تغيير تحديات القرن الأفريقي الى فرص !!

 

 

القرن الأفريقي الذي يطلق عليه بالإنجليزية Horn of Africa، هي المنطقة الواقعة على رأس مضيق باب المندب من الساحل الأفريقي، وهي التي يحدها المحيط الهندي جنوبًا، والبحر الأحمر شمالًا، وتقوم عليه حاليا: (إرتريا، جيبوتي، الصومال، أثيوبيا) ويضيف فيها بعض الجغرافيين (السودان وكينيا) بسبب التداخل الحدودي والقبلي.

والولايات المتحدة الأمريكية منذ عهد الرئيس “بيل كلنتون” وسَّعت حدود القرن الإفريقي – تحت مسمى القرن الإفريقي الكبير- ليشمل عشر دول، تمتد من إرتريا شمالًا وحتى تنزانيا جنوبًا، ليضم أثيوبيا وإرتريا وكينيا وأوغندا وتنزانيا والصومال والسودان وجيبوتي ورواندا وبورندي, ولحقت بهم دولة جنوب السودان عقب انفصالها في 2011م.

وهناك من وسع من نطاق المفهوم ليدخل دولا من خارج الإقليم، بحيث يتعدى الحدود الإقليمية للمنطقة، ليضم دولا مثل: اليمن والسعودية بحكم القرب الجغرافي والتواصل السكاني والتأثير والتأثر، وقد قام وزير الدولة الفرنسي للشئون الخارجية حينها “أوليفيه سيترن” في عام 1981 بتوجيه الدعوة إلى كل من السعودية واليمن إضافةً إلى دول القرن الإفريقي لعقد مؤتمر إقليمي يهدف إلى حل مشكلات المنطقة.

تمتد مساحة القرن الأفريقي ما يقرب (2.000.000) كم2 وعدد سكانها يفوق (200) مليون نسمة ، بتركيبة تتميز بتعدد اثني ولغوي وديني (المنطقة تعدّ موطنا لنحو (340) لهجة ولغة ) , ويفوق عدد المسلمين فيها نسبة 60 % .

ويرى الدكتور  حسن سلمان : ان  منطقة القرن الإفريقي وبحكم الظروف الطبيعية والتاريخية والسياسية، التي مرت بها أفرزت ثقافات مختلفة ومتناقضة، فالخريطة السياسية لمنطقة القرن الإفريقي عقب الاستقلال جاءت متناقضة إلى حد كبير مع التوزيعات القومية والعرقية والإقليمية والقبلية واللغوية، حيث فرض الاستعمار حدودًا مصطنعة بين دول المنطقة، دون أية مراعاة لأوضاع الجماعات الإثنية تعكس بالأساس مصالح القوى الاستعمارية، حيث تداخلت الإثنيات وتعددت بين الدول وعزلت عن مراعيها وأسواقها وأقاربها وأماكن عبادتها، كما أدى إلى وجود جماعات إثنية وعرقية ذات تاريخ من العداء والصراع داخل حدود إقليمية واحدة، مما خلق داخل الدولة الواحدة تناقضًا وتصارعًا بين الانتماءات الفرعية على أساس إثني ولغوي وديني، وأوجد بيئة مناسبة لتوتر العلاقات وتفجر النزاعات بين دول القرن الإفريقي.

الأهمية الاستراتيجية للقرن الإفريقي:

منطقة القرن الإفريقي خضعت في التاريخ المعاصر للاستعمار الأوروبي طمعًا في السيطرة على ثرواتها الهائلة من النفظ والغاز والذهب والفضة واليورانيوم، بالإضافة إلى موقعها الاستراتيجي للممرات المائية وربطها بين البحر الأحمر والمحيط الهندي.

ومن هنا تأتي الأهمية الاستراتيجية لمنطقة القرن الإفريقي والتي تعد واحدة من أهم المناطق الإستراتيجية في العالم، وتستند هذه الأهمية إلى عدة اعتبارات أهمها:

  1. أنها تشرف على خليج عدن ومضيق باب المندب والبحر الأحمر، وهي ممرات مائية لها أهميتها التجارية والعسكرية خاصة بعد افتتاح قناة السويس عام 1869.
  2. باكتشاف النفط والغاز في منطقة شبه الجزيرة العربية والخليج وإيران والاعتماد على البحر الأحمر لنقله إلى الغرب، أصبحت منطقة القرن الإفريقي منطقة مصالح حيوية باتت (تتحكم في طريق التجارة العالمي، خاصة تجارة النفط القادمة من دول الخليج والمتوجهة إلى أوربا والولايات المتحدة).
  3. تُعد ممرًّا مهما لأي تحركات عسكرية قادمة من أوربا أو الولايات المتحدة في اتجاه منطقة الخليج العربي وشبه القارة الهندية.
  4. القرن الإفريقي سواء بحدوده الضيقة أو الواسعة، يعتبر منبعًا لنهر النيل؛ حيث تحصل مصر على 85% من حصتها السنوية من هضبة الحبشة، و15% من البحيرات العظمى.
  5. لا تقتصر أهمية القرن الإفريقي على اعتبارات الموقع ( الموانئ والجزر فحسب)، وإنما تتعداها للموارد الطبيعية، خاصة البترول الذي بدأ يظهر في الآونة الأخيرة في عدد من دول المنطقة السودان / الصومال.
  6. منطقة القرن الإفريقي تعتبر ذات أهمية استراتيجية بالغة للمنطقة العربية وتشكل عمقًا استراتيجيًّا لها نتيجة الجوار الجغرافي والتداخل البشري، وعلاقات القربى والتفاعل التاريخي والحضاري، ولارتباطها المباشر بأمن الحرمين الشريفين وبالأمن القومي العربي بشكل عام، وتأثيرها في المصالح الحيوية لبعض الأطراف العربية على وجه الخصوص , مصر نموذجا.

السؤال الذي يطرح نفسه كيف نحول التحديات التي تواجهه  منطقة القرن الافريقي الي فرص ؟!

وعليه أكد علماء القرن الأفريقي على الحاجة إلى موارد طبيعية مشتركة وتعاونية لضمان السلام والاستقرار الدائمين في المنطقة.جاء ذلك خلال ندوة أقيمت يوم السبت الماضي بفندق إنتركونتينتال في أديس أبابا لمناقشات حول التحديات الأمنية والفرص والتعاون البيئي في القرن الأفريقي، وذلك بمشاركة قادة ومحللين من دول القرن الأفريقي.

وفى إفتتاحية المناسبة، ذكر الدكتور أناوغاو مهاري- مؤسس ورئيس جمعية الصداقة الشعبية ، بأن الجمعية تقوم بتنفيذ سلسلة من الندوات بهدف التعرف على التحديات الأساسية فى الإقليم والمساهمة فى العمل الجاد مع ممثلي دول القرن الأفريقي فى مجال التعاون والتكامل فى المنطقة.

واوضح الدكتور سانكور غيري رئيس معهد الفيدرالية والتحليل الأمني فى الصومال على أهمية التركيز على المنافسة وليس المقارنة بين دول القرن الافريقي، حيث يجب أن تستفيد الدول من مميزاتها فى تشكيل قدرتها التنافسية.

وكمثال لذلك ذكر اثيوبيا بإعتبارها رائدة في مجال النقل الجوي وضرورة ان يترك لها المجال والتركيز على مجالات تنافسية أخرى مثل الإقتصاد الأزرق الذى تتميز به الصومال، وأن تستفيد أي دولة من مميزات الدول الأخرى فى شكل تكاملي.

وبين الدكتور ميزات القرن الأفريقي بإعتباره يحتضن أكثر من 180 مليون نسمة 18% منهم من الشباب ولديه العديد من الثروات الطبيعية والإقتصادية التي يجب الإستفادة منها.

وركز دكتور مولد عدن من جيبوتي على أهمية الأمن والإستقرار فى الإقليم والتغير المناخ الذى يؤثر على تقليل الأمطار وزيادة أسعار السلع الغذائية والتضخم مما يؤدي الى النزوح والهجرات الجماعية.

مبيناً بأن وباء كورونا 19 قد كشف مدى ضعف المرونة فى افريقيا والإقليم، وأهمية التركيز على التجارة الرقمية والتكامل الحدودي بين الدول.

ومن جانبه أوضح الدكتور أبرهام كول من جامعة جوبا بجنوب السودان بأن القرن الأفريقي يعتبر من أرخص واقصر الطرق للمواد الخام فى الوجهات العالمية لذلك يحظى بالكثير من الإهتمام من قبل الكثير من القوي.

وأن من أهم اسباب عدم الإستقرار النضال المسلح من أجل الحرية والهوية الضائعة ومؤكداً بأن القرن يرمز فى المجتمعات الأفريقية الى الإتصال والموسيقى وضرورة إنشاء سوق مشتركة لخدمة كافة مجتمعات دول القرن الافريقي.

أما الدكتور فقريسوس أمهازيون محلل وباحث من المركز الأريتري للدراسات الإستراتيجية فنوه الى أهمية التباحث المشترك بين أبناء دول القرن الافريقي لمعرفة ماذا نريد كإقليم وأنه ليس هنالك حل واحد مناسب لكل الدول بل يجب معرفة ما يناسب لكل دولة ثم يتم إختيار الوسائل الجماعية للإقليم.

وأن يتم تغيير تحديات الإقليم الى فرص مثل الإستفادة من التعداد السكاني الهائل وان 70% من السكان أقل من 30 عاماً فى زيادة إنتاجية التعليم والسياسات وغيرها.

وأشار المتحدثون إلى أن تطبيق السلم والأمن والتغييرات المناخية وقضايا الحدود والهوية واللجوء من أهم التحديات التي تواجه منطقة القرن الأفريقي، فيما تمثل المكون السكاني والموارد والثروات الأرضية من مياه وطاقة والموقع الجغرافي من أهم الفرص التي يتميز بها الإقليم داعين الى إتخاذ خطوات متكاملة بين دول القرن الافريقي فى مواجهة الفقر والتخلف والهجرات وتدخلات القوى الأجنبية، بحسب وكالة الأنباء الإثيوبية.

ويرى الدكتور ناصر ساتي جامعة الخرطوم  في مقابلة مع صحيفة- العلم -قائلا :  لن يتحقق إلا بالتكامل بين دول القرن الأفريقي . الاستثمار المشترك بتكامل الموارد هو الذي يخلق المصير المشترك و ينقله من خانة المصير المشترك في التاريخ إلى المصير المشترك في الحاضر و المستقبل . الشعوب عندما تعيش مصالح مشتركة عظيمة تغير حياتها إلى الأمثل لن تفكر إلا في رفاهها و لن تكون هناك مساحة في اذهانها للتفكير في الحرب . أضف إلى ذلك أن قضايا الحدود الداخلية بين الشعوب في الوطن الواحد و بين الدول سوف تختفي لأنها سوف تتحول إلى مشاريع اقتصادية و مصالح شعيية مشتركة سوف تتولى الشعوب الدفاع عن هذه المصالح المشتركة ضد أي تدخل خارجي و لن تستجيب لأي اغراءات خارجية للفتن ..و ساءل تحقيق السلام في هذا العصر هي التكامل و ربط مصالح الشعوب ببعضها البعض بشرط أن تشعر أن ذلك ترك اثرا اقتصاديا و إجتماعيا في حياتها.

واخيرا اكد الدكتور بانها رؤية تقوم على ربط الشعوب ببعضها بمصالح مشتركة دون حدود سياسية.

Recommended For You

About the Author: Samaray Galagai

One Comment to “تغيير تحديات القرن الأفريقي الى فرص !!”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *