جوهر أحمد
من المعروف أن الزراعة في إثيوبيا كانت منذ فترة طويلة الدعامة الأساسية لتنميتها الاقتصادية. وسجلت الزراعة في إثيوبيا إنجازات ملحوظة على مدى السنوات القليلة الماضية. وعلى الرغم من عدم استغلال المياه المتوفرة في جميع أرجاء البلاد السطحية منها والجوفية وعدم استصلاح الأراضي الزراعية الشاسعة بالشكل المأمول، تمكنت البلاد إلى حد كبير من ضمان الأمن الغذائي وتعزيز الإنتاج والإنتاجية.
وقد صاحب النمو السريع للناتج الزراعي والدخل التغيير الكبير في بنية الإنتاج الزراعي ,من قطاع يعتمد على إنتاج الحبوب الأساسية إلى مجموعة من السلع ذات القيمة العالية الأكثر تنوعًا.
وإدراكًا لهذه الحقيقة، أجرت صحيفة الإثيوبيان–هيرالد حوارا مع السيد أسماماو بريدا الخبير في الاقتصاد الزراعي الذي تخرج من جامعة ديلا ويعمل الآن كخبيرفي المجال الزراعي للحصول على معلومات التحول الزراعي في البلاد.
ورد السيد أسماماو بريدا قائلا :إن من المؤكد أن صناع السياسات في إثيوبيا قد نجحوا في وضع خطة تحول زراعي من خلال سياسات الإصلاح الزراعي التي كانت تعمل على تحسين حوافز الإنتاج والإنتاجية للمزارعين بشكل كبير. وكانت التغييرات المؤسسية القابلة للتطبيق التي شملت منح المزارعين حرية استئجار الأراضي وتخصيص عملهم تلبية لاحتياجا ت السوق، والتي كانت أجزاء رئيسية من حزمة الإصلاح حسنت الإنتاجية الزراعية وسهلت تحول القطاع.
و أضاف السيد أسماماو على الرغم من وجود بعض التحديات إلا أن جهود الحكومة في الابتكار المؤسسي والتغيير التكنولوجي وإصلاح السوق والاستثمار الزراعي أدت بشكل عام إلى تسريع النمو والتحول الزراعي، كما أضاف.
وقال إن التحول الزراعي يشير إلى سلسلة من التغييرات في الزراعة التي تعكس وتدفع ارتفاع الدخل والتنمية الاقتصادية على نطاق أوسع. وفي حين أن الأنماط الاقتصادية الكلية للتحول الزراعي موثقة بشكل جيد نسبيًا، إلا أنه لا يُعرف الكثير عن كيفية ظهورها على مستوى الأسرة.
ويصف السيد أسماماو التحول الزراعي بأنه مجموعة من التغييرات التي تحدث في القطاع الزراعي مع توسع الاقتصاد وارتفاع الدخل. وأضاف السيد أسماماوأن هذه التغييرات تشمل الاستخدام المتزايد للمدخلات الزراعية المشتراة مثل البذور والأسمدة وارتفاع الإنتاجية الزراعية، وانخفاض إنتاج الغذاء الكفافي مع تحول المزارعين إلى الزراعة من أجل تلبية احتياجات السوق، والأهمية المتزايدة للأنشطة غير الزراعية والدخل.
وقال السيد أسماماوإن الحصة السوقية من إنتاج المحاصيل زادت بمرور الوقت، ونظراً للنمو الاقتصادي السريع في إثيوبيا يتوقع أن تزداد تجارة المحاصيل كجزء من العملية الأوسع للتحول الزراعي. وهذا يجعل مرجحا إمكانية إحداث تغييرات كبيرة في التحول الزراعي على مدى فترة قصيرة نسبيا من سبع سنوات. با لإضافة إلى ذلك، اتبعت الحكومة الإثيوبية استراتيجية النمو الاقتصادي بقيادة الزراعة، واستثمارات كبيرة في البنية التحتية الريفية، وخلق بيئة مواتية للنمو الزراعي، وتخصيص الموارد لتحديد وتخفيف العقبات التي تعترض النمو الزراعي.
ووفقا للسيد أسماماو إن من المرجح أن يكون إنتاج المحاصيل التجارية أكثر تحديا مما يثبط عزيمة المزارعين، وخاصة أولئك الذين هم أكثر عزوفًا عن المخاطرة. وأن إنتاج بعض المحاصيل التجارية ينطوي على استثمارات أولية بعيدة عن متناول صغار المزارعين.
وقال السيد أسماماو إن هذه الاستراتيجية منطقية لأن هذه المحاصيل تقلل من تعرضها لمخاطر الإنتاج لأن الحبوب ليست قابلة للتلف. كما أنها تقلل من مخاطر السوق لأنها تبيع الفائض من محصول غذائي بدلاً من بيع محصول غير غذائي من أجل شراء الغذاء. قد يكون المزارعون القادرون على تحمل المزيد من المخاطر منفتحين على تبني المحاصيل غير الأساسية التي ليست قابلة للتلف، مثل البقول والبذور الزيتية.
وأكد السيد أسماماو على أن تكثيف الزراعة وتسويق المحاصيل وتنويع الدخل يهدف إلى زيادة رفاهة الأسر. وترتبط الجوانب الثلاثة للتحول الزراعي بخصائص الأسر المختلفة. بالإضافة إلى ذلك، تؤدي الأمطار المنخفضة والمتغيرة إلى تثبيط استخدام المدخلات والتسويق ولكنها تزيد من تنوع الدخل من خلال الحد من هيمنة دخل المحاصيل. ومعهد التحول الزراعي الإثيوبي هو معهد حكومي موجه نحو الاستراتيجية والتسليم تم إنشاؤه للمساعدة في تسريع نمو وتحول قطاع الزراعة في إثيوبيا والذي يعد مساهمًا رئيسيًا في الناتج المحلي الإجمالي للبلاد والصادرات والقوى العاملة.
وبحسب السيد أسماماو، فإن جهود إثيوبيا تعزيز مكننة الزراعية المستدامة والتي تهدف إلى تحقيق التنمية الزراعية والريفية مع تقليل الضرر البيئي التي تساهم بشكل واسع في أنظمة التصنيع الأكثر خضرة، والآلات والمعدات الميدانية، وزيادة استخدام أنظمة إنتاج المحاصيل الحديثة. وتشجع الدولة المزارعين على تبني الممارسات والتقنيات المبتكرة، والسعي إلى التحديث الزراعي والريفي بالجملة. وتهدف الدولة إلى تحقيق معدل مكننة زراعية بنسبة 75٪ لإنتاج المحاصيل والحصاد.
لقد ثبت أن الاستثمار في الزراعة المحافظة – وهو نظام زراعي يمكنه منع خسائر التربة مع تجديد الأراضي المتدهورة يقلل بشكل فعال من تآكل التربة والرياح والمياه، ويعزز خصوبة التربة، ويحافظ على رطوبة التربة، ويزيد من مقاومة الجفاف في برامج تجريبية مختلفة في الدولة.
و تعمل إثيوبيا على جلب الممارسات الزراعية الأكثر خضرة إلى المجتمعات وتوفر فرصًا قيمة للتجريب وتنمية القدرات. بالإضافة إلى ذلك أن الحكومة تحرز خطوات واسعة مشجعة من خلال السياسات الزراعية الصحيحة، التي ستدفع الاستثمارات المستهدفة والتقدم التكنولوجي التحول الريفي إلى الأمام.
وأضاف السيد أسماماو أن الزراعة الذكية مناخيا التي تهدف إلى تطوير أنظمة زراعية غذائية قادرة على التكيف مع المناخ والإستدامة أظهرت قدرة ملحوظة على تقليل أو إزالة انبعاثات الغازات المسببة للانحباس الحراري العالمي، وزيادة الإنتاجية، وتحسين جودة الزراعة والدخل من خلال مشاريع رائدة.
وأضاف السيد أسماماو أن الاستثمار مطلوب بشكل خاص في الآلات والمعدات الأكثر دقة لتوسيع نطاق تقنيات الإنتاج والتصنيع الأكثر استدامة. وهناك حاجة إلى جهود مستدامة في التوعية والعروض التوضيحية في المجتمعات الريفية، لدعم المزارعين لتحديث مزارعهم بشكل مستدام. ويمكن لتجارب إثيوبيا ونهجها ونماذج أعمالها أن تلهم الحكومات ومؤسسات التمويل وشركاء التنمية لإلقاء نظرة جديدة على أفضل مكان للاستثمار لتحديث الزراعة بشكل مستدام، وتعزيز المرونة والتجديد وتحفيز التحول الريفي.
وقال السيد أسماماو إن تحقيق التحول الزراعي في أي بلد يؤدي إلى إنتاجية عالية، بحيث ينخفض الفقر ويزداد الأمن الغذائي ويعتمد على العديد من العوامل في البلاد، بما في ذلك سياساتها الزراعية.
ووفقا للسيد أسماماو فإن تجارب القطاع العام لعبت دورا كبيرا في تسهيل وتمكين التحول الزراعي في إثيوبيا وذلك من خلال صياغة السياسات والتشريعات الزراعية والابتكارات المؤسسية.
وأن تقنيات الإنتاج والمعالجة والتسويق الجديدة، بما في ذلك الزراعة الرقمية وتمييز المنتجات للمستهلكين الأكثر وعياً بالصحة والبيئة، تجتذب ببطء مجموعات ديناميكية وشابة من رواد الأعمال إلى نظام الأغذية الزراعية. وأضاف السيد أسماماو أن النمو في إجمالي إنتاجية العوامل كان بمثابة الأساس للتحول الزراعي في إثيوبيا. وكانت الدول التي نجحت في التحول في وقت مبكر”اليابان وكوريا وماليزيا” قادرة على زيادة التحول في الزراعة بشكل كبير. وبالتالي، يتعين على إثيوبيا أن تستخلص دروساً مهمة من هذه البلدان الناجحة.
وكان الاستثمار العام في البنية الأساسية الريفية، دون استثناء، مفيدًا للزراعة والتحول الريفي. ويشمل ذلك الطرق الريفية، والري، والكهرباء والبحث الزراعي، والإرشاد الزراعي والتعليم. وأضاف السيد أسماماو أن القطاع العام لعب أيضًا دورًا مهمًا في مكننة المزارع وتوفير الائتمان الميسور والمخصص للمزارع، وخاصة خلال المراحل المبكرة من التحول الزراعي.
نظرًا لأن قطاع الزراعة مهدد بتغير المناخ وتآكل التربة وتدهورها وتلوث المياه والارتفاع المتوقع في درجات الحرارة ومستويات سطح البحر والتهديدات المتزايدة من أمراض الحيوانات والنباتات وزيادة الطلب على الأراضي والموارد الطبيعية الأخرى لا يزال هناك الكثيرمن العمل الذي يتعين القيام به. ومن المتوقع أيضًا أن يوفر القطاع المزيد من الغذاء المغذي والمتنوع لعدد متزايد من السكان. وتتسارع عملية التحضر في إثيوبيا التي تتطلب على مزيد من الأغذية المتنوعة والمعالجة.
ولا شك تكنولوجيا الاتصالات والترابط المتزايد لصناع السياسات والشركاء الدوليين بتبادل الخبرات السياسية والسبل المبتكرة لمعالجة العوائق المحددة أمام التحول الزراعي ستساهم مكننة المزارع والمدخلات الزراعية الجديدة مثل الأسمدة والبذور وحماية النباتات وتقنيات الزراعة والتجارة ويتعين على البلاد أن تعمل على مكافحة التحديات التي تعيق تعزيزالتحول الزراعي المنشود.