عمر حاجي
بعد توقيع اتفاقية إيجار الوصول إلى البحر بين إثيوبيا وأرض الصومال، سعى العديد من الجهات الفاعلة الإقليمية والدولية إلى التأثير على الموقف. كما تسبب هذا الاتفاق في توتر العلاقات بين إثيوبيا والصومال. وأسفرت الجهود الدبلوماسية الأخيرة عن نتائج إيجابية. فقد اتخذ البلدان خطوات لتهدئة التوترات واستكشاف السبل لتحقيق المنفعة المتبادلة.
ومن الجدير بالذكر أن اتفاقية أنقرة التي توسطت فيها تركيا، توفر إطارًا لإثيوبيا لتأمين الوصول إلى البحر عبر الصومال. وتؤكد هذه الاتفاقية على الأهمية الحاسمة للوصول إلى البحر للتنمية الاقتصادية لإثيوبيا وتكاملها العالمي المتزايد. وخلال زيارة دولة قام بها مؤخرًا إلى إثيوبيا، أعرب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أيضًا عن دعمه لجهود إثيوبيا لتأمين الوصول الموثوق والمستدام إلى البحر.
وخلال البيان المشترك لرئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أكد أبي على الحاجة إلى دعم قوي من الدول الصديقة مثل فرنسا لمساعدة إثيوبيا، وهي دولة يبلغ عدد سكانها 130 مليون نسمة واقتصادها سريع النمو، في الوصول إلى البحر من خلال الوسائل السلمية والدبلوماسية. وأعرب الرئيس ماكرون عن استعداده لدعم طلب إثيوبيا.
كما أعرب رئيس الوزراء أبي عن امتنانه العميق للرئيس ماكرون لقبول طلب إثيوبيا بالوصول إلى البحر، مشيرًا إلى أن الشعب والحكومة الإثيوبيين يتطلعان إلى نتائج ملموسة من فرنسا في هذا الشأن. وردًا على ذلك، أكد الرئيس ماكرون على شرعية طلب إثيوبيا للحصول على ميناء بحري، وتعهد بأن تفعل فرنسا كل ما في وسعها لتسهيل التوصل إلى نتيجة إيجابية.
وأكد ماكرون على أهمية معالجة الطلب من خلال الحوار، بطريقة تحترم القانون الدولي ومصالح الدول المجاورة، مع الاستفادة من إثيوبيا والمنطقة. كما أعرب عن دعمه لمحادثات السلام الجارية بين رئيس الوزراء أبي والرئيس الصومالي في تركيا. وقدأكدت إثيوبيا، في أعقاب اتفاقية أنقرة، استعدادها لتنفيذ الاتفاق بالكامل بهدف حل النزاعات الأخيرة مع الصومال.
ومن جانبه، أكد السفير مسغانو أرغا، وزير الدولة للشؤون الخارجية، التزام إثيوبيا خلال اجتماعه مع وفد صومالي رفيع المستوى. وقام الوفد بقيادة وزير الدولة للشؤون الخارجية والتعاون الدولي الصومالي، علي عمر، بزيارة عمل إلى أديس أبابا حاليًا. تمثل هذه الزيارة خطوة مهمة في تعزيز العلاقات الثنائية التي تشكلت من خلال اتفاق أنقرة، الذي تم توقيعه في 2 ديسمبر 2017، تحت رعاية تركيا. وتم التصديق على الاتفاق رسميًا من قبل رئيس الوزراء الإثيوبي الدكتور أبي أحمد والرئيس الصومالي حسن شيخ محمود.
وأكد السفير مسغانو خلال المناقشات على أهمية هذه الزيارة، مشيرًا إلى أنها الأولى من نوعها منذ توقيع اتفاق أنقرة. وأعرب عن تفاؤله بالحوار، وسنواصل إجراء المناقشات لتعزيز العلاقات بين بلدينا من خلال تنفيذ اتفاق أنقرة”. مؤكدا على الترابط بين السلام في الصومال وإثيوبيا، وأن سلام الصومال هو سلام إثيوبيا. وسوف يستمر تعاوننا في التعزيز لمنع الإرهاب وإرساء السلام في المنطقة.
وأعرب وزير الدولة علي عمر عن هذه المشاعر، واصفاً المناقشات بأنها مثمرة وبناءة. وأقر بأهمية هذه الزيارة، قائلاً: إن هذه هي زيارتي الأولى منذ اتفاق أنقرة، وقد عقدنا مناقشات مهمة لدفع تنفيذها إلى الأمام. كما أعرب الجانبان عن رؤية موحدة للمستقبل، وعلى ضرورة التعاون لتعزيز الأمن والاستقرار في منطقة القرن الأفريقي. ويعكس الحوار الجاري التزاماً متبادلاً بتعزيز علاقة سلمية وتعاونية، وهو أمر بالغ الأهمية للتنمية والأمن الإقليميين.
وتعرب إثيوبيا عن التزامها القوي بالتعاون مع الدول المجاورة لها، مؤكدة على أن نواياها لا تنطوي على شن حرب أو تقويض سيادتها، على عكس ادعاءات بعض خصومها. وبدلاً من ذلك، تهدف إثيوبيا إلى لعب دور لا غنى عنه في تهدئة المنطقة، وخاصة خلال الأوقات الصعبة التي تواجهها جيرانها.
وقد سلط الدكتور داريسكيدار تايي، المدير العام للشؤون الأمريكية والأوروبية في معهد الشؤون الخارجية، الضوء على هذا المنظور خلال مقابلة مع وكالة الأنباء الإثيوبية. وحث الدول المجاورة على تبني عقلية مشتركة والعمل معًا بشأن القضايا المشتركة، مشيرًا إلى المناخ التاريخي من الشك والعداء الذي اتسمت به العلاقات الإقليمية في كثير من الأحيان. وقال: إن إثيوبيا تغير هذا السرد، داعيًا إلى التعاون بشأن المخاوف المتبادلة.
وأشار داريسكيدار إلى الروابط عميقة الجذور بين الشعبين والهويات المشتركة بين إثيوبيا وجيرانها، مشددًا على إمكانية بذل جهود تعاونية لتعزيز هذه العلاقات. وأعرب عن تفاؤله بأن الاهتمام المتبادل من جانب البلدان الأخرى من شأنه أن يعزز الاستقرار الإقليمي، مشيرا إلى أن الحكومة الإثيوبية تسعى بنشاط إلى مبادرات تعزز السلام والتعاون. موضحا أنه عندما يكون ذلك ضروريًا، نتخذ تدابير لعزل أنفسنا، وسلط الضوء على أهمية المشاركة الاستباقية في تعزيز العلاقات الإيجابية.
وإن دور إثيوبيا في تعزيز السلام الإقليمي، وخاصة في جنوب السودان، يعد بمثابة شهادة على التزامها بالاستقرار. وقال: إن نجاحنا يعتمد على مصالح إثيوبيا ومصالح جيراننا، مؤكداً على الدور المؤثر لإثيوبيا في تعزيز السلام في المنطقة. علاوة على الجهود المستمرة التي تبذلها إثيوبيا للتوسط في النزاعات في البلدان المجاورة الأخرى، بما في ذلك السودان. وقال داريسكيدار: إنه على الرغم من تدفق العديد من الجهات الفاعلة التي تدعي جلب السلام إلى السودان، تواصل إثيوبيا لعب دور مهم، معترفًا بأن المصالح المتنافسة قد أدت إلى تعقيد جهود السلام في المنطقة.
كما أكد على تفاني إثيوبيا في تسهيل السلام وحل النزاعات من خلال الوساطة، سواء مع جيرانها أو داخل حدودها. واستعداد البلاد للتعاون في مبادرات السلام ومعالجة القضايا الملحة الأخرى، مما يشير إلى رؤية متفائلة للتعاون الإقليمي والاستقراري. حيث إن حاجة إثيوبيا إلى الوصول إلى البحر مدفوعة بسكانها المتزايدين واقتصادها المتوسع. وباعتبارها واحدة من أسرع الاقتصادات نمواً في أفريقيا، فإن الطلب على الواردات والصادرات يواصل الارتفاع.
علاوة على ذلك، فإن تأمين الوصول البحري يتماشى مع رؤية إثيوبيا الأوسع للتكامل والتعاون الإقليميين. ومن خلال تعزيز العلاقات السلمية مع جيرانها من خلال اتفاقيات مفيدة للطرفين، تهدف إثيوبيا إلى خلق بيئة مستقرة مواتية للنمو ليس داخل حدودها فقط، بل في جميع أنحاء منطقة القرن الأفريقي.
وبشكل عام، في حين أن الطريق في الحصول والوصول إلى البحر قد لا يكون سريراً من الورود، حيث تستمر التحديات في هذا المسعى، تظل إثيوبيا ملتزمة بالتغلب عليها، بغض النظر عن الظروف. وتدرك قيادة البلاد أن تحقيق هذا الهدف أمر حيوي لتلبية احتياجات شعبها وتحقيق تطلعاتها الاقتصادية في عالم مترابط بشكل متزايد.