تقرير سفيان محي الدين
“وبفضل تحسين التعامل مع السعودية منحت الحكومة السعودية عمارة خاصة مجانية لإستقبال ضيوف الرحمان وحتى الآن ظل ولايزال تلك العمارة تخدم مصالح حجاج الأثيوبين في كل سنة”
أثيوبيا غنية بالمعالم الأثرية الإسلامية والمسيحية على حد سواء ،وعلى سبيل المثال لاحصر مثل الكنائس المنحوتة في داخل الصخور في لاليبلا وقلعة هرر ،ومسلة أكسوم ، وكهف صوف عمر وموقع النجاشي في إقليم تجراي ،ودري الشيخ حسين في بالي ،ولوسي في إقليم عفر وغيرها التي تلعب دورا مهما وبارزا لجذب السياح إلى البلاد ،كما تتمكن البلاد من الحصول علي العملات الصعبة وخلق فرص العمل للمواطنين .
و حول موقع أباجفار الأثري أجرى مندوب صحيفة ” العلم ” إتصالا هاتفيا مع الشيخ ود اد شيخوتا المقيم في مدينة جما التاريخية والحوار كالتالي:
العلم : كيف تصفون تاريخ مدينة جما و أباجفار ؟
وفي هذا الصدد قال الشيخ وداد شيخ شيخوتا وهو طليع التاريخ الأثيوبي :إن مدينة جما تبعد عن العاصمة أديس أبابا حوالي 348 كيلومترا،كما تحتضن منطقة تشوشي مهد البن الإثيوبي، وقصر أباجفار، ومتحف المدينة الزاخر بالكنوز والمقتنيات الإسلامية،وأما أباجفار هو يعتبر أبا جفار جولا وهو ملك عادل وبشوش ومتدين ولايظلم لديه احد،مثل ملك النجاشي في تجراي وهو حكم سبعة محافظات في جما من عام (1861- .1932
العلم : مبنى أباجفار وما الذي يحتضن هذا المبني في داخله ؟
قال الشيخ وداد بني مبني ابا جفار- اليوم يعتبر متحف وطني -بالهندسة التقليدية من أحجار ضخمة مخلوطة بالطين _الطمي _ويحتوي على عدد من الغرف المختلفة وكذالك الأعمدة والقباب بالإضافة إلى غرف لإستقبال الضيوف وقاعات للمحكمة القضائية للشكوى وعلى سطوح القصر يوجد برج المراقبة ، كما توجد قاعة الإجتماع وسرير العرش مصنوعة من الخشب وجلود الأبقار ،وكما يوجد فيه موقع مخصص من ذلك المبنى مكان يعقد فيه مراسيم الزواج ويتم فيه حل المشاكل الإجتماعية والمصالحة الوطنية بين المتشاجرين في المنطقة،وقسم خاص للنساء في القصر وذلك بهدف للإستماع إلى الدروس العلمية من الدين الإسلامي ..
وذكر الشيخ وداد على على أن المبنى جار حاليا صيانته بفضل بذل جهد رئيس الوزراء الدكتور أبي أحمد وإدارة الثقافة والسياحة الأثيوبية بالتنسيق مع الإدارة المحلية في المنطقة وذلك بهدف تعزيز رعاية الآثار الإسلامية ،وإذ تم الإهتمام لهذا الآثار الإسلامية لموقع أباجفار سوف يلعب دورا كبيرا في جلب مزيد من السياح ولكن يجب على وسائل الإعلام الأثيوبية أن تهتم أكثر فأكثر لتعريف العالم وتوعية المجتمع من التراث الإسلامي القديم وإلى جانب تاريخ النجاشي .
العلم :ما الذي يميز مدينة جما التاريخية الإسلامية؟
قال الشيخ وداد :إن مدينة جما لها سمات متميزة ولها قصر يعرف قصر أباجفار الذي عُرِفت به مدينة جيما،” وأباجفار” تعني ملك في سلالة تلك الأسرة التي تعاقبت على حكم المنطقة خلال الفترة من 1878 حتى 1932. وهي آخر الممالك الإسلامية في إثيوبيا،وكان هناك مساجد متميزة بمنارات عالية التي انبثقت منها تعاليم الدين الإسلامي في المنطقة..
وضمنت تلك المدينة “جيما ” تعاليم دين الإسلامي وكان أهل المنطقة يركز علي تعاليم كتب الفقهيه قبل أن يضع المستعمر الإيطالي يده على المدينة ويستفيد من مكانتها في الثلاثينيات القرن الماضي .
وكما يعرف نهر (غبي) الذي يلتوى كأفعى منفلتة وغابات خضراء لا تمتلك سوى أن تسبح الله تعالى على هذا البهاء الممتد أمامك والذي يأخذ بالنفس ويحلق بها في عوالم ملكوت الله ،وتعرف المدينة بجبال وتلال وغيوم ترافقك أثناء الذهاب وهنا ك منظر السفح المتعالي الخضراء لا نهاية لها حتى تتعانق مع الأفق،وكما وصف أحد السياح السعودي ، الذي زار مدينة جما كثيرا مابقي لي غير أن أفرش أمام المنظر الخلاب سجادة واستمتع بهذا المناخ الساحر والمشهد الذي لا نراه إلا في الصور والأفلام فقط.
وأكد ذلك السياح على أنني وصلت إلى مدينة (جما) بعد خمس ساعات لم نشعر بها في الطريق – الذي ما رأيته مثل هذا شخصيا هناك بأنها من أجمل مناطق العالم التي زرتها كطبيعة بكر لم تخربها يد إنسان – ها نحن لنا سوء الطرقات في المدينة، وقصدت فورا قصر السلطان المسلم ابا جفار، وعبر طرقات عدة متعرجة، ووصلنا إلى قصر الكبير و مررنا بقرى كثيرة ونحن نقصد مدينة (جما) ورأيت المساجد الصغيرة على امتداد ذلك الخط، فيما كانت النسوة متحجبات في غالبهن، وأتذكر عند مرورنا بمدينة (سندابو) قال لنا مرافقنا الشيخ سلطان وهوالمرشد السياح بأن ميزة أهل البلاد السماحة وإكرام الضيف والترحيب الحار للوافدين.
العلم :كيف كانت علاقات أبا جفار في مجال السياسة في الداخل والخارج وخاصة مع البلدان العربية؟
وأشار الشيخ وداد:إن أبا جفار إنه دخل في معاهدة مع منليك الثاني تجنبا لمنطقته من الدخول في الحرب وخرابها وهو رجل السلام وحريص على حفاظ أمن السلام ، ولكن اشترط عليه ألا تبنى أية كنيسة ولا يدخلها أي نصراني ليعيش فيها ولا يدفن بها، غير أن ذلك انتهى بوفاته وهذا من سيرة أباجفار الذي حكم مدينة جما في القرن التاسع عشر الميلادي.
وأكد الشيخ وداد على أن أباجفارلدى العرب له مكانة عظيمة وأن تعامله مع العرب كمثل النجاشي أحسن وأفضل وأن شخصيته عند العرب شخصية متميزة وخاصة لدى الحكام السعوديين وبفضل تحسين التعامل مع السعودية منحت الحكومة السعودية عمارة خاصة مجانية لإستقبال ضيوف الرحمان وحتى الآن ظل ولايزال تلك العمارة تخدم مصالح حجاج الأثيوبين في كل سنة .
العلم : هل أسس أباجفار مساجد أخرى ؟
وقال الشيخ وداد إن أباجفار نعم أسس مسجد أخرى وسموه مسجد أربعين في وسط المدينة سمي باسمه لأنه جمع بهذا المسجد أربعين من العلماء وفي أسفل القصر لمحت مسجد كبير مميز، ذا منارة سامقة نسبة إلى أربعين عالما كانوا يلقون الدروس في ذلك المسجد في عهد أبا جفار، الذي كانت الحركة العلمية في عهده أباجفار يرحمه الله تعالى وذلك بهدف نشر الدعوة الإسلامية ولذا سمي هذا المسجد بأربعين ، كما أن هناك ضريح أباجفار في جانب ذلك المسجد ،ولكن هناك تحتاج الموقع الأثري إلى بناء الفنادق الجذابة للسياح لأن مدينة جما تتمتع بالكثير من الفرص الإستثمارية بجانب الموقع الأثري .
العلم : السيرة الذاتية ؟
ويصف لنا الشيخ عبدالله أحد أئمة المساجد هناك الذي قام بسرد بعض تاريخ ذاك السلطان بأنه رجل جسيم طويل ذو هيبة، ومحب للعلماء والصالحين، ويروي الناس هناك أنه لا يقصده أي عالم شرعي إلا ويتحفه بجارية وبغلة يركبها، وتلك أعطية كريمة كبيرة في ذلك الزمن. وكان يجمع العلماء من كل البلاد، وهم من جهتهم يقصدونه لما يعرفون عن حبه للعلم والعلماء…
مصير آل جفار
عندما تولى ابن أبا جفار الأكبر أبا دولا العرش من بعده وكان عالما زاهدا تقيا وورعا، ولم يكن له بالحكم، أناب ابنه أبا جوير – حفيد أبا جفار – وكان شجاعا ذكيا وشاعرا فصيحا، وللأسف بعد رحيل الايطاليين من الحبشة قضى على سلطته هيلاسلاسي وغصبه الحكم ولم يلتزم باتفاق منليك مع أبا جفار، ووقتما حصل انقلاب منغيستو هيلا مريام في عام 1974 م غادر هذا الحفيد مملكته، وحصل على اللجوء السياسي في المملكة وعاش في مكة المكرمة مع مجموعة من أتباعه وأفراد أسرته – أباريا – وأدركه كثيرون من مسلمي الحبشة إلى أن توفي بها، فيما عادت أسرته المملكة في عام 1411هـ إلى أوطانهم بعد سقوط النظام الشيوعي وقيام الحكومة الديمقراطية بقيادة الجبهة الثورية ..
تواريخ أسرة أباجفار ومناقبهم كثيرة ومذكورة ومكتوبة بللغة ألامهرية وأخرى أجنبية , فأباجفار هو ابن أباغمول ويعني – الفرس – ملك مملكة جما , إذ حكم مملكة جما , وكلما جلس على كرسي الحكم في الصباح كان شعاره ” برئت عن كل دين غير دين الإسلام , وكل ملك يزول وملك الله لايزول ” , بإشارة من وزيره ومساعده أبادكو أبابلو دخل اتفاقية عهد مع الامبراطور منيلك المتضمنة على عدم التحرش وإشعال الحرب بينهم , وعلى ألايدخل مملكته نصراني ولاتبنى كنيسة. .
برئاسة حفيده أبابيا أباجوير .
ثم انتقل الحكم إلى حفيده أبا جوير بدلا عن والده أبا دولا لما كان يتمتع به من الشجاعة والعلم والثقافة , حيث كان بارعا في الرأي ملما للغات عديدة من أبرزها العربية فصيحا طليقا بل حتى لديه مؤلفات بها, وقيل أنه تزوج من امرأة سورية رزق منها ابنه أبابيا , يقيم حاليا في الولايات المتحدة الأمريكية وكثيرا مايتردد إلى المملكة.
والجدير بالذكر أن مدينة جما يقطنها أكثر من 3.4 مليون نسمة، من مختلف القوميات الإثيوبية وعلى رأسهم الأورومو بجانب وجود الهنود والإيطاليين واليمنيين.
وتتمتع المدينة بموقع استراتيجي وتجاري مهم فهي تربط بين جنوب وغرب إثيوبيا، كماأن موقع مدينة جيما مشجع للمستثمرين الأجانب والمحلين لما تمتلكه من إمكانات هائلة لجذب المستثمرين،كما لديها إمكانات المنطقة المعروفة بصناعة الجلود والأقمشة القطنية.،وحسب ماتقول إدارة المدينة لديها خطة لبناء سكك حديدية من وإلى أديس أبابا، لدعم المشاركة في قطاع التصنيع إلى جانب المجال الجوي لمطار أباجفار والميناء الجاف الخاص بالمدينة..
وتتطرّق إلى الإمكانات السياحية للمدينة، بأن إدارة المدينة تسعى إلى تطوير المدينة لتلائم الحداثة والتاريخ وتصبح وجهة سياحية من خلال تطوير المشغولات اليدوية وتحديث البنية التحتية والمرافق الخدمية مثل الفنادق والمنتزهات..
.
.