تأييد السفراء والحكومات والمنظمات الدولية سعي إثيوبيا للوصول إلى البحر

عمر حاجي

 

خلال العام الماضي، كثّفت إثيوبيا جهودها لضمان الوصول إلى البحر، وهي خطوةٌ تعتبرها البلاد بالغة الأهمية لضمان التنمية المستدامة في جميع أنحاء البلاد. وتواجه إثيوبيا، التي لا تطل على أي بحر منذ انفصال إريتريا عام 1993 تحدياتٍ كبيرة في التجارة الدولية والنمو الاقتصادي نظرًا لاعتمادها على الدول المجاورة في خدمات الموانئ.

وترسي اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار إطارًا يُوازن بحكمة بين حقوق ومسؤوليات كلٍّ من دول العبور والدول غير الساحلية. وبينما تُقرّ الاتفاقية بالسيادة الكاملة لدول العبورعلى أراضيها، كما تُقرّ أيضًا بالتحديات الفريدة التي تواجهها الدول غير الساحلية في الوصول إلى الطرق البحرية لأغراض التجارة والتنمية.

ويضمن أحد الأحكام الرئيسية في اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار أن تحظى السفن التي ترفع أعلام الدول غير الساحلية بمعاملةٍ مساويةٍ لتلك الممنوحة للسفن الأجنبية الأخرى داخل الموانئ البحرية. ويهدف مبدأ عدم التمييز هذا إلى تحقيق تكافؤ الفرص ومنع الدول غير الساحلية من التعرض لمعاملةٍ غير مُنصفة في التجارة البحرية الدولية.

علاوة على ذلك، تؤكد اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار(UNCLOS)  على حق دول العبور في اتخاذ التدابير اللازمة لحماية مصالحها المشروعة. ويقر هذا البند بأن دول العبور قد تكون لديها مخاوف مشروعة تتعلق بالأمن أو حماية البيئة أو غيرها من المسائل ذات الأهمية الوطنية.

ويجب تنفيذ هذه التدابير بطريقة لا تعيق وصول الدول غير الساحلية إلى البحر. وتسعى الاتفاقية إلى تعزيز التعاون والتفاهم المتبادل بين دول العبور والدول غير الساحلية، مما يعزز نظامًا قانونيًا مستقرًا وعادلًا لمحيطات العالم.

وفي هذا الصدد، أوضح المهندس جيتاهون حسين رئيس اتحاد أصحاب العمل الإثيوبي في حوار مع مؤسسة الصحاف الاثيوبية، بأن هناك حاجة إلى جهود دبلوماسية مستمرة وفعالة، مدعومة بدعم عالمي لضمان سعي إثيوبيا للوصول إلى البحر، مشددًا على ضرورة مشاركة جميع الإثيوبيين.

وأكد المهندس على أن الوصول إلى البحر أمر بالغ الأهمية لبقاء البلاد، ويتطلب مشاركة دبلوماسية قوية لحشد التفاهم والدعم الدوليين. مشيدا بالجهود الحكومية المتواصلة. كما شدد على أهمية إبراز السياقات التاريخية وأهمية هذا الوصول، بالنظر إلى عدد كبير من سكان إثيوبيا ونمو اقتصادها.

كما ذكر، بأن الجهود الدبلوماسية لا ينبغي أن تكون مسؤولية الحكومة وحدها. وقارن ذلك بمبادرة سد النهضة الإثيوبي الكبير، وحث جميع الإثيوبيين، بمن فيهم المقيمون في الخارج وأصدقاء إثيوبيا، على التوحد في السعي لتحقيق هذا الهدف الوطني الأساسي.

وأشار جيتاهون إلى أن كون الدولة غير ساحلية يُعرّضها لعوامل خارجية هشة، مما يعيق تنميتها، مشيرا إلى  مدى جدوى الاعتماد على الموانئ الأجنبية لتحقيق تقدم اقتصادي ملموس، مشدداعلى ضرورة إيصال هذه الحقيقة سلميًا إلى المجتمع الدولي. في هذا الصدد، أقرت عدة دول بحاجة إثيوبيا المشروعة إلى الوصول إلى البحر، مُدركةً القيود التي يفرضها موقعها الجغرافي والفوائد لتحسين الاتصال البحري.

وركزت المناقشات بشكل كبير على تحقيق هذا الهدف من خلال القنوات السلمية والدبلوماسية، مع التركيز الشديد على احترام القانون الدولي وسيادة الدول المجاورة.

وفي هذا السياق، كان قد صرح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، خلال زيارته لإثيوبيا قبل بضعة أشهر، بأن بلاده تدعم سعي إثيوبيا للوصول إلى البحر من خلال الحوار واحترام القوانين الدولية ودول الجوار.

كما أعرب، خلال زيارته لأديس أبابا، عن استعداده لدعم سعي إثيوبيا المشروع للوصول إلى البحر، مضيفا أن فرنسا مهتمة بالمساهمة في تسهيل سبل تحقيق الوصول إلى البحر بمسؤولية من خلال الحوار، وبما يراعي القوانين الدولية ويحترم دول الجوار.

كما أوضح الدكتور أبي، أن الزعيمين ناقشا باستفاضة سعي بلاده للوصول السلمي إلى البحر الأحمر، مشيرا  إلى أن الرئيس الفرنسي دعم إثيوبيا قبل طلبها في سعيها للوصول إلى البحر من خلال القانون الدولي، سلميًا ودبلوماسيًا.

علاوة على ذلك، فقد أعرب السفير الإسرائيلي لدى إثيوبيا، أبراهام نجوسي، عن دعمه لجهود إثيوبيا لتأمين الوصول إلى البحر من خلال القنوات السلمية والدبلوماسية. مؤكداعلى الأهمية الأساسية لهذا الوصول لهذه الدولة غير الساحلية، ولا سيما في دعم اقتصادها المتنامي وإفادة سكانها الكبير.

كما أعرب السفير عن تفاؤله، بأن الدول الملتزمة بالعدالة ستدرك وتعالج حاجة إثيوبيا إلى منفذ بحري، مؤكدًا أنه لا ينبغي حرمان دولة بهذا العدد السكاني الكبير من هذا الحق. مسلّطا الضوء على الدور الحاسم للوصول المستدام إلى البحر في استيعاب اقتصاد إثيوبيا المتنامي، داعيًا إلى إيجاد حل لهذه القضية.

من جانب آخر، أعرب سفير إيطاليا لدى إثيوبيا، أغوستينو باليس، عن دعمه لرغبة إثيوبيا في الوصول إلى البحر، داعيًا إلى المفاوضات السلمية كحلٍّ أمثل. وقال: إن سعي إثيوبيا للوصول إلى البحر مُبرَّر، ويرى فيه فرصةً للنمو. كما كرّر دعوة رئيس الوزراء أبي أحمد إلى حوارٍ حقيقي وسلمي لحل القضية.

ولا يزال متفائلًا بقدرة إثيوبيا على تأمين وصول التجارة إلى البحر من خلال المفاوضات، وهو أمرٌ يعتبره حيويًا لاستقرار التجارة.

وفي معرض حديثه عن الأمن الإقليمي، أقرّ السفير بالآثار المزعزعة للاستقرار لأزمة البحر الأحمر، وخاصةً هجمات الحوثيين، التي عطّلت التجارة وأثرت على واردات إيطاليا.

مؤكدا على إمكانات إثيوبيا كقوة استقرار في القرن الأفريقي وشريطة حل تحدياتها الداخلية. كما سلط الضوء على التزام إيطاليا المستمر تجاه إثيوبيا من خلال استثمارات كبيرة في التنمية والمساعدات الإنسانية.

ومن جانبها، أشارت ياسمين إيركسون، عضو البرلمان السويدي ونائبة رئيس لجنة الدفاع، إلى أن الحكومة السويدية تدعم إثيوبيا في جهودها الرامية إلى الوصول إلى البحر سلميًا.

وجاء ذلك، خلال اجتماع البرلمان الأوروبي مع برلمان الإثيوبي في أديس أبابا، مجددة دعم بلادها لسعي إثيوبيا للوصول إلى البحر.

وفي مقابلة حصرية مع صحيفة هيرالد الإثيوبية، وصف سفير باكستان لدى إثيوبيا، عاطف شريف ميان، إثيوبيا بأنها “قوة اقتصادية دافعة في شرق أفريقيا”، مشيدًا بتعدادها السكاني الكبير ونموها الاقتصادي السريع. وأكد السفير أن ازدهار إثيوبيا هو عامل حاسم في استقرار المنطقة.

وقال عاطف: “يرتبط مصير شرق أفريقيا ارتباطًا وثيقًا بمستقبل إثيوبيا. وإذا كانت البلاد لا تملك منفذًا دائمًا إلى البحر، فإن ذلك يُشكّل تحديًا ليس فقط لها، بل لسلسلة التكامل والتنمية الإقليمية بأكملها”.

وأوضح السفير الباكستاني أن بلاده تدعم بقوة مبدأ “الوصول العادل إلى الموانئ”، معتبرًا أن هذا الملف لا يجب النظر إليه كقضية سيادية منعزلة، بل كأولوية استراتيجية للتعاون الإقليمي.

ويأتي هذا الدعم الباكستاني في سياق تنامي التأييد الدولي للمطالب الإثيوبية، بعد مواقف مماثلة أبدتها فرنسا، والصين، وعدة منظمات إقليمية، في الوقت الذي تستمر فيه إثيوبيا في التأكيد على أن تحركها لا يُبنى على المواجهة، بل على الشراكة والاحترام المتبادل مع الجيران.

وفي مقابلة مع صحيفة “هيرالد الإثيوبية”، قال السفير الفرنسي لدى إثيوبيا، ألكسيس لاميك، إن من الطبيعي أن تسعى دولة مثل إثيوبيا، وهي أكبر دولة غير ساحلية من حيث عدد السكان في العالم، إلى تنويع خياراتها للوصول إلى الموانئ.

وأكد السفير أن من حق إثيوبيا أن تبني قدراتها البحرية وأن تبحث عن طرق للوصول إلى البحر بشكل دائم ومستقر، لكنه شدد في الوقت نفسه على ضرورة أن يكون هذا المسعى في إطار التعاون الإقليمي والشرعية الدولية. وأضاف لاميك أن فرنسا تؤمن بأن مثل هذه القضايا يجب أن تُحل من خلال الحوار والتفاهم بين الدول، وليس عبر التصعيد أو فرض الأمر الواقع.

كما أكد المهندس جيتاهون أيضا،على أهمية ضمان اعتراف الدول المجاورة باحتياجات إثيوبيا ودعمها لها، مشيرا إلى ما يتعلق بانفصال إريتريا،  أنه ظلم فُرض دون موافقة الشعوب الإثيوبية، مما أدى إلى انعدام فرص التكامل الاقتصادي والاجتماعي المتبادل منذ ذلك الحين. كما انتقد أولئك الذين سعوا إلى تقسيم الشعبين المترابطين ثقافيًا ولغويًا في إثيوبيا وإريتريا.

ودعا إلى رؤية للازدهار المشترك. وعلى الرغم من الانقسامات السابقة، معربا عن إيمانه بالرغبة القوية في توثيق العلاقات والتعاون بين البلدين. مؤكدا على أهمية الدبلوماسية العامة المستمرة لتعزيز العلاقات الاقتصادية، معرباً عن ثقته في أن الشعب الإريتري يرغب أيضاً في التعاون مع نظرائه الإثيوبيين، وهو الشعور الذي ردده المثقفون الإريتريون.

Recommended For You

About the Author: Samaray Galagai