استعادة ثقة المجتمع الدولي بجهود إرساء الاستقرار والامن في اثيوبيا !

 الدعم الأوروبي يتواصل بعد انتهاء حرب “تجراي”

تسعى الحكومة الإثيوبية لاستعادة ثقة المجتمع الدولي بجهودها لإرساء حالة استقرار سياسي وأمني داخل البلاد، بعد نحو 5 أشهر على انتهاء حرب «تحراي»، على أمل مشاركة دولية واسعة في إعادة الإعمار الإقليم الشمالي، من خلال استثمارات في البينة التحتية ومساعدات اقتصادية.

وأنهى اتفاق السلام، الذي وُقِّع في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، في بريتوريا، عامين من الحرب بين الحكومة الفيدرالية في أديس أبابا و«الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي». وخلال الأشهر الفائتة، استؤنف تسليم المساعدات للإقليم، الذي عانى لفترات طويلة من نقص حاد في الغذاء والوقود والسيولة والأدوية. كما بدأت عملية نزع سلاح المتمردين وعودة السلطات الفيدرالية لممارسة مهامها، وتم شطب الجبهة من قائمة «الإرهاب» الحكومية. وهو ما وصفه رئيس الوزراء آبي أحمد، قائلاً إن «إثيوبيا تتمتع بسلام واستقرار أفضل بكثير مما كانت عليه قبل ستة أشهر».

وحسب مسؤولين إثيوبيين، فإن الخطوات المتتالية المحققة لتنفيذ الاتفاق، وعودة الخدمات الأساسية مثل الاتصالات والبنوك والكهرباء للإقليم، الذي يقطن فيه نحو ستة ملايين نسمة، أسهمت في استعادة لافتة لثقة المجتمع الدولي في حكومة أديس أبابا، تجلى ذلك في زيارات مسؤولين أميركيين وأوروبيين أخيراً بعد قطيعة دامت عامين. فيما يشير مراقبون إلى مطالب أساسية، ما زالت موضع اختبار من جانب القوى الدولية، لحكومة آبي أحمد، أبرزها ملف «العدالة الانتقالية ومحاسبة المسؤولين عن جرائم الحرب».

وعليه قال المتحدث باسم وزارة الخارجية، السفير ملس الم ، أن سلسلة الزيارات التي قام بها قادة مختلف الدول وكبار الدبلوماسيين إلى إثيوبيا، تشير على أن إثيوبيا انتقلت من الأزمة، وبدأت في فتح صفحة جديدة من العلاقات الدبلوماسية .

جاء ذلك خلال الموتمر الصحفي الأسبوعي التي أدلى به المتحدث الرسمي، أمس الثلاثاء، حول زيارة وزير الخارجية والتجارة المجري بيتر سيارتو، الذي وصل إلى أديس أبابا في زيارة رسمية، والتقى مع عدة مسؤولين من الحكومة الإثيوبية.

وصرح ملس الم، إن بيتر سيارتو، وخلال إقامته في إثيوبيا، أجرى مشاورات مع نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية، دمقى مكونن، جرى خلالها استعراض علاقات التعاون الثنائي بين البلدين، وسبل تعزيزها وتطويرها، وعدد من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.

وبحسب المتحدث الرسمي، ذكر دمقى مكونن خلال اللقاء، على أن إثيوبيا والمجر تجمعها علاقات دبلوماسية طويلة الأمد منذ 1956، وينبغي تعزيز وتطوير العلاقات الثنائية في مختلف المجالات.

ودعا دمقى المجتمع الدولي والشركاء الدوليين، إلى تقديم الدعم الى إثيوبيا في جهودها لتنفيذ اتفاقية السلام الموقعه بين الحكومة الفيدرالية والجبهة الشعبية لتحرير تغراي، والذي تم التوصل إليه لحل الصراع في شمال إثيوبيا.

من ناحية أخرى، أوضح ملس، الى أن إثيوبيا أبدت موافقتها على طلب وزير الخارجية والتجارة المجري ، لإعداد مذكرة تفاهم بشأن التعاون في الاقتصاد والطيران المدني، كما ناقشا تعزيز تعاونهما في مجالات تنمية المياه والزراعة والتعليم والقطاعات الأخرى التي تشتهر بها المجر.

يذكر أن اثيوبيا والمجر تربطهما علاقات دبلوماسية وصداقة طويلة الأمد منذ أكثر ما يقارب من 60 عامًا.

وأسهمت الخطوات المتتالية لتنفيذ اتفاق السلام، وعودة الخدمات الأساسية مثل الاتصالات والبنوك والكهرباء للإقليم، الذي يقطن فيه نحو ستة ملايين نسمة، في استعادة ثقة المجتمع الدولي في حكومة أديس أبابا، بحسب مسؤولين إثيوبيين، تجلى ذلك في زيارات مسؤولين أوروبيين أخيراً بعد قطيعة دامت عامين.


وقبل نحو أسبوع تلقت الحكومة الإثيوبية، دعماً مالياً من الاتحاد الأوروبي ووكالة التنمية الفرنسية، بقيمة 32 مليون يورو، عبر «اتفاقية تمويل»، وقّعتها وزيرة المالية الإثيوبية سيمريتا سيواسو، مع فاليري تيهيو، مديرة الوكالة الفرنسية للتنمية في إثيوبيا، وستيفان لوك، رئيس التعاون في وفد الاتحاد الأوروبي في إثيوبيا.
تهدف اتفاقية التمويل، حسب وكالة الأنباء الإثيوبية (الرسمية)، إلى العمل على «مشروع الأمن الغذائي وتدابير إعادة التأهيل الزراعي في المناطق المتضررة من النزاع في إثيوبيا والذي تم تمويله بمبلغ 18 مليون يورو من الوكالة الفرنسية للتنمية، و14 مليون يورو من الاتحاد الأوروبي على التوالي».
في السياق ذاته، كشف رؤساء جامعات مقلي وأكسوم وأديغرات ورايا، عن استعدادهم لاستئناف التعليم، بعدما تسبب الصراع في الجزء الشمالي من إثيوبيا في أضرار مدمرة في ولايات تجراي وأمهرا وعفر، وكانت الجامعات الثلاث من بين المنشآت المتضررة بسبب الصراع.
وذكرت وكالة الأنباء الإثيوبية، أنه «بعد اتفاق السلام بين الحكومة الفيدرالية وجبهة تحرير تجراي ، تمت استعادة العديد من الخدمات الاجتماعية»، وأنه «بفضل الجهود التي بذلتها الحكومة وأصحاب المصلحة الآخرون، تم الآن استئناف الدراسة في جامعات وللو وولديا وميكديل أنبا»، وأن جامعات مقلي وأكسوم وأديغرات ورايا «تقوم بإجراء الاستعدادات اللازمة لاستئناف التعليم».

ونقلت الوكالة عن رئيس جامعة أديغرات الدكتور زيد نجاش «تقديره للجهود التي تبذلها الحكومة الفيدرالية لاستئناف التعليم بعد اتفاق السلام»، مشدداً على «ضرورة تسريع عملية التعليم والحفاظ على السلام».

تهدف اتفاقية التمويل، حسب وكالة الأنباء الإثيوبية إلى العمل على «مشروع الأمن الغذائي وتدابير إعادة التأهيل الزراعي في المناطق المتضررة من النزاع في إثيوبيا والذي تم تمويله بمبلغ 18 مليون يورو من الوكالة الفرنسية للتنمية، و14 مليون يورو من الاتحاد الأوروبي على التوالي».

وسيتم تنفيذ المشروع من المعهد الإثيوبي للتحول الزراعي في شمال إثيوبيا خصوصاً في المناطق المتضررة من إقليم تيغراي وأمهرا وعفر، ما يوفر للمزارعين الموارد اللازمة لاستئناف الإنتاج وإعادة تأهيل البنية التحتية.

وكان قد التقى وزير المالية الإثيوبي، أحمد شيدي، برئيس مجموعة البنك الدولي ديفيد مالباس على هامش اجتماعات الربيع 2023 لصندوق النقد والبنك الدوليين التي تعقد في العاصمة واشنطن بالولايات المتحدة الأمريكية خلال المدة من 10 – 16 أبريل الجاري.

وفقا لما ذكره البنك الدولي، ناقش الجانبان خلال الاجتماع التقدم الذي أحرزته السلطات الإثيوبية في تنفيذ اتفاقية بريتوريا للسلام الموقعه  في نوفمبر 2022 بين الحكومة الفيدرالية والجبهة الشعبية لتحرير تغراي.

وأشاد رئيس المجموعة ، على التقدم المحرز في عملية تنفيذ الإتفاقية، كما شجع على اتخاذ مزيد من الإجرائات لتحقيق السلام الدائم والازدهار لجميع الإثيوبيين.

كما جرى خلال اللقاء، نقاش حول التحديات الإقتصادية التي تواجه الدول ومن بينها إثيوبيا، والى حاجة إثبوبيا الملحة الى الدعم لاستعادة استقرار الاقتصاد الكلي.

وشدد الرئيس مالباس، على أهمية إجراء إصلاحات عميقة فيما يخص بالسياسات الإقتصادية، وسط التحديات التي تواجهها إقتصاد إثيوبيا المتمثلة في الجفاف والصراعات الداخلية وضائقة الديون والتحديات الهيكلية المعقدة.

ووفق ياسين أحمد، رئيس المعهد الإثيوبي للدبلوماسية الشعبية في أستوكهولم، فإن الجهود الملموسة التي تبذلها الحكومة الإثيوبية مع شركائها الأفارقة، أسهمت في توطيد تدريجي للعلاقات مع القوى الكبرى، وتخفيف الضغوط على حكومة آبي أحمد، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»، أن واشنطن والاتحاد الأوروبي، على وجه الخصوص، يضغطان من أجل تعزيز اتفاق السلام في تيغراي، «خوفاً من انتكاسة تؤثر على أمن القرن الأفريقي ككل».الشرق الاوسط

ورأى الخبير الإثيوبي أن زيارة وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، لأديس أبابا الشهر الماضي، كأول زيارة لمسؤول أميركي منذ عامين، ومن قبله وزيرتا خارجية ألمانيا وفرنسا في يناير (كانون الثاني)، تعد تجسيداً لهذا التوجه.

وحسب الخبراء  ارتكزت التحركات الإثيوبية ما بعد اتفاق بريتوريا على مسارين؛ أحدهما داخلي، يهدف إلى تعزيز الاستقرار السياسي والأمني، والآخر خارجي على الصعيدين الإقليمي والدولي، يقوم على تخفيف حدة الضغوط الخارجية مِن القوى الدولية، وتحسين صورة اثيوبيا أمام المجتمع الدولي؛ ودفع عجلة التعاون معهم الي الامام .

Recommended For You

About the Author: Samaray Galagai

43 Comments to “استعادة ثقة المجتمع الدولي بجهود إرساء الاستقرار والامن في اثيوبيا !”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *