*دور وسائل الإعلام والمثقفين في إحلال السلام
عمر حاجي
إن حل النزاع والخلافات بين طرفين يتم عبر واسائل مختلفة وبدون الاحتكام إلى الجهات الرسمية، وهو خطوة أولى وفرصة جيدة للوصول إلى التوافقٍ بخصوص الكثير من المشاكل، كالنزاع بين الأزواج والجيران، وفي مكان العمل، وحتى في الصراعات المسلحة بين الأطراف المتحاربة بكافة أشكالها.
وفي هذا الصدد، إستضافت جامعة أمبو بالتعاون مع وزارة الثقافة والرياضة مؤتمرا وطنيا للدراسات الثقافية تحت عنوان “دور العلماء ووسائل الإعلام وثقافة المواطنين الأصليين في بناء السلام”. حيث عقد المؤتمر في جامعة أمبو حاضرة أمبوا في قاعة الإجتماعات حول إحلال السلام والامن بطرق الثقافة والتقاليد والعادات المحلية المحبوبة والمعروفة لدى الشعوب والأمم والقوميات الإثيوبية.
وبهذه الفعالية، ذكر الدكتور سلمون ماشو نائب رئيس جامعة أمبو للأعمال والتنمية في حوار أجرى مندوب صحيفة ” العلم” وقال: إن جامعة أمبو هي إحدى المؤسسات التعليم العالي العريقة الموجودة في البلاد، ومنذ بدء إنشائها وحتى الآن تقدم الخدمات المختلفة للبلاد، ولمجتمعات ضواحيها. بالإضافة إلى تطبيق عملية التعلم والتعليم تقدم المؤسسة خدمات إجتماعية في مجالات مختلفة، ومن بين هذه الخدمات، والأعمال الكبيرة على سبيل المثال لالحصر، نستطيع أن نذكر منها، مجال الثقافة والرياضة، وإنشاء مركز الدراسة والبحث للكاتب الكبير، والشاعر والمؤلف طجايي جبر مدهن الحائز على الجوائز المختلفة، والذي له تاريخ طويل.
كما ذكر الدكتور سولومون: بأن جامعة أمبو تجري أبحاثًا لتحقيق لعب الثقافة الأصلية دورًا حيويًا في إعادة الأمن والسلام في البلاد. كما ذكر بأنه تم تجهيز البحث ومنصة الحوار الوطني بالتعاون مع إدارة الثقافة واللغة، كما تقدم المؤسسة الأنشطة الرياضية المختلفة الموجودة في المنطقة. وفي تنمية البلاد في المجالات المختلفة.
وأكدا الدكتور سولومون على أن إجراء الحوار والتفاهم لم يكونا مطلوبين فحسب، بل ضرويان، مشيرا إلى أن المثقفين، والأدباء والعلماء، ووسائل الإعلام، والثقافة المحلية تلعب دورا كبيرا في إرساء السلام. وهناك المثل الأورومي يقول: ” Biyy beekaan balleese Wallaalaan beekee hin tolchu “. بما معناه، البلد الذي هدمه العالم لايصلحه الجاهل.
وذكر الدكتور ماشو، بأن الهدف الرئيسي من رسالة هذا المؤتمر، كون السلام حيويا الذي لا يوجد له بديل آخر، أو ثمن للبلادنا المحبوبة، كما أن السلام هو أساس التنمية في كل شيئ. كما أن السلام ثروة لجميعنا الذي لا يمكن أن تيلعب بها أفراد أو مجموعة بهدمها، وتعرضنا للمشاكل. ولذا، علينا أن نحافظ معا على هذه الثروة. ولا يمكن تحقيق السلام بالتمني فقط، بل على جميع أفراد المجتمع الإثيوبي أن يعطي قضية التركيز على أفكاره وتطبيقه اليومي. وعلينا جميعا الإتيان بالسلام، أو نلعب دورنا المنوط بنا في الحفاظ عليه.
وقال الدكتور سلمون فيما يتعلق بدور وسائل الإعلام: إنه على الرغم من كثرة المعلومات، وتوسع وسائل الإعلام في مجال التنمية المختلفة، وتأثيرها في ميدان بناء السلام، ومع ذلك، لا يمكن تقليل تأثيرها في هدم البلاد. ولذا، فإن الثقافة المحلية في ميدان الخدمات الإجتماعية، والإدارية، والإقتصادية والأدبية، وكذلك، في المعتقدات والقضايا الصحية، بالترابط مع الطبيعة والتي خلقت من قبل المجمتع كانت تستخدم منذ العصور والتي تم نقلها من جيل إلى جيل. كما حث الدكتور سلمون وسائل الإعلام والمؤسسات التعليمية على العمل معا من أجل تطوير الثقافة الأصلية. وقال إنه يجب حماية الثقافة الأصلية لأنها ليست قديمة بل إنها جديدة في كل زمان ومكان.
ومن جانبه: قال الدكتورمحمد نمو المحاضر في جامعة أرسي في اللغة الاورومية والباحث في قانون أباجدا والثقافة الأورومية والمؤلف لعدة كتب في حوار معه أيضا: إنه أجرى بحوثا تفوق من عشرين بحثا حول الثقافة والعادات لشعب أورومو، وحول دور العادات التي تمارس لدى شعب أورومو لحل المشاكل والنزاعات التي تحدث بين المجتمع، ومن أهم الكتب التي ألفه كتاب بعنوان (سينقي ، قنقا) حول درور للمرأة الأورومية في حل المشاكل والنزاعات وكتاب بعنوان معرفة “طبو” وتم طباعة هذا الكتاب في ألمانيا.
وقال الدكتور محمد عن فوائد المؤتمر ودور حلوله للنزاعات: إنه أولا، فإن أخذ جامعة أمبو هذه المبادرة، ودور المثقفين ووسائل الإعلام، ومعرفة ” طبو” في تنمية البلاد وإجراء الحوار عليه يستحق الثناء والتقدير. لأننا إذا نظرنا، وخصوصا المثقفين هم الذين يصقلون أو يحدون الإنسان.
وفي هذا، يقول المثل الأورومي“Hayyuun qarsaadha namni bakkuma argatetti itti qarata “ بما معناه، المثقف وهذا يعني أن الإنسان الذي لديه المعرفة أو الثقافة ليس له مكان محدد لنقل المعرفة. وأينما وجد يضع الحلول للمشاكل التي خلقت، كما يعطي الوعي. وكذلك وسائل الإعلام، على الرغم من أنها وسائل ذو حدين، فإننا إذا استفدنا منها لها دور كبير في بناء البلاد. وبالعكس فإن هناك بعض الوسائل المتعددة تستخدم أساليب مضرة تؤدي إلى هدم البلاد.
ومن جهة أخرى، فإن معرفة ” طبو” في تاريخ شعب أورومو بحسب الدراسة والبحوث التي أجريت حتى الآن يعيش بنظام “جدا طيا ” قبل 1249 من الميلاد،” طِيا حجر” في زمن إستخدام الحجر. وفي ذلك الزمن لا تحدث النزاعات بين الناس، ومن يعجب الإنسان، في البحوث التي أجريتها بنفسي، فإن الذي يأخذ “muudama” يعني المنصب هو أبا جدا فقط ، والباقي تجهيز الإحتفال، مشيرا إلى أن أورومو لما يأخذ المنصب ويغسل جسمه يبكي، وإذا قلت لماذا؟ لأن أباجدا لا يحكم الناس فقط، بل يدير جميع الكائنات سواء كانت التي لها روح أم لا، وإذا أدى تلك المسئولية بصورة مطلوبة فإنه نجا من الله. حيث إن من نجا من الله يجد كل شيئ يريده. ولهذا، قيل في المثل الأورومي، الحق ابن الله، وهذا القول: لم يكن أن لله ابن، بل يظهر بضخامة الحق وثقلها، ويوضح قيمة الحق لدى الأوروميين. ومما يؤيد هذا القول: هناك المثل الأورومي أيضا، “ Bakka dhugaan hin jirre Nageenni hijiru jedha”
وإذا نظرنا إلى ما يجري في بلادنا وعلى مستوى العالم ككل من المشاكل سببها الرئيسي هو عدم وجود الحق وإخفاؤها، كما أن الأناس الذين نعتبرهم (Hayyoota) يعني المثقفون يستخدمون وسائل الإعلام الإجتماعية الاخبار المزيفة والمضللة التي تؤدي إلى هدم البلاد، ولهذا ، فإن عليهم توجيه عقولهم وأفكارهم إلى بناء البلاد، وكذلك، وسائل الإعلام أيضا، وإذا أخذنا التلفزيون على سبيل المثال: فإن الاخبار التي تطلق في خلال 3 دقائق تصل إلى ملايين الناس بساعة قليلة، وإذا كانت تلك الاخبار ما تبني البلاد تعبئ الملايين من الناس بدقائق معدودة، وإذا كانت عكس ذلك ، تستطيع أن تحرق البلاد بساعة واحدة. ولذا، إذا أخذنا “معرفة طبو” فإن العدالة تقضي بناء على ما وجدت من الوثائق والشهود من كلا الطرفين، وآمن به، وإلا يمكن أن تكون تلك العدالة بعيدة عن الحق. أما إذا نظرنا إلى “معرفة طبو” الشيوخ يفرز الحق عن الباطل ويعطي الحق لصاحبه الذي يستحق به.
وفيما يتعلق بمدى تفعيل وتطبيق حل المشاكل والنزاعات بثقافة التقاليد المحلية، قال الدكتور محمد: إن جامعة أمبو قد وضعت الطريق الأمثل والأفضل لحل المشاكل والنزاعات في هذا المؤتمر أمام أعيننا، فإن تطبيق ما سمعناه ورأينا من هذا المؤتمرعلى أرض الواقع هو من واجب الجهات المعنية والإستفادة منه، وكذلك جعل وسائل الإعلام بأن تكون وسائل الإعلام التنموية لأن لديها لوائحة تدار بها، وجهة تتابعها، كذلك المثقفون أن لدى البلاد قانون تدار بها. لذا، فإن على الحكومة منع المثقفين الذين يستخدمون معارفهم بهدم البلاد وتشجيع عكسهم. كما أكد الدكتور محمد على أن السلام يبدأ من البيت ومن أفراد المجتمع ومن الأسرة، ولا يأتي السلام بالحديث عبر وسائل الإعلام فقط. وبهذا، يمكن حل المشاكل التي تواجه بلادنا، وأنا أعتبر أن تعزيز ثقافة الحوار التقليدي الذي يشمل الجميع هو المفتاح الوحيد.
وعموما، فإن الإتيان بالسلام المطلوب والمحبوب، والحفاظ عليه من أجل خلق بلاد أفضل، فإن دور مساهمة المثقفين والعلماء ووسائل الإعلام بإستخدام الثقافة المحلية وقمينا الإجتماعية جنبا إلى جنب مع الأساليب الحديثة ضرورية وحيوية.
ومما تجدر الإشارة إليه هنا، تم تقديم أوراق البحوث والدراسات المختلفة في هذا الفعالية حول دور وسائل الإعلام والعلماء والمثقفين عبر تعزيز معرفة ثقافة وعادات الحل للمشاكل والصراعات والنزاعات التي تحدث بين المجتمع بالطرق السلمية.
ومن جانبها، ذكرت ورقنش برو وزيرة الدولة بوزارة الثقافة والرياضة: بأن الوزارة تعمل مع المؤسسات ذات الصلة لتعزيز ثقافة السكان الأصليين. لأن الثقافة الأصلية، التي هي أساس التنمية الوطنية وبناء السلام، يجب أن تحظى بالاهتمام، مشيرة إلى أن دور وسائل الإعلام والعلماء حاسم في إتاحة الثقافة الأصلية للجمهور، لكنها قالت: إن تغطية ثقافة السكان الأصليين من خلال وسائل الإعلام الإثيوبية غير كافية.
وأكدت الوزيرة على أن الوزارة ستعمل على ضمان نقل الثقافة الأصلية، بما في ذلك البحث العلمي إلى الأجيال القادمة. وأن ثقافتنا التي كنا نستخدمها في التعايش السلمي بالمحبة والوئام في الماضي لم تكن حق الماضي فحسب، بل إنها دعائمنا اليوم أيضا. ولهذا، فإنه يتعين علينا بإدرك الفوائد التي تعطينا الثقافة المحلية إجراء الجميع مؤتمر الحوار.
ولجعل هذا القطاع الضخم مفيدا ينتظر من الجميع إجراء الدراسات والبحوثات، والحفاظ عليه، والتنمية. ولتمكين الإستفادة منه في التنمية الإجتماعية والإقتصادية عليه أن يلعب دوره المنوط به في تقديم أنشطة الدعم الفردي والإجتماعي. كما تقوم الحكومة في الوقت الحالي بتفادي المشاكل السياسية والإقتصادية والإجتماعية التي تظهر في الأماكن المختلفة من البلاد.