تتنوع أشكال الاحتفال بالعيد من بلد لآخر، يُعدّ عيد الفطر في إثيوبيا عطلةً رسميـة، حيثُ تُغلق الدوائر الرسمية والحكومية أبوابها أمام المراجعين، ومن أبرز مظاهر الاحتفال بعيد الفطر في هذا البلد هو ضرب المدفع صبيحة يوم العيد إعلاناً بقدومه، وتتميز إثيوبيا عن باقي الدول في طقوس الاحتفال بالأعياد الاجتماعية والدينية أيضاً، تحتفظ بهوية خاصة في احتفالها بعيد الفطر، وغيره من الأعياد والمناسبات الدينية، حيث يتميز الشعب الإثيوبي بطقوس وعادات وتقاليد خاصة في احتفاله بعيد الفطر المبارك.
وفي هذا الصدد أجرت صحيفة العلم مقابلة مع الأستاذ محمد أمين الكاتب والمحاضر في قسم اللغة العربية بجامعة أديس ابابا عن كيفية الإحتفال بعيد الفطر في إثيوبيا والمقابلة كالتالي:-
العلم: هل لك أن تحدثنا عن كيفية الاحتفال بالأعياد الدينية وخاصة عيد الفطر في إثيوبيا؟
محمد: أولا، أشكركم على إتاحتكم لي هذه الفرصة لإلقاء الضوء على مظاهر الاحتفال بالأعياد الإسلامية وخاصة عيد الفطر في إثيوبيا. يمكن الحديث عن مظاهر الاحتفال بالأعياد الإسلامية في إثيوبيا من خلال النقاط التالية:
في صبيحة عيد الفطر يستيقظ المسلمون ويؤدون زكاة الفطر التي تجب على كل فرد من المسلمين الذين لديهم قوت يوم العيد وليلته ويعطونها لمن يستحقها من الفقراء والمساكين، وغيرهم من الأصناف التي تعطى لهم زكاة المال، وغالبا ما يعطون من أصناف المأكولات السائدة في البلد.
وبعد ذلك يذهبون لأداء صلاة العيد جماعات، يهللون ويكبرون فيؤدون صلاة العيد في الساحات الواسعة في حدود الساعة الثامنة والنصف تقريبا في المدن، بينما يؤديها المسلمون في الريف قبيل الظهر حتى يستعد الناس ويجتمعوا في ساحة العيد. ثم يرجعون بغير الطرق التي أتوا بها ليهنئوا من رأوهم في تلك الطرق، وحسب اعتقادي أن هذا المظهر من مظاهر الاحتفال يتشابه المسلمون الإثيوبيون فيه وكذلك في مختلف أنحاء العالم.
أما فيما يتعلق بالمظهر الآخر من مظاهر الاحتفال وهو ما يتعلق بملابس العيد والمأكولات والمشروبات الشعبية ، كما تعلمون إثيوبيا بلد كبير، مترامي الأطراف ومتعدد الشعوب والقوميات ذات الثقافات المتنوعة في كيفية الاحتفال بهذه الأعياد سواء من حيث المأكولات والمشروبات أو الملابس التي يحتفلون بها.
ولو أخذنا على سبيل المثال مجتمع الأورومو الذي أنتمي إليه كما تعرفون مجتمع كبير يعيش في أراضي شاسعة من البلاد فإن كل قبيلة من القبائل الأورومية المسلمة تختلف في ثقافات الاحتفال بهذه الأعياد تتقارب حينا وتتباعد حينا آخر. وعلى المثال فإن قبيلة عروسي من القبائل الأورومية التي تعيش في الأجزاء الجنوبية الشرقية من البلاد فإن الأكلات الشعبية لديها تعرف باسم “مَرْقَا” أي العصيدة وهو يعد من دقيق الشعير، وكذلك “شَكَكَا” وهو عبارة عن سويق الشعير يجهز بخلطه بمزيد من السمن، وهناك أكلات شعبية أخرى تعرف باسم “قَمَشَا” وهو عبارة عن طعام يشبه الباسطا يجهز من دقيق القمح يتم صناعته بمكينة تدار يدويا. كما أن هناك الحلويات المصنوعة بآلة تدار يدويا أيضا.
أما المشروبات فهناك أنواع من المشروبات التقليدية التي تعرف باسم “كَيْنِتَوْ” وهو عبارة عن شعير يحمس ويخمر في الماء لأيام ثم تتم تصفيته وشربه بعد زيادة السكر أو العسل عليه، وهناك المشروبات الغازية العادية .
أما فيما يتعلق بملابس العيد فغالبا هي ملابس حشمة، وذات طابع ديني أو ثقافي؛ يلبس الرجال الجلابيات والعمائم، ويلبسن النساء العباءات والجلاليب، أو الملابس العادية التي يلبسونها في مختلف المناسبات.
ج- الزيارات
غالبا يحتفل أفراد الأسرة في بيت الجد أو الوالدين وقد يقومون بتقديم الكبش لدى زيارة الوالدين لمن تيسر له ذلك، كما يقومون بزيارة الجيران وتذوق ما أعدوه من أنواع المأكولات والمشروبات، ويهنئون بعضهم بعضا بالعيد، ويدعون الله سبحانه وتعالى أن يتقبل منهم صالح الأعمال التي قاموا بها أثناء هذا الشهر المبارك، ويرجون أن يعيد عليهم مرات عديدة وأزمنة مديدة، كما يسألون الله الأمن والاستقرار والرفاهية للبلاد والعباد.
العلم: بما أنك عشت في إثيوبيا وخارجها فما أوجه الاختلاف والتشابه في مظاهر الاحتفال بهذه الأعياد بين إثيوبيا وبين البلدان التي عشتها؟
محمد: أما أوجه التشابه بين إثيوبيا وبين بعض البلدان التي عشت فيها كجيبوتي والمملكة العربية السعودية فإن صلاة العيد تتم جماعة، أما وجه الاختلاف فيتمثل في أن أداء صلاة العيد في تلك البلدان يتم في المساجد التي تجاورهم غالبا بعيد صلاة الفجر بينما يتم ذلك في إثيوبيا في ساحات واسعة، وفي حدود الساعة الثامنة والنصف تقريبا.
العلم: ما الرسالة التي تودون إيصالها للمجتمع بهذه المناسبة؟
محمد: أود أن أنتهز هذه الفرصة لأهنئ المسلمين في العالم بصفة عامة وفي بلادنا بصفة خاصة بهذا العيد المبارك، أسأل الله أن يتقبل منا ومنهم صالح الأعمال، وأن يعيده علينا وعلى بلادنا خاصة والعالم أجمع مرات كثيرة وأعوام عديدة في أمن واستقرار ورفاهية. كما آمل من إخواني المسلمين والمواطنين بصفة عامة أن يتحلوا بالاحترام المتبادل والحفاظ على حقوقهم وحقوق الآخرين؛ لأنه لا رفاهية ولا تطور ولا استقرار لبلادنا إلا بهذه الأمور والاعتراف بالثقافات الأخرى.