سمراي كحساي
اصبحت إثيوبيا تفتقر إلى الوصول المباشر إلى الطرق البحرية التي كانت تتمتع بها البلاد منذ آلاف السنين بسبب كونها دولة غير ساحلية.
ويعتبر الاعتماد على البلدان المجاورة للوصول إلى التجارة البحرية أمراً شاقاً بالفعل. وهذا الاعتماد على بلدان العبور يمكن أن يزيد من تكاليف النقل، وأوقات العبور، والمخاطر المرتبطة بالاضطرابات في طرق التجارة أو عدم الاستقرار السياسي في بلدان العبور.
و بالنسبة لإثيوبيا، كانت جيبوتي الميناء الوحيد الذي يتعامل مع معاملات الاستيراد والتصدير في البلاد.
و غالبًا ما تتحمل البلدان غير الساحلية تكاليف نقل أعلى للواردات والصادرات بسبب الحاجة إلى نقل البضائع لمسافات أطول عبر وسائل نقل متعددة، بما في ذلك الطرق والسكك الحديدية وخطوط الأنابيب. وقد استمرت هذه التكاليف الإضافية في تقليل القدرة التنافسية للمنتجات الإثيوبية في الأسواق الدولية وإعاقة النمو الذي يقوده التصدير.
و تعد خدمات الموانئ بالغة الأهمية للتجارة الدولية المتعلقة بالصادرات والواردات من إثيوبيا، باستثناء مبيعات الأسلحة و كونها دولة غير ساحلية، فإنها تعتمد بشكل كبير على الموانئ في البلدان المجاورة لتجارتها الدولية.
وتعد كفاءة هذه الموانئ أمرًا بالغ الأهمية لتسهيل التدفق السلس للواردات والصادرات و كفاءة وفعالية هذه الموانئ تقلل من التكاليف وبالتالي تعزز القدرة التنافسية الشاملة للاقتصاد الإثيوبي.
وفي هذه السياق قال معهد الشؤون الخارجية إن أي مبادرة حوار تتعلق بالبنية الأمنية للبحر الأحمر تستبعد وتعزل إثيوبيا لا يمكن أن تكون ناجحة.
صرح بذلك المدير التنفيذي لمعهد الشؤون الخارجية جعفر بدرو خلال حوار البحر الأحمر الثاني الذي عقد في أديس أبابا الاسبوع الماضي.
وفي كلمته الافتتاحية، قال المدير التنفيذي إن الحوكمة المتعلقة بالبحر الأحمر لن تؤتي ثمارها ما لم تشمل إثيوبيا.
وأضاف: “نحن نؤمن بشدة أن مثل هذه المؤتمرات والحوارات والمبادرات المتعلقة بأمن البحر الأحمر لا يمكن أن تنجح بإقصاء وعزل إثيوبيا”.
ووفقا له، يوفر البحر الأحمر فرصا مهمة للتجارة والنمو الاقتصادي والوصول إلى الموارد مثل مصايد الأسماك والموارد الطبيعية الأخرى، بما في ذلك النفط.
علاوة على ذلك، يعد البحر الأحمر طريقًا تجاريًا أساسيًا ومسطحًا مائيًا مهمًا ليس فقط لدول المنطقة ولكن أيضًا للدول خارج المنطقة.
ومع ذلك، فإن الأهمية الحاسمة للبحر الأحمر في مواجهة التحديات الأمنية المتعلقة بالتحولات الجيوسياسية تتطلب مشاركة جادة من جميع أصحاب المصلحة.
ونظراً للتحديات الأمنية المعقدة الأخيرة، حث جعفر جميع الدول على صياغة الآليات بعناية لترجمتها إلى إجراءات لضمان بنية أمنية مشتركة في البحر الأحمر والمناطق المحيطة به.
وفي معرض إشارته إلى أهمية مشاركة إثيوبيا في إدارة البحر الأحمر، أكد المدير التنفيذي على أن المؤسسات الإقليمية والقارية يجب أن تعكس أيضًا مصالح إثيوبيا.
وأشار جعفر إلى أن قرب إثيوبيا من البحر الأحمر واقتصادها وحجمها الديموغرافي هو الأكبر من العديد من دول المنطقة وهذا يجعل إثيوبيا لاعباً مهماً في منطقة البحر الأحمر.
وأشار إلى أن إثيوبيا كانت إلى جانب ذلك دولة ساحلية رئيسية من المسطحات المائية وتسعى إلى أن تصبح لاعبا مهما في هذا الطريق التجاري الاستراتيجي.
ومن جانبه، قال مكتب وزير الخارجية، إيشتي طيلاهون، إن الحوكمة الشاملة والتعاون بين الدول عبر البحر الأحمر أمر محوري لضمان الأمن البحري والتنمية المستدامة.
إن الازدهار المستقبلي لمنطقة البحر الأحمر يعتمد على تعاوننا من خلال تعزيز الاحترام المتبادل وبذلك يمكننا التغلب على التحديات الأمنية والتنموية المعقدة من خلال ضمان السلام الدائم للجيل القادم.
وشدد رئيس مجلس الأعمال الأمريكي الصومالي عيد بدل محمد على ضرورة التعاون بين الدول المطلة على البحر الأحمر، وخاصة إثيوبيا والصومال وإريتريا وجيبوتي من أجل التنمية المتبادلة.
وانعقد حوار البحر الأحمر الثاني تحت شعار: “المنتدى التشاوري الإقليمي حول ديناميكيات أمن البحر الأحمر: الحاجة إلى الحوار والتعاون في وقت التحولات الجيوسياسية العالمية”.
و حضر الحوار مؤسسات فكرية ودبلوماسيون وخبراء في الشؤون الجيوسياسية من جميع أنحاء الشرق الأوسط والقرن الأفريقي والعالم.
وفي الختام، يعد تحسين خدمات الموانئ والخدمات اللوجستية التجارية أمرًا ضروريًا للنمو الاقتصادي ودمج إثيوبيا في الأسواق العالمية.
ويذكر أن حل التحديات اللوجستية، والاستثمار في البنية التحتية، وتنويع الوصول إلى الموانئ، سيمكن إثيوبيا من أن تعزز كفاءتها ومرونتها التجارية.
وفي هذا الصدد، يعد التعاون مع البلدان المجاورة والشركاء الدوليين أمرًا بالغ الأهمية لتحقيق أهداف تحسين “خدمات الموانئ” من أجل التنمية الاقتصادية المستدامة للبلاد.