*إنتصار معركة عدوا يتكرر عبر سد النهضة !!
عمر موكونن
لا أحد يختلف في قدم إثيوبيا تاريخيا على مستوى العالم وهي مهد الحضارة الإنسانية بجميع أشكالها كما أنها مفخرة القارة الأفريقية جمعاء لما قدمته من تضحيات ونضالات من أجل الحرية والاستقلال.
إثيوبيا التي لم تعرف عذاب وويلات الإستعمار قدمت الكثير والكثير حتى يستتب الأمن والاستقرار فيها وفي القارة الأفريقية السمراء وخارجها.
هناك من يعتقد بأن التضحيات التي دفعتها إثيوبيا إنما كانت تنحصر من أجل أفريقيا فحسب بل كانت أوسع بكثير من ذلك حتى إلى درجة أنها كانت تدافع أيضا عن حقوق الإنسان والعدالة أينما كانت.
وعلى سبيل المثال عندما تعرض نصارى اليمن للاضطهادات والظلم من قبل اليهود في اليمن تحت قيادة الملك ذو نواس تحركت إثيوبيا بجيشها العظيم إلى اليمن تحت إمرة أبرها لنجدتهم.
وتاريخ الحبشة ومكانتها المرموقة لم تنحصر فقط على هذا وإنما تعرف أيضا بأنها أرض صدق وعدالة بوصف من الرسول الأعظم صلوات الله عليه وسلامه عليه (إذهبوا إلى الحبشة فإن فيها ملكا لا يظلم عنده أحد حتى يجعل الله لكم منها مخرج إنها أرض صدق).
ويبدو أن تلك المواصفات الطيبة والتزكية المتنامية من قبل الله ورسوله صلى الله عليه وسلم جعلتها تستمر على هذه الأفعال المشهودة حتى جاءت معركة عدوا -المعركة التي دارت بين الحبشة الحرة والإيطالية الغازية والتي راح ضحيتها الألاف من الطرفين- لتعلن إنتصار السود على الأبيض الأمر الذي كان يعتقده الكثير منا بأنه مستحيل على الاطلاق ولا يمكن تحقيقه حتى ولو دفعنا فيه النفيس والغالي.
لقد احتفلت إثيوبيا بالذكرى السنوية لانتصار معركة عدوا و تميزت الاحتفالات في هذا العام لتأخذ طابعا إفريقيا نظرا لأن هذه المعركة كانت فاتحة خير للاستقلال والحرية لجميع الدول الأفريقية.
سابقا كان أبناء افريقيا السمراء يشعرون بالذل بسبب لونهم ولكن بفضل معركة عدوا أصبحنا نشعر بالفخر وبدأنا نتحرك رافعين رؤوسنا أمام الملء ولسان حالنا يقول ها نحن الأفارقة انتصرنا على المستعمرين البيض الذين ما كانوا يعطوننا أي قيمة بالرغم من الأسلحة المتطورة التي جاؤوا بها والعتاد الضخم الذي كان يمتلكه الغزاة الإيطاليين.
هناك من يربط سد النهضة الأثيوبي العظيم بمعركة عدوا حيث إن الأخيرة دفعت بالدول الأفريقية إلى النضال من أجل الحرية والاستقلال كما دفعهم سد النهضة الأثيوبي العظيم إلى التنمية من خلال استخدام الثروات الأفريقية من دون أية مساعدة أو قرض من الجهات الخارجية بما في ذلك البنك الدولي.
وان كنت لا أريد أن أطيل في موضوع السد إلا أنني أود أن أذكر بعضا من المؤمرات المصرية التي تحاول دوما عرقلة هذا المشروع الإفريقي الضخم الذي يحمل في طياته رسائل عديدة للدول الإفريقية.
حاولت مصر عدة مرات للوقوف أمام الرغبة الإثيوبية التنموية منها نشر معلومات خاطئة وكاذبة عن السد من خلال أنشطتها الدبلوماسية وبذلت أقصى جهودها لكسب السودان إلى جانبها.
هناك دروس وعبر نستخلصها من الأحداث ولهذا أود أن أشير إلى أهم الدروس والعبر التي يمكن أن يستفيد منها الشباب من معركة عدوا بوصفها معركة أفريقية بصفة عامة وإثيوبية بصفة خاصة.
وعلى الشباب أن يقرأوا ويدرسوا التاريخ لأن الذي لا يعرف ماضيه لا يعرف مستقبله. قد يظن الشباب الذين لم يتعرفوا على التاريخ بأن هويتهم الإثيوبية والحرية التي يتمتعون بها حاليا إنما جاءت مجانا ولم يدفع في سبيلها أي تضحية.
وعلى الشباب أن يعلموا جيدا بأن الانتصارات التي حققها الأباء في معركة عدوا لما تحققت لو لم يكونوا متماسكين وموحدين ومحبين لوطنهم ولذا عليهم أن يتمسكوا بوحدتهم بعيدين عن العنصرية والكراهية فيما بينهم.
وعلى الشباب أن يتابعوا المستجدات ويكونوا يقيظين دوما عما تحاك المؤامرات ضدهم لتشتيت شملهم ووحدتهم.
وعلى الشباب أن يعرفوا أهمية الحرية والاستقلال لأنهم إذا أرادوا أن يتحدثوا عن الحرية وعليهم أن يكونوا أحرارا أولا ويتزوقوا طعم الحرية والاستقلال.
وعلى الشباب أن يتمسكوا بعداتهم وتقاليدهم وهويتهم لأن الأعداء لا يمكنهم أن يتغلبوا علينا إلا بعد أن يتأكدوا بأنهم فعلا قد جردونا عن هويتنا وشخصيتنا الإثيوبية والإفريقية.
وعموما وعلى الشباب أن يدركوا بأن مسؤولية حماية الوطن وحفظه إنما انتقلت من جيل عن جيل ولذلك عار ثم عار علينا إذا كنا لا نهتم بتاريخ بلادنا ولا نكون يقيظين لحمايتها من الأعداء مثل الجهود التي بذلها الأجداد في هذا الصدد.