دور إثيوبيا في مواجهة تهديد حركة الشباب وتهدئة منطقة القرن الأفريقي

 

سمراي كحساي

 

تمر منطقة القرن الأفريقي بمرحلة حرجة  تتسم بتفاعل معقد بين التوترات الجيوسياسية التي تشمل الصومال ومصر.

ومع تزايد احتمالات ظهور حركة الشباب، فإن هذه التوترات تهدد بالتحول إلى صراع إقليمي أوسع نطاقا ومن هنا، فمن الأهمية بمكان أن نتعمق في الديناميكيات الحالية بين هذه الدول، واستكشاف مساهمات إثيوبيا في حفظ السلام في الصومال، والآثار المترتبة على الوجود العسكري المصري إلى جانب صعود حركة الشباب، وكيف تتشابك هذه العوامل مع سعي إثيوبيا للوصول إلى البحر.

وفي مقابلة مع صحيفة العلم قال عبد الباقي الاصبحي المتخصص في شؤون القرن الافريقي والبحر الاحمر ان إثيوبيا كانت لاعبا بارزا في جهود حفظ السلام في الصومال لأكثر من عقد من الزمان.

واضاف ان قوات الدفاع الوطني الإثيوبية شاركت في بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال (أميصوم) وخليفتها، بعثة الاتحاد الأفريقي الانتقالية في الصومال (أتميس)، بهدف تحقيق الاستقرار في المشهد الفوضوي الذي أحدثته عقود من الصراعات الأهلية ومن اجل تعزيز جهود الحكومة الفيدرالية الصومالية لمكافحة تهديدات الجماعات الإرهابية مثل حركة الشباب.

واشار عبد الباقي الاصبحي الي ان  مشاركة إثيوبيا في الصومال يعتبر التزامًا بالاستقرار الإقليمي و ضرورة استراتيجية للحد من نفوذ الجماعات التابعة لتنظيم القاعدة على طول حدودها.

واضاف ان دور إثيوبيا في بعثة حفظ السلام يتعرض للتحدي بعد الاتفاق الاخير مع ارض الصومال.

ووفقًا لوثائق من بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال، يعمل ما لا يقل عن 4000 جندي إثيوبي كجزء من بعثة أتميس، لمواجهة تهديد الشباب.

وقد قوبل الوجود العسكري الإثيوبي، في بعض الأحيان، بالنقد، خاصة مع تصاعد التوترات في أعقاب الاتفاقيات التي يُنظر إليها على أنها تتعدى على سيادة الصومال. وقد أدى الإعلان مؤخرا عن التعاون العسكري بين مصر والصومال، إلى جانب النشر المخطط للقوات المصرية، إلى تفاقم هذه التوترات، مما أثار مخاوف بشأن المصالح الأمنية لإثيوبيا.

وبينما أعلنت إثيوبيا عن مذكرة التفاهم مع أرض الصومال، والتي تتضمن تأجير الأراضي الساحلية، بدأت الصومال تنظر إلى هذه الاتفاقية باعتبارها إهانة مباشرة لسيادتها، مما دفع إلى دعوات لانسحاب القوات الإثيوبية المتمركزة كجزء من بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال.

طالبت القيادة الصومالية بإنهاء العمليات العسكرية الإثيوبية داخل حدودها، الأمر الذي زاد من تعقيد مهمة إثيوبيا في البلاد. وصرح رئيس الوزراء الصومالي حمزة عبدي بري أنه بدون إلغاء مذكرة التفاهم، لا تستطيع القوات الإثيوبية المشاركة في مهام مستقبلية، مما يعرض جهود الأمن الإقليمي للخطر.

ومن جانبه قال المحلل السياسي امير شافي ان مصر تعمل على تعزيز وجودها العسكري في الصومال، مما يهدد المنطقة.

واضاف انه في أعقاب اتفاقية أمنية مع الحكومة الصومالية، قدمت مصر مساعدات عسكرية لأول مرة منذ أكثر من أربعة عقود.

واشار الي ان  انخراط مصر في المقام الأول يعود  إلى مخاوفها الطويلة الأمد بشأن بناء إثيوبيا لسد النهضة الإثيوبي الكبير على نهر النيل.

ويُنظر إلى الانتشار العسكري المصري في الصومال على أنه مناورة استراتيجية مصممة لموازنة النفوذ الإثيوبي في المنطقة.

وقال شافي ان تورط مصر يعكس المخاوف التي طالما راودت القاهرة بشأن تأثير إثيوبيا على مياه النيل والمشهد الجيوسياسي لمنطقة القرن الأفريقي.

وتشير العلاقة غير المتوقعة، ولكن المتنامية بين مصر والصومال، إلى إمكانية ظهور صراع بالوكالة في المنطقة.

أعرب المحللون عن أن الانتشار العسكري المصري في الصومال يعكس استراتيجية أكبر للحد من الطموحات الإثيوبية في القرن الأفريقي، وخاصة مع تطلعات إثيوبيا إلى النفوذ الإقليمي والوصول البحري.

و سعت إثيوبيا، وهي دولة غير ساحلية، إلى رفع مكانتها الجيوسياسية من خلال الوصول إلى البحر.

ويقول المسؤولون الإثيوبيون أن مذكرة التفاهم الموقعة مع أرض الصومال هي جزء من هذا المسعى الدائم، مما يشير إلى استعداد إثيوبيا للانخراط في اتفاقيات لتأمين احتياجاتها الاقتصادية.

إن الطريق المباشر إلى البحر الأحمر من شأنه أن يوفر لإثيوبيا ليس فقط مزايا تجارية ولكن أيضًا موطئ قدم استراتيجي في السياسة البحرية الإقليمية.

وتتجلى الحاجة الملحة إلى الوصول البحري في ضوء توقعات وصول عدد سكان إثيوبيا إلى أكثر من 120 مليون نسمة، وهو ما يضاعف من ضرورة توسيع فرص التجارة.

إن عدم قدرة الصومال على مكافحة حركة الشباب بشكل فعال يشكل خطرًا مباشرًا ليس فقط على أمنها الوطني ولكن أيضًا على المنطقة الأوسع.

وأفادت وسائل إعلام أجنبية مختلفة أن الهجمات الأخيرة في العاصمة الصومالية مقديشو، والتي يشتبه في أن جماعة الشباب هي التي نفذتها، تصاعدت في سبتمبر 2024. ت

وضمنت إحدى الحوادث الأخيرة انفجار قنبلتين أسفرتا عن مقتل ستة أشخاص على الأقل وإصابة العديد من الآخرين. ووقع أحد الانفجارات بالقرب من المسرح الوطني الصومالي، بالقرب من مكتب الرئيس.

وعلى الرغم من أن حركة الشباب لم تعلن مسؤوليتها رسميًا، إلا أنها تشتهر بالتفجيرات المتكررة التي تستهدف المدنيين والمسؤولين الحكوميين وقوات الأمن في مقديشو ومناطق أخرى من الصومال.

وتواصل حركة الشباب زعزعة استقرار المنطقة من خلال استخدام العبوات الناسفة وشن هجمات، وخاصة على أهداف حكومية ومناطق مزدحمة. وتهدف هذه الهجمات إلى تقويض الحكومة الصومالية وجهود الأمن.

وتشكل المجموعة، التي تسيطر على أجزاء كبيرة من المناطق الريفية في جنوب ووسط الصومال، تهديدًا خطيرًا للسلام والأمن في البلاد، حتى مع زيادة الصومال لجهودها في مكافحة الإرهاب بالتعاون مع القوات الدولية.

لقد لعبت إثيوبيا دورا حيويا في السياسة الصومالية، وخاصة منذ تفكك دولة الصومال في أوائل التسعينيات. وكان المثال الأكثر شهرة هو التدخل العسكري الإثيوبي في عام 2006 أثناء صعود اتحاد المحاكم الإسلامية، والذي أعاد إشعال الصراعات المسلحة وأدى إلى بيئة سياسية أكثر انقساما في الصومال.

وفي خضم هذه التوترات، أصبحت مساهمات إثيوبيا الطويلة الأمد في بعثات حفظ السلام في الصومال معرضة لخطر التغاضي عنها.

وبالتالي، من خلال الاعتراف بالتحديات المشتركة التي يفرضها الشباب وإمكانية التعاون الاقتصادي، يمكن لإثيوبيا والصومال التحرك نحو مستقبل أكثر استقرارا، حيث تمهد المصالح المتبادلة الطريق للأمن والتنمية التعاونية.

في ضوء كل هذه الاعتبارات، فإن المد المتصاعد من التوترات في منطقة القرن الأفريقي، والذي تغذيه الطموحات العسكرية والمظالم التاريخية ونفوذ الجماعات الإرهابية، يتطلب اهتماما عاجلا. ولا يمكن تجاهل مساهمات إثيوبيا في حفظ السلام في خضم هذه الأزمة.

ومع تبني مصر للانخراط العسكري في الصومال، فإن نسيج العلاقات الإقليمية يخضع لاختبار مستمر. ومن أجل الأمن والازدهار، يجب أن توجه الدبلوماسية الاستراتيجية الطريق إلى الأمام.

إن الفهم الدقيق لهذه الديناميكيات أمر حيوي ليس فقط للأطراف المعنية ولكن للمجتمع الدولي الأوسع الذي يسعى إلى الاستقرار في منطقة متقلبة تاريخيا.

ويعتبر تعزيز الحوار والتعاون المتجذر في الحقائق التاريخية والتحديات الحالية أمر ضروري في السعي إلى السلام والأمن والقدرة على الصمود في منطقة القرن الأفريقي.

Recommended For You

About the Author: Samaray Galagai