القواسم المشتركة بين الشعبين  الاثيوبي و السوداني

سمراي كحساي

من المؤكد أن إثيوبيا والسودان لديهما علاقات ثنائية طويلة الأمد يمكن أن تصمد أمام أي خلافات قد تنشأ بينهما.و تعود العلاقات بين البلدين إلى العصور القديمة و على سبيل المثال ، كان التجار المسلمون من السودان جزءًا مهمًا من تجارة إثيوبيا لعدة قرون حيث كان أحد الطرق التجارية الرئيسية لإثيوبيا يمتد غربًا إلى السودان ثم إلى مصر والبحر الأبيض المتوسط. وإلى جانب هذا ، ومنذ العصور القديمة ، كانت علاقات البلدين مزدهرة دائمًا.

ولا تشترك كل من إثيوبيا والسودان في حدود طويلة نسبيًا فحسب ، بل تشتركان أيضًا في القيم الثقافية والاجتماعية والاقتصادية المتشابكة بشكل لا ينفصل.

ولقد مكنت  العلاقات الشعبية من خلق ترابط ثقافي واجتماعي و أقامة علاقات ثنائية ودية.و نظرًا لكونهما دولتين في منطقة القرن الافريقي المضطرب ، فقد لعبا أدوارًا مهمة في ضمان السلام والاستقرار المستدامين في جميع أنحاء المنطقة.

وفي هذا الاطار اجرت صحيفة العلم حوارا مع الدكتور طارق عبد النبي المتخصص في العلاقات الاثيوبية السودانية والحوار كالتالي:

العلاقات بين إثيوبيا والسودان تعتبر من أقدم العلاقات التاريخية فمتى بدأت هذه العلاقات التاريخية بين الشعبين؟

أثيوبيا وسودان شقيقان لا ينفصلان لكن في البداية أقول أثيوبيا أخت بلادي يا شقيقة وأثيوبيا هي بلد الأمن والأمان وأثيوبيا هي بلد السلم والسلام وأثيوبيا هي أم بالنسبة لكل الأفارقة وأديس أبابا كما نعلم جميعا هي عاصمة الاتحاد الأفريقي و نجد أن التاريخ ما بين البلدين تاريخ مشترك وهذا هو العنصر الأول من عناصر الترابط والتمازج ما بين الشعبين الشقيقين.

فكلنا يعلم أن أثيوبيا والسودان قديما كانت هي أرض الحبشة وهذا يعتبر عمق تاريخي كبير جدا بالنسبة للبلدين أضف إلى ذلك الممالك المشتركة ما بين السودان وأثيوبيا نجد مملكة أكسوم في أثيوبيا  ومملكة مروي و مملكة كوش و مملكة لاليبلا وهذه كلها تعتبر ممالك مشتركة ما بين البلدين فنجد أن التاريخ المشترك ما بين السودان وأثيوبيا هو من أقوى عناصر الترابط والتمازج ما بين البلدين.

أنت تحدثت عن مملكة أو حضارة لاليبلا فهل حضارة لاليبلا لها علاقة بالشعب السوداني؟

بالتأكيد أن هذه الأشياء لا تنفصل عن بعضها البعض فالروابط التاريخية ولو عن طريق هندسة البناء وثقافة البناء نجدها مشتركة ما بين الشعبين وكما تعلم أن الروابط التاريخية والاجتماعية والثقافية هذه الروابط الثلاثة مشتركة مع بعضها البعض هي التي تتوج للتاريخ المشترك ما بين البلدين فمثل هذه الأشياء تقتبس حضاريا من بلد إلى بلد ومن حضارة إلى حضارة وطبعا حضارة لاليبلا تعتبر واحدة من المعجزات

أنا أفضل أن تضاف إلى المعجزات الكونية وتذكر وتعطى حقها من الإعلام لأن التفاصيل الموجودة في تاريخ هذه الحضارة تاريخ عظيم جدا وتاريخ مفروض يعرف لكثير من الشعوب وكثير من البلدان

العلاقات بين إثيوبيا والسودان ليست علاقات تاريخية فقط وإنما تلتحم الحدود الإثيوبية بالحدود السودانية من بدايتها إلى نهايتها كما يوجد الكثير من المعابر الحدودية بين البلدين ما هي هذه المعابر الحدودية؟

أنا أعتبر أن الحدود المشتركة أو الشريط الحدودي لا أقول فاصل ما بين البلدين ولكن أقول هو رابط ما بين البلدين الشقيقين و هذه المعابر تعتبر معابر محبة ومعابر سلام ومعابر تواصل ما بين الشعبين الشقيقين

مثلا نجد أن معبر القلابات المتمة هذا من المعابر القديمة جدا ويخدم مصالح لا تعد ولا تحصى ما بين البلدين نجد أيضا معبر اللقدي الذي يربط ما بين القضارف والحمراء أيضا نجد معبر اصوصا الذي يربط ما بين بني شنقول والقمز  هذه المعابر خدمت العلاقة ما بين البلدين خدمة كبيرة جدا و لكن الشيء المهم يا هو لا توجد حواجز طبيعية ما بين البلدين و ليس هناك جبال وليس هناك بحار فهذا أثر بصورة مباشرة على سهولة التواصل والترابط ما بين الشعبين الشقيقين و أرجع و أقول أن هذه المعابر معابر محبة و معابر سلام و معابر ما بين الشعبين الشقيقين.

ذكرت أن المعابر الحدودية خدمت العلاقات بين البلدين  فكيف خدمت هذه المعابر الحدودية العلاقة بين الشعبين سواء كان اجتماعيا أو ثقافيا أو تجاريا أو اقتصاديا؟

أقصد التواصل اليومي القائم ما بين الشعبين الشقيقين  أحيانا تحدث بعض الملمات سواء كان في أثيوبيا أو كان في السودان فالشعب يجد حرية التواصل وسهولة التواصل والعبور إلى شقيقه الآخر فهذه أنا أعتبرها نقطة مهمة جدا لا تحتاج إلى إجراءات ولا تحتاج إلى تعقيدات وإنما بكل أريحية يمكن أن ينتقل الشعب الأثيوبي إلى السودان ويمكن أن ينتقل الشعب السوداني إلى أثيوبيا وهذه تمثل قمة العلاقات الأخوية الحقيقية ما بين الشعبين الشقيقين فلو كانت هناك بحار أو جبال كان وجدنا نوع من التعقيدات أو الصعوبات في وصول كل شعبي إلى الآخر لكن شاءت قدرة الله تعالى أن تكون الحدود منبسطة ومفتوحة ما بين الشعبين الشقيقين.

بما أنك ذكرت أو تحدثت عن بني شنقول فهل يوجد تقارب بين الشعبين الأثيوبي والسوداني خصوصا تقارب بين القبائل الأثيوبية والسودانية هل يوجد أي تشابه؟

بالتأكيد هناك تشابه لدرجة التطابق وهذا التشابه يوجد في كثير من الجوانب قد تكون جوانب ثقافية قد تكون جوانب في السحنات والشكل فأكاد أجزم أن الجينات الأثيوبية والسودانية واحدة وهي عبارة عن جينة انفصلت أو انقسمت إلى قسمين فلا تكاد تميز ما بين الأثيوبي في السودان أو السوداني في أثيوبيا

هناك شبه تطابق في السحنات و في الشكل أحيانا تفصلهم اللهجة أو اللغة حتى الشعبين الشقيقين يمزج بينهما اللون الأسمر الجميل المستحب ما بين الشعبين الشقيقين أحيانا تجد تشابه في الزي بالذات في القبائل الحدودية القبائل المتصاهرة اللي بينها نسب مع بعضها البعض اعتبر أن التزاوج والتصاهر ما بين الشعبين الشقيقين قديم قدم وجود دولة الحبشة فهذا التصاهر والتزاوج ناتج عن محبة حقيقية ما بين الشعب السوداني والشعب الأثيوبي فبيننا علاقة نسب و توالد وتصاهر وعلاقة دم وهذا كله ناتج عن الهجرات المتعاكسة ما بين الشعبين الشقيقين وطبعا كلنا يعلم أن أمر الزواج ليس من الأمور السهلة البسيطة  فإن لم يكن هناك نوع من التوافق ونوع من التقارب ما بين الطرفين لا يمكن أن يكون هناك تصاهر ولا يمكن أن يكون هناك تزاوج وأنا أعتبر أن هذا العنصر من أقوى عناصر الترابط والتمازج ما بين الشعبين الشقيقين.

نعلم أن العلاقات بين إثيوبيا والسودان ليست فقط على أرض الواقع  ولكن يوجد الكثير من المواقع الإلكترونية فالعلاقة بين الشعب الإثيوبي والسوداني انتقلت من أرض الواقع إلى المواقع الإفتراضية أو المواقع الإلكترونية  هل حدثتنا عن أحد هذه المواقع التي تربط بين الشعبين؟

بالتأكيد هناك كثير من مواقع التواصل الاجتماعي تربط ما بين شباب البلدين لأنهم أكثر نشاط وحيوية وقدرة على التواصل والتعامل مع الأجهزة الحديثة هناك موقع مشهور اسمه إثيو سودان  يجمع ما يقارب خمسة آلاف شاب وشابة ما بين البلدين الشقيقين وهذا أعتبره قمة العلاقات الاجتماعية ما بين الشعبين الشقيقين فالإثيوبي يعلم بأدقة تفاصيل الحياة الاجتماعية الموجودة في السودان  والسوداني يعلم بأدقة تفاصيل الحياة الموجودة في إثيوبيا.

 وهنا أذكر رسالة دكتورة مهمة جدا في هذا المجال كتبها الدكتور الصديق الأخ هاشم على حامد هذه الرسالة بعنوان العلاقات الاجتماعية بين الشعبين الشقيقين السوداني والإثيوبي وهذا أعتبره مرتكز مهم جدا لخصوصية العلاقات الاجتماعية ما بين السودان وإثيوبيا ويمكن الاستفادة من تفاصيل هذه الرسالة العلمية في توضيح تفاصيل العلاقة الاجتماعية ما بين الشعبين السوداني والإثيوبي وبالتأكيد مواقع التواصل الاجتماعي لا تتوقف عند هذا الموقع فقط  وإنما بمرور الأيام وبتوطيد العلاقة وتمتين هذه العلاقة ستزداد وتكثر هذه المواقع التواصلية الاجتماعية وكلها تخدم مصلحة العلاقة الأخوية ما بين الشعبين الشقيقين السوداني والإثيوبي.

هل تعتقد أن لهذه المواقع الإلكترونية دور في تقوية العلاقة ما بين الشعبين ثقافيا أو اجتماعيا؟

بالتأكيد وهذا هو الهدف الأساسي الذي تسعى إليه هذه المواقع والغرض من انشاءها فهذه المواقع تنقل تفاصيل الحياة الاجتماعية ما بين الشعبين الشقيقين وتنقل تفاصيل الحياة الثقافية ما بين الشعبين الشقيقين  وتنقل تفاصيل الحياة التاريخية مع الشعبين الشقيقين فهي عبارة عن أداة متواصلة و مستمرة في تمتين العلاقة ما بين الشعبين الشقيقين ونتمنى ان لا تتأثر هذه المواقع بأي عوامل أخرى وإنما تبقى في الغرض والهدف الذي من أجله أنشأت وهو تقوية العلاقات الاجتماعية والثقافية والتاريخية ما بين الشعبين الشقيقين.

هل يوجد تشابه في الموسيقى الإثيوبية والموسيقى السودانية ؟

بالتأكيد هنالك تشابه كبير فهنالك تشابه في السلم الخماسي في الموسيقي وهو ينشئ نوع من الترابط بين الشعبين والفرق الاثيوبية عندما تغني في السودان تجد اقبال كبير من السودانيين بالرغم من عدم فهم اللغة والعكس صحيح عندما تاتي الفرق السودانية الي اثيوبيا تجد اقبالا ايضا من الاثيوبيين .وهنالك ايضا تشابه كبير جدا في الالات الموسيقية بين البلدين فمثلا هنالك الة الكرار التي تسمي الطنبور في السودان والتي تستخدمها الكثير من القبائل في السودان وهنالك الة الماسينقو وهي تسمي في غرب السودان امكيكي كما هنالك استخدام الطبول ايضا التي يتم استخدامها في البلدين.

هل يوجد أغنية توضح قوة العلاقة بين الشعبين ؟

نعم هناك أغنية شهيرة اسمها اثيوبيا يا أخت بلادي  التي يغنيها عاصم البنا و أنا أعتبر أن هذه الأغنية تخدم الأهداف ما بين الشعبين الشقيقين وعوامل الأخوة والتصاهر والتمازج بينهم فأنا أعتبرها أغنية مناسبة ومن هذا المكان أقدم كل التهنئة لكل الفنانين اللي شاركوا فيه هذا العمل الفني الكبير المقبول من الشعبين.

ينتمي الدكتور طارق عبد النبي إلى أسرة دينية علمية وكان والده من المؤسسين لجامعة النيلين في الخرطوم وأيضا من المؤسسين لجامعة أبهة في المملكة العربية السعودية وكان له شرف التأسيس للقسم العربي بجامعة مقديشو والف والده عدد من الكتب والمراجع منها كتب النحو للمرحلة الثانوية وكتاب المهارات اللغوية للتعليم الجامعي في السودان.

ولد الدكتور طارق عبد النبي في شمال السودان في مدينة مروي و مرر بكل مراحل التعليم ونال درجة الدبلوم العالي والماجستير في تقنيات التعليم و درجة الدكتوراه في تكنولوجيا التعليم و أصدر كتاب بعنوان مستقبل التعليم عن بعد في السودان و لديه كتابات منشورة على المواقع الإلكترونية وهو يعمل حاليا في مجال التدريس ولديه كتاب تحت الطبع بعنوان سنواتي في الهضبة الأثيوبية سيصدر قريبا.