القرن الأفريقي: التحول في التوجهات الجيوسياسية والتداعيات

 

عمر حاجي

 

إن منطقة القرن الأفريقي في حالة تأهب قصوى حيث يثير العسكرة المتزايدة في الصومال مخاوف من عودة محتملة للإرهاب.

وقد أدانت إثيوبيا، وهي لاعب رئيسي في جهود حفظ السلام في الصومال الوجود المتزايد للقوات الأجنبية في المنطقة، محذرة من أن هذا قد يزعزع استقرار الأمن الإقليمي ويعزز من قوة حركة الشباب الإرهابية.

وترتبط مخاوف إثيوبيا بالوضع الأمني الهش في الصومال، حيث قد يؤدي النشاط المسلح المتجدد إلى إبطال سنوات من التقدم ضد الإرهاب.

وأعرب وزير الخارجية الإثيوبي، السفير تاي أتسقي سيلاسي، عن مخاوفه بشأن “التواطؤ” المحتمل بين الحكومة الصومالية والقوى الخارجية، مما قد يهدد الاستقرار الإقليمي.

وعلى الرغم من الجهود الكبيرة التي تبذلها إثيوبيا لتحقيق الاستقرار في الصومال، إلا أن التحركات الأخيرة التي اتخذتها الحكومة الصومالية للتحالف بشكل أوثق مع الجهات الفاعلة الأجنبية زادت من التوترات. وتشعر إثيوبيا بالتهميش وتخشى أن تؤدي هذه التطورات إلى عكس إنجازاتها في المنطقة.

وفي هذا الصدد، أشار خبير العلوم السياسية والعلاقات الدولية البروفيسور بروك هايلو إلى أن مساهمات إثيوبيا في السلام في الصومال غالبًا ما يتم تجاهلها. وقد كانت القوات الإثيوبية على الخطوط الأمامية ضد حركة الشباب وقامت ببناء البنية الأساسية في الصومال.

وكانت القوات الإثيوبية نشطة في الصومال حتى قبل أن تتولى بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال (أميصوم). وبمجرد نشر بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال، تولت إثيوبيا الأدوار الأكثر تحديًا، حيث قاتلت حركة الشباب بفعالية.

وأكد البروفيسور بروك، أن القوات الإثيوبية دعمت أيضًا المجتمعات المحلية من خلال بناء المدارس والطرق والمرافق الصحية، متجاوزة بذلك واجباتها العسكرية.

وقد تم توثيق هذه المساهمات في تقارير الأمم المتحدة. وبعد أن دفعت ثمنًا باهظًا من أجل السلام في الصومال، تزعم إثيوبيا أنه لا ينبغي استبعادها من جهود حفظ السلام بعد عملية أتميس.

وتتوقع البلاد الدعم من الاتحاد الأفريقي ومجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في هذا الصدد. ومع ذلك، فإن تصرفات الصومال الأخيرة، بما في ذلك علاقاتها الوثيقة مع مصر- وهي دولة لها تاريخ مثير للجدل مع إثيوبيا – تشكل تهديدًا كبيرًا للمصالح الوطنية لإثيوبيا.

يقترح البروفيسور بروك أن تتوسط الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (إيغاد) وغيرها من الهيئات الإقليمية في هذا النزاع، وتظل إثيوبيا منفتحة على الحوار. كما يجب على الحكومة الصومالية إعادة النظر في استراتيجيتها الأمنية.

وبدون التعاون مع الدول المجاورة مثل إثيوبيا، فإنها تخاطر بفقدان السيطرة على العديد من المناطق. وهنا تساءل الباحث، كيف يمكن لحكومة القاهرة أن تدير السلام في الصومال؟ لا أرى أي احتمال لذلك.

ومن جانب آخر، أضاف المحلل المتخصص في شؤون نهر النيل والعلاقات الإثيوبية المصرية، السيد زاهد زيدان، أنه في حين أن الصومال لديه الحق في الدخول في اتفاقيات عسكرية ثنائية، بما في ذلك مصر، فإن مثل هذه الاتفاقيات قد تشكل تهديدًا لإثيوبيا. مؤكدا أنه يجب على إثيوبيا أن تراقب عن كثب هذه التطورات وأن تكون مستعدة لحماية مصالحها.

وأوضح زاهد، أن الاستقرار النسبي في الصومال يرجع إلى جهود إثيوبيا. ولقد قامت القوات الإثيوبية بحماية المؤسسات والمكاتب الحكومية الصومالية. ولا تستطيع مصر تكرار هذا الدور لأن أهدافهم مختلفة.

وأشار زاهد كذلك، إلى أن استياء مصر من طموحات إثيوبيا، مثل الوصول إلى البحر وموقفها من سياسة نهر النيل، يمكن أن يؤدي إلى شراكة بين مصر والصومال تقويض إثيوبيا والمنطقة بدلاً من ضمان السلام في الصومال.

وتنظر إثيوبيا إلى هذا التحول في التحالفات باعتباره تهديدًا مباشرًا لمصالحها الوطنية وعاملًا محتملاً لزعزعة الاستقرار. ويمكن أن يعيد إشعال فتيل الإرهاب في القرن الأفريقي.

وأكد زاهد على أن الوضع لا يزال متقلبا، مع إمكانية تصاعده إلى أزمة إقليمية أوسع نطاقا إذا لم تتم إدارته بعناية، مشددا على الحاجة الملحة للمشاركة الدبلوماسية ومنع الصراعات.

Recommended For You

About the Author: Samaray Galagai