سدالنهضة” أباي” الكهرومائي أكثر من مجرد منشأة لتوليد الطاقة

جوهرأحمد

ليس السد مجرد مشروع بنية تحتية، بل يمثل أيضًا طموحًا جماعيًا لوحدة الإثيوبيين والتزامهم وعملهم الدؤوب  وهو تجسيد لمثابرتهم على تحقيق أحلامهم التي طال انتظارها رغم التحديات.

وعندما وُضع حجر أساس سد النهضة  في 2 أبريل 2011، وأُعلن عن بنائه، أيد المواطنون من مختلف شرائح المجتمع هذا المسعى بحماس، قائلين: “سنبنيه؛ سنجعله حقيقة“.

ومع ذلك، لم تخلُ مسيرة  بناء السد من العقبات. فمنذ وضع حجر الأساس، بُذلت جهودٌ مختلفة لعرقلة تقدم إثيوبيا، بشكل مباشر وغير مباشر.

وحاولت بعض الجهات عرقلة بناء المشروع من خلال مجموعة من الأنشطة التخريبية، لكن جميعها باءت بالفشل. و رغم هذه التحديات، ازدادت عزيمة الشعب الإثيوبي قوةً وثباتا.

ورغم التحديات العديدة، تواصل إثيوبيا بناء السد بلا هوادة، غير عابئة بالضغوط الخارجية. وقد بذلت الحكومة الإثيوبية وشعبها تضحياتٍ كبيرة لإنجاح المشروع. ومن اللافت للنظر اكتمال 98% من أعمال البناء، وهو نجاح يُعزى إلى القيادة الحكيمة والالتزام الراسخ للحكومة.

ويُبشر سد  النهضة “أباي” الكهرومائي بتوفير مجموعة واسعة من الفوائد الاقتصادية والاجتماعية. وسيُسهم في ضمان سيادة الطاقة والأمن الغذائي لملايين الإثيوبيين، ويُشكل حجر الزاوية للاقتصاد الوطني من خلال تمكين تصدير الكهرباء إلى الدول المجاورة.

ومن المتوقع أن يُوفر مشروع السد فرص عمل كبيرة في مختلف القطاعات، بما في ذلك الزراعة وتربية الأسماك والري، بالإضافة إلى الحد من فقر الطاقة في البلاد بما يُحافظ على الاستدامة البيئية. كما تُرسخ أهميته السياسية مكانة الأمة كرمز للانتصار الوطني والوحدة.

ومع اقتراب سد “النهضة “أباي الكهرومائي من الاكتمال، يتجلى تأثيره الإيجابي على مستويات معيشة المواطنين الإثيوبيين بشكل متزايد. من المتوقع أن يُهيئ السد بيئةً مُواتيةً للنمو الاقتصادي، وزيادة الإنتاجية، وخلق فرص العمل. سيُعزز توفير كهرباء موثوقة الكفاءة التشغيلية في جميع القطاعات، بما في ذلك الزراعة والصناعة والخدمات.

ومن البديهي أن الكهرباء عنصرٌ أساسيٌّ في التقدم الاقتصادي، إذ تُمكّن المصانع والصناعات من العمل بكفاءة. وسيُسهّل الحصول على الطاقة المستدامة إنتاج السلع، ويُعزز الإنتاجية، ويجذب الاستثمارات المحلية والأجنبية. وبالتالي، سيُسهم هذا التدفق الاستثماري في توليد المزيد من فرص العمل، مما يُعزز التنمية الاقتصادية.

ومع اقتراب إثيوبيا من استكمال سد الطاقة الكهرومائية، تتجلى بوضوحٍ قدرة مواطنيها الجماعية على الصمود. ولا يُمثل هذا المشروع مجرد بناءٍ مادي، بل إرثًا من العزيمة والوحدة والأمل. إنه يُجسّد روح الشعب الإثيوبي الذي واجه الشدائد، ولا يزال ثابتًا في التزامه برؤية التقدم.

وسيكون اكتمال وافتتاح السد لحظة احتفال وطني، ومصدر فخر لجميع الإثيوبيين. إنه شهادة على ما يمكن تحقيقه من خلال العمل الجاد والمثابرة الدؤوبة وإرث يلهم الأجيال القادمة.

ومن الناحية العملية، وكما ذكرت قناة فانا في معرض حديثها عن الطاقة الكهربائية الإثيوبية (EEP)، سيبلغ هذا المشروع الرائد للطاقة الكهرومائية، عند اكتماله، قدرة توليد تبلغ 5150 ميغاواط، وإنتاجًا سنويًا من الطاقة يبلغ 15760 جيجاواط/ساعة، مما سيساهم بشكل كبير في شبكة الكهرباء الوطنية. ومن المتوقع أيضًا أن يربط 70% من القرى والبلدات الريفية التي تفتقر حاليًا إلى الكهرباء، مما سيُحدث نقلة نوعية في حياة الملايين.

وفي هذالسياق أعلن رئيس الوزراء الدكتورآبي أحمد مؤخرًا أن مشروع البناء شارف على الاكتمال، ولم يتبقَّ سوى بضعة أشهر قبل افتتاحه. وكما اتفق الكثيرون، فإن إحدى العقبات الرئيسية التي تمنع إثيوبيا من التغلب على الفقر والتخلف هي نقص الكهرباء الكافية. وفي هذا الصدد، من المتوقع أن يُعالج هذا السد الكهرومائي الضخم هذا النقص، مما يُمكّن البلاد من تعزيز قدرتها التنافسية في السوق العالمية.

وتتجاوز الآثار الاقتصادية لهذا السد إنتاج الكهرباء، إذ يُتوقع أيضًا أن يُسهّل النقل البحري وتنمية الثروة السمكية، بإنشاء بحيرة اصطناعية بسعة 74 مليار متر مكعب من المياه. لن تدعم هذه البحيرة النقل المحلي فحسب، بل ستصبح أيضًا وجهة سياحية محتملة، تجذب الزوار من جميع أنحاء العالم.

ووفقًا للوثائق، سيؤدي توسع البحيرة الاصطناعية المحيطة بالسد إلى إنشاء أكثر من 78 جزيرة، مما يوفر فرصًا للمنتجعات وتربية الأسماك وغيرها من الأنشطة الاقتصادية. وتشير التقديرات إلى إمكانية صيد ما يصل إلى 50 ألف طن من الأسماك سنويًا، مما يُسهم في الأمن الغذائي وإمكانية التصدير إلى الدول المجاورة.

وكانت الجهود المبذولة لمنع بناء السد تهدف في المقام الأول إلى خنق النمو الاقتصادي لإثيوبيا. ومع ذلك، فإن إكمال السد أصبح الآن في متناول اليد، مما يُتيح فرصة للتنمية والازدهار المستمرين.

ولا شك أن الشعب الإثيوبي إذا اتحد بأكمله في هذه المسيرة الحاسمة، فسيرث إرثًا سيبقى لأجيال. وبينما نقف على أعتاب هذا الإنجاز الضخم، تتجه أنظار الملايين نحو السد، مترقبةً ثماره.سيكون اكتمال وافتتاح سد النهضة” أباي” الكهرومائي، وهو مشروع غيّر حياة مئات الملايين بالفعل، ومناسبةً سعيدةً للأصدقاء ومصدر حزنٍ للخصوم. ومع بقاء بضعة أشهر فقط، يسود الأمل في جميع أنحاء البلاد بتقاسم ثماره.

 

Recommended For You

About the Author: Samaray Galagai