منفذ بحري مهم للتكامل الاقليمي !!

ذكر عدد من السفراء الإثيوبيين لـ”فانا”، أن صفقة الميناء التي توصلت إليه إثيوبيا مع أرض الصومال، يعكس بوضوح نجاح البلاد في الدبلوماسية المتعددة الأطراف. وقال سفير إثيوبيا لدى باكستان، جمال بكر، إن مذكرة التفاهم الموقعة مع أرض الصومال تصور قصة النجاح في المساعي الدبلوماسية لإثيوبيا.

من جانبها، سلطت السفيرة بزونش مسرت، مبعوثة إثيوبيا لدى الهند، الضوء على الجهود الدبلوماسية الجارية لحماية المصالح الوطنية للبلاد على المستوى العالمي. وقالت إن الاتفاقية تم إبرامها بما يتماشى مع الأهمية الحاسمة للوصول إلى البحر في العالم الحالي الذي يشهد ديناميكيات متغيرة للقوة العالمية.

وتعهد السفراء بالعمل على توضيح تفاصيل وآفاق مذكرة التفاهم لشعوب وحكومات الدول المكلفين بها، وشددوا على ضرورة تعزيز الجهود في مجال الدبلوماسية المتعددة الأطراف من أجل تحقيق مذكرة التفاهم.والسؤال الذي يطرح نفسه هو مما مدى اهمية هذه الاتفاقية بالنسبة للتكامل الاقليمي بين دول القرن الافريقي خاصة واثيوبيا بصفة عامة ؟!

قال الدكتور هاشم علي حامد  لصحيفة -العلم -التكامل الإقليمي يظل هدفا فيما تنشده الدول من تنمية واستقرار ،ومنطقة القرن الافريقي من أكثر المناطق حوجة لتعاون بين دولها في ظل واقع يعاني مشاكل عديدة في مقدمتها الفقر وضعف الامكانيات الي جانب ما يطرأ من كوارث تتسبب في عدم استقرار .إثيوبيا تبنت في سياستها نحو الإقليم الذي يجمعها والعديد من الدول  تحقيق التعاون الفعلي بطرح كبرى شركاتها الناجحة كالخطوط الاثيوبية وشركة الاتصالات الي جانب…  في ان تكون حافز تعاون حقيقي ونموذج يحتزي تحو شركات كبري مع كل دول المنطقة ،وهذا التوجه ليس محصور تجاه دولة معينة.

قضية المنفذ البحري ومذكرة الاتفاق مع صومالاند ينظر إليها من هذا المنطلق ،ومشروع سد النهضة كذلك ينبغي أن ينظر آلية كمشروع تكاملي ،ومن ثم  يمكن أن تتحقق إلفة اقليمية لا تنتصر فيها النظرة والمكاسب  ضيقة.

اذا نجحت دول القرن الافريقي في جعل التعاون والتكامل امرا طبيعي في العلاقات فانها تكون قد أرست اهم الأسس لنهضتها واستقرارها.

فليست القضية محصورة في مشروع المنفذ البحري الذي تحتاجه إثيوبيا كأمر حيوي لمسيرتها الاقتصادية وضماناتها الاستراتيجية،بل ينبغي النظر لأفق أوسع تجاه تكامل اقليمي حقيقي بين دول الاقليم وهو ما تنتهجه السياسة  والدبلوماسية الاثيوبية.

بالنسبة إلى تركيا، فهناك وجود فعَّال في جمهورية الصومال الفيدرالية يتمثَّل في قاعدة “تُركسوم” العسكرية المنشأة عام 2017، التي تُعَدُّ ثاني أكبر قاعدة عسكرية رسمية لتركيا في الخارج، فضلا عن مبادرات تنموية قدمتها أنقرة بلغت مليار دولار منذ عام 2011، حيث يُعَدُّ الصومال قاعدة أساسية تنطلق منها تركيا لممارسة دورها الإقليمي في القرن الأفريقي لماذا اليوم نقف في وجه اثيوبيا وهي الجار الاقرب ؟! .

 أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بروك هايلو إن مذكرة التفاهم الموقعة بين إثيوبيا وأرض الصومال تعد بمثابة تغيير في الأمور لصالح دول القرن الأفريقي بأكملها.

وفي مقابلة خاصة مع وكالة الأنباء الإثيوبية، قال البروفيسور إن مذكرة التفاهم الموقعة بين الجانبين تعد إنجازا تاريخيا.

“ما يجعل الأمر رائعًا للغاية هو أنه يعتمد على موافقة وحسن نية حكومة أرض الصومال. لقد تحدثوا عن الأمر بشكل شامل، وناقشوا فيما بينهم وقرروا منح حق الوصول إلى البحر لإثيوبيا”.

وهذا يعني الكثير بالنسبة لإثيوبيا لأن البلاد ظلت حبيسة على مدار الثلاثين عامًا الماضية.

وأضاف: “سأسميه (الاتفاق) بمثابة تغيير لتغيير الأمور لصالح إثيوبيا وأرض الصومال والمنطقة بأكملها”.

ووفقا له، لا يوجد شيء مجانا في هذا العالم إنه يعتمد على الأخذ والعطاء وسيكون هناك بعض أسهم الخطوط الجوية الإثيوبية سيتم تسليمها إلى حكومة أرض الصومال.

وهو يعتقد أن هذا يجب أن يؤخذ كنموذج للتعاون بين جميع دول القرن الأفريقي، وأن بعض البلدان مثل إثيوبيا هي دول غير ساحلية، ولكن معظمها لديه أراض ساحلية.

قال الباحث في العلاقات الإثيوبية والعربية زاهد زيدان الهرري، إن الاتفاق الأخير بين إثيوبيا وأرض الصومال أن يعزز مبدأ الأخذ والعطاء والمنفعة المتبادلة بين الدول الأفريقية.

وذكر في مقابلة خاصة مع وكالة الأنباء الإثيوبية، أن الاتفاقية الموقعة بين إثيوبيا وأرض الصومال تحظى بشعبية وتعود بالنفع على الشعب اقتصاديا وسياسيا.

وأضاف الباحث أن هناك للأسف جهات بعيدة عن المنطقة تعمل على عرقلة تطلعات إثيوبيا التنموية من خلال الحد من دور البلاد في المنطقة.

وهذا مستحيل نظراً لموقع إثيوبيا في المنطقة وحقيقة أن أديس أبابا العاصمة الدبلوماسية في أفريقيا.

وبحسب زاهد، فإن الحصول على ميناء بحري مهم للغاية بالنسبة لإثيوبيا بسبب عوامل عديدة، بما في ذلك تطلعاتها التنموية.

وقال الباحث، كما أشار رئيس الوزراء أبي أحمد، إن الوصول إلى البحر أمر وجودي ومصيري بالنسبة لـ 120 مليون إثيوبي.

وأشار إلى أن عدم وجود ميناء بحري يؤثر على اقتصاد البلاد وتنميتها، مشيرا إلى أن اتفاق إثيوبيا وأرض الصومال تم من خلال الدبلوماسية ومبدأ الأخذ والعطاء، وبما يفيد التنمية المشتركة للطرفين ويحقق التكامل الإقليمي.

وشدد زاهد على أن الاتفاقية مدعومة أيضًا بالقوانين الدولية في السماح للدول غير الساحلية بالاستفادة من الموانئ البحرية من خلال الاتفاقيات الثنائية.

وقال الباحث إن الجهد الإثيوبي للحصول على الموانئ لا يقتصر على جهة معينة، بل يشمل المناطق المطلة على البحر من خلال تبادل المنافع في المشاريع الوطنية مثل الخطوط الجوية الإثيوبية، وإثيو-تليكوم، وسد النهضة.

ومثل هذه التبادلات شائعة بين دول العالم، بحسب الباحث.

وأوضح زاهد أن الرفض والاستنكار للاتفاق لا يستند إلى أساس قانوني، بل إلى سياسة لمنع إثيوبيا من التنمية.

وكشف الباحث أن هناك أطرافا تريد استخدام القومية العربية لتقويض الاتفاق، لكن أين كانت هذه الأطراف عندما عانى الصومال من الإرهاب والأزمات الأخرى؟

وأشار إلى أن إثيوبيا كانت من أوائل الدول التي دافعت عن أمن واستقرار الصومال من خلال محاربة حركة الشباب.

وشدد زاهد على أنه يتعين على المجتمع الدولي أن يعتبر الاتفاقية مفيدة ليس فقط للدول فحسب، بل للقارة بأكملها.

ولا يجد مراقبون أيّ مبرر لانزعاج الصومال من الاتفاق والتحرك لإفشاله، مشيرين إلى أن أرض الصومال كانت محمية مستقلة إلى حدود ستينات القرن الماضي، وأنها أُجبرت على الانضمام إلى الكيان الصومالي، ومن حقها أن تتحرك لعقد اتفاقيات وبناء تحالفات مع دول الجوار وغيرها لتأمين مصالحها بقطع النظر عن الاحتجاج الصومالي.حسب العربي

ويرى المراقبون أن إيجاد منفذ إلى البحر الأحمر ليس حاجة إثيوبية فقط؛ فشركاؤها الاقتصاديون، وخاصة من دول الخليج التي باتت تراهن على حضور قوي في القرن الأفريقي لديهم مصلحة في ذلك، وليس مستبعدا أن تكون أديس أبابا قد حصلت على دعم دولي لتحقيق هذا الهدف الإستراتيجي.

وفي إثيوبيا تستثمر دول الخليج في مجال الزراعة بشكل كبير. وحدث نمو كبير في الاستثمارات الأجنبية الموجهة لمجالَيْ الزراعة والإنتاج الحيواني، حيث بلغ حجم الاستثمارات في هذين المجاليْن نحو 8 مليارات دولار، معظمها استثمارات خليجية.

ويشكل المنفذ الجديد بوابة لتعزيز الاستثمارات الإثيوبية مع دول المنطقة والعالم. ولم يعد لإثيوبيا منفذ بحري منذ استقلال إريتريا في عام 1993 بعد حرب استمرت ثلاثة عقود.

Recommended For You

About the Author: Samaray Galagai

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *