العلاقات الإثيوبية تزداد متانة مع الدول المجاورة

 

جوهرأحمد

ظلت ولاتزال  إثيوبيا منذ فترة طويلة لاعباً حاسماً في الجغرافيا السياسية للمنطقة. وعلى مدى السنوات الأخيرة، ركزت إثيوبيا على تعزيز علاقاتها مع الدول المجاورة، بما في ذلك جنوب السودان وكينيا والصومال، كجزء من استراتيجية أوسع لتعزيز الاستقرار الإقليمي والنمو الاقتصادي والعلاقات الدبلوماسية. وكانت هذه الجهود ضرورية ليس فقط لتحسين مكانة إثيوبيا الدولية، بل وأيضاً لمعالجة التحديات المشتركة مثل المخاوف الأمنية، والتنمية الاقتصادية، والعلاقات بين الناس.

ونتيجة لذلك، شهدت إثيوبيا تحسناً كبيراً في علاقاتها الدبلوماسية والاقتصادية مع هذه الدول، مما ساهم في تعزيز التعاون وتوفير بيئة إقليمية أكثر استقراراً.

وكان أحد أبرز التطورات في العلاقات الخارجية لإثيوبيا هو تعزيز العلاقات مع جنوب السودان حيث  وصل وزير الخارجية الإثيوبي جيديون طيموثيوس هذا الأسبوع إلى جوبا، عاصمة جنوب السودان، في زيارة عمل. وخلال زيارته، سلم رسالة من رئيس الوزراء أبي أحمد إلى رئيس جنوب السودان سلفا كير ميارديت، مؤكداً فيها على الأهمية المتزايدة للتعاون الثنائي. وركزت المناقشات بين وزير الخارجية الإثيوبي ورئيس جنوب السودان على مجموعة من القضايا، بما في ذلك الاستقرار الإقليمي والتعاون الاقتصادي وتعزيز العلاقات بين الشعبين  الشقيقين في إثيوبيا وجنوب السودان.

وكان من أهم نتائج الاجتماع الاتفاق على الارتقاء بالعلاقات الثنائية بين البلدين إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية. واتفق البلدان على العمل معًا بشكل وثيق لتعزيز التعاون الاقتصادي وتعميق العلاقات في مختلف القطاعات. إن جنوب السودان، الذي يواجه تحديات تتعلق بالصراع وعدم الاستقرار الاقتصادي منذ حصوله على الاستقلال في عام 2011، لديه الكثير ليكسبه من توثيق العلاقات مع إثيوبيا.

ومن ناحية أخرى، ترى إثيوبيا أن هناك فرصة لتوسيع نفوذها في المنطقة ودعم جهود جنوب السودان نحو السلام والتنمية المستدامة. ومن المتوقع أن يشمل التعاون بين إثيوبيا وجنوب السودان مجالات مثل تطوير البنية التحتية والتجارة والمبادرات المشتركة لمعالجة المخاوف الأمنية الإقليمية، بما في ذلك مكافحة الإرهاب والجماعات المسلحة التي تزعزع استقرار المنطقة.

ويشكل هذا التعاون الدبلوماسي مثالاً واحداً فقط على الطريقة التي تعمل بها إثيوبيا على تعزيز مكانتها في منطقة القرن الأفريقي. كما تطورت علاقة إثيوبيا مع كينيا، وهي دولة أخرى مجاورة لها، إلى شراكة قوية. وتتمتع كينيا وإثيوبيا بعلاقات وثيقة منذ عقود عديدة، ويعود تاريخها إلى استقلال كينيا في عام 1963.

وفي السنوات الأخيرة، تعززت العلاقات الثنائية بين البلدين، حيث أكد الجانبان على التعاون المتبادل في التجارة والأمن والتنمية الاقتصادية. وأكد سفير كينيا لدى إثيوبيا، جورج أورينا، على العلاقة  بين البلدين، مشددا على  التزامهما بتعميق هذه الشراكة طويلة الأمد. لقد حقق البلدان تقدما كبيرا في مجالات مثل تطوير البنية التحتية والتجارة والتعاون في مجال الطاقة.

ومما   يجدرذكره أن كينيا وإثيوبيا ملتزمتان بتحسين علاقاتهما الاقتصادية. وعلى الرغم من تزايد حجم التجارة بين البلدين، إلا أنه لا تزال هناك إمكانات كبيرة غير مستغلة. وأكد السفير أورينا أنه في حين أن مستوى التجارة آخذ في الارتفاع؛ ويظل هذا المعدل منخفضا نسبيا مقارنة بإحصائيات التجارة مع الدول المجاورة الأخرى. ويمثل هذا فرصة لكل من إثيوبيا وكينيا لتوسيع علاقاتهما التجارية واستكشاف سبل جديدة للتعاون. وأن تحرير السوق الإثيوبية، الذي كان أحد الجوانب الرئيسية للإصلاحات الاقتصادية في البلاد، يوفر فرصًا جديدة للشركات الكينية للمشاركة في الاقتصاد الإثيوبي المتنامي.

وتوفر إثيوبيا، التي تتمتع بأحد أكبر الاقتصادات وأكثرها تنوعًا في المنطقةالعديد  من الفرص التجارية لرواد الأعمال الكينيين. ويعمل البلدان بشكل نشط على خلق بيئة تسهل التجارة والاستثمار، وتم توقيع العديد من الاتفاقيات على مر السنين لتعزيز التعاون الاقتصادي. ومن أهم الاتفاقيات بين إثيوبيا وكينيا اتفاقية الوضع الخاص الموقعة في عام 2012، والتي تهدف إلى تعزيز التجارة الثنائية والتعاون الاقتصادي.

وتتعزز العلاقة بين البلدين أيضًا بفضل اهتمامهما المشترك بمشاريع البنية التحتية الإقليمية، مثل بناء الطرق والسكك الحديدية وخطوط أنابيب الطاقة، مما سيساعد في تسهيل التجارة وتحسين الاتصال بين البلدين.

وأن التعاون الدبلوماسي والاقتصادي المستمر بين إثيوبيا وكينيا يشكل مثالاً إيجابياً على كيفية مساهمة التعاون الإقليمي في تعزيز التنمية والسلام. وبما أن البلدين يعملان معا لمعالجة التحديات المشتركة، مثل البطالة والفقر والوصول إلى الخدمات الأساسية، فإن شراكتهما ستستمر بلا شك في التعمق في السنوات القادمة. وتشكل علاقة إثيوبيا مع كينيا نموذجًا لكيفية تعاون الدول المجاورة لتعزيز الرخاء المتبادل والاستقرار الإقليمي.

ومن بين الدول المجاورة الرئيسية التي تعمل إثيوبيا على تعزيز العلاقات معها الصومال. لقد كان تاريخ الصومال وإثيوبيا متسما بالتعقيد، ومر بفترات من التوترأحيانا والتعاون مرة أخرى . ومع ذلك، بذلت إثيوبيا في السنوات الأخيرة جهودا كبيرة لتحسين علاقاتها مع الصومال، وخاصة بعد الإصلاحات التي في إثيوبيا  بقيادة رئيس الوزراء  الدكتورآبي أحمد. وكانت إحدى الخطوات الأكثر أهمية في هذه العملية هي توقيع اتفاق السلام بين إثيوبيا والصومال في عام 2018، والذي وضع الأساس لتحسين العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية والأمنية.

واعتُبر اتفاق السلام بين إثيوبيا والصومال إنجازًا كبيرًا. وركزت كل من إثيوبيا والصومال على تعزيز التعاون في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب، حيث يعمل البلدان معًا لمكافحة التهديد الذي تشكله جماعة الشباب المتطرفة. كما دعمت إثيوبيا جهود الصومال لإعادة بناء مؤسساته واقتصاده بعد عقود من الحرب الأهلية.

وأكد ياسين أحمد، رئيس المعهد الإثيوبي للدبلوماسية الشعبية، أن التقدم والتطور في العلاقات بين إثيوبيا والصومال وما يجري من نقاشات حول منفذ بحري لإثيوبيا، هو أحد نتائج مذكرة التفاهم الموقعة بين البلدين في العاصمة التركية أنقرة.

وقال في اتصال معسبوتنيك، الأربعاء الماضي، إن التوافق الأخير بين الصومال وإثيوبيا لعبت فيه تركيا دورا مقدرا في الجمع بين الطرفين وإعادة الثقة للعلاقة بينهما.

وأضاف أحمد، أن الجهود التركية أفضت إلى لقاء قيادة البلدين وإرجاع الأمور إلى نصابها في السلام والتفاهم على حل خلافاتهم عبر الحوار وتقديم المصالح المشتركة.

وأشار رئيس المعهد الإثيوبي، إلى أن ما وصلت إليه الآن العلاقة بين الصومال وإثيوبيا يعتبر مستوى متقدم جدا من توافر الثقة بين الجانبين، ونجحت الوساطة التركية في جعل التعاون بين الطرفين لمصلحة شعوبهم هدفا أساسيا، وهو ما تسعى له قيادة الدولتين في المستقبل القريب، لتحقيق كافة الأهداف بما فيها التوصل لاتفاق المنفذ البحري لإثيوبيا ضمن ضمانات السيادة الصومالية وبلوغ التعاون المنشود بين البلدين الشقيقين.

وأن علاقة إثيوبيا بالصومال ليست هامة  للاستقرار الإقليمي فحسب، بل أيضًا للتنمية الاقتصادية. ويعمل البلدان على تعزيز فرص التجارة والاستثمار، وخاصة في قطاعات مثل الزراعة والطاقة والبنية التحتية. وأن السوق المتنامية لإثيوبيا وموقعها الاستراتيجي في منطقة القرن الأفريقي يجعلان منها شريكا مهما للصومال، التي تعمل على إعادة بناء اقتصادها وتحسين الظروف المعيشية لمواطنيها. ومع استمرار البلدين في تعميق تعاونهما، فمن المرجح أن يشهدا المزيد من التقدم من حيث التكامل الاقتصادي والتعاون الأمني.

فقد تحسنت علاقات إثيوبيا مع الدول المجاورة لها، بما في ذلك جنوب السودان وكينيا والصومال، بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة، وذلك بفضل الجهود الدبلوماسية والتعاون الاقتصادي والمصالح المشتركة في الاستقرار الإقليمي. وقد أدت هذه العلاقات المعززة إلى خلق فرص للنمو الاقتصادي، وتوسيع التجارة، وحل التحديات الأمنية المشتركة.

ولاشك أن إثيوبيا لعبت دورا استباقيا في تعزيز العلاقات الوثيقة مع جيرانها، والعمل على ضمان بقاء منطقة القرن الأفريقي منطقة سلام واستقرار وتعاون. ومع استمرار إثيوبيا في تعزيز مكانتها في المنطقة، فإن شراكاتها مع جنوب السودان وكينيا والصومال ستلعب بلا شك دوراً حاسماً في تشكيل مستقبل منطقة القرن الأفريقي.

 

Recommended For You

About the Author: Samaray Galagai