إن منطقة القرن الافريقي تتمتع بموقع جغرافي وثروات طبيعية وافرة أدت إلى توسع التاريخ والحضارات ، ولكن في الآونة الأخيرة ، تواجه السلام والتنمية في هذه المنطقة تحديات كثيرة ، وقال المبعوث الصيني الخاص للقرن الأفريقي شيويه بينغ في مؤتمر اديس ابابا يونيو 2022 :إن الصين بصفتها أصدقاء شريك رئيسي لدول القرن الإفريقي ، قامت بطرح موضوع الحوار والسلام والتنمية للقرن الأفريقي في بداية هذا العام ، بناءً على الواقع في المنطقة. وجدد بنج التأكيد على أن الصين ستواصل دعم دول المنطقة لتحمل رؤية أمن مشترك وشامل وتعاوني ومستدام وكذلك حماية السلام والأمن الإقليميين وإسكات البنادق في القرن الأفريقي.
وبرغم الإمكانيات والموارد التي تمتلكها دول القرن الأفريقي،فإنها تواجه حزمة من التحديات الأمنية والاستراتيجية. فعلى صعيد التحديات الأمنية، تعتبر المنطقة ساحة للصراع والتنافس بين القوى الكبرى منذ منتصف خمسينيات القرن الماضي؛لذلك فإنها تعتبر مفتوحة على كل التطورات الدولية التي يصعب التنبؤ بأبعادها في المرحلة الراهنة، خاصة وأن أجواء الضعف والشك وعدم الاستقرار من سمات القرن الأفريقي.
وأيضًا تواجه المنطقةُ تحدياتٍ مرتبطة بالأمن البحري وأعمال القرصنة التي تعوّق حركة التجارة الدولية.أما على صعيد التحديات الداخلية، فإن المنطقة تشهد اضطرابات وحروبًا وتناحرًا ونزاعات قبَلية مستمرة. وهناك أيضًا نزاعات عابرة للحدود الوطنية؛ مثل النزاعات حول الموارد المائية، والحدود المشتركة، وهو ما يمثل عائقًا أمام إعادة بناء الدولة الوطنية، بالإضافة إلى الإرهاب الذي تمثله وتتبنّاه حركة الشباب الإرهابية في الصومال، وكل ذلك أدى إلى تراجع عملية التنمية، وانتشار الفساد، والاحتراب الداخلي.حسب -الجزيرة –
انطلق بمدينة ممبسا الكينية المنتدى الاقليمي المشترك لقيادات الشرطة لدول الايغاد الاسبوع الماضي ، لبحث سبل تعزيز التعاون والتنسيق الإقليمي بين جهات انفاذ القانون،بحضور لجنة السفراء التابعة لايغاد وبمشاركة ممثلي دول الايغاد وقطاع العدالة الجنائية ومفوضي الشرطة ،برئاسة السودان، وافتتح االمنتدى السكرتير التنفيذي للايغاد ، الدكتور ورقنه غبيهو ومثل إثيوبيا المفوض العام للشرطة الفيدرالية الإثيوبية، دملاش غبرميكائيل .
وناقش المنتدى في جلسته الاولي ،التعاون والتنسيق على الصعيدين الوطني والإقليمي لمنع المهددات الأمنية العابرة للحدود وطرق التصدي لها في إطار السعي المستمر للايغاد لتحقيق السلام و الاستقرار في الإقليم.
وتعتبر المهددات الأمنية العابرة للحدود و التحديات الأمنية التقليدية المتمثلة في النزاعات الحدودية والحروب داخل الدول خطرا على الإقليم مما يتعين على ايغاد التصدي لها مما تتطلب اتباع نهج جماعي مشترك بين الدول وعمل عبر دوائر انفاذ القانون للتحقيق في القضايا وملاحقتها . كما ناقش المشاركون بالمنتدى أثار سوء تقاسم المعلومات الجنائية والاستخباراتية بين الدول والذي يؤدي لعدم اتخاذ التدابير المضادة واللازمة لمواجهة التهديدات الأمنية، مبينين أنها فجوة تتيح للجماعات الإجرامية استغلالها ،وفي هذا الإطار دعوا إلى تكوين آلية لتقاسم المعلومات للعمل على إتخاذ التدابير المضادة واللازمة والموحدة .
يجدر الذكر أن المنتدى ينعقد لوضع إطار مشترك لمنع ومواجهة التهديدات المؤثرة على المنطقة وبحث سبل تعزيز التعاون والتنسيق الإقليمي بين جهات انفاذ القانون وهى العدل والشرطة ،كما يجدر الذكر أن المنتدى يمول من قبل الاتحاد الأوروبي عبر وكالة التنمية المستدامة.
وتأتي هذه التحركات لوضع اطار مشترك لمنع ومواجهة التهديدات، التي تؤثر على المنطقة والتوصل إلى توافق في الآراء بشأن آلية تعزيز التعاون والتنسيق الإقليمي فيما بين الدول الأعضاء للأيغاد.
أكد السكرتير التنفيذي للهيئة الحكومية المعنية بالتنمية (ايغاد) ورقنه غبيهو، أن التكامل الإقليمي هو الطريق الأضمن للإزدهار بدول منطقة القرن الأفريقي. جاء ذلك لدى إلقائه خطاب الايغاد السنوي الثالث بمدينة ممباسا بكينيا ، حيث ذكر السكرتير التنفيذي للايغاد القضايا غير المتعلقة بالنزاع التي تؤثر على المنطقة والتي لا تزال تؤثر على السلام والأمن والاستقرار.
وأشار إلى دور الإيجاد في تعزيز الحلول السلمية للنزاع الحدودي بين إثيوبيا والسودان ، والصراع في شمال إثيوبيا ، وتنسيق ودعم الحوار الوطني السوداني من أجل انتقال مدني.
كما تطرق غبيهو إلى دعم عملية التشاور الشاملة والتشاركية في جنوب السودان ، وتقديرها لجهود تحقيق الاستقرار في الصومال ، والتصدي لحركة الشباب.
وتقدم السكرتير التنفيذي للإيغاد بالشكر لجمهورية السودان لقيادتها في اجتياز الصعوبات التي تواجه المنطقة خلال الثلاث سنوات، مشيدا بالدول الاعضاء لمساهمتها في تعزيز السلام وحشد الدعم لمواجهة التحديات التي تواجه المنطقة.
وشرح ورقنه غبيهو دور –الايغاد- بجانب الاتحاد الافريقي والامم المتحدة للعمل على التنسيق ودعم العملية السياسية الجارية في السودان من اجل الانتقال الى حكم مدني، مبينا ان الجهود التي اجٌريت اسفرت عن توقيع الاتفاق الاطاري بين الجيش والقيادة المدنية.
كما تطرق السكرتير التنفيذي لإيغاد إلى القضايا غير المتعلقة بالنزاع التي تؤثر على المنطقة والتي لا تزال تؤثر على السلام والأمن والاستقرار الأوبئة العالمية ، تغير المناخ ، والجفاف المستمر ، وغزو الآفات ، والفيضانات الموسمية التي ساهمت في حالة أمن غذائي إقليمي مزرية.
وفقًا للهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية ، فهي ملتزمة بتسريع تكامل المنطقة وتعظيم الإمكانات الهائلة التي توفرها منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية للمنطقة.
كما تناولت رسالة الأمين التنفيذي للهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية مجموعة من القضايا ووضعت خططًا لبناء القدرات المؤسسية والمكانة المالية للمنظمة ، حسبما أفادت وزارة الخارجية الإثيوبية.
ويرى المراقبيون للشان الافريقي تتعثر جهود توفير الأمن والاستقرار في القرن الأفريقي، طالما أن هناك أجندات داخلية وخارجية لها أهداف معينة لا تتحقق إلا في ظل مواصلة التوترات، بالتالي غاب عن القوى، التي بذلت هذه الجهود أو وجدت بارقة أمل، في التوصل إلى سلام إقليمي، أن نقطة البدء تأتي بالتوازي بين حل المشكلات المتفاقمة في الدول مع إيجاد حل لأزمة التكالب على المنطقة واستغلال الفراغ فيها.
قد تكون هذه المعادلة عصيّة على التفكيك بسبب التداخل وعلاقات المصالح المتنامية، غير أنها بيت الداء، فكل الآمال المعلقة على تمهيد الأرض لجلب السلام ذهبت سدى مع وجود تقديرات ترى في الأمن تهديدا، وفي التنمية عائقا للطموحات في المنطقة.الكاتب المصري محمد ابو الفضل –العرب –
وقد بلغ التنافس الصيني الأمريكي أشده في السنوات الأخيرة، وتروج الصين بأن نموذجها التنموي غير المشروط سياسيا هو الأنسب لدول المنطقة، عكس النموذج الأمريكي المرتبط بترسيخ الديمقراطية وحماية الحريات واحترام حقوق الإنسان.
ومما لا شك فيه أن هذا الاهتمام العالمي بالقرن الأفريقي له ما يبرره من الناحية الاستراتيجية، لكن الذرائع التي تقدمها القوى الكبرى من أجل تكثيف وجودها العسكري ليست دائما مقنعة في نظر مراقبين. ويبقى مواطنو هذه المنطقة تائهين وسط حالة الفوضى والصراعات الداخلية والهجمات الإرهابية.
ضرورة التعامل مع التهديدات الإرهابية العابرة للحدود، دفعت برؤساء الدول الأربعة إلى إقامة شراكات جديدة وتعزيز التضامن، للوقوف إلى جانب الصومال في مواجهة تهديد “حركة الشباب”. وأوردته وكالة الأنباء الصومالية “صونا”
واليوم اتفق قادة الصومال وكينيا وجيبوتي وإثيوبيا وهم اعضاء في مجموعة- الايغاد -على القيام بعملية مشتركة لتحرير ما تبقى من الأراضي الصومالية من قبضة الإرهاب، وذلك خلال القمة التشاورية التي انعقدت، الأربعاء، في مقديشو. وطالب الرئيس حسن شيخ محمود، خلال القمة، بالتزام ودعم دول الجوار التي لها قوات في الصومال في المشاركة مع قوات الدولة الصومالية في هزيمة الجماعات الإرهابية وتدميرها ..عاملين بالمثل الذي يقول “رحم الله الإمام «الشافعي» وأثابه الله على حكمته التي علمتنا حقيقة الانصرافُ عنها قد يؤدي إلى الهلاك «ما حك جلدك مثل ظفرك فتول أنت جميع أمرك».
أبرز بنود البيان الختامي لدول الجوار: أكد القادة على سيادة الصومال ووحدته ..أشاد القادة بجهود الحكومة الصومالية في مكافحة الإرهاب …مضاعفة ومشاركة دول الجوار في العمليات العسكرية الجارية للقضاء على الإرهاب …تشكيل آلية مشتركة لمنع التهديدات الأمنية العابرة للحدود.
وقال وزير الإعلام الصومالي داود أويس، في مؤتمر صحافي عقب انتهاء القمة، إن المباحثات كانت إيجابية، وركزت على دعم الصومال في حربه الشاملة ضد “الشباب”، وأن رؤساء الدول المجاورة (كينيا وجيبوتي وإثيوبيا) أشادوا بالتقدم الذي أحرزته الحكومة لإنهاء تمرد مسلحي الحركة.
وأشار أويس إلى أنه تم الاتفاق على ضرورة التنسيق الأمني المشترك، وتشكيل آلية موحدة لمنع تمدد الإرهاب إلى دول الجوار، وضمان أمن حركة المرور والتجارة العابرة عبر الحدود، إلى جانب مضاعفة ومشاركة دول الجوار في العمليات العسكرية الجارية للقضاء على الإرهاب، من خلال بعثتها العسكرية المشاركة في بعثة الاتحاد الأفريقي (أتمس).
وفي هذا السياق، يقول المحلل السياسي محمود عبدي علي، لـ”العربي الجديد”، علي أن مشاركة دول الجوار في تعزيز الأمن والاستقرار في منطقة القرن الأفريقي استجابة فعلية لتزايد الخطر الأمني في المنطقة، وهو ما يمكن أن يحُد من هذا الأمر وينهي الخطر الأمني العابر للحدود الصومالية باتجاه تلك الدول.
وفي السياق، يقول الكاتب الصحافي محمد فاتولي، لـ”العربي الجديد”، إلى أن القمة الرباعية أكدت حرصها على دعم جهود الصومال لرفع حظر الأسلحة المفروض عليه من قبل مجلس الأمن الدولي بحلول نهاية 2023، وهو أمر يعتبر خطوة أساسية لتكثيف الضغط العسكري ضد حركة “الشباب”.
يصف المحلل السياسي الصومالي آدم هيبة نتائج القمة بأنها “خطوة مهمة في دحر حركة الشباب التابعة لتنظيم القاعدة ”.
نعم ان تتخطى دول القرن الافريقي هذه التحديات والأزمات المركّبة يتطلب من الأطراف في الداخل والخارج ، والدول المحبة للسلام، العمل معًا من أجل إعادة الأمن والاستقرار، ومواجهة الجماعات الإرهابية، وإعادة بناء الدولة، ووضع برامج عمل مع الشركاء الاستراتيجيين للبدء بعملية تنمية شاملة في هذه المنطقة التي عانت من ويلات الحروب والجفاف والمجاعة والهجرة !