مهرجان ولو الثقافي – رحلة إلى أزهر الحبشة

حليفت آي محمد يوسف

باحثة إثيوبية وأستاذ مساعد في كلية الحقوق بجامعة ولو

التنوع مصدر ثراء في منطقة ولو الإثيوبية

تقع منطقة ولو في شمال إثيوبيا في إقليم امهرا وتتميز بالتنوع الديمغرافي والتداخل الإجتماعي والثقافي والجغرافيا البشرية لسكانها حيث هنالك تداخل لبعض قبائل الارومو والتيغراي مع متطقة ولو في كل من كميسي و باتي ورايا. ومن اهم المدن في منطقة ولو هي ديسي وكمبولتشها وهيق وولديا وهي تتداخل مع إقليم تيغراي حدوديا.

يتسم هذا التنوع لشعب منطقة ولو بالتسامح والتعايش السلمي بين المسلمين والمسيحيين من جهة والاحترام المتبادل بين القوميات المختلفة على أساس المواطنة الإثيوبية كاهوية جامعة لكل الإثيوبيين من جهة اخرى.
ولقد نجح سكان منطقة ولو في إدارة التنوع الديني والثقافي والاثني واللغوي من خلال الاستثمار في التنوع لخدمة المواطنين الإثيوبيين وتعزيز الروابط بينهم إجتماعيا وثقافيا وإقتصاديا.

الجغرافيا البشرية والدينية

يتمتع سكان منقطة ولو بتاريخ مشترك فريد وجميل في التعايش السلمي الذي خلق شعور وجدان مشترك قوي ساهم في تعزيز الوحدة الوطنية الذي يمكن استخدامه كنموذج لمناطق اخرى في إثيوبيا أو دول أخرى. ويمكن للمناطق الأخرى أيضًا التعلم والاستفادة من تجربة ولو في فن التعايش السلمي في وئام مع الآخرين بغض النظر عن خلفيتهم الاثنية والثقافية والدينية ويحسن الاستثمار في التنوع كمصدر للنهضة الشاملة إجتماعيا وثقافيا وإقتصاديا. ولهذا يُطلق على منطقة ولو “بإثيوبيا الصغيرة” وكما وصفها البروفيسور برايان جيه يتس, “ولو هي أمهرا وأورومو ومسلمة ومسيحية معا.. في حين أن إثيوبيا هي تنوع في التنوع ، فإن ولو هي التنوع في إطار الوحدة.”

ولو أزهر الحبشة

على الرغم من أن منطقة ولو معروفة بشكل أساسي بجمال شعبها، إلا أن الجوانب التي يتم التغاضي عنها ولكنها أساسية هي أن منطقة ولو هي من إحدى اشهر المناطق في إثيوبيا التي قدمت إسهامات علمية وثقافية في المعرفة حيث ساهم العديد من المفكرين والعلماء بشكل كبير بالنفع والفوائد لبلادهم وكذلك تعدت نفعها إلى خارج إثيوبيا. بالإضافة إلى ذلك، فالمنطقة معروفة بالعديد من مراكز التعليم الدينية التقليدية والحديثة حيث تابع العديد من العلماء تعليمهم فيها ويعتبر معظم الائمة والخطباء المسلمين الذين اتوا من الأقاليم الإثيوبية الاخرى قد درسوا وتخرجوا من المراكز والمعاهد الإسلامية في منطقة ولو.

إلى جانب ذلك ، تشتهر منطقة ولو أيضًا بمعالمها التاريخية والسياحية وكونها معقل المسيحية والتعليم الإسلامي: مثل “مركز دانا” الإسلامي ودير المسيحي “حايق استيفانوس” وكذالك “تيدبابي مريم” اليهودية. تم تعليم العديد من العلماء المسيحيين والمسلمين ايضا في الأديرة المختلفة الموجودة في المنطقة ولهذا سميت “ولو” بأزهر الحبشة وكما عُرفت كمركز للفنون والمعرفة والتعليم والأدب والموسيقى والشعر والعمارة والحرف اليدوية في إثيوبيا لفترة طويلة.


وفي هذه المنطقة العديد من الخلاوي والحيران لتعليم القران الكريم والمدارس الدينية لتعليم القران الكريم حيث يتعبر اول ما يتعلمه الطفل في منطقة ولو قبل التعليم الحديث. وكما تكثر فيها المساجد في كل المناطق في الطرقات والقري والمدن حتي في المناطق القليلة العدد تجد في الطرقات مساجد كثيرة.

مؤتمر و مهرجان ولو من اجل التنمية

في الآونة الأخيرة، عقدت “مؤسسة موارد فايبرنيم”، بقيادة الدكتور محمد ساني، عالم الأوبئة في مدرسة لندن للصحة والطب الاستوائي بجامعة لندن، بالتعاون مع جامعة ولو، “مهرجان ولو” وايضا المؤتمر الأول من نوعه والذي سمي “مؤتمر ولو للتعليم والعلوم والثقافة” من 28 ديسمبر 2022 إلى 1 يناير 2023 في أديس أبابا ومن 7 إلى 14 يناير 2023 في ديسي. وكان من الأنشطة التالية في المهرجان: معرض الملصقات ، مسابقة ركوب الخيل ، موسيقى، رقص وعرض ازياء منطقة ولو، معرض فن الخط ، بازار كتب ، معرض التصوير الفوتوغرافي ، والأولمبياد الرياضي الخاص بالتعليم.

تم تنظيم الجزء الأول من المهرجان ، الذي يهدف إلى تعزيز القيم الثقافية والدينية لشعب ولو ، في “نصب الصداقة الإثيو – كوبا” الذي أقيم في أديس أبابا تحت شعار “رحلة إلى ولو” و اقيم الجزء الثاني من المهرجان في ديسي ، في “حرم مرهو” ، بالقرب من المدرسة الثانوية الشاملة والمهنية الأولى في البلاد – “ويزرو سيهين.” وتم تقديم العديد من الأوراق البحثية في جامعة وولو ، وتم عرض الأحداث الثقافية المختلفة التي تمثل المجتمع وتعكس هوية الشعب. ويهدف المهرجان إلى حث المتطوعين الإثيوبيين وعشاق إثيوبيا على المساهمة بنصيبهم بكل الطرق الممكنة ، سواء من خلال توفير مرافق الرعاية الصحية أو أي أنشطة أخرى من شأنها ان تساهم في معالجة الاثار النفسية للحرب واستعادة المؤسسات المفقودة ورفع معنويات افراد المجتمع الذين تأثروا بشدة بعد الحرب في الجزء الشمالي لأثيوبيا.

من ناحية أخرى ، استهدف الجزء الثاني من البرنامج الترويج لعلم وثقافة مجتمع “ولو” واستكشف المؤتمر الذي نظمته جامعة ولو تاريخ وبناء المجتمع والمدينة ، والتعليم القديم او التقليدي، وطقوس حل وفض النزاعات ، والثقافة ، والفن “الولوي” التي قدمها باحثون إثيوبيون ودوليون تمت دعوتهم لتقديم مساهمات بحثية مثل دكتور ألولا بانجرست, والبروفيسور أدم كامل, والدكتورة إليني سانتيم زلقى, والبروفيسور إلاي بيكيت, والبروفيسور بيتر ليتل, والعديد من الباحثين الآخرين.

ولكن بشكل عام ، كان المهرجان يهدف إلى تعزيز إمكانات إثيوبيا الغير مستغلة للتاريخ والثقافة والتراث على المستويات الوطنية والإقليمية والدولية ، وتطوير السياحة ، وخلق فرص عمل وافرة لجيل الشباب ، وتحرير المجتمع من أجواء الحرب و الضرر النفسي للبيئة ومساعدة النشاط الإقتصادي كما صرح به المنظمون.

Recommended For You

About the Author: Samaray Galagai

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *