جوهر أحمد
منذ تدشين مشروع سد النهضة في الــ2 من أبريل 2011 أصبح السد محفزا قويا وعاملا هاما من عوامل تعزيز وحدة الشعوب والقوميات الإثيوبية وتعاضدها وتلاحمها بغض النظر عن عقيدتها وثقافاتها ولغاتها وعاداتها وتوجهاتها السياسية بشكل لم يسبق لها مثيل ماعدا آواخر القرن التاسع عشر “عام 1896 م “أيام الغزو الإيطالي لإثيوبيا الذي حقق فيه االإثيوبيون نصرا مظفراهز أركان الإستعمار الغربي في معركة عدواالشهيرة.
ويرى بعض المراقبين أن سد النهضة يوفر نقطة نادرة للتكاتف في بلد متعدد الإثنيات كإثيوبيا يمر بفترة انتقال ديمقراطي مشحونة وينتظر انتخابات تم ارجاؤها بسبب فيروس كورونا .
وفي هذاالسياق يقارن المحاضر الإثيوبي والخبير في إدارة المياه أببي يرجا جهود إنجاز السد بحرب إثيوبيا ضد المستعمر الإيطالي في آواخر القرن التاسع عشر وشرح في تلك الفترة تكاتف الإثيوبيين بغض عن دينهم وخلفياتهم لمحاربة القوة المستعمرة .والآن في القرن الحادي والعشرين يقوم السد بتوحيد الإثيوبيين المنقسمين سياسيا وإثنيا.
والسبب الآخر الذي جعل سد النهضة عاملا قويا لتوحيد الإثيوبيين وتلتف حوله القوميات الإثيوبية بجميع أطيافها كونه المشروع التاريخي والتنموي الكهرومائي العملاق الذي يعقد عليه آمال كبيرة في تعزيز تنمية الطاقة ليس في إثيوبيا فحسب بل في منطقة القرن الإفريقي الذي طال انتظاره منذ مئات السنين و حلم به الأجداد ولم يستطيعوا وتحقق في القرن الحادي والعشرين إلى جانب اعتباره مشروعا يساهم بقوة في تخفيف الفقر الذي ظلت ولاتزال تعاني منه البلاد.وهذا ماورد في كلمة رئيسة الجمهورية سهل ورق زودي أثناء الإحتفال با لذكرى السنوية العاشرة لتدشين سد النهضة قائلة :”إن إثيوبيا تستعد للملء الثاني لسد النهضة، باعتباره المشروع المهم للتغلب على الفقر سواء تم التوصل إلى اتفاق مع دولتي المصب أولم يتفق .واعتبرت سد النهضة، المشروع المهم الذي سيغير حياة المواطنين في إثيوبيا.“
وأكد وزير الخارجية الإثيوبي دمقي مكونين أيضا قائلا: إن إثيوبيا تتمسك بالاستفادة من مشروع سد النهضة، مع الالتزام بعدم إلحاق أي ضرر بمصر والسودان.ولفت إلى أن استكمال بناء السد يمثل أولوية قصوى لإثيوبيا لما له من أهمية تاريخية واقتصادية.
ومشروع سد النهضة هو المشروع الوحيد في البلاد الذي حظي با لدعم والمساندة والتمويل من كافة أطياف المجتمع الإثيوبي حيث ساهم كل المواطنين الإثيوبيين بدون أستثناء ,وبلغت مساهمتهم في بناء سد النهضة 15 مليار بر إثيوبي (أكثر من 362 مليونا و581 ألفا و580 دولارا) حسب ماورد في كلمة وزير المياه والري والطاقة المهندس سلشي بقلي يوم السبت الماضي بينما بلغت مساهمات هذا العام فقط من مشاركات الشعب الإثيوبي لدعم السد 1.4 مليار بر إثيوبي (نحو 35 مليونا و774 ألفا و715 دولارا ).
واستطرد أن ذلك يؤكد الأولوية التي يعطيها الشعب الإثيوبي لإنجاح هذا السد وجعله حقيقة واقعة تخرج الشعب من الفقر وتنقله إلى التنمية والازدهار.
العامل الآخر الذي ساهم في تعزيزوحدة الإثيوبيين التهديدات المصرية المتكررة التي تطلقها القيادات المصرية بين حين وآخر , آخرها تهديدات الرئيس عبد الفتاح السيسي التي ردت عليه الخارجية الإثيوبية باتهامه بالتهديد باستخدام القوة لإجهاض المفاوضات التي انطلقت بقولها” يمكنه المضي قدماً إذا كان ذلك مفيداً لمصر” واعتدت إثيوبيا بسماع هذه مثل هذه التهديدات.
وفي السبعينيات هدد الرئيس المصري الأسبق، محمد أنور السادات، إثيوبيا في عام 1979 بعد معاهدة كامب ديفيد مع إسرائيل قائلا :إن الجيش المصري لن يقاتل بعد الآن خارج حدوده إلا دفاعا عن مياهه محذرا لإثيوبيا من إقامة أي مشروع من السدود على نهر النيل الأزرق وأيضا الرئيس السابق محمد مرسي والرئيس حسني مبارك الذي عرضت عليه إثيوبيا المشاركة في سد النهضة بنسبة 30 بالمائة لمصر و20 بالمائة للسودان و50 بالمائة لإثيوبيا رد قائلا:”ليس بيننا وبينكم إلا الحرب ”
وفي هذ السياق قالت الخارجية الإثيوبية أن تهديد الرئيس السيسي ليس جديدا، بل هو تكرار لما فعله رؤساء مصر السابقون، مؤكدة أن أديس أبابا اعتادت استخدام القوة من قبل مصر.
واستشهدت الوزارة الإثيوبية بمواجهاتها مع رؤساء مصر السابقين، وقالت إنه “على الرغم من أن الرئيس السيسي هدد باستخدام القوة لأول مرة، فالرئيس الراحل محمد مرسي هدد إثيوبيا بالفعل أثناء توليه منصبه، وقبله فعل الرئيس الراحل حسني مبارك الشيء نفسه، كما هدد الرئيس الراحل أنور السادات إثيوبيا في عام 1979 مباشرة بعد اتفاقية كامب ديفيد مع إسرائيل، وكان أسوأهم هو الخديوي إسماعيل باشا الذي غزا إثيوبيا في عامي 1875 و1876 وخسر الحرب خسارة لا تصدق“.
ووجهت الوزارة اتهامات لمصر بمحاولة زعزعة استقرارها على مدى أكثر من 100 سنة، حيث أشارت إلى أنه “لم يقض أي زعيم مصري ليلة دون محاولة خلق حالة من عدم الاستقرار في إثيوبيا “عبر تدريب وتسليح وتمويل البلدان المجاورة لإثيوبيا وتحريضهاعليها كما تقوم بذلك حاليا مع السودان بشكل علني” وما قاله الرئيس السيسي في قناة السويس هو تأكيد لإثيوبيا على ما تفعله القيادة المصرية منذ أكثر من قرن“.
وشددت إثيوبيا على أنها “معتادة على استخدام القوة من مصر وأكثر من مجرد التهديد باستخدامها، وقالت إنها ستنتظر وترى بالتزامن مع الاستعداد لجميع الاحتمالات ,قائلة إنها “تريد من الجميع ألاّ يخطئوا في أنّ جميع الخيارات مطروحة على طاولة إثيوبيا أيضا”.
السبب الآخر لتعززوحدة الإثيوبيين والإلتفاف حول سد النهضة مشروعهم التنموي الكهرومائي استقواء مصرعلى إثيوبيا بشأن نزاعها حول سد النهضة بالبلدان الأورروبية وخصوصا أمريكا و المؤسسات المالية الدولية عبرمحاولة منع تمويل السد وجامعة الدول العربية وآخرمن استقوت به مصر ضد إثيوبيا بِشأن سد النهضة منظمة التعاون الإسلامي عبر بيانات الدعم والتضامن متجاهلة بذلك احتياجات أكثر من 60 من المواطنين الإثيوبيين إلى الطاقة الكهربائية وحق إثيوبيا شرعا وقانونا في الإستفادة من مياه النيل بشكل عادل ومنصف بدون إلحاق ضرر بمصر والسودان رغم أن إثيوبيا تساهم ب 86 % في مياه النيل ومصر لاتساهم بنقطة ماء في النيل.
وفي هذ السياق قال السيد موسى شيخو الباحث والمحلل السياسي موسى شيخو في حوار مع صحيفة العلم إن إثيوبيا تمربمرحلة خطيرة وهي مرحلة تمر بها أي دولة طموحة في النهضة وفي التقدم وفي التطور وعلى الإثيوبيين أن يعوا خطور المرحلة وأن يتوقفوا عن التناحر الداخلي والإحتقان والإستقطاب وأن يوحدوا جميعا صفوفهم ضد العدو الذي يهدد حدود إثيوبيا با لضربة العسكرية ويهدد إثيوبيا فيأمنها المائي وفي مشروعها التنموي القومي ,وهذه المرحلةهي مرحلة يجب أن تتكافت فيها الجهود في الداخل والخارج ,وأن يعرف الإثيوبيون أن مشروع سد النهضة قضية حياة أوموت بالنسبة لهم.