إطلاق العنان لإمكانات الطاقة في إثيوبيا لتحقيق التكامل الإقليمي

جوهرأحمد

في السنوات الأخيرة، قطعت إثيوبيا شوطًا كبيرًا في التزامها بتسخير موارد الطاقة المتجددة، معززةً مكانتها كدولة رائدة في مجال الطاقة المستدامة في شرق إفريقيا. وبفضل مواردها الطبيعية الوفيرة، بما في ذلك الطاقة الكهرومائية وطاقة الرياح والطاقة الشمسية، فإن البلاد مهيأة للاستفادة من هذه الأصول لتلبية احتياجاتها المتزايدة من الطاقة ودعم التكامل الإقليمي في مجال الطاقة.

بالإضافة إلى ذلك، ومن خلال تسخير أنهارها، لا تهدف إثيوبيا فقط إلى تزويد مدنها بالطاقة، بل أيضًا إلى النهوض بالمجتمعات الريفية التي تفتقر حاليًا إلى الكهرباء. ويُعد هذا التحول أساسيًا للتنمية الاقتصادية وتحسين نوعية حياة ملايين الإثيوبيين. ومن المعروف أن إثيوبيا تُعرف بـ”برج مياه إفريقيا”بوجود خزان ضخم في هضبتها ولديها قدرة هائلة على توليد الطاقة الكهرومائية لا تزال غير مستغلة إلى حد كبير.

وعلى الرغم من إمكاناتها الهائلة، إلا أن البلاد لم تستغل هذه الموارد بالكامل لتلبية احتياجاتها من الطاقة أو دفع عجلة النمو الاقتصادي. ومع ذلك، شرعت البلاد في السنوات الأخيرة  في بناء العديد من مشاريع الطاقة الضخمة، بما في ذلك سد النهضة الإثيوبي الكبير، بهدف تعزيز قدرتها على توليد الطاقة بشكل كبير.

ويُعد بناء سد النهضة الإثيوبي الكبير خطوةً بالغة الأهمية لإثيوبيا، إذ لا يهدف فقط إلى تلبية الطلب المحلي على الطاقة، بل أيضًا إلى تعزيز تكامل الطاقة داخل منطقة شرق إفريقيا. وبعيدًا عن حدودها، تُمثل هذه المشاريع جسرًا للتعاون الإقليمي في مجال الاقتصاد والطاقة. فهي ليست مجرد مصدر للطاقة النظيفة؛ بل تُمثل نموذجًا لمشاريع البنية التحتية واسعة النطاق التي تُعطي الأولوية للاستدامة البيئية.

وفي هذاالسياق صرح وزير المياه والطاقةهبتامو إتفا، بأن أحد أهم الجهود المبذولة لتحقيق هذه الأهداف هو تطوير البنية التحتية، حيث تلعب إثيوبيا دورًا رائدًا في بناء بنية تحتية للطاقة تربط دول المنطقة. وتُعد هذه المشاريع الطموحة والمتنوعة محورية في إرساء إطار للتعاون الإقليمي في تجارة الطاقة.

وأشار إلى أن إثيوبيا حققت خلال الأشهر التسعة الأولى من السنة المالية الحالية وحدها أكثر من 220 مليون دولار أمريكي من صادرات الكهرباء إلى الدول المجاورة، وهو ضعف الإيرادات المسجلة في الفترة نفسها من العام الماضي.

إلى جانب  ذلك، تُعد هذه المبادرة جزءًا من استراتيجية أوسع لتعزيز البنية التحتية للطاقة في جميع أنحاء القارة. ومن المتوقع أن تلعب دورًا هامًا في تحقيق أجندة الاتحاد الأفريقي 2063، التي تهدف إلى تحسين الاتصال من خلال تطوير بنية تحتية متينة. كما أكد الوزير أن هذه المبادرة تتماشى مع أجندة الاتحاد الأفريقي 2063، التي تتطلع إلى أفريقيا متكاملة ومزدهرة وسلمية، مدفوعة بالتنمية القائمة على البنية التحتية.

وقال الوزير إن إثيوبيا تقود الجهود الرامية إلى ربط منطقة القرن الأفريقي من خلال شبكة الكهرباءالبنية التحتية، وتعزيز التكامل الإقليمي.ويشهد الطلب على الكهرباء من إثيوبيا ارتفاعًا في دول مثل جيبوتي وجنوب السودان وكينيا، وفقًا للوزير. وأكد على الجهود المستمرة لتوفير حلول قائمة على البيانات لتلبية احتياجات الطاقة الإقليمية المتزايدة.

وأشارالوزير إلى طلب كينيا وتنزانيا على توصيل الطاقة من إثيوبيا، وأضاف أنه لتعزيز التكامل الإقليمي، ستُبذل جهود لتوفير توصيل الطاقة إلى جنوب إفريقيا على المدى الطويل.وأوضح هبتامو أيضًا أن إثيوبيا تواصل تنفيذ اتفاقياتها لتوريد الطاقة مع السودان وجيبوتي وكينيا، مما يعزز دورها كمركز إقليمي للطاقة.

وأضاف هبتامو أن قدرة إنتاج الطاقة في إثيوبيا شهدت ارتفاعًا كبيرًا، حيث ولّدت 6.8 جيجاوات خلال الأشهر التسعة الماضية، مؤكدًا أن استعداد البلاد لتلبية الطلب الإقليمي على الطاقة سيتعزز من خلال توسع البلاد في البنية التحتية للطاقة المتجددة. ولا يهدف هذا المشروع الطموح إلى توفير الطاقة لملايين الإثيوبيين فحسب، بل يهدف أيضًا إلى تصدير فائض الكهرباء إلى الدول المجاورة، مما يعزز التعاون الإقليمي في مجال الطاقة ويخفف من حدة الفقر.

وأكد أن جهود إثيوبيا في مجال الطاقة المتجددة تلعب دورًا رئيسيًا في مكافحة تغير المناخ، وتمكين الدول الشريكة من الحصول على الطاقة النظيفة، مع تعزيز الاستدامة البيئية في جميع أنحاء المنطقة. وأوضح أنه إلى جانب المكاسب الاقتصادية، من المتوقع أن يحقق تكامل البنية التحتية للطاقة فوائد واسعة النطاق، ويعزز الروابط الإقليمية، ويدعم أهداف التنمية المشتركة، ويعزز نفوذ إثيوبيا في تشكيل الأولويات القارية.

وفقًا لفضل قبوب، أستاذ مشارك في الاقتصاد بجامعة دينيسون ورئيس المعهد العالمي للازدهار المستدام، ينبغي للدول الأفريقية الاستفادة من مواردها الوفيرة. في مقابلة مع وكالة الأنباء الإثيوبية أكد قبوب أن الاستعمار خلق هياكل اقتصادية محددة أسندت دورًا اقتصاديًا محددًا للقارة الأفريقية، ولا تزال هذه الهياكل قائمة حتى يومنا هذا. ونتيجة لهذا الإرث، قال، إن  الدول الأفريقية تجبرعلى إنتاج مواد خام رخيصة للعالم الصناعي.

بالإضافة ذلك، حوّل هذا النظام الاستخراجي الدول الأفريقية إلى مستهلكين للمخرجات والتقنيات الصناعية من الدول الصناعية. وأشارقبوب بأن النموذج الاقتصادي الاستخراجي القائم جعل أفريقيا وجهةً للتقنيات القديمة وتصنيع خطوط التجميع التي لم تعد الدول الصناعية بحاجة إليها.

ووفقًا للأستاذ المشارك، فقد أدى هذا الإرث إلى عجز في الغذاء والطاقة، بالإضافة إلى نقص في الصناعات ذات القيمة المضافة في أفريقيا. وأكد أن هذا، يخلق قيودًا خطيرة على السياسة المالية على المدى الطويل،. وقال إنه إذا التزمت الدول الأفريقية بتحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة، يجب تفكيك الهياكل الاقتصادية التي وضعت القارة في وضعها الحالي، ويجب إنهاء الاستعمار في هذا النظام.

إلى جانب ذلك، أشار قبوب إلى ن الحل يجب أن يكمن في استهداف السبب الجذري للمشكلة، وهو الاستثمار في السيادة الغذائية في الدول الأفريقية لضمان قدرتها على إطعام شعوبها. مستشهدًا بسمعة أفريقيا السابقة كسلة خبز مستعمراتها، حثّ الدول الأفريقية على زيادة الاستثمار في الزراعة وتقليل اعتمادها على مصادر الغذاء الأجنبية.

وقال إن أفريقيا تمتلك كمية كبيرة من مصادر الطاقة المتجددة، ويجب عليها إنقاذ هذه القدرة لاستدامة التنمية الاقتصادية. واقترح قبوب أن تركز الدول الأفريقية على السياسات الصناعية التي تسمح لها بالخروج من قاع سلسلة القيمة.

ودعا الدول الأفريقية تحديدًا إلى التركيز على الصناعات الإقليمية والقارية للسيطرة على سلسلة القيمة بأكملها، وتحقيق الحجم الأوفر، وتوسيع اقتصاداتها الصناعية الوطنية. ولاشك أن إثيوبيا تلعب دورًا محوريًا في تحقيق الأهداف القارية من خلال ربط المنطقة بالطاقة المتجددة.

Recommended For You

About the Author: Samaray Galagai