سد النهضة مستقبل مشرق !

جوهرأحمد

سلطت الأسابيع القليلة الماضية الضوء وأن العام الإثيوبي الجديد 2014 حمل بشائر عديدة  وأفراحا وآمالا براقة وأحلاما محققة ظل ينتظرها الشعب الإثيوبي منذ مئات السنين  حيث حقق   الإثيوبيون انجازات  انتصارات  لاتنسى ولاتمحى من الذاكرة إلى الأبد وفي مقدمة تلك الإنجازات الملء الثالث لسد النهضة  بدون عراقيل  وتدشين التوربين الثاني الذي يولد 275 ميجا واط من الطاقة الكهربائية  وحل فريق ألعاب القوى الإثيوبي المرتبة الثانية عالميا لأول مرة في تاريخها  بعد أمريكا التي احتلت المرتبة الأولى  والمرتبة الأولى إفريقيا في المسابقة الأولمبية التي أقيمت في أوريغون بأمريكا ,كما كرر الفريق الإثيوبي لألعاب القوى دون سن العشرين  انتصارا مماثلا في كالي ،بكولومبيا ,إلى جانب الإنتصارات  في مجال الأمن والدبلوماسية واستكمال  بعض المشاريع الإنمائية . .

وكان الإثيوبيون سعداء جدا بهذ ه الإنتصارات والمآثر لأن البلاد تعرضت مؤخرًا لضغوط كبيرة في المجالات الدبلوماسية والاقتصادية والأمنية. أصبحت إثيوبيا محور اهتمام العديد من الجهات الفاعلة الدولية لأسباب ليس أقلها موقعها الجغرافي السياسي في القرن الأفريقي ودورها الرائد والفعال  والمؤثر في الشؤون الأفريقية,وأنالدورالفعال والتأثير الإيجابي لإثيوبيا  في الشؤون الأفريقية ليس جديدا. ظلت ولاتزال إثيوبيا   ذات تأثير منذ سنوات بداية الفترة الاستعمارية وحتى ما قبل الاستعمار كدولة رافضة ومناهضة ومعيقة كل محاولة الإستعمار. و يُنظر إليه دائمًا على أنه حامل لواء الاستقلال والسيادة الأفريقيين. لذلك ، لا يمكن لأي بلد أن يتجاهل تاريخه باستخفاف.

وقد تصاعد الضغط عليها بسبب عدة عوامل. بعد تغيير الحكومة قبل أربع سنوات ، لا يبدو أن حلفاء النظام السابق قد تلقوا التغييرات بإخلاص. ربما كانت بعض  الحكومات الغربية تتوق وتشعر بالراحة بالحكومة  التي تقودها  جبهة تحرير تجراي على الرغم  مما تعرضت   الجماهيرالغفيرة من الإثيوبيين على يد هذه الحكومة  من أشكال البطش والسجن والتنكيل والتعذيب والقتل ,ورفضت الحكومة الإصلاحية العديد من السياسات التي كانت الحكومة السابقة تتبعها وتبنت موقفًا أكثر استقلالية في العديد من الدوائر

وكان لازماعليها “إثيوبيا”أن تدافع عن نفسها من هجمات القوى والحكومات  المرتبطة بالقيادة والحزب المخلوعين. وقد كلف هذا البلد موارد وتضحيات هائلة. وكانت التكلفة الدبلوماسية والاقتصادية باهظة أيضًا,حتى حلفاءها التقليديون انقلبوا ضدها وتوقفوا عن دعمها دبلوماسيا واقتصاديا. في هذا الصدد ، كان من أكثر الموضوعات إثارة مشروع سد النهضة الإثيوبي.

و كان الهدف من هذا المشروع توفير الطاقة الكهربائية محوالي 65 من المواطنين الإثيوبيين الذين يعيشون في ظلام دامس منذ مئات آلاف السنين وحتى الآن وفتح فصل جديد في تاريخ واقتصاد الدولة لأنه يتيح استغلال واحدة من أكبر إمكانات البلاد ألا هي الموارد المائية الوفيرة والعديدة على طول البلاد عرضها .سد النهضة كان  مشروعًا تنمويا بحتا تمت دراسته والتخطيط لإنشائه منذ عقود ولكن لم تحصل إثيوبيا على أي قروض من المؤسسات المالية الدولية  لتغطية التكاليف لسبب العراقيل المصرية ولم يكن لدى الدولة القدرة المالية للشروع في المشروع بمفردها.

نتيجة للتأثيروالضغوط  الذي مارسته مصرعلى جميع المؤسسات المالية الدولية وحتى الحكومات التي قد تكون أبدت استعدادًا لمساعدة إثيوبيا اضطرت للتخلي عن نيتها عدم الصدام مع المصريين. كل هذا له علاقة بعقلية المصريين الذين لطالما اعتبروا نهر النيل ملكهم إن مصر صاحبة نهر النيل ليست مجرد أسطورة مريحة للسياسيين المصريين ليؤمنوا بها ويؤمنوا بها ، ولكنها أيضًا تتعارض بشكل واضح مع الواقع الملموس على الأرض.

تعرف مصر أن استخدامها لمياه النيل دون عائق منذ قرون لا يجعلها المالك الوحيد . وأن ترديدها  المستمر والدائم “الحقوق التاريخية لها لمياه النيل”  ومحاولات تبرير ملكيته من خلال المعاهدات والإتفاقيات الاستعمارية سخيفة لايقبلها العقل البشري ولالقانون  نظرا إلى الأوقات التي جرت فيها تلك المعاهدات والإتفاقيات   ويبدو أن  بعض السياسيين المصريين لم يستيقظوا من سباتهم العميق حتى الآن  علما أن إثيوبيا دعت مرارا وتكرارا  خبراء المياه الأكثر شهرة ويسرت إجراء دراسات حول نظام المياه ,وقد شهدوا وأكدوا حقيقة أن بناء السد لا يؤثر بأي شكل من الأشكال على تدفق المياه لأن الملء يتم خلال موسم الأمطار عندما تتدفق المياه وتفيض  خارج  النهر.

ولا يغيب عن البال في هذاالسياق أن إثيوبيا بلد ضخم يبلغ عدد سكانه أكثر من مائة وعشرين مليون نسمة ولديها كل الحق في استخدام كل جزء من مواردها الطبيعية لتغيير حياة مواطنيها وتنمية البلاد وتطويرها اقتصاديا واجتماعيا عبر انتاج الطاق الكهربائية . لا توجد قيود على تقدم إثيوبيا نحو العصر الصناعي عبر توليد آلاف ميجاوات من الطاقة المائية النظيفة الحيوية لتوسعها الاقتصادي. ومع وجود أكثر من خمس وستين في المائة من سكانها في الظلام الدامس ، فهل سيكون هناك من يلوم إثيوبيا على الشروع في تشييد  مثل هذا المشروع؟ في السنوات الإحدى عشرة الماضية ، تعرضت إثيوبيا لأشكال مختلفة من الضغوط بهدف منعها من المضي قدمًا في  استكمال سد النهضة. وواصل حلفاء مصر وغيرهم ممن اشتركوا في مزاعم مصر الكاذبة والملفقة  في انتقاد إثيوبيا بسبب سد النهضة. وقد نسي هؤلاء المنتقدون أن مشروع سد النهضة ليس مشروعًاعاديا بسيطًا للطاقة الكهرومائية فقط  بالنسبة لإثيوبيا وشعبها العظيم  بل هو أكبر من ذلك بكثير حيث أنه   رمزًلوحدة إثيوبيا ورمز لصمودها أمام تحديات داخلية أوخارجية  ورمزا أيضا لمستقبلها المشرق والمزدهر . ولاننسى مساهمة الإثيوبيين البسطاء وتمويلهم  لهذاالمشروع الإفريقي الضخم  والعملاق  كل حسب قدرته وإمكانياته بعد مارفضت المؤسسات  المالية الدولية بضغوط من مصر,وأن الضغوطات  الدولية  كانت واضحة ولابد من التغلب على هذه الضغوطات بالوحدة والصمود والتلاحم الوطني والتمويل الذاتي والداخلي.

ويعتبر نهاية عام 2014 بالتقويم المحلي “2022”بهذا المعنى منعطفًا حاسمًا لأنه قبل أيام قليلة فقط بدأت التوربينات الثانية للسد في توليد الكهرباء رسميًا ,و رئيس الوزراء  الدكتور أبي أحمد هو الذي أدار الزر بشكل رمزي وأطلق العملية. وفي الوقت نفسه ، انتهى الملء الثالث للسد بنجاح حتى قبل التاريخ المتوقع.

وهذه شهادة أخرى على أن سد النهضة لا يشكل عقبة أمام حصة المياه لمصر والسودان. بل يجب أن يكونوا ممتنين لإثيوبيا لأنها ساعدتهم على تنظيم تدفق نهر النيل الأزرق وتجنب الفيضانات المفرطة. إلى جانب أنهم سيحصلون على كمية كافية  وزائدة من المياه خلال مواسم الجفاف حيث يستمر السد في إطلاق المياه بعد توليد الطاقة اللازمة. ومن ثم فهو نجاح مزدوج لإثيوبيا هذه الأيام يضاف إلى النجاح الباهر للفرق الرياضية الوطنية التي الميداليات الذهبية والفضية والبرونزية في كل من أوريغون -أمريكا وكالي ،-كولومبيا.

الأفراد والدول التي لا تحبذ رؤية هذا النجاح وهذه الإنتصارات لإثيوبيا ورؤية اسمها يرتفع دوليًا في جميع وسائل الإعلام المهمة بشكل إيجابي ,والتي تتربصها دائما  وتنتظر  إخفاقها وتفككهاوتجزئتها إلى دويلات تتصارعووتنازع على الحدود والمصالح والمنافع  الاقتصادية  سيصابون باكتئاب وخيبة أمل كبيرة  ولكن هذ النجاح  مصدر فخر كبير اغتباط  للأثيوبيين وأصدقاءها ومحبيها الذين يتمنون لها الخير والرخاء والإزدهار والمستقبل المشرق.

بالإضافة إلى ذلك حققت  إثيوبيا نهاية عام 2014 أيضًا نجاحًا في مجالي الأمن وإنفاذ القانون لأن محاولة حركة الشباب وحلفائها اختراق أراضي البلاد باءت بالفشل  وتكبدوا أضرارا كبيرة على يد  قوات الأمن الإثيوبية التي حيدتهم. واستسلم الكثيرون منهم  بينما فر آخرون تاركين أذرعهم ورائهم. لقد واجهت إثيوبيا تحديات من قبل القوات الإرهابية في مناطق متعددة وهي تعلم أن هناك أيضًا تعاونًا من قبل أيادٍي أجنبية في هذه المساعي ، لكن قوات الأمن الإثيوبية الصامدة صدت لكل هذه الهجمات ببطولة وشجاعة كعادتها المعهودة .

وقالت الحكومة إنه سيتم بذل المزيد حتى يتم إزالة التهديد تمامًا. وأصدرت وزارة الدفاع تصريحات في هذا الصدد أن قواتها في حالة تأهب دائم للحفاظ على السلام والاستقرار في البلاد. من المعروف أنه جرت عدة محاولات لتعطيل استكمال سد النهضة ، وقامت قوات الأمن الإثيوبية بحراسة جميع الطرق المؤدية إلى  مشروع سد النهضة وتسهيل نقل المواد اللازمة له لأنه كانت مصدرًا لهجمات مستمرة والتوغلات. لكن كل هذا لم يمنع الاستمرار السلس للمشروع وقد وصل الآن إلى وضعه الحالي.

وكان المدير العام لمشروع  سد النهضة قد أعلن  أنه في غضون عامين ونصف سيكتمل المشروع بأكمله. وهذا يوضح مدى إصرار الدولة على إنهاء هذا المشروع مع الاستمرار في محاولة إقناع المعارضين للمشروع بمزاياه العديدة ورفض كل أشكال الضغط التي تهدف إلى إاقة بنائه علما أن إثيوبيا بقناعة لتنفيذ هذا المشروع بنفسها وأنها  تدرك تمام الإدراك  أنه بمجرد اكتمال سد النهضة ، سيغير قواعد اللعبة قواعد في  القرن الإفريقي وقارة إفريقيا  وسيكون منصة لانطلاق المسار الاقتصادي الجديد للبلاد خاصة ولإقليم  بشكل عام .

ولايغيب عن البال في هذاالسياق  ان الخبراء أعطوا تقييمهم الإيجابي للمشروع مشيدين على استخدام أحدث التقنيات التكنولوجية في بناء كل من أجزاء الهندسة المدنية وكذلك الأجزاء الكهربائية. ومن ثم فقد بددوا الشكوك  التي تحيكها مصر وناشطيوها حول سلامة السد منشآته المختلفة,وتواصل إثيوبيا دعوتها إلى التعاون الكامل من جميع أولئك الذين لديهم آراء سلبية بشأن سد النهضة. وقد دعت مرة أخرى الدول المشاطئة للجلوس إلى طاولة المفاوضات لحال الخلافات الفنية العالقة فيما بينهم  لأن إثيوبيا صادقة في تحركاتها للوفاء  بالتزاماتها تجاه كل المعنيين بهذا المشروع لكي يكون مشروعًا مفيدا ومربحًا للجميع وليس مشروعًا يستفيد منه الإثيوبيون فحسب  كما أنه بمثابة وسيلة للتكامل الاقتصادي والسياسي والإجتماعي بين إثيوبيا بلدان حوض النيل خاصة  والقرن الإفريقي بصورةعامة عبر توفير الطاقة الكهربائية النظيفة لهذه البلدان  بأسعاررخيصة وزهيدة.

Recommended For You

About the Author: Samaray Galagai

5 Comments to “     سد النهضة مستقبل مشرق !”

  1. Профессиональный сервисный центр по ремонту бытовой техники с выездом на дом.
    Мы предлагаем: ремонт крупногабаритной техники в москве
    Наши мастера оперативно устранят неисправности вашего устройства в сервисе или с выездом на дом!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *