وجهات حديثة البناء تنتظر قمة الاتحاد الأفريقي

عمر حاجي

برزت إثيوبيا باعتبارها أسرع وجهة سياحية نموًا في أفريقيا، حيث حققت زيادة ملحوظة بنسبة 40٪ في عدد الوافدين الدوليين على مدى السنوات الخمس الماضية، وفقًا لمنظمة السياحة العالمية التابعة للأمم المتحدة. وقد وضع هذا النمو إثيوبيا في طليعة السياحة الأفريقية والسادسة عالميًا، بعد قطر والسلفادور وألبانيا والمملكة العربية السعودية وكوراساو.

إن نجاح إثيوبيا في جذب الزوار العالميين هو نتيجة لمزيج من الاستثمار الحكومي الاستراتيجي والتراث الثقافي والتاريخي الغني للبلاد ومناظرها الطبيعية الخلابة. وتأتي المغرب ومصر بعد إثيوبيا في المركزين الثاني والثالث، وفقًا لتقرير منظمة السياحة العالمية لعام 2024.

إن التاريخ العميق للبلاد، والمعالم الجغرافية المذهلة، والتقاليد الثقافية النابضة بالحياة تجعلها وجهة بارزة. وتعد إثيوبيا موطنًا لمجموعة متنوعة من مناطق الجذب، بما في ذلك مواقع التراث العالمي لليونيسكو، والمواقع التاريخية القديمة، والتطورات الحديثة الرائعة. إن هذا الارتفاع الملحوظ في السياحة هو شهادة على التزام الحكومة الإثيوبية بتعزيز القطاع من خلال المبادرات الاستراتيجية وتطوير البنية الأساسية وإصلاح السياسات. ومن أبرز الجهود في هذا الصدد مبادرة الحكومة تحت ” العشاء من أجل البلاد”، والتي تهدف إلى تطوير وتعزيز المواقع السياحية الرئيسية في جميع أنحاء البلاد.

وقد أدى هذا البرنامج إلى إنشاء العديد من المشاريع السياحية ذات المستوى العالمي، بما في ذلك حديقة الوحدة، وحديقة الصداقة، وحلالا كيلا. ولم تعمل هذه المشاريع على تحسين جاذبية إثيوبيا للسياحة فحسب، بل خلقت أيضًا فرص العمل وعززت الاقتصادات المحلية. ولعبت المتنزهات والمناطق الترفيهية التي تم تطويرها في إطار هذه المبادرة دورًا حاسمًا في عرض التنوع الثقافي لإثيوبيا وأهميتها التاريخية وجهود التنمية الحديثة.

كما استثمرت الحكومة بكثافة في البنية الأساسية، مما جعل السفر داخل البلاد أسهل وأكثر ملاءمة. وتم تحسين شبكات الطرق الرئيسية والمطارات وأماكن الإقامة لتوفير تجربة سلسة سفر للزوار. كما وسعت الخطوط الجوية الإثيوبية أكبر شركة طيران وأكثرها كفاءة في إفريقيا من اتصالها، مما وضع أديس أبابا كمركز عبور رئيسي للمسافرين العالميين. بالإضافة إلى ذلك، قدمت الحكومة سياسات صديقة للسياح، بما في ذلك خيارات الحصول على التأشيرة عند الوصول للعديد من الجنسيات، مما أدى إلى تعزيز عدد الوافدين الدوليين بشكل كبير.

وتمتد عروض السياحة في إثيوبيا إلى ما هو أبعد من معالمها التاريخية التقليدية. لقد وسعت البلاد نطاقها لتشمل سياحة المغامرة والسياحة البيئية والصحية، والتي تلبي مجموعة واسعة من الاهتمامات. لقد اجتذب تطوير النزل والمنتجعات الراقية، وخاصة في المتنزهات الوطنية والمواقع التاريخية، المزيد من الزوار الدوليين الباحثين عن تجارب فريدة وغامرة. ونتيجة لذلك، تحسنت تصنيفات السياحة العالمية في إثيوبيا، مما زاد من ظهور البلاد ومصداقيتها كوجهة يجب زيارتها.

وتعتبر العاصمة أديس أبابا بمثابة البوابة لتجربة السياحة في إثيوبيا. وباعتبارها مدينة تمزج بسلاسة بين التقليد والحداثة، تقدم أديس أبابا مجموعة واسعة من عوامل الجذب، من الأسواق الصاخبة والشوارع النابضة بالحياة إلى ناطحات السحاب الحديثة والفنادق الفاخرة. حيث تخضع المدينة لتحول سريع، تدمج التحديث مع الحفاظ على البيئة.

وتم تطوير الحدائق العامة الكبرى والمساحات الخضراء لتعزيز قابلية العيش مع الحفاظ على الجمال الطبيعي لإثيوبيا. أصبحت حديقة الوحدة وحديقة شغر وحديقة إنتوتو وجهات سياحية رائدة، حيث تعرض مزيجًا متناغمًا من التراث التاريخي والحفاظ على البيئة. وتعد حديقة الوحدة، الواقعة داخل القصر الوطني الكبير، مثالاً رئيسيًا على التزام إثيوبيا بالحفاظ على تراثها التاريخي وتعزيزه. وتم افتتاح الحديقة للزوار في عام 2019، وتسمح للمسافرين باستكشاف المباني التاريخية والتحف وأنواع النباتات الأصلية أثناء الاستمتاع بحديقة حيوانات جيدة الصيانة تتميز بالحياة البرية المتوطنة، بما في ذلك الأسود. وتقدم الحديقة مجموعة متنوعة من باقات التذاكر التي تشمل جولات القصر وجلسات التصوير الفوتوغرافي، مما يجعلها معلمًا لا بد من زيارته في أديس أبابا.

لطالما اعتُبر القصر الوطني، الذي بُني في عهد الإمبراطور منليك الثاني، مركزًا للقوة السياسية الإثيوبية، قد جعله تجديده معلمًا ثقافيًا رئيسيًا. تتميز أراضي القصر بقاعة حفلات إمبراطورية وكنائس تاريخية وبيت العائلة المالكة، مما يوفر للزوار لمحة عن ماضي إثيوبيا الغني. وإن تفاني الحكومة الإثيوبية في تنمية السياحة يمتد إلى ما هو أبعد من العاصمة. وقد تم تنفيذ العديد من المشاريع السياحية واسعة النطاق في جميع أنحاء البلاد لتسليط الضوء على المناظر الطبيعية المتنوعة والتراث الثقافي في إثيوبيا. يعد مشروع السياحة البيئية المتكاملة في وونشي- دندي مثالاً ساطعًا على هذا الجهد. يقع هذا المشروع بالقرب من أديس أبابا، وتم تطويره في إطار مبادرة ” العشاء من أجل البلاد” لحماية التراث الطبيعي الموارد الطبيعية للمنطقة مع توفير تجربة سياحة وبيئية فريدة للزوار.

لقد عمل المشروع على تحسين القدرة الاقتصادية للسكان المحليين بشكل كبير، وخلق فرص العمل وتعزيز البنية التحتية في المنطقة. سهلت مشاريع الطرق والاتصالات والكهرباء وسهولة الوصول إلى المنطقة، مما جعلها وجهة شعبية بشكل متزايد. يشتمل المشروع أيضًا على منتجعات صحية طبيعية، والتي توفر فوائد صحية بالإضافة إلى جاذبيتها الترفيهية.

ويعد منتجع جورجورا البيئي تطويرًا سياحيًا بارزًا آخر، حيث يقدم تجربة لا مثيل لها على الشواطئ الشمالية لبحيرة تانا. يمتد هذا المنتجع الصديق للبيئة على مساحة 40 هكتارًا من الأراضي الحرجية المورقة، ويجمع بين الطبيعة والفخامة والتاريخ. كانت جورجورا ذات يوم عاصمة في عهد الإمبراطور سوسينيوس الأول وفاسيليدس، واليوم، تعمل كبوابة إلى ماضي إثيوبيا الغني. يمكن للزوار استكشاف الأديرة القديمة واللوحات الجدارية التاريخية والمخطوطات التي يعود تاريخها إلى قرون من الزمان أثناء الاستمتاع بوسائل الراحة الحديثة لمنتجع عالمي المستوى.

يتميز المنتجع بمدرج خارجي ومسبح وملعب للأطفال وملعب تنس ومشتل نباتات ومجموعة متنوعة من خيارات الإقامة، بما في ذلك الفيلات الفاخرة والبنغلات، تتضمن هندسة المنتجع تقنيات البناء الإثيوبية التقليدية، حيث تمزج بسلاسة بين التاريخ والتصميم المعاصر، والتي تلبي وسائل الراحة في منتجع جورجورا السياحة الإقتصادية جميع الاهتمامات، من الاسترخاء والعافية إلى المغامرة والاستكشاف الثقافي.

ويوفر منتجع سبا على أحدث طراز مع جاكوزي وساونا وغرفة بخار وعلاج دخان إثيوبي تقليدي يُعرف باسم “وايبا تشيسي”. يوفر رصيف وميناء المنتجع العائم إطلالات خلابة على بحيرة تانا، في حين يعمل مرسى تانا كمعاينة مصغرة لعظمة المنتجع. كما توفر المواقع التاريخية القريبة، بما في ذلك قصر الإمبراطور سوسينيوس القديم والكاتدرائية البرتغالية، للزوار فرصة التعمق في ماضي إثيوبيا.

وحلالا كيلا هو تطوير سياحي رئيسي آخر أصبح وجهة رئيسية للاسترخاء والتجديد. يقع منتجع حلالا كيلا في منطقة داورو، وهو جزء من مشروع كويشا الوطني الأكبر الذي بدأه رئيس الوزراء أبي أحمد. يوفر هذا الجذب مناظر خلابة وبيئة هادئة، مما يجعله مكانًا مثاليًا للزوار الباحثين عن السلام والتأمل. حيث يتميز المنتجع بخدمات فندقية حديثة وسبا وحمامات سباحة ومرافق ترفيهية. يمكن للزوار الاستمتاع بالمناظر البانورامية للمناظر الطبيعية الخضراء، والتي تعرض جمال إثيوبيا الطبيعي، من أعلى نقطة في المنتجع. تم تصميم المشروع لدمج المجتمعات المحلية، وخلق فرص العمل مع ضمان الإدارة المستدامة لموارد المنطقة.

وإن إمكانات السياحة في إثيوبيا هائلة، والبلاد في طريقها إلى أن تصبح وجهة سفر عالمية رائدة. وبفضل تراثها الثقافي الغني ومناظرها الطبيعية الخلابة واستثماراتها الاستراتيجية في البنية التحتية للسياحة، تقدم إثيوبيا تجربة فريدة لا تُنسى للمسافرين. حيث إن التركيز المستمر للحكومة على جودة الخدمة والأمن والاستدامة من شأنه أن يعزز مكانة البلاد في صناعة السياحة العالمية. مع صعود إثيوبيا إلى مرتبة أعلى في التصنيف العالمي، فإنها تعزز مكانتها كوجهة لا بد من زيارتها لأولئك الذين يبحثون عن المغامرة والتاريخ والجمال الطبيعي.

 

Recommended For You

About the Author: Samaray Galagai