما يستحق تعزيزه والتشجيع عليه سواء كان من قبل وزارة الثقافة والسياحة على المستويين الإقليمي والفيدرالي. ومن هنا، يجب على الدولة سواء إدارة الإقليم أو الفيدرال أن توفرا للأفراد فرصة السياحة المحلية كأحد العوامل الرئيسية لدفع عجلة التنمية السياحية.
وحول ما يخص بإرتباطه بالصناعة السياحية ؟ قال السيد عبدو: أولا، إن السياحة تعد أداة للإتصال الفكري وتبادل الثقافة والعادات والتقاليد بين الشعوب، ولها إرتباط كبير بتعزيز صناعة السياحة، وذلك، فإن ظهور عادات وتقاليد التغذية النافعة لصحة الإنسان وجسده في هذه المدينة له دور كبير لجذب السياح المحلي والأجانب والسياحة، فضلا عن إعادة تأهيل العادات والتقليد التي في طئ النسيان، وهذا ليس لشعب أورومو فحسب بل أن جميع الشعوب الإثيوبية لديها عاداتها وتقاليدها في نظام التغذية التي تتخصص بها جميع الشعوب، وبالتالي، فإنها تجذب سياح الأجانب إلى البلاد، وبذلك يعود بالنفع.
وأمافيما يخص بأهمية السياحة؟ فإن للسياحة أهمية كبيرة في مختلف الجوانب الإجتماعية والإقتصادية، الأهمية الإجتماعية: فهي تساهم السياحة في رفع مستوى الشعور بالإنتماء الوطني بتعزيز عادات أبائه وأجداد أجداده من خلال التبادل الثقافي والحضاري، وتحسين نمط حياة الفرد ومستوى معيشتهم من خلال ما يوفره قطاع السياحة من فرص العمل فضلا عن تعريف الشعوب الأخرى بثقافة البلد وخلق جو التفاعل والإحتكاك بين سكان المناطق السياحية المختلفة للسياح وخلق تبادل الخبرات والترابط الإجتماعي.
وأما من حيث الأهمية الإقتصادية فإن السياحة تعتبر أحد أنشطة التي تتولد عنها دخول مختلف عناصر الإنتاج من القوى العاملة في مجال السياحة فضلا عن توفيرها فرص عمل متنوعة مباشرة للعاملين في الفنادق، والنقل السياحي، ومكاتب السفر وغيرها، لأن السياحة هي وسيلة اجتماعية لتنمية الثقافات بين الشعوب والمجتمعات، وبالتالي، هي جسر التواصل بين الشعوب.
ولهذا فهي تحظى بأهمية وعناية كبيرة، إذ تعد محورا إستراتيجيا في تحقيق التنمية بصورة فعالة وتنشيط قطاعات عديدة لا سيما قطاع الصناعات التقليدية الذي يعتبر نتاجا حضاريا لآلالف السنين من التفاعل الحي بين المجتمعات المحلية والمجتمعات الأخرى، كما أنه الوسيلة الأولى والوحيدة للتعبير عن ثقافة المجتمع وأصالته.