إثيوبيا تعمل لبناء اقتصاد أخضر المقاوم لتغير المناخ

*إثيوبيا ستستضيف القمة الأفريقية الثانية للمناخ

عمر حاجي

إن جهود إثيوبيا في العمل على إيجاد حلول ناجعة لتغير المناخ يؤدي إلى توليها زمام القيادة في صياغة حلول المناخ العالمي. ويهدف هذا المشروع إلى الحد من التعرض لتأثيرات تغير المناخ من خلال بناء القدرة على التكيف. وأجرت البلاد التقييم الشامل لإجراءات المناخ خلال العقد الماضي، كان إلتزامها في خطتها التنموية على اعتبارات المناخ مشجعا.

وجاء ذلك، لدى عقد وزارة التخطيط والتنمية ندوة نصف يوم لمجموعة الأعمال الفنية بالتنسيق مع سفارة النرويج، وبريطانيا لدى أديس أبابا والجهات المعنية الأخرى. ويُعد منتدى الاقتصاد الأخضر المقاوم لتغير المناخ (CRGE) مبادرة مهمة في إثيوبيا، وقد إجمتع مختلف أصحاب المصلحة، وخاصةً ممثلي الحكومة وشركاء التنمية النشطين في العمل المناخي في إثيوبيا، لتحقيق هدف مشترك.

وفي هذا السياق، أوضح وزير الدولة للتخطيط والتنمية، السيد سيوم مكونن، بأن إثيوبيا تستعد لاستضافة القمة الأفريقية الثانية للمناخ، والتي ستُعقد في الفترة من 8 إلى 10 من شهر سبتمبر. وتهدف القمة إلى جمع الدول الأفريقية للعمل معًا بشأن تغير المناخ، وأنه يجري تشكيل لجنة دائمة لاستضافة القمة. لأن تغير المناخ يُجبر المواطنين على مغادرة منازلهم. وأفريقيا تعمل لمنع هذه الأزمة. وقال: إن إثيوبيا تعمل على تطوير وتنفيذ مشاريع للحد من تغير المناخ، وأنه يجري العمل أيضًا، على تطوير البنية التحتية الحديثة واستخدام الطاقة المتجددة.

وقال السيد سيوم مكونن: إن عمل إثيوبيا على إيجاد حلول لتغير المناخ يؤدي إلى تولي زمام القيادة في صياغة حلول مناخ عالمي، من خلال تنفيذ مبادرة “البصمة الخضراء الإثيوبية، واستخدام الطاقة المتجددة، وتطوير البنية التحتية الحديثة، وتطبيق حلول للوقاية من تغير المناخ، مشيرا  إلى أن المؤتمر الذي سيعقد في المستقبل القريب، سيمكن الدول الأفريقية من العمل معًا حول تغير المناخ، مضيفا إلى أن عمل أفريقيا على إيجاد حلول لتغير المناخ. وتطوير الممرات، واستخدام الطاقة المتجددة.

وقال: إن إثيوبيا تعمل على الحد من تحدي تغير المناخ من خلال تطوير منتجات زراعية تحمي من تغير المناخ، حيث إن تغير المناخ ليس تهديدًا مستقبليًا أوبعيدًا، بل هو أزمة تمتد وتتفاقم في جميع أنحاء العالم. وقال: إن هذا الاجتماع سيوفر فرصة لتعبئة مختلف الموارد وتعزيز الشراكات لمواصلة عمل إثيوبيا بشأن تغير المناخ. كما يُعد منتدى بناء اقتصاد أخضر مقاوم لتغير المناخ، منصة لتعزيز التعاون والتنسيق الإنمائي في مجال الاقتصاد الأخضر المقاوم لتغير المناخ في إثيوبيا.ويعتمد نجاح الإستراتيجية، وأدوات سياسة المناخ الأخرى على التنسيق الفعال بين الجهات الفاعلة ذات الصلة. بما في ذلك شركاء التنمية، لتحقيق نتائج أفضل. وتوائم أنشطة المنتدى مع سياسات واستراتيجيات المناخ ذات الأولوية لحكومة إثيوبيا، والتي تساهم في خطة التنمية العشرية لإثيوبيا والمساهمات المحددة وطنيًا، بالإضافة إلى استراتيجية لتنمية طويلة الأجل وبرنامج العمل الوطني لإثيوبيا.

وكان قد أطلقت وزارة التنمية الاقتصادية الإثيوبية خطة تنفيذ المساهمات المحددة وطنياً لـ 2024-2030، والتي تُفعّل مجموعة من المشاريع القطاعية لتحقيق تخفيضات الانبعاثات المخطط لها، وتعزيز المرونة الوطنية في مواجهة تغير المناخ، وحماية النمو الاقتصادي.

وأشار سيوم، إلى أن إطلاق المساهمات المحددة وطنياً يؤكد على الالتزام السياسي القوي من جانب حكومة إثيوبيا بتوجيه الاستثمارات التحويلية لبناء نظام مناخي وطني مستدام. وتغطي هذه الخطة القطاعات الرئيسية، مثل الزراعة، والغابات واستخدام الأراضي والمياه والطاقة والنقل والصناعة والحضر والمباني، وغيرها من القطاعات الأخرى. كما توفر خطة تنفيذ المساهمات المحددة وطنياً إجراءات واضحة تستهدف قطاعات مختلفة، وتضع مساراً واضحاً لتعزيز التنسيق وتعبئة الموارد للعمل المناخي عبر القطاعات. ولتسهيل المشاركة الفعالة لإثيوبيا على المستويين الوطني والدولي، تُقر وزارة التخطيط والتنمية، بصفتها السلطة الوطنية المعينة لتغير المناخ، بالتعاون مع جميع المكاتب الحكومية ذات الصلة وشركاء التنمية النشطين، بأهمية التخطيط المشترك للمناخ، وتعبئة الموارد والدعم، والتنفيذ لكل من الإجراءات المناخية الوطنية والمشاركات الدولية. وتتمثل أهداف إجتماع المنتدى في قمة المناخ الأفريقية الثانية، تحديث ومناقشة مسودة مؤشرات الأداء الرئيسية لأنشطة المنتدى، ونتائج رسم خرائط المبادرات المناخية من قبل أعضاء المنتدى، والنجاح في المضي قدمًا في الخطوات التالية.

وأكد المشاركون على التزامهم بدعم جهود إثيوبيا لبناء اقتصاد منخفض الانبعاثات وقادر على التكيف مع المناخ، إن رحلة إثيوبيا نحو اقتصاد منخفض الانبعاثات وقادر على التكيف مع المناخ، هي بمثابة مصدر إلهام للبلدان النامية الأخرى التي تواجه تحديات تغير المناخ. كما أن التزام البلاد الثابت وإنجازاتها الرائعة يظهر أن العمل المناخي الطموح ليس ممكنًا فحسب، بل إنه ضروري لتحقيق التنمية المستدامة.

وفي هذا الصدد، قالت مسؤولة المناخ والطبيعة في مكتب الشؤون الخارجية والكومنولث والتنمية بسفارة البريطانية الدكتورة نينا هيسن رايت، في مقابلة مع صحيفة “العلم”: إن مبادرة الإرث الأخضر الإثيوبية تُحدث تحولاً جذرياً، ولعبت دوراً محورياً في تعزيز الاقتصاد الأخضر، تُقدم تجارب قيّمة للدول الأخرى. وهذه المبادرة لا تهدف إلى تعزيز البنية التحتية الحضرية فحسب، بل تسعى أيضاً إلى تعزيز الممارسات المستدامة التي تُسهم في الحفاظ على البيئة مع تعزيز النمو الاقتصادي. وقالت: إن إلتزام إثيوبيا ببناء اقتصاد أخضر يتجلى بوضوح في مشاريع تطوير الممرات الجارية في أديس أبابا ومدن أخرى في البلاد.

وقالت الدكتورة نينا: إن أديس أبابا شهدت تحولات ملحوظة، وشملت تطوير مساحات خضراء جديدة وبنية تحتية رائعة لركوب الدراجات، مما يعزز قابلية المدينة للعيش وجاذبيتها، مشيرة إلى أن سرعة تحول المدينة غير مسبوقة حقاً. ولا أعرف أي مكان آخر حدث فيه هذا التحول بهذه السرعة. وأنه يمكننا بالتأكيد رؤية جميع المساحات الخضراء الجديدة في المدينة، وهي ظاهرة للعيان، ولا يمكن لأحد أن يغفل عنها. وقد جربتُ بنفسي مسارات الدراجات،إنه أمر مثير للإعجاب حقًا.

وأشارت الدكتورة نينا إلى أن المملكة المتحدة عضو مؤسس في مبادرة الاقتصاد الأخضر المرن مناخيًا (CRGE)، وترأسها مشاركة لمدة 4 سنوات، وهي ملتزمة بدعم جهود إثيوبيا المناخية، مع التركيز على تحسين الوصول إلى تمويل المناخ. وقالت: “نحن ملتزمون تمامًا بدعم إثيوبيا، وهي جهود مناخية طموحة للغاية في الوقت الحالي، وينصب تركيزنا الرئيسي على تحسين وصول إثيوبيا إلى تمويل المناخ. وهذا يعني أننا نقدم المساعدة الفنية لمساعدة إثيوبيا في الوصول إلى مزيد من صناديق المناخ الخضراء، بالإضافة إلى أسواق الكربون. كما نمول تحليلًا للثغرات القانونية لمساعدة إثيوبيا على إنشاء سوق كربون ناجح وتعزيز إمكاناته”.

وقالت الدكتورة نينا، حول العلاقة الإثيوبية والمملكة المتحدة(بريطانيا): إن المملكة المتحدة وإثيوبيا تعملان بشكل تعاوني لتحليل الثغرات القانونية الحيوية لإنشاء سوق كربون فعال يتمتع بالحقوق القانونية والحوكمة. وقد قطعت إثيوبيا شوطًا كبيرًا حتى أصبحت مبادرة الإرث الأخضر مبادرة طموحة تُدار بكفاءة، ولكن لا أعرف أي دولة أفريقية أخرى تُخصص موارد ضخمة كهذه لمبادرة خضراء مثلها. وأعتقد أنها تُحدث تحولًا حقيقيًا.علاوة على ذلك، زادت إثيوبيا من مساحة غاباتها بشكل ملحوظ خلال السنوات القليلة الماضية. وهذا إنجاز حقيقي، ولذلك نحن هنا لدعم رحلتكم الحاسمة وإنها رحلة حقيقية.

ومن جهة أخرى، أشادت السيدة لايف سيدنيس، مستشارة المناخ والغابات في السفارة النرويجية بالخطوات الكبيرة التي قطعتها إثيوبيا في مجال التنمية المستدامة والعمل المناخي. مؤكدةً التزام البلاد بمستقبل أكثر اخضرارًا. وقالت أيضا، أن التزام إثيوبيا الراسخ بتطوير اقتصاد أخضر يحظى باهتمام وتقدير دوليين، مشيرة إلى أن إثيوبيا عازمة على تعزيز جهود إعادة التحريج والتخفيف الشامل من آثار تغير المناخ، والتي تشمل مبادرات هامة مثل مبادرة الإرث الأخضر، إلى جانب مشاريع متنوعة تُركز على الحفاظ على المياه والتربة.

وقالت السيدة لايف: إن مساعي البلاد الطموحة تتجلى في إعادة التحريج، والطاقة الخضراء، والتنقل المستدام بوضوح في التطورات الجارية على طول مشروع تطوير ممر أديس أبابا. وأنه أمرٌ ملحوظٌ حقًا. ولقد زرتُ إثيوبيا لمدة ثمانية أشهر، وأعتقد أنه يُمكنكم رؤية التطورات أسبوعيًا تقريبًا، مضيفة إلى أن إثيوبيا تُولي اهتمامًا كبيرًا لاستراتيجيتها للاقتصاد الأخضر المُقاوم لتغير المناخ  (CRGE)، مُشددةً على الحاجة المُلحة لالتزام سياسي قوي ودعم ثابت من قيادتها العليا لضمان نجاحها. وقالت: إنه من الواضح أنها كانت أولوية رئيسية لإثيوبيا منذ إطلاق الاستراتيجية. ومن الضروري أن تتمتع إثيوبيا بملكية سياسية قوية، وهذا جزء من سبب نجاحها الكبير، وهو الحصول على الدعم السياسي من أعلى المستويات.

وأكدت لايف، حول الشراكة الإثيوبية النرويجية، أن الشراكة بين النرويج وإثيوبيا طويلة الأمد تدخل مرحلةً مُركزةً على النتائج بدعم من النرويج في الوصول إلى سوق الكربون للحصول على أرصدة الكربون الحرجية، مشيرة إلى أن “مبادرة الإرث الأخضر تنسجم تمامًا مع التعاون النرويجي الإثيوبي”، والشراكة القوية في مجال المناخ والغابات بين النرويج وإثيوبيا منذ عام 2011.

وفيما يتعلق باستخدام المركبات الكهربائية، أوضحت سيدنيس، أن النرويج ركزت على المركبات الكهربائية منذ التسعينيات من القرن الماضي. وتتصدر النرويج في مجال تبني المركبات الكهربائية، ولديها مسار واضح نحو دولة كهربائية بالكامل. ففي عام 2024، شكلت المركبات الكهربائية في النرويج 9. 88% من السيارات الجديدة المباعة بزيادة عن 82٪ في عام 2023، وفقًا لاتحاد الطرق النرويجي. مؤكدة على أن النرويج تمتلك خبرة كبيرة في هذا القطاع، وسنستفيد منها في تعاوننا مع إثيوبيا.

وهكذا اختتمت حلقة النقاش في المنتدى، بدعوة متجددة للعمل الجماعي لمعالجة تغير المناخ. بحيث إن منتدى الاقتصاد الأخضر المقاوم لتغير المناخ يهدف إلى تحقيق مجموعة من الأهداف والاستراتيجيات البيئية التي ترتبط بالتنمية المستدامة ومكافحة آثار التغير المناخي.

Recommended For You

About the Author: Samaray Galagai